للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: معنى ذلك: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ﴾ مِن الزيادةِ على قدرِ مدةِ دَوامِ (١) السماواتِ والأرضِ، قالوا (١): وذلك هو الخلودُ فيها (١) أبدًا.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا يعقوبُ، عن أبي مالكٍ -يعنى ثعلبةَ- عن أبي سنانٍ: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ﴾. قال: ومشيئتُه خلودُهم فيها، ثم أَتْبَعها فقال: ﴿عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ (٢).

واخْتَلَف أهلُ العربيةِ فى وجهِ الاستثناءِ فى هذا الموضعِ؛ فقال بعضُهم (٣): في ذلك معنيان؛ أحدُهما: أن تَجْعَلَه استثناءً يَسْتَثْنِيه ولا (٤) يَفْعَلُه، كقولِك: واللهِ لأَضْرِبَنَّك، إلا أن أرَى غيرَ ذلك. وعزمُك (٥) على ضربِه، قال: فكذلك قال: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ﴾. ولا يَشاؤُه.

قال: والقولُ الآخرُ: أن العرب إذا اسْتَثْنَت شيئًا كثيرًا مع مثلِه، ومع ما هو أكثرُ منه، كان معنى إلا، ومعنى الواو سَوَاءٌ (٦). فمن ذلك قولُه: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ﴾، سوى ما شاء اللهُ مِن زيادةِ الخلودِ. فَيَجْعَلُ "إلا" مكانَ "سوى" (٧) فيَصْلُحُ، وكأنه قال: خالدين فيها ما دامت السماواتُ والأرضُ سوى


(١) سقط من: الأصل.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره ٦/ ٢٠٨٨ من طريق يعقوب به.
(٣) معاني القرآن للفراء ٢/ ٢٨.
(٤) سقط من: الأصل، ص، ف، والمثبت موافق لمعاني القرآن.
(٥) في معاني القرآن: "وعزيمتك".
(٦) في م: "سوى".
(٧) فى ت ١، ت ٢، س: "سواء".