للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن مجاهدٍ بنحوِه، إلا أنه قال: وما نَطَق به مِن أمرِه كلِّه.

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ﴾. أي: في الآخرةِ (١).

وقد رُوِيَ عن ابن مسعودٍ أنه كان يقولُ في تأويلِ ذلك ما حُدِّثْتُ به عن المسيَّبِ بنِ شريكٍ، عن أبى بكرٍ، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ، عن ابن مسعودٍ في قولِه: ﴿وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ﴾. قال: مَن عَمِلَ سيئةً كُتبت عليه سيئةٌ، ومَن عَمِلَ حسنةٌ كُتبت له عشرُ حسناتٍ، فإن عُوقِب بالسيئةِ التي كان عَمِلها في الدنيا، بَقِيت له عشرُ حسناتٍ، وإن لم يُعاقَبْ بها في الدنيا، أُخِذَ مِن الحسناتِ العشرِ واحدةٌ وبَقِيت له تسعُ (٢) حسناتٍ. ثم يقولُ: هَلَكَ مَن غَلَبَ آحادُه أَعْشارَه (٣).

وقولُه: ﴿وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ﴾ يقولُ تعالى ذكرُه: وإن أعْرَضوا عما دعَوتَهم إليه مِن إخلاصِ العبادةِ للهِ، وتركِ عبادةِ الآلهةِ، وامتَنَعوا مِن الاستغفارِ للَّهِ والتوبةِ إليه، فأدْبَروا مُوَلِّين عن ذلك، فإني أَيُّها القومُ أَخافُ عليكم عذابَ يومٍ كبيرِ شأنُه، عظيمٍ هَوْلُه، وذلك يومَ تُجْزَى كلُّ نفس بما كَسَبَت وهم لا يُظْلَمون. وقال جلّ ثناؤُه: ﴿وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ﴾. ولكنه مما قد تقدَّمَه قولٌ، والعربُ إذا قَدَّمَت قبل الكلامِ قولًا خاطَبَت، ثم عادَت إلى الخبرِ عن الغائبِ، ثم رَجَعَت بعدُ إلى الخطابِ. وقد بَيَّنَّا ذلك في غيرِ موضعِ، بما أغنى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٤).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره ٦/ ١٩٩٧ من طريق سعيد به.
(٢) في ت ٢: "عشر".
(٣) ذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ٢٣٧ عن المصنف.
(٤) ينظر ما تقدم في ١/ ١٥٥، ١٥٦.