للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالذي قُتِلَ في سبيلِ اللَّهِ، فيقالُ له: فيماذا قُتِلتَ؟ فيقولُ: أُمِرْتُ بالجهادِ في سبيلِك، فقاتَلتُ حتى قُتِلتُ. فيقولُ اللَّهُ له: كَذَبْتَ. وتقولُ له الملائكةُ: كذبتَ. ويقولُ اللَّهُ له: بل أردتَ أن يقالَ: فلانٌ جريءٌ. وقد قيلَ ذلك". ثم ضرَب رسولُ اللَّهِ على رُكْبَتي، فقال: "يا أبا هريرةَ، أولئك الثلاثةُ أوّلُ خَلْقِ اللَّهِ تُسَعَّرُ لهم النارُ يومَ القيامةِ".

قال الوليدُ أبو عثمانَ: فأخبرَني عقبةُ أن شُفَيًّا هو الذي دَخَلَ على معاويةَ فأخبرَه بهذا.

قال أبو عثمانَ: وحدَّثني العلاءُ بنُ أبي حكيمٍ، أنه كان سيَّافًا لمعاويةَ، قال: فدَخَل عليه رجلٌ، فحدَّثه بهذا عن أبي هريرةَ، فقال أبو هريرةَ: وقد فُعِلَ بهؤلاء هذا، فكيف بمَن بَقِيَ مِن الناسِ؟ ثم بَكَى معاويةُ بكاءً شديدًا حتى ظننا أنه هَلَكَ، وقلنا: هذا الرجلُ شرٌّ (١). ثم أفاقَ معاويةُ ومَسَحَ عن وجهِه، فقال: صَدَقَ اللَّهُ ورسولُه: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَلَهُمْ فِيهَا﴾. وقرَأ إلى (٢): ﴿وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (٣).

حدَّثني الحارثُ، قال: ثنا عبدُ العزيزِ، قال: ثنا سفيانُ، عن عيسى بنِ ميمونٍ، عن مجاهدٍ: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا﴾ الآية. قال: ممن لا يُتقبَّلُ


(١) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "بشر".
(٢) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف.
(٣) أخرجه ابن المبارك في الزهد (٤٦٩)، ومن طريقه البخاري في خلق أفعال العباد (٢٥٣)، وابن أبي الدنيا في الأهوال (٢٣٥، ٢٣٦)، وابن خزيمة (٢٤٨٢)، وابن حبان (٤٠٨)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (٦٨٧)، والحاكم ١/ ٤١٨، وأبو نعيم في الحلية ٥/ ١٦٩ وأخرجه الترمذي (٢٣٨٢)، والنسائي في الكبرى - كما في التحفة ١٠/ ١١١ - عن سويد به، وأخرجه أحمد ١٤/ ٢٩ (٨٢٧٧)، ومسلم (١٩٠٥)، وغيرهما من طريق سليمان بن يسار، عن أبي هريرة بمعناه.