كتاب تفسير الطبري جامع البيان - ت التركي

تفسير السورة التي يذكر فيها هود ﵇ - القول في تأويل قوله ﷿: ﴿وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم إنه بما يعملون خبير (١١١)﴾. - ج: 12 - ص: 596

فيَفْسُدُ ذلك إذا قُرِئَ كذلك مِن هذا الوجهِ، إلا أن يَرْفَعَ رافعٌ الكلَّ، فيُخالِفَ بقراءتِه ذلك كذلك قراءةَ القرأةِ وخطَّ مصاحفِ المسلمين، ولا يَخْرُجَ بذلك مِن العيبِ لخروجِه (١) مِن معروفِ كلامِ العربِ.

وقد قرَأ ذلك بعضُ قرأةِ الكوفيين: (وإنْ كلًّا) بتخفيفِ "إِنَّ"، ونصبِ: ﴿كُلًّا لَمَّا﴾ مشددةً (٢).

وزعَم بعضُ أهلِ العربيةِ أن قارئَ ذلك كذلك أراد "إنَّ" الثقيلةَ فخفَّفها. وزُعِم (٣) عن أبي زيدٍ البصريِّ أنه سمِع: كأَنْ ثَدْيَيْه حُقَّانِ، فنصَب بكأنْ، والنونُ مخففةٌ من كأنَّ، ومنه قولُ الشاعرِ (٤):

ووجهٍ مشرقِ النَّحْرِ … كأَنْ تَدْيَيْه حُقَّانِ

وقرَأ ذلك بعضُ المدنيين: بتخفيفِ "إنَّ" ونصبِ "كُلًّا" وتخفيفِ "لَمّا" (٥).

وقد يَحْتَمِلُ أن يكونَ قارئُ ذلك كذلك قصَد المعنى الذى حكَيْناه عن قارئ الكوفةِ، مِن تخفيفِه نونِ "إنَّ"، وهو يُريدُ تشديدَها، ويُرِيدُ بـ "ما" التي في "لَمَا" "ما " (٦) التي تَدْخُلُ في الكلامِ صلةً، وأن يَكونَ قصَد إلى تحميلِ الكلامِ معنَى: وإنْ كلًّا لَيُوَفِّيَنَّهم.

---

(١) في ص، م، ت ١، ف: "بخروجه".
(٢) هو عاصم في رواية أبي بكر، ينظر السبعة لابن مجاهد ص ٣٣٩، ٣٤٠، والتيسير في القراءات السبع ص ١٠٣، والكشف عن وجوه القراءات السبع ١/ ٥٣٦، ٥٣٧، وحجة القراءات ص ٣٥٠.
(٣) فى ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "ذكر".
(٤) البيت فى الخزانة ١٠/ ٣٩٨، وسيبويه ٢/ ١٣٥.
(٥) هى قراءة نافع وابن كثير. السبعة ص ٣٣٩، والتيسير ص ١٠٣.
(٦) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف.