للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأُمِر بتَخْليفِها مع قومِها.

وقرَأ ذلك بعضُ البصريِّين (١): (إلَّا امْرَأَتُكَ) رفعًا، بمعنى: ولا يَلْتفِتْ منكم أحدٌ إلا امرأتُك، [وإن] (٢) لوطًا قد أخرجَها معه، وأنه نُهِي لوطٌ ومَن معه ممن أَسْرى معه، أن يَلْتفِتَ سِوى زوجتِه، وإنها التفتَتْ، فهَلَكت لذلك.

وقولُه: ﴿إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ﴾. يقولُ: إنه مصيبٌ امرأتَك ما أصابَ قومَك مِن العذابِ ﴿إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ﴾. يقولُ: إن موعدَ قومِك للهلاكِ (٣) الصبحُ. فاسْتَبْطَأ ذلك منهم لوطٌ، وقال لهم: بل عَجِّلوا لهم الهلاكَ. فقالوا: ﴿أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾. أي: عندَ الصبحِ نزولُ العذابِ بهم.

كما حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابنِ إسحاقَ: ﴿أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾. أي: إنما ينزلُ بهم مِن صُبْحِ ليلتِك هذه، فامضِ لِما تؤمَرُ.

وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا يعقوبُ، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، قال: فمَضَتِ الرُّسُلُ مِن عندِ إبراهيمَ إلى لوطٍ، فلما أَتَوا لوطًا، وكان مِن أمرِهم ما ذَكَر اللَّهُ ﷿، قال جبريلُ للوطٍ: يا لُوطُ، ﴿إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ﴾ [العنكبوت: ٣١]. فقال لهم لوطٌ: أهْلِكوهم الساعةَ. فقال له جبريلُ : ﴿إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ


(١) هي قراءة أبي عمرو وابن كثير، وينظر السبعة ص ٣٣٨.
(٢) في م: "فإن".
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "الهلاك".