للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واختلَفت القرأةُ فى قراءةِ ذلك؛ فقرَأته عامةُ قرأةِ المدينةِ والعراقِ: ﴿وَزُلَفًا﴾ بضمِّ الزاى وفتحِ اللامِ، وقرَأه بعضُ أهلِ المدينةِ بضمِّ الزايِ واللامِ (١)، كأنه وجَّهه إلى أنه واحدٌ، وأنه بمنزلةِ "الحُلُمِ"، وقرَأه بعضُ المكيِّين: (وزُلْفًا) بضمِّ الزايِ، وتسكينِ اللامِ (٢).

وأعجَبُ القراءةِ فى ذلك إلىّ أن [يُقرأَ بها] (٣): ﴿وَزُلَفًا﴾. بضمِّ الزايِ وفتحِ اللامِ، على معنى جمعِ زُلْفةٍ، كما تُجمَعُ غرفةٌ غُرَفٌ، وحجرةٌ حُجَرٌ. وإنما اخترتُ قراءةَ ذلك كذلك؛ لأن صلاةَ العشاءِ الآخِرةِ إنما تُصَلَّى بعدَ مضىِّ زُلَفٍ مِن الليلِ، وهي التي عُنِيت عندى بقولِه: ﴿وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ﴾.

وبنحوِ الذي قلنا في قولِه: ﴿وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ﴾. قال جماعةٌ مِن أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابنِ أبى نجيحٍ، عن مجاهدٍ فى قولِه: ﴿وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ﴾. قال: ساعاتٍ من الليلِ: صلاةَ العَتمةِ (٤).

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا أبو حذيفةَ، قال: ثنا شبلٌ، عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن


(١) قراءة ضم اللام هي قراءة أبي جعفر، وقراءة فتح اللام هى قراءة الباقين وهم نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف. ينظر النشر فى القراءات العشر ٢/ ٢١٩، وإتحاف فضلاء البشر ص ١٥٧.
(٢) قرأ بذلك الحسن وابن محيصن واليماني. شواذ القرآن لابن خالويه ص ٦٦.
(٣) فى ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "أقرأها".
(٤) تفسير مجاهد ص ٣٩١.