للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما زادهم من الخلودِ والأبَدِ. ومثلُه فى الكلامِ أن تقول: لى عليك ألفٌ إلا الألفين اللذين قبلَها (١). قال: وهذا أحبُّ الوجهين إليَّ؛ لأن اللهَ لا خُلْفَ لوعدِه. وقد وصَل الاستثناءَ بقولِه: ﴿عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾. فدلَّ على أن الاستثناءَ لهم (٢) في الخلودِ غيرُ مُنْقَطِعٍ عنهم.

وقال آخرون (٣) منهم بنحوِ هذا القولِ، وقالوا: جائزٌ فيه وجهٌ ثالثٌ، وهو أن يكونَ اسْتَثْنَى مِن خلودِهم فى الجنةِ احْتِباسَهم عنها ما بينَ الموتِ والبعثِ؛ وهو البرزخُ، إلى أن يَصِيروا إلى الجنةِ، ثم هو خلودُ الأبدِ (٤)، يقولُ: فلم يَغِيبوا عن الجنةِ إلا بقدرِ إقامتِهم في البرْزَخِ.

وقال آخرون (٥) منهم: جائزٌ أن يكون دَوامُ السماواتِ والأرضِ بمعنى الأبدِ (٦) على ما تَعْرِفُ العربُ، وتَسْتَعْمِلُ وتَسْتَثْنى المَشيئةَ مِن دَوامِها؛ لأن أهلَ الجنةِ وأهلَ النارِ قد كانوا فى وقتٍ من أوقاتِ دَوامِ السماءِ (٧) والأرضِ في الدنيا، لا فى الجنةِ، فكأنه قال: خالدين فى الجنةِ وخالدين في النارِ دوامَ السماءِ والأرضِ، إلا ما شاء ربُّك مِن تعميرِهم في الدنيا قبلَ ذلك.

وأولى الأقوالِ فى ذلك عندى بالصوابِ القولُ الذي ذكَرْتُه عن الضحاكِ؛


(١) فى ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "قبله"، وفى معانى القرآن للفراء: "من قبل فلان". والمثبت من الأصل.
(٢) بعده فى م: "بقوله".
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "آخر".
(٤) في ت ١، ت ٢، س، ف: "الآية".
(٥) فى ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "آخر".
(٦) في ت ٢: "الآية".
(٧) في م، ت ٢، ف: "السماوات".