للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن موسى قال لبنى إسرائيلَ فيما أمَره اللهُ ﷿ به: اسْتَعِيروا منهم -يعنى مِن آلِ فرعونَ- الأمتعةَ والحَلْىَ والثِّيابَ، فإنى مُنَفِّلُكم أموالَهم مع هَلاكِهم. فلما أذَّن فرعونُ في الناسِ، كان مما يُحَرِّضُ به على بنى إسرائيلَ أن قال حينَ [ساروا: لَمْ يَرْضَوْا أن خرَجوا] (١) بأنفسِهم حتى ذهَبوا بأموالِكم معهم (٢).

حدَّثنا ابنُ حُميدٍ، قال: حدَّثنا سلمةُ، قال: حَدَّثَنِي محمدُ بنُ إسحاقَ، عن حكيمِ بنِ جُبَيْرٍ، عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عن ابنِ عباسٍ، قال: كان السامرىُّ رجلًا مِن أهلِ باجَرْمَا (٣)، وكان مِن قومٍ يَعْبُدون البقرَ، وكان حُبُّ عبادةِ البقرِ في نفسِه، وكان قد أظْهَر الإسلامَ في بنى إسرائيلَ، فلما فصَل (٤) هارونُ في بنى إسرائيلَ وفصَل موسى إلى ربِّه، قال لهم هارونُ: أنتم قد حُمِّلْتُم أوْزارًا مِن زينةِ القومِ -آلِ فرعونَ- وأمتعةً وحَلْيًا، فتَطهَّروا منها، فإنها نَجَسٌ. وأوْقَد لهم نارًا فقال: اقْذِفوا ما كان معكم مِن ذلك فيها. قالوا: نعم. فجعَلوا يَأْتُون بما كان فيهم (٥) مِن تلك الأمتعةِ وذلك الحَلْىِ فيَقْذِفون به فيها، حتى إذا تكَسَّر الحَلْىُ فيها، ورأى السامريُّ أثرَ فرسِ جبريلَ، فأخَذ ترابًا مِن أثرِ حافرِه، ثم أقْبَل إلى النارِ (٦)، فقال لهارونَ: يا نبيَّ اللهِ، أُلْقى ما فى يدى؟ قال: نعم. ولا يَظُنُّ هارونُ إلَّا أنه كبعضِ ما جاء به غيرُه مِن ذلك الحلْىِ والأمتعةِ، فقذَفه فيها وقال: كنْ عِجْلًا جسدًا له خُوَارٌ. فكان للبلاءِ


(١) في م: "سار ولم يرضوا أن يخرجوا".
(٢) أخرجه المصنّف في تاريخه ١/ ٤١٩.
(٣) باجرما؛ بفتح الجيم وسكون الراء وميم وألف مقصورة: قرية من أعمال البليخ قرب الرقة من أرض الجزيرة. معجم البلدان ١/ ٤٥٤.
(٤) في م: "فضل". وفصل فلان من عندى فصولا: إذا خرج. اللسان (ف ص ل).
(٥) في ر، م: "معهم".
(٦) في تاريخ المصنّف: "الحفرة".