للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ (١) إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ﴾ مِن قدرِ مُكْثِهم فى النارِ، مِن لَدُنْ دخَلوها (٢)، إلى أن أُدْخِلوا (٣) الجنةَ، وتكونُ الآيةُ معناها الخصوصُ؛ لأن الأشهرَ من كلامِ العربِ في "إلا" توجيهُها إلى معنى الاستثناءِ، وإخراجُ معنى ما بعدَها مما قبلَها، إلا أن يكونَ معها دَلالةٌ تدُلُّ على خلافِ ذلك، ولا دلالةَ في الكلامِ -أعنى في قولِه: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ﴾ - تَدُلُّ على أن معناها غيرُ معنى المفهومِ في (٤) الكلامِ، فيُوَجَّهَ (٥) إليه.

وأما قولُه: ﴿عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾. فإنه يعنى عطاءً مِن اللهِ غيرَ مقطوعٍ عنهم، من قولِهم: جذَذْتُ الشيءَ أَجُذُّه جَذًّا: إذا قطَعْتَه. كما قال النابغةُ (٦):

تَجُذُّ السَّلُوقيَّ (٧) المُضَاعَف نَسْجُه … ويُوقِدْنَ بالصُّفَّاحِ (٨) نارَ الحُبَاحِبِ (٩)

يعنى بقولِه: تَجُذُّ: تَقْطَعُ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابنُ وكيعٍ، قال: ثنا المحاربيُّ، عن جُوَيْبَرٍ، عن الضحاكِ: ﴿عَطَاءً غَيْرَ


(١) بعده في الأصل: "أبدا".
(٢) فى ص، ت ١، ت ٢، س: "دخولها".
(٣) فى ت ١، ت ٢، س، ف: "دخلوا".
(٤) فى ت ١: "من".
(٥) في الأصل: "فيوجهه".
(٦) ديوانه ص ٦١.
(٧) السلوقي: الدروع السلوقية نسبة إلى سلوق؛ وهى قرية باليمن. معجم البلدان ٣/ ١٢٥.
(٨) في الأصل: "الصفاج". والصفاح: حجارة عراض رقاق. التاج (ص ف ح).
(٩) نار الحباحب: ما اقتدح من شرر النار فى الهواء، من تصادم الحجارة. اللسان (ح ب ح ب).