للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبيه، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ﴾. يقولُ: يَكْتُمون ما في قلوبِهم، ﴿أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ﴾ يعلمُ ما عمِلوا بالليلِ والنهارِ (١).

حُدِّثْتُ عن الحسينِ بنِ الفرجِ، قال: سمعتُ أبا معاذٍ يقولُ: ثنا عبيدٌ، قال: سمِعتُ الضحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ﴾. يقولُ: تَثْنَوْنِي صُدُورُهُم (٢).

وهذا التأويلُ الذي تأوَّله الضحاكُ على مذهبِ قراءةِ ابنِ عباسٍ، إلا أن الذي حدَّثنا، هكذا ذَكَر القراءةَ في الروايةِ.

فإذا كانت القراءةُ التي ذكرنا أَولى القراءتَين في ذلك بالصوابِ؛ لإجماعِ الحجةِ مِن القرأةِ عليها، فأَوْلى التأويلاتِ بتأويلِ ذلك، تأويلُ مَن قال: إنهم كانوا يَفْعَلون ذلك جهلًا منهم باللَّهِ أنه يَخْفَى عليه ما تُضْمِرُه نفوسُهم، أو تَناجَوه بينَهم.

وإنما قلنا: ذلك أَولى التأويلاتِ بالآيةِ؛ لأن قولَه: ﴿لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ﴾ بمعنى: ليَسْتَخْفوا مِن اللَّهِ، وأن الهاءَ في قولِه: ﴿مِنْهُ﴾ عائدةٌ على اسمِ اللَّهِ، ولم يَجْرِ لمحمدٍ ذكرٌ قبلُ فيُجعَلَ مِن ذكرِه ، وهي في سياقِ الخبرِ عن اللَّهِ. فإذ كان ذلك كذلك كانت بأن تكونَ مِن ذكرِ اللَّهِ أَوْلى، وإذا صَحَّ أن ذلك كذلك، كان معلومًا أنهم لم يحدِّثوا أنفسَهم أنهم (٣) يَسْتَخْفُون مِن اللَّهِ إلا بجهلِهم به، فلمّا أخبَرَهم جلّ ثناؤُه أنه لا يَخْفَى عليه سرُّ أمورِهم وعلانيتُها (٤)، على أيِّ حالٍ كانوا،


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٩٩٨، ٢٠٠٠ عن محمد بن سعد به.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٩٩٩ من طريق أبي معاذ بلفظ: "تلتوي صدورهم".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "فإنهم".
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "لا علانيتها".