للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعضٍ بالخنَاجرِ يَقْتُلُ بعضُهم بعضًا، لا يَحِنُّ (١) رجلٌ على رجلٍ قريبٍ ولا بَعيدٍ، حتى ألْوَى (٢) موسى بثوبِه، فطرَحوا ما بأيديهم، فتكَشَّف عن سبعين ألفَ قَتيلٍ، وإن اللهَ أوْحَى إلى موسى أنْ حَسْبِى فقد اكْتَفَيْت. فذلك حينَ ألْوَى بثوبِه (٣).

حدَّثنى عبدُ الكريمِ بنُ الهيثمِ، قال: حدَّثنا إبراهيمُ بنُ بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا ابنُ عُيَيْنةَ، قال: قال أبو سعدٍ (٤)، عن عكرمةَ، عن ابنِ عباسٍ، قال: قال موسى لقومِه: ﴿فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾. قال: أمَر موسى قومَه -عن أمرِ ربِّه- أن يَقْتُلوا أنفسَهم. قال: فاحْتَبى (٥) الذين عكَفوا على العجلِ فجلَسوا، وقام الذين لم يَعْكُفوا على العجلِ وأخَذوا الخنَاجرَ بأيديهم، وأصابَتهم ظلمةٌ شديدةٌ، فجعَل يَقْتُلُ بعضُهم بعضًا، فانْجَلَت الظلمةُ عنهم وقد أجْلَوْا عن سبعينَ ألفَ قتيلٍ، كلُّ مَن قُتِل منهم كانت له توبةٌ، وكلُّ مَن بَقِى (٦) كانت له توبةٌ (٧).

حدَّثنى موسى بنُ هارونَ، قال: حدَّثنا عمرُو بنُ حمادٍ، قال: حدَّثنا أسْباطُ، عن السدىِّ، قال: لما رجَع موسى إلى قومِه قال: ﴿يَاقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا﴾. إلى قولِه: ﴿فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ﴾ [طه: ٨٦، ٨٧]. فألْقَى مُوسى


(١) في ر: "يحزن"، وفى تفسير ابن أبى حاتم: "يحنو". وحن عليه: عطف. اللسان (ح ن ن).
(٢) ألوى بثوبه: إذا لمع وأشار. اللسان (ل و ى).
(٣) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ١١٠ (٥٢٨) من طريق حجاج به.
(٤) في م: "سعيد". وينظر ما تقدم في ص ٦٤٧.
(٥) في م: "فاختبأ". والاحتباء: أن يضم الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره، ويشده عليها، وقد يكون الاحتباء باليدين عوض الثوب. النهاية ١/ ٣٣٥.
(٦) بعده في ص: "منهم".
(٧) ذكره ابن كثير في تفسيره ١/ ١٣١ عن المصنف. وينظر ما تقدم في ص ٦٤٧.