للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَغَشَّوا بالثيابِ، أو ظَهَروا بالبَرَازِ (١)، فقال: ﴿أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ﴾. يعني: يَتَغَشَّون ثيابَهم، يَتَغَطَّونها ويَلْبَسون.

يقالُ منه: اسْتَغْشَى ثوبَه وتَغشَّاه. قال اللَّهُ: ﴿وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ﴾ [نوح: ٧]. وقالت الخنساءُ (٢):

أَرْعَى النجومَ وما كُلِّفْتُ رِعْيَتَها … وتارةً أَتَغَشَّى فَضْلَ أَطْمَارِي (٣)

﴿يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ﴾. يقولُ جلّ ثناؤُه: يعلمُ ما يُسِرُّ هؤلاء الجهلةُ بربِّهم، الظانُّون أن اللَّهَ يَخْفى عليه ما أضْمَرَته صدورُهم إذا حَنَوها على ما فيها وثَنَوها (٤)، وما تَناجَوه بينَهم فأخْفَوه، ﴿وَمَا يُعْلِنُونَ﴾: سواءٌ عندَه سرائرُ عبادِه وعلانيتُهم، ﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾. يقولُ تعالى ذكره: إن اللَّهَ ذو علمٍ بكلِّ ما أَخْفَته صدورُ خلْقِه؛ مِن إيمانٍ وكفرٍ، وحقٍّ وباطلٍ، وخيرٍ وشرٍّ، وما تَسْتجِنُّه مما لم تُجِنَّه (٥) بعدُ.

كما حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا عبدُ اللَّهِ بنُ صالحٍ، قال: ثنى معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ﴾. يقولُ: يُغَطُّون رءوسَهم (٦).

قال أبو جعفرٍ: فاحْذَروا أن يَطَّلِعَ عليكم ربُّكم وأنتم مُضْمِرون في صدورِكم


(١) البراز: الفضاء البعيد الواسع، ليس فيه شجر ولا ستر. اللسان (ب ر ز).
(٢) شرح ديوان الخنساء ص ٥٥.
(٣) الأطمار: أخلاق الثياب. اللسان (ط م ر).
(٤) في م: "ثنوه".
(٥) في م: "يجنه".
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ٢٠٠٠ من طريق عبد الله بن صالح به.