للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على بنى إسرائيلَ، وواعَدهم ثلاثين ليلةً، وأتمَّها اللهُ بعشرٍ، فقال لهم هارونُ: يا بنى إسرائيلَ: إن الغَنيمةَ لا تَحِلُّ لكم، وإن حَلْىَ القِبطِ إنما هو غَنيمةٌ، فاجْمَعوها [جميعًا، واحْفِروا] (١) لها حُفْرةً (٢) فادْفِنوها، فإن جاء موسى فأحَلَّها أخَذْتُموها، وإلا كان شيئًا لَمْ تَأْكُلوه. فجمَعوا ذلك الحلْىَ في تلك الحُفْرةِ، وجاء السامريُّ بتلك القَبْضةِ فقذَفها، فأخْرَج اللهُ مِن الحَلْىِ عِجْلًا جسدًا له خُوارٌ، وعدَّت بنو إسرائيلَ موعِدَ موسي، فعدُّوا الليلةَ يومًا واليومَ يومًا، فلما كان تمامُ العشرين، خرَج لهم العِجْلُ، فلما رأَوه قال لهم السامرىُّ: ﴿هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ﴾. يقولُ: ترَك موسى إلهَه ههنا وذهَب يَطْلُبُه. فعكَفوا عليه يَعْبُدونه، وكان يَخُورُ وَيمْشِي، فقال لهم هارونُ: يا بنى إسرائيلَ ﴿إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ﴾. يقولُ: إنما ابْتُلِيتُم به. يقولُ (٣): بالعِجْلِ، ﴿وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ﴾. فأقام هارونُ ومَن معه مِن بنى إسرائيلَ لا يُقاتِلونهم، وانْطَلَق موسى إلى إلهِه يُكَلِّمُه، فلما كلَّمه قال له: ﴿مَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَامُوسَى (٨٣) قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (٨٤) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ﴾ [طه: ٨٣ - ٨٥]. فأخْبَرَه خبرَهم، قال موسى: يا ربِّ، هذا السامريُّ أمَرَهم أن يَتَّخِذوا العِجْلَ، أرأيْتَ الرُّوحَ مَن نفَخها فيه؟ قال الربُّ: أنا. قال: ربِّ، أنت إذن أضْلَلْتَهم (٤).

حدَّثنا ابنُ حُميدٍ، قال؛ حدَّثنا سلمةُ، عن ابنِ إسحاقَ، قال: كان فيما ذُكِر لى


(١) في ص: "جميعها فاحفروا".
(٢) في الأصل: "حفيرة".
(٣) في ر: "أى".
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٧٦٨ (١٥٦٥٠) عن أبي زرعة، عن عمرو بن حماد به، بأوله. وأخرجه المصنّف في تاريخه ١/ ٤٢١، ٤٢٢ عن موسى بن هارون به، عن السدى بإسناده. وتقدم أوله في ص ٦٤٩.