للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى وقَف على شَفِيرِ البحرِ، وهو قائمٌ على حالِه، فهاب الحصانُ أن يَنْفُذَ، فعرَض له جبريلُ على فرسٍ أنثى وَدِيقٍ (١)، فقرَّبَها منه فشمَّها الفحلُ، فلمَّا شمَّها قدَّمها (٢)، فتقَدَّم معه (٣) الحصانُ عليه فرعونُ، فلما رأَى جندُ (٤) فرعونَ فرعونَ قد دخَل، دخَلوا معه، وجبريلُ أمامَه، وهم يَتْبَعون فرعونَ، وميكائيلُ على فرسٍ مِن خلفِ القومِ يَشْحَذُهم (٥)، يقولُ: الْحَقُوا بصاحبِكم. حتى إذا فصَل جبريلُ مِن البحرِ ليس أمامَه أحدٌ، ووقَف مِيكائيلُ على ناحيتِه الأخرى ليس خلفَه أحدٌ، طبَّق عليهم البحرُ، ونادَى فرعونُ حينَ رأَى مِن سلطانِ اللهِ وقُدرتِه ما رأَى، وعرَف ذلَّه (٦)، وخَذَلَتْه نفسُه -: ﴿[لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي] (٧) آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ (٨) [يونس: ٩٠].

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخْبَرَنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخْبَرَنا مَعْمَرٌ، عن أبى إسحاقَ الهَمْدانىِّ، عن عمرِو بنِ مَيْمونٍ الأوْدىِّ في قولِه: ﴿وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾. قال: لمَّا خرَج موسى ببنى إسرائيلَ بلَغ ذلك فرعونَ، فقال: لا تَتْبَعوهم حتى يَصِيحَ الديكُ. قال: فواللهِ ما صاح ليلتَئذٍ ديكٌ حتى أصْبَحوا، فدعا بشاةٍ فذُبِحَت، ثم قال: لا أَفْرُغُ مِن كبدِها حتى يَجْتَمِعَ إلىَّ ستُّمائةِ ألفٍ مِن القِبْطِ. فلم يَفْرُغْ مِن كبدِها حتى اجتمَع إليه ستُّمائة ألفٍ من


(١) الفرس الوديق: هى التى تشتهى الفحل. النهاية ٥/ ١٦٨.
(٢) في م: "تبعها"، وقدَّمها: أى زجرها وأمرها بالتقدم. ينظر اللسان (ق د م).
(٣) في م: "معها".
(٤) في الأصل: "جنود"، وفى ت ١، ت ٢، ت ٣: "خيل".
(٥) في م: "يسوقهم". ويشحذهم يسوقهم بمعنى.
(٦) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "زلته".
(٧) في ر، ت ١، ت ٢، ت ٣: "آمنت بالذى"، وفى م: "آمنت أنه لا إله إلا الذى".
(٨) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٤٢٠، ٤٢١. وأخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ٨/ ٢٧٧٥، ٢٧٧٦ (١٥٦٨٧) من طريق سلمة به.