للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال سفيانُ: قال أبو سعدٍ (١)، عن عكرمةَ، عن ابنِ عباسٍ: فساروا حتى خرَجوا مِن البحرِ، فلما جاز آخِرُ قومِ موسى هجَم فرعونُ على البحرِ هو وأصحابُه، وكان على فرسٍ أدهمَ ذَنُوبٍ (٢) حِصانٍ، فلما هجَم على البحرِ هاب الحِصانُ أن يَتَقَحَّمَ (٣) في البحرِ، فمثَل له جبريلُ على فرسٍ أنثى وَدِيقٍ، فلما رآها الحِصانُ تَقَحَّم خلفَها، وقيل لموسى: اتْرُكِ البحرَ رَهْوًا -قال: طُرُقًا على حالِه- قال: ودخَل فرعونُ وقومُه البحرَ، فلمَّا دخَل آخِرُ قومِ فرعونَ، وجاز آخرُ قومِ موسى، أَطْبَق البحرُ على فرعونَ وقومِه فأُغرِقوا (٤).

وحدَّثنى موسى بنُ هارونَ، قال: حدَّثنا عمرٌو، قال: حدَّثنا أسْباطُ، عن السُّدىِّ، أن اللهَ أمَر موسى أن يَخْرُجَ ببنى إسرائيلَ، فقال: ﴿فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ﴾. فخرَج موسى وهارونُ في قومِهما، وأُلْقِى على القِبْطِ الموتُ، فمات كلُّ بِكْرِ رَجُلٍ، فأصْبَحوا يَدْفِنونهم، فشُغِلوا عن طلبِهم حتى طلَعَت الشمسُ، فذلك حينَ يقولُ اللهُ جل وعزَّ: ﴿فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ﴾. وكان موسى على سَاقةِ بنى إسرائيلَ، وكان هارونُ أمامَهم يَقْدُمُهم، فقال المؤمنُ لموسى: يا نبىَّ اللهِ، أين أُمِرْتَ؟ قال: البحرَ. فأراد أن يَقْتَحِمَ، فمنَعه موسى، وخرَج موسى في ستِّمائةِ ألفٍ وعشرين ألفَ مُقاتِلٍ - لا يَعُدُّون ابنَ العشرين لصِغَرِه، ولا ابنَ الستين لكِبَرِه، وإنما عَدُّوا ما بينَ ذلك سوى الذريةِ، وتبِعهم فرعونُ على مُقَدِّمتِه هامانُ في ألفِ ألفٍ وسبعِمائةِ ألفِ حِصانٍ، ليس فيها مادِيانةٌ (٥) -يعنى الأنثى- وذلك حينَ


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "سعيد". وينظر ما تقدم في ص ٦٤٧.
(٢) الذنوب: وافر شعر الذنب. النهاية ٢/ ١٧٠.
(٣) في م: "يقتحم".
(٤) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ٨/ ٢٧٧١، ٢٧٧٣ (١٥٦٦٥، ١٥٦٧٥) من طريق ابن عيينة به، مختصرًا. وينظر ما سيأتى في ص ٦٦٩ - ٦٧١.
(٥) في الأصل: "ماذيانه"، وفى م: "ماذبانه"، وفى ت ١، ت ٣: "مادبانه"، وفى ت ٢: "ماربانه".=