للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والفتنةِ، فقال: ﴿هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى﴾. فعكَفوا عليه، وأحبُّوه حبًّا لَمْ يُحِبُّوا مثلَه شيئًا قطُّ، يقولُ اللهُ جلَّ ذكرُه: ﴿فَنَسِيَ﴾. أى ترَك ما كان عليه مِن الإسلامِ -يعنى السامرىَّ- ﴿أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا﴾ [طه: ٨٩]. قال (١): وكان اسمُ السامرىِّ موسى بنَ ظَفَرَ، وقَع في أرضِ مصرَ فدخَل في بنى إسرائيلَ، فلما رأَى هارونُ ما وقَعوا فيه قال: ﴿يَاقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (٩٠) قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى﴾. فأقام هارونُ في مَن معه مِن المسلمين ممَّن لَمْ يُفْتَتَنْ، وأقام مَن يَعْبُدُ العِجْلَ على عبادةِ العِجْلِ، وتخَوَّف هارونُ إن سار بمَن معه مِن المسلمين أن يقولَ له موسى: ﴿فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي﴾ [طه: ٩٤]. وكان له هائبًا مُطِيعًا (٢).

حَدَّثَنِي يونسُ، قال: أخْبَرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ: لما أنْجَى اللهُ ﷿ بنى إسرائيلَ مِن فرعونَ، وأغْرَق فرعونَ ومَن معه، قال موسى لأخيه هارونَ: ﴿اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ﴾. قال: لما خرَج موسى وأمَر هارونَ [ما أمَرَه] (٣)، وخرَج موسى مُتَعَجِّلًا مَسْرورًا إلى اللهِ، قد عرَف موسى أن المرءَ إذا أنجَح (٤) في حاجةِ سيدِه كان يَسُرُّه أن يَتَعَجَّلَ إليه. قال: وكان حينَ خرَجوا اسْتَعاروا حَلْيًا وثيابًا مِن آلِ فرعونَ، فقال لهم هارونُ: إن هذه الثيابَ والحَلْىَ لا تَحِلُّ لكم، فاجْمَعوا نارًا فألْقُوه فيها فأحْرِقوه. قال: فجمَعوا نارًا.


(١) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) أخرجه المصنّف في تاريخه ١/ ٤٢٤، ٤٢٥.
(٣) في ص: "بما أمره"، وفى م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بما أمره به".
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "نجح". يقال: نجح فلان، وأنجح: إذا أصاب طلبته. النهاية ٥/ ١٨.