للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد اختلف أهلُ العربيةِ في معنى هذه "اللامِ" التي في قولِه: ﴿لِيُضِلُّوا﴾.

فقال بعضُ نحويى البصرةِ: معنى ذلك: ربَّنا فَضَلوا عن سبيلِك، كما قال: ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾ [القصص: ٨]. أي: فكان لهم، وهم لم يَلتقِطوه ليكونَ لهم عدوًّا وحَزَنًا، وإنما التقَطوه فكان لهم. قال: فهذه "اللامُ"، تَجيءُ في هذا المعنى.

وقال بعضُ (٣) نحويى الكوفةِ: هذه "اللامُ" لامُ كي. ومعنى الكلامِ: ربَّنا أعطيتَهم ما أعطيتَهم كي يُضِلُّوا، ثم دَعا عليهم.

وقال آخرُ (٤): هذه اللاماتُ في قولِه: ﴿لِيُضِلُّوا﴾، ﴿لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا﴾. وما أشبَهَها بتأويلِ الخفضِ: آتيتَهم ما آتيتَهم لضلالِهم - والتقطوه لكونِه (٥)، قد آلتِ الحالةُ إلى ذلك. والعربُ تجعلُ لامَ كي في معنى لامِ الخفضِ، ولامَ الخفضِ في معنى لامِ كي؛ لتقاربِ المعنى، قال اللهُ تعالى: ﴿سَيَحْلِفُونَ (٦) بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ﴾ [التوبة: ٩٥]. أى لإعراضِكم، ولم


(٣) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف. والمراد به هو الفراء . وينظر معاني القرآن ١/ ٤٧٧.
(٤) هو أبو العباس أحمد بن يحيى. كما نص عليه صاحب اللسان، حيث نقل آراء الكوفيين والبصريين في هذه "اللام". اللسان (ل و م).
(٥) بعده في: "لأنه".
(٦) في النسخ: "يحلفون". والمثبت هو الصواب.