للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ اللهُ: ﴿فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (٥٣) إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ﴾ [الشعراء: ٥٣، ٥٤]. يعنى بنى إسرائيلَ، فتَقدَّم هارونُ فضرَب البحرَ، فأبَى البحرُ أن يَنْفَتِحَ، وقال: مَن هذا الجبارُ الذى يَضْرِبُنى؟ حتى أتاه موسى، فكنَاه أبا خالدٍ وضرَبه، ﴿فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ﴾ [الشعراء: ٦٣]. يقولُ: كالجبلِ العظيمِ. فدخَلَت بنو إسرائيلَ، وكان في البحرِ اثنا عشَرَ طريقًا، في كلِّ طريقٍ سِبْطٌ - وكانت الطرقُ انْفَلَقَت بجُدْرانٍ- فقال كلُّ سِبْطٍ: قد قُتِل أصحابُنا. فلمّا رأَى ذلك موسى، دعا اللهَ، فجعَلها (١) لهم قَناطرَ كهيئةِ الطِّيقانِ، فنظَر آخرُهم إلى أولِهم، حتى خرَجوا جميعًا، ثم دنا فرعونُ وأصحابُه، فلما نظَر فرعونُ إلى البحرِ مُنْفَلِقًا، قال: ألا تَرَوْنَ البحرَ فَرِق منى؟ قد انْفَتَح لى حتى أُدْرِكَ أعْدائى فأَقْتُلَهم. فذلك قولُ اللهِ جلَّ ثناؤُه: ﴿وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ﴾ [الشعراء: ٦٤]. يقولُ: قرَّبنا ثمَّ الآخَرين. يعنى آلَ فرعونَ. فلما قام فرعونُ على أفْواهِ الطُّرُقِ أبَتْ خيلُه أن تَقْتَحِمَ (٢)، فنَزل جبريلُ على ماديانةٍ (٣)، فشامَّت (٤) الحُصُنُ (٥) رِيحَ الماديانةِ (٦)، فاقْتَحَمت (٧) في أَثَرِها، حتى إذا همَّ أوَّلُهم أن يَخْرُجَ ودخَل آخرُهم، أُمِر البحرُ أن يَأْخُذَهم، فالْتَطَم عليهم (٨).


= وماديانة: فارسية معربة. ينظر المعجم الذهبى ص ٥٣٢.
(١) في الأصل: "فجعله"
(٢) في الأصل: "تتقحم".
(٣) في الأصل، ص، ر: "ماذيانه"، في م: "ماذبانة"، وفى ت ٢: "ماربانه".
(٤) في الأصل: "فشمت".
(٥) فى م: "الحصان".
(٦) في الأصل: "المازيانه"، وفى ت ٢: "الماربانه".
(٧) في م: "فاقتحم".
(٨) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ٨/ ٢٧٧٠، ٢٧٧٢، ٢٧٧٣ - ٢٧٧٥ (١٥٦٦١، ١٥٦٦٩، ١٥٦٧٦، ١٥٦٧٩، ١٥٦٨٤) مفرقًا عن أبى زرعة، عن عمرو بن حماد به.=