وتأويلُ ذلك: واذْكُروا أيضًا إذ قال موسى لقومِه مِن بنى إسرائيلَ: يا قومِ إنكم ظلَمْتُم أنفسَكم. وظلمُهم إياها كان فعلَهم بها ما لم يكنْ لهم أن يَفْعَلوه بها، مما أوْجَب لهم العقوبةَ مِن اللهِ تعالى، وكذلك كلُّ فاعلٍ فعلًا يَسْتَوْجِبُ به العقوبةَ مِن اللهِ تعالى، فهو ظالمٌ لنفسِه بإيجابِه العقوبةَ لها مِن اللهِ تعالى، وكان الفعلُ الذى فعَلوه فظلَموا به أنفسَهم، هو ما أخْبَر اللهُ عنهم مِن ارْتِدادِهم باتخاذِهم العجلَ ربًّا بعدَ فِراقِ موسى إياهم. ثم أمَرهم موسى بالمراجعةِ مِن ذنبِهم، والإنابةِ إلى اللهِ جلَّ وعزَّ مِن رِدَّتِهم بالتوبةِ إليه، والتسليمِ لطاعتِه فيما أمَرهم به، وأخْبَرَهم أن توبتَهم مِن الذنبِ الذى رَكِبوه قَتْلُهم أنفسَهم -وقد دلَّلْنا فيما مضَى على أن معنى التوبةِ الأوْبَةُ مما يَكْرَهُه اللهُ إلى ما يَرْضاه مِن طاعتِه (١) - فاسْتَجاب القومُ لما أمَرهم به موسى مِن التوبةِ مما ركِبوا مِن ذنوبهم إلى ربِّهم، على ما أمَرَهم به.
كما حدَّثنا محمدُ بنُ المثنى، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: حدَّثنا شعبةُ ابنُ الحجاجِ، عن أبى إسحاقَ، عن أبى عبدِ الرحمنِ أنه قال في هذه الآيةِ: ﴿فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾. قال: عمَدوا إلى الخنَاجرِ، فجعَل يَطْعُنُ بعضُهم بعضًا.
حدَّثنى عباسُ بنُ محمدٍ، قال: حدَّثنا حجاجُ بنُ محمدٍ، قال ابنُ جُرَيْجٍ: أخْبَرَنى القاسمُ بن أبى بَزَّةَ، أنه سمِع سعيدَ بنَ جُبيرٍ ومُجاهِدًا قالا: قام بعضُهم إلى