فصول الكتاب
- [+]خطبة الكتاب
- [+]سورة الفاتحة
- [+]سورة البقرة
- -القول في تأويل قوله تعالى الم قال أبو جعفر: اختلفت تراجمة القرآن في تأويل قول الله تعالى ذكره: الم فقال بعضهم: هو اسم من أسماء القرآن
- -القول في تأويل قوله تعالى: ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين
- -قال عامة المفسرين: تأويل قول الله تعالى: ذلك الكتاب هذا الكتاب
- -القول في تأويل قوله تعالى: لا ريب فيه وتأويل قوله: لا ريب فيه لا شك فيه،
- -القول في تأويل قوله تعالى: هدى
- -القول في تأويل قوله تعالى: للمتقين
- -القول في تأويل قوله تعالى. الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون
- -القول في تأويل قوله تعالى: بالغيب
- -القول في تأويل قوله تعالى: ويقيمون إقامتها: أداؤها بحدودها وفروضها والواجب فيها على ما فرضت عليه، كما يقال: أقام القوم سوقهم، إذا لم يعطلوها من البيع والشراء فيها، وكما قال الشاعر: أقمنا لأهل العراقين سوق الض ضراب فخاموا وولوا جميعا
- -القول في تأويل قوله تعالى: الصلاة
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومما رزقناهم ينفقون اختلف المفسرون في تأويل ذلك، فقال بعضهم بما
- -القول في تأويل قوله تعالى: والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون قد مضى البيان عن المنعوتين بهذا النعت، وأي أجناس الناس هم. غير أنا نذكر ما روي في ذلك عمن روي عنه في تأويله قول
- -القول في تأويل قوله تعالى: وبالآخرة هم يوقنون قال أبو جعفر: أما الآخرة، فإنها صفة للدار، كما قال جل ثناؤه: وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون وإنما وصفت بذلك لمصيرها آخرة لأولى كانت قبلها كما تقول للرجل: أنعمت عليك مرة بعد أخرى فلم تشكر
- -القول في تأويل قوله تعالى: أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون اختلف أهل التأويل فيمن عنى الله جل ثناؤه بقوله: أولئك على هدى من ربهم فقال بعضهم: عنى بذلك أهل الصفتين المتقدمتين، أعني المؤمنين بالغيب من العرب والمؤمنين بما أنزل إلى محمد صلى الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأولئك هم المفلحون وتأويل قوله: وأولئك هم المفلحون أي أولئك هم المنجحون المدركون ما طلبوا عند الله تعالى ذكره بأعمالهم وإيمانهم بالله وكتبه ورسله، من الفوز بالثواب، والخلود في الجنان، والنجاة مما أعد الله تبارك وتعالى
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون اختلف أهل التأويل فيمن عنى بهذه الآية، وفيمن نزلت
- -القول في تأويل قوله تعالى: سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون وتأويل سواء: معتدل، مأخوذ من التساوي، كقولك: متساو هذان الأمران عندي، وهما عندي سواء؛ أي هما متعادلان عندي. ومنه قول الله جل ثناؤه: فانبذ إليهم على سواء يعني أعلمهم وآذنهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم وأصل الختم: الطبع، والخاتم: هو الطابع يقال منه: ختمت الكتاب، إذا طبعته. فإن قال لنا قائل: وكيف يختم على القلوب، وإنما الختم طبع على الأوعية والظروف
- -القول في تأويل قوله تعالى: وعلى أبصارهم غشاوة وقوله: وعلى أبصارهم غشاوة خبر مبتدأ بعد تمام الخبر عما ختم الله جل ثناؤه عليه من جوارح الكفار الذين مضت قصصهم، وذلك أن غشاوة مرفوعة بقوله: وعلى أبصارهم فذلك دليل على أنه خبر مبتدأ، وأن قوله: ختم الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولهم عذاب عظيم وتأويل ذلك عندي كما قاله ابن عباس وتأوله
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين قال أبو جعفر: أما قوله: ومن الناس فإن في الناس وجهين: أحدهما أن يكون جمعا لا واحد له من لفظه، وإنما واحده إنسان وواحدته إنسانة. والوجه الآخر: أن يكون أصله أناس
- -وأما تأويل قوله: وما هم بمؤمنين ونفيه عنهم جل ذكره اسم الإيمان، وقد أخبر عنهم أنهم قد قالوا بألسنتهم آمنا بالله وباليوم الآخر؛ فإن ذلك من الله جل وعز تكذيب لهم فيما أخبروا عن اعتقادهم من الإيمان والإقرار بالبعث، وإعلام منه نبيه صلى الله عليه وسلم أن
- -القول في تأويل قوله تعالى. يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون قال أبو جعفر: وخداع المنافق ربه والمؤمنين إظهاره بلسانه من القول والتصديق خلاف الذي في قلبه من الشك والتكذيب ليدرأ عن نفسه بما أظهر بلسانه حكم الله عز وجل، اللازم من
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما يخدعون إلا أنفسهم إن قال لنا قائل: أوليس المنافقون قد خدعوا المؤمنين بما أظهروا بألسنتهم من قيل الحق عن أنفسهم وأموالهم وذراريهم حتى سلمت لهم دنياهم وإن كانوا قد كانوا مخدوعين في أمر آخرتهم؟ قيل: خطأ أن يقال إنهم خدعوا
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما يشعرون يعني بقوله جل ثناؤه: وما يشعرون وما يدرون، يقال: ما شعر فلان بهذا الأمر، وهو لا يشعر به إذا لم يدر ولم يعلم شعرا وشعورا، كما قال الشاعر: عقوا بسهم ولم يشعر به أحد ثم استفاءوا وقالوا حبذا الوضح يعني بقوله: لم
- -القول في تأويل قوله تعالى: في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون وأصل المرض: السقم، ثم يقال ذلك في الأجساد والأديان فأخبر الله جل ثناؤه أن في قلوب المنافقين مرضا. وإنما عنى تبارك وتعالى بخبره عن مرض قلوبهم الخبر عن مرض ما في
- -القول في تأويل قوله تعالى: فزادهم الله مرضا قد دللنا آنفا على أن تأويل المرض الذي وصف الله جل ثناؤه أنه في قلوب المنافقين: هو الشك في اعتقادات قلوبهم وأديانهم وما هم عليه، في أمر محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر نبوته وما جاء به، مقيمون.
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولهم عذاب أليم قال أبو جعفر: والأليم: هو الموجع، ومعناه: ولهم عذاب مؤلم، فصرف مؤلم إلى أليم كما يقال: ضرب وجيع بمعنى موجع، والله بديع السموات والأرض بمعنى مبدع. ومنه قول عمرو بن معدي كرب الزبيدي: أمن ريحانة الداعي
- -القول في تأويل قوله تعالى: بما كانوا يكذبون اختلفت القراءة في قراءة ذلك، فقرأه بعضهم: بما كانوا يكذبون مخففة الذال مفتوحة الياء، وهي قراءة معظم أهل الكوفة. وقرأه آخرون: (يكذبون) بضم الياء وتشديد الذال، وهي قراءة معظم أهل المدينة والحجاز والبصرة
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون اختلف أهل التأويل في تأويل هذه الآية، فروي عن سلمان الفارسي أنه كان يقول: لم يجئ هؤلاء بعد
- -القول في تأويل قوله تعالى: قالوا إنما نحن مصلحون
- -القول في تأويل قوله تعالى: ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون وهذا القول من الله جل ثناؤه تكذيب للمنافقين في دعواهم إذا أمروا بطاعة الله فيما أمرهم الله به، ونهوا عن معصية الله فيما نهاهم الله عنه. قالوا: إنما نحن مصلحون لا مفسدون، ونحن على رشد
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون قال أبو جعفر: وتأويل قوله: وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس يعني: وإذا قيل لهؤلاء الذين وصفهم الله ونعتهم بأنهم يقولون آمنا
- -القول في تأويل قوله تعالى: قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء قال أبو جعفر: والسفهاء جمع سفيه، كالعلماء جمع عليم، والحكماء جمع حكيم والسفيه: الجاهل الضعيف الرأي، القليل المعرفة بمواضع المنافع والمضار ولذلك سمى الله عز وجل النساء والصبيان سفهاء، فقال
- -القول في تأويل قوله تعالى: ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله تعالى عن المنافقين الذين تقدم نعته لهم ووصفه إياهم بما وصفهم به من الشك والتكذيب، أنهم هم الجهال في أديانهم، الضعفاء الآراء في اعتقاداتهم واختياراتهم التي
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون قال أبو جعفر: وهذه الآية نظير الآية الأخرى التي أخبر الله جل ثناؤه فيها عن المنافقين بخداعهم الله ورسوله والمؤمنين، فقال: ومن الناس من
- -القول في تأويل قوله تعالى: إنما نحن مستهزئون أجمع أهل التأويل جميعا لا خلاف بينهم، على أن معنى قوله: إنما نحن مستهزئون إنما نحن ساخرون. فمعنى الكلام إذا: وإذا انصرف المنافقون خالين إلى مردتهم من المنافقين والمشركين قالوا: إنا معكم عن ما أنتم عليه
- -القول في تأويل قوله تعالى: الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون قال أبو جعفر: اختلف في صفة استهزاء الله جل جلاله الذي ذكر أنه فاعله بالمنافقين الذين وصف صفتهم. فقال بعضهم: استهزاؤه بهم كالذي أخبرنا تبارك اسمه أنه فاعل بهم يوم القيامة في قوله
- -القول في تأويل قوله تعالى: ويمدهم قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله ويمدهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: في طغيانهم قال أبو جعفر: والطغيان الفعلان، من قولك: طغى فلان يطغى طغيانا إذا تجاوز في الأمر حده فبغى ومنه قول الله: كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى أي يتجاوز حده. ومنه قول أمية بن أبي الصلت: ودعا الله دعوة لات هنا بعد
- -القول في تأويل قوله تعالى: يعمهون قال أبو جعفر: والعمه نفسه: الضلال، يقال منه: عمه فلان يعمه عمهانا وعموها: إذا ضل ومنه قول رؤبة بن العجاج يصف مضلة من المهامه: ومخفق من لهله ولهله من مهمه يجتبنه في مهمه أعمى الهدى بالجاهلين العمه والعمه: جمع عامه
- -القول في تأويل قوله تعالى: أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين قال أبو جعفر: إن قال قائل: وكيف اشترى هؤلاء القوم الضلالة بالهدى، وإنما كانوا منافقين لم يتقدم نفاقهم إيمان فيقال فيهم باعوا هداهم الذي كانوا عليه بضلالتهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: فما ربحت تجارتهم قال أبو جعفر: وتأويل ذلك أن المنافقين بشرائهم الضلالة بالهدى خسروا ولم يربحوا، لأن الرابح من التجار المستبدل من سلعته المملوكة عليه بدلا هو أنفس من سلعته أو أفضل من ثمنها الذي يبتاعها به. فأما المستبدل من
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما كانوا مهتدين يعني بقوله جل ثناؤه: وما كانوا مهتدين ما كانوا رشداء في اختيارهم الضلالة على الهدى، واستبدالهم الكفر بالإيمان، واشترائهم النفاق بالتصديق والإقرار
- -القول في تأويل قوله تعالى: مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون قال أبو جعفر: فإن قال لنا قائل: وكيف قيل: مثلهم كمثل الذي استوقد نارا وقد علمت أن الهاء والميم من قوله: مثلهم كناية جماعة من الرجال
- -القول في تأويل قوله تعالى: صم بكم عمي فهم لا يرجعون قال أبو جعفر: وإذ كان تأويل قول الله جل ثناؤه: ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون هو ما وصفنا من أن ذلك خبر من الله جل ثناؤه عما هو فاعل بالمنافقين في الآخرة، عند هتك أستارهم، وإظهاره فضائح
- -القول في تأويل قوله تعالى: فهم لا يرجعون قال أبو جعفر: وقوله: فهم لا يرجعون إخبار من الله جل ثناؤه عن هؤلاء المنافقين الذين نعتهم الله باشترائهم الضلالة بالهدى، وصممهم عن سماع الخير والحق، وبكمهم عن القيل بهما، وعماهم عن إبصارهما؛ أنهم لا يرجعون
- -القول في تأويل قوله تعالى: أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء
- -القول في تأويل قوله تعالى: فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا قال أبو جعفر: فأما الظلمات فجمع، واحدها ظلمة؛ وأما الرعد فإن أهل
- -وذلك تأويل قوله جل ثناؤه: يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت يعني بذلك يتقون وعيد الله الذي أنزله في كتابه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بما يبدونه بألسنتهم من ظاهر الإقرار، كما يتقي الخائف أصوات الصواعق بتغطية أذنيه وتصيير أصابعه فيها
- -ثم قال تعالى ذكره كلما أضاء لهم يعني أن البرق كلما أضاء لهم، وجعل البرق لإيمانهم مثلا. وإنما أراد بذلك أنهم كلما أضاء لهم الإيمان وإضاءتهم لهم أن يروا فيه ما يعجبهم في عاجل دنياهم من النصرة على الأعداء، وإصابة الغنائم في المغازي، وكثرة الفتوح،
- -ويعني بقوله: مشوا فيه مشوا في ضوء البرق. وإنما ذلك مثل لإقرارهم على ما وصفنا. فمعناه: كلما رأوا في الإيمان ما يعجبهم في عاجل دنياهم على ما وصفنا، ثبتوا عليه وأقاموا فيه، كما يمشي السائر في ظلمة الليل وظلمة الصيب الذي وصفه جل ثناؤه، إذا برقت فيها
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم قال أبو جعفر: وإنما خص جل ذكره السمع والأبصار بأنه لو شاء أذهبها من المنافقين دون سائر أعضاء أجسامهم للذي جرى من ذكرها في الآيتين، أعني قوله: يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق وقوله:
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله على كل شيء قدير قال أبو جعفر: وإنما وصف الله نفسه جل ذكره بالقدرة على كل شيء في هذا الموضع، لأنه حذر المنافقين بأسه وسطوته وأخبرهم أنه بهم محيط وعلى إذهاب أسماعهم وأبصارهم قدير، ثم قال: فاتقوني أيها المنافقون
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون قال أبو جعفر: فأمر جل ثناؤه الفريقين اللذين أخبر الله عن أحدهما أنه سواء عليهم أأنذروا أم لم ينذروا أنهم لا يؤمنون، لطبعه على قلوبهم، وعلى سمعهم وأبصارهم،
- -القول في تأويل قوله تعالى: لعلكم تتقون قال أبو جعفر: وتأويل ذلك: لعلكم تتقون بعبادتكم ربكم الذي خلقكم، وطاعتكم إياه فيما أمركم به ونهاكم عنه، وإفرادكم له العبادة، لتتقوا سخطه وغضبه أن يحل عليكم، وتكونوا من المتقين الذين رضي عنهم ربهم. وكان مجاهد
- -القول في تأويل قوله تعالى: الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون
- -وقوله: الذي جعل لكم الأرض فراشا مردود على الذي الأولى في قوله: اعبدوا ربكم الذي خلقكم وهما جميعا من نعت ربكم فكأنه قال: اعبدوا ربكم الخالقكم، والخالق الذين من قبلكم، الجاعل لكم الأرض فراشا. يعني بذلك أنه جعل لكم الأرض مهادا وموطئا وقرارا يستقر
- -القول في تأويل قوله تعالى: والسماء بناء قال أبو جعفر: وإنما سميت السماء سماء لعلوها على الأرض وعلى سكانها من خلقه، وكل شيء كان فوق شيء آخر فهو لما تحته سماء. ولذلك قيل لسقف البيت سماؤه، لأنه فوقه مرتفع عليه ولذلك قيل: سما فلان لفلان: إذا أشرف له
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم يعني بذلك أنه أنزل من السماء مطرا، فأخرج بذلك المطر مما أنبتوه في الأرض من زرعهم وغرسهم ثمرات رزقا لهم غذاء وأقواتا. فنبههم بذلك على قدرته وسلطانه، وذكرهم به آلاءه لديهم،
- -القول في تأويل قوله تعالى: فلا تجعلوا لله أندادا قال أبو جعفر: والأنداد، جمع ند، والند: العدل والمثل، كما قال حسان بن ثابت: أتهجوه ولست له بند فشركما لخيركما الفداء يعني بقوله: ولست له بند: لست له بمثل ولا عدل. وكل شيء كان نظير الشيء وشبيها فهو
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأنتم تعلمون اختلف أهل التأويل في الذين عنوا بهذه الآية، فقال بعضهم: عني بها جميع المشركين، من مشركي العرب وأهل الكتاب وقال بعضهم: عني بذلك أهل الكتابين: التوراة، والإنجيل. ذكر من قال: عني بها جميع عبدة الأوثان من
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين قال أبو جعفر: وهذا من الله عز وجل احتجاج لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم على مشركي قومه من العرب ومنافقيهم وكفار أهل الكتاب
- -ثم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: فأتوا بسورة من مثله
- -القول في تأويل قوله تعالى: فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: فاتقوا النار يقول: فاتقوا أن تصلوا النار بتكذيبكم رسولي بما جاءكم به من عندي أنه من وحيي وتنزيلي، بعد تبينكم أنه كتابي ومن عندي، وقيام الحجة عليكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: أعدت للكافرين قد دللنا فيما مضى من كتابنا هذا على أن الكافر في كلام العرب هو الساتر شيئا بغطاء، وأن الله جل ثناؤه إنما سمى الكافر كافرا لجحوده آلاءه عنده، وتغطيته نعماءه قبله فمعنى قوله إذا: أعدت للكافرين أعدت النار
- -القول في تأويل قوله تعالى: وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون أما قوله تعالى: وبشر فإنه يعني: أخبرهم.
- -القول في تأويل قوله تعالى: كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها قال أبو جعفر: يعني بقوله: كلما رزقوا منها من الجنات، والهاء راجعة على الجنات، وإنما المعني أشجارها، فكأنه قال: كلما رزقوا من أشجار البساتين التي
- -القول في تأويل قوله: وأتوا به متشابها قال أبو جعفر: والهاء في قوله: وأتوا به متشابها عائدة على الرزق، فتأويله: وأتوا بالذي رزقوا من ثمارها متشابها وقد اختلف أهل التأويل في تأويل المتشابه في ذلك، فقال بعضهم: تشابهه أن كله خيار لا رذل فيه
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولهم فيها أزواج مطهرة قال أبو جعفر: والهاء والميم اللتان في لهم عائدتان على الذين آمنوا وعملوا الصالحات، والهاء والألف اللتان في فيها عائدتان على الجنات. وتأويل ذلك: وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات فيها أزواج
- -القول في تأويل قوله تعالى: وهم فيها خالدون قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: والذين آمنوا وعملوا الصالحات في الجنات خالدون، فالهاء والميم من قوله وهم عائدة على الذين آمنوا وعملوا الصالحات، والهاء والألف في فيها على الجنات، وخلودهم فيها: دوام
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم، وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين قال أبو جعفر: اختلف أهل
- -وأما تأويل قوله: إن الله لا يستحيي فإن بعض المنسوبين إلى المعرفة بلغة العرب كان يتأول معنى: إن الله لا يستحيي إن الله لا يخشى أن يضرب مثلا، ويستشهد على ذلك من قوله بقول الله تعالى: وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ويزعم أن معنى ذلك: وتستحي الناس والله
- -وأما معنى قوله: أن يضرب مثلا فهو أن يبين ويصف، كما قال جل ثناؤه: ضرب لكم مثلا من أنفسكم بمعنى وصف لكم، وكما قال الكميت: وذلك ضرب أخماس أريدت لأسداس عسى أن لا تكونا بمعنى: وصف أخماس. والمثل: الشبه، يقال: هذا مثل هذا ومثله، كما يقال: شبهه وشبهه
- -وأما تأويل قوله: فما فوقها فما هو أعظم منها عندي لما ذكرنا قبل من قول قتادة وابن جريج أن البعوضة أضعف خلق الله، فإذا كانت أضعف خلق الله فهي نهاية في القلة والضعف، وإذ كانت كذلك فلا شك أن ما فوق أضعف الأشياء لا يكون إلا أقوى منه، فقد يجب أن يكون
- -القول في تأويل قوله تعالى: فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ذكره: فأما الذين آمنوا فأما الذين صدقوا الله ورسوله. وقوله: فيعلمون أنه الحق من ربهم يعني فيعرفون أن
- -القول في تأويل قوله تعالى: يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا قال أبو جعفر: يعني بقوله جل وعز: يضل به كثيرا يضل الله به كثيرا من خلقه والهاء في به من ذكر المثل. وهذا خبر من الله جل ثناؤه مبتدأ، ومعنى الكلام: أن الله يضل بالمثل الذي يضربه كثيرا من أهل
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما يضل به إلا الفاسقين
- -القول في تأويل قوله تعالى: الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون قال أبو جعفر: وهذا وصف من الله جل ذكره الفاسقين الذين أخبر أنه لا يضل بالمثل الذي ضربه لأهل النفاق غيرهم، فقال: وما يضل
- -القول في تأويل قوله تعالى: ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل قال أبو جعفر: والذي رغب الله في وصله وذم على قطعه في هذه الآية: الرحم، وقد بين ذلك في كتابه فقال تعالى: فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم وإنما عنى بالرحم: أهل الرجل
- -القول في تأويل قوله تعالى: ويفسدون في الأرض قال أبو جعفر: وفسادهم في الأرض هو ما تقدم وصفناه قبل من معصيتهم ربهم وكفرهم به وتكذيبهم رسوله، وجحدهم نبوته، وإنكارهم ما أتاهم به من عند الله أنه حق من عنده
- -القول في تأويل قوله تعالى: أولئك هم الخاسرون قال أبو جعفر: والخاسرون جمع خاسر، والخاسرون: الناقصون أنفسهم حظوظها بمعصيتهم الله من رحمته، كما يخسر الرجل في تجارته بأن يوضع من رأس ماله في بيعه. فكذلك الكافر والمنافق خسر بحرمان الله إياه رحمته التي
- -القول في تأويل قوله تعالى: كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وهو بكل شيء عليم اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك
- -القول في تأويل قوله تعالى: ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات قال أبو جعفر: اختلف في تأويل قوله: ثم استوى إلى السماء فقال بعضهم: معنى استوى إلى السماء، أقبل عليها، كما تقول: كان فلان مقبلا على فلان ثم استوى علي يشاتمني واستوى إلي يشاتمني، بمعنى
- -القول في تأويل قوله تعالى: وهو بكل شيء عليم يعني بقوله جل جلاله: وهو نفسه وبقوله: بكل شيء عليم أن الذي خلقكم وخلق لكم ما في الأرض جميعا، وسوى السموات السبع بما فيهن، فأحكمهن من دخان الماء وأتقن صنعهن، لا يخفى عليه أيها المنافقون والملحدون الكافرون
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون قال أبو جعفر: زعم بعض المنسوبين إلى العلم بلغات العرب من أهل البصرة أن تأويل قوله:
- -القول في تأويل قوله تعالى: للملائكة قال أبو جعفر: والملائكة جمع ملك، غير أن واحدهم بغير الهمز أكثر وأشهر في كلام العرب منه بالهمز، وذلك أنهم يقولون في واحدهم ملك من الملائكة، فيحذفون الهمز منه، ويحركون اللام التي كانت مسكنة لو همز الاسم. وإنما
- -القول في تأويل قوله تعالى: إني جاعل في الأرض اختلف أهل التأويل في قوله: إني جاعل، فقال بعضهم: إني فاعل
- -القول في تأويل قوله تعالى: خليفة والخليفة الفعيلة، من قولك: خلف فلان فلانا في هذا الأمر إذا قام مقامه فيه بعده كما قال جل ثناؤه: ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون يعني بذلك: أنه أبدلكم في الأرض منهم فجعلكم خلفاء بعدهم ومن ذلك قيل
- -القول في تأويل قوله تعالى: قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء قال أبو جعفر: إن قال قائل: وكيف قالت الملائكة لربها إذ أخبرها أنه جاعل في الأرض خليفة: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ولم يكن آدم بعد مخلوقا ولا ذريته، فيعلموا ما يفعلون
- -القول في تأويل قوله تعالى: ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال أبو جعفر: أما قوله: ونحن نسبح بحمدك فإنه يعني: إنا نعظمك بالحمد لك والشكر، كما قال جل ثناؤه: فسبح بحمد ربك وكما قال: والملائكة يسبحون بحمد ربهم وكل ذكر لله عند العرب فتسبيح وصلاة، يقول الرجل
- -القول في تأويل قوله تعالى: ونقدس لك قال أبو جعفر: والتقديس هو التطهير والتعظيم؛ ومنه قولهم: سبوح قدوس، يعني بقولهم سبوح: تنزيه لله؛ وبقولهم قدوس: طهارة له وتعظيم؛ ولذلك قيل للأرض: أرض مقدسة، يعني بذلك المطهرة. فمعنى قول الملائكة إذا ونحن نسبح
- -القول في تأويل قوله تعالى: قال إني أعلم ما لا تعلمون قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك؛ فقال بعضهم: يعني بقوله: أعلم ما لا تعلمون مما اطلع عليه من إبليس، وإضماره المعصية لله وإخفائه الكبر، مما اطلع عليه تبارك وتعالى منه وخفي على ملائكته
- -القول في تأويل قوله تعالى: الأسماء كلها قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في الأسماء التي علمها آدم ثم عرضها على الملائكة
- -القول في تأويل قوله تعالى: ثم عرضهم على الملائكة قال أبو جعفر: قد تقدم ذكرنا التأويل الذي هو أولى بالآية على قراءتنا ورسم مصحفنا، وأن قوله: ثم عرضهم بالدلالة على بني آدم والملائكة أولى منه بالدلالة على أجناس الخلق كلها، وإن كان غير فاسد أن يكون دالا
- -القول في تأويل قوله تعالى: فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء قال أبوجعفر: وتأويل قوله: أنبئوني أخبروني
- -القول في تأويل قوله تعالى: بأسماء هؤلاء
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن كنتم صادقين قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في ذلك
- -القول في تأويل قوله تعالى: قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله جل ذكره عن ملائكته بالأوبة إليه، وتسليم علم ما لم يعلموه له، وتبريهم من أن يعلموا أو يعلم أحد شيئا إلا ما علمه تعالى ذكره. وفي هذه
- -القول في تأويل قوله تعالى: إنك أنت العليم الحكيم قال أبو جعفر: وتأويل ذلك: إنك أنت يا ربنا العليم من غير تعليم بجميع ما قد كان وما وهو كائن، والعالم للغيوب دون جميع خلقك. وذلك أنهم نفوا عن أنفسهم بقولهم: لا علم لنا إلا ما علمتنا أن يكون لهم علم إلا
- -القول في تأويل قوله تعالى: قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون قال أبو جعفر: إن الله جل ثناؤه عرف ملائكته الذين سألوه أن يجعلهم الخلفاء في الأرض ووصفوا أنفسهم بطاعته
- -فأما تأويل قوله: قال يا آدم أنبئهم يقول: أخبر الملائكة. والهاء والميم في قوله: أنبئهم عائدتان على الملائكة، وقوله: بأسمائهم يعني بأسماء الذين عرضهم على الملائكة. والهاء والميم اللتان في أسمائهم كناية عن ذكر هؤلاء التي في قوله: أنبئوني بأسماء
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين قال أبو جعفر: أما قوله: وإذ قلنا فمعطوف على قوله: وإذ قال ربك للملائكة كأنه قال جل ذكره لليهود الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله صلى الله عليه
- -وتأويل قوله: أبى يعني جل ثناؤه بذلك إبليس أنه امتنع من السجود لآدم فلم يسجد له. واستكبر يعني بذلك أنه تعظم وتكبر عن طاعة الله في السجود لآدم. وهذا وإن كان من الله جل ثناؤه خبرا عن إبليس، فإنه تقريع لضربائه من خلق الله الذين يتكبرون عن الخضوع لأمر
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين قال أبو جعفر: وفي هذه الآية دلالة واضحة على صحة قول من قال: إن إبليس أخرج من الجنة بعد الاستكبار عن السجود لآدم، وأسكنها آدم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وكلا منها رغدا حيث شئتما قال أبو جعفر: أما الرغد، فإنه الواسع من العيش، الهنيء الذي لا يعني صاحبه، يقال: أرغد فلان: إذا أصاب واسعا من العيش الهنيء، كما قال امرؤ القيس بن حجر: بينما المرؤ تراه ناعما يأمن الأحداث في عيش
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تقربا هذه الشجرة قال أبو جعفر: والشجر في كلام العرب: كل ما قام على ساق، ومنه قول الله جل ثناؤه: والنجم والشجر يسجدان يعني بالنجم: ما نجم من الأرض من نبت. وبالشجر: ما استقل على ساق. ثم اختلف أهل التأويل في عين
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين قال أبو جعفر: اختلف أهل العربية في تأويل قوله: ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين فقال بعض نحويي الكوفيين: تأويل ذلك: ولا تقربا هذه الشجرة فإنكما إن قربتماها كنتما من الظالمين.
- -وأما تأويل قوله: فتكونا من الظالمين فإنه يعني به فتكونا من المتعدين إلى غير ما أذن لهم وأبيح لهم فيه. وإنما عنى بذلك أنكما إن قربتما هذه الشجرة كنتما على منهاج من تعدى حدودي وعصى أمري واستحل محارمي؛ لأن الظالمين بعضهم أولياء بعض، والله ولي المتقين
- -القول في تأويل قوله تعالى: فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين قال أبو جعفر: اختلف القراء في قراءة ذلك فقرأته عامتهم: فأزلهما بتشديد اللام، بمعنى استزلهما؛ من قولك: زل الرجل في
- -القول في تأويل قوله تعالى: فأخرجهما مما كانا فيه قال أبو جعفر: وأما تأويل قوله: فأخرجهما فإنه يعني: فأخرج الشيطان آدم وزوجته مما كانا، يعني مما كان فيه آدم وزوجته من رغد العيش في الجنة، وسعة نعيمها الذي كانا فيه. وقد بينا أن الله جل ثناؤه إنما
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو قال أبو جعفر: يقال: هبط فلان أرض كذا ووادي كذا: إذا حل ذلك كما قال الشاعر: ما زلت أرمقهم حتى إذا هبطت أيدي الركاب بهم من راكس فلقا وقد أبان هذا القول من الله جل ثناؤه عن صحة ما قلنا من أن المخرج
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولكم في الأرض مستقر قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك. فقال بعضهم بما
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومتاع إلى حين قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك فقال بعضهم: ولكم فيها بلاغ إلى الموت
- -القول في تأويل قوله تعالى. فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون قال أبو جعفر:
- -أما تأويل قوله: فتلقى آدم فقيل إنه أخذ وقبل، وأصله التفعل من اللقاء كما يتلقى الرجل الرجل يستقبله عند قدومه من غيبة أو سفر، فكذلك ذلك في قوله: فتلقى كأنه استقبله فتلقاه بالقبول، حين أوحى إليه، أو أخبر به. فمعنى ذلك إذا: فلقى الله آدم كلمات توبة
- -القول في تأويل قوله تعالى: فتاب عليه قال أبو جعفر: وقوله: فتاب عليه يعني على آدم، والهاء التي في عليه عائدة على آدم، وقوله: فتاب عليه يعني رزقه التوبة من خطيئته. والتوبة معناها الإنابة إلى الله والأوبة إلى طاعته مما يكره من معصيته
- -القول في تأويل قوله تعالى: إنه هو التواب الرحيم قلنا اهبطوا منها جميعا قال أبو جعفر: وتأويل قوله: إنه هو التواب الرحيم أن الله جل ثناؤه هو التواب على من تاب إليه من عباده المذنبين من ذنوبه التارك مجازاته بإنابته إلى طاعته بعد معصيته بما سلف من ذنبه.
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإما يأتينكم مني هدى قال أبو جعفر: وتأويل قوله: فإما يأتينكم فإن يأتكم، وما التي مع إن توكيد للكلام، ولدخولها مع إن أدخلت النون المشددة في يأتينكم تفرقة بدخولها بين ما التي تأتي بمعنى توكيد الكلام التي تسميها أهل العربية
- -القول في تأويل قوله تعالى: مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون قال أبو جعفر: والهدى في هذا الموضع البيان والرشاد
- -وقوله: والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يعني: والذين جحدوا آياتي وكذبوا رسلي، وآيات الله: حججه وأدلته على وحدانيته وربوبيته، وما جاءت به الرسل من الأعلام والشواهد على ذلك، وعلى صدقها فيما أنبأت عن ربها. وقد بينا أن معنى
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون قال أبو جعفر:
- -يعني بقوله جل ثناؤه: يا بني إسرائيل يا ولد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن؛ وكان يعقوب يدعى إسرائيل، بمعنى عبد الله وصفوته من خلقه؛ وإيل هو الله؛ وإسرا: هو العبد، كما قيل جبريل بمعنى عبد الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم قال أبو جعفر: ونعمته التي أنعم بها على بني إسرائيل جل ذكره اصطفاؤه منهم الرسل، وإنزاله عليهم الكتب، واستنقاذه إياهم مما كانوا فيه من البلاء والضراء من فرعون وقومه، إلى التمكين لهم في الأرض،
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم قال أبو جعفر: قد تقدم بياننا معنى العهد فيما مضى من كتابنا هذا واختلاف المختلفين في تأويله والصواب عندنا من القول فيه. وهو في هذا الموضع عهد الله ووصيته التي أخذ على بني إسرائيل في التوراة أن يبينوا
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإياي فارهبون قال أبو جعفر: وتأويل قوله: وإياي فارهبون وإياي فاخشوا، واتقوا أيها المضيعون عهدي من بني إسرائيل والمكذبون رسولي الذي أخذت ميثاقكم فيما أنزلت من الكتب على أنبيائي أن تؤمنوا به وتتبعوه، أن أحل بكم من عقوبتي،
- -القول في تأويل قوله تعالى: وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون قال أبو جعفر:
- -يعني بقوله: آمنوا صدقوا، كما قد قدمنا البيان عنه قبل
- -ويعني بقوله: بما أنزلت ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم من القرآن
- -ويعني بقوله: مصدقا لما معكم أن القرآن مصدق لما مع اليهود من بني إسرائيل من التوراة. فأمرهم بالتصديق بالقرآن، وأخبرهم جل ثناؤه أن في تصديقهم بالقرآن تصديقا منهم للتوراة؛ لأن الذي في القرآن من الأمر بالإقرار بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وتصديقه
- -وقوله: مصدقا قطع من الهاء المتروكة في أنزلت من ذكر ما. ومعنى الكلام: وآمنوا بالذي أنزلته مصدقا لما معكم أيها اليهود. والذي معهم هو التوراة والإنجيل
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تكونوا أول كافر به قال أبو جعفر: فإن قال لنا قائل: كيف قيل: ولا تكونوا أول كافر به والخطاب فيه لجمع وكافر واحد؟ وهل نجيز إن كان ذلك جائزا أن يقول قائل: لا تكونوا أول رجل قام؟ قيل له: إنما يجوز توحيد ما أضيف له أفعل
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإياي فاتقون قال أبو جعفر: يقول: فاتقون في بيعكم آياتي بالخسيس من الثمن، وشرائكم بها القليل من العرض، وكفركم بما أنزلت على رسولي، وجحودكم نبوة نبيه؛ أن أحل بكم ما أحللت بأخلافكم الذين سلكوا سبيلكم من المثلات والنقمات
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون قال أبو جعفر:
- -يعني بقوله: ولا تلبسوا لا تخلطوا، واللبس: هو الخلط، يقال منه: لبست عليهم الأمر ألبسه لبسا: إذا خلطته عليهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وتكتموا الحق وأنتم تعلمون قال أبو جعفر: وفي قوله: وتكتموا الحق وجهان من التأويل: أحدهما أن يكون الله جل ثناؤه نهاهم عن أن يكتموا الحق كما نهاهم أن يلبسوا الحق بالباطل. فيكون تأويل ذلك حينئذ: ولا تلبسوا الحق بالباطل، ولا
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين قال أبو جعفر: ذكر أن أحبار اليهود والمنافقين كانوا يأمرون الناس بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ولا يفعلونه؛ فأمرهم الله بإقام الصلاة مع المسلمين المصدقين بمحمد وبما جاء به وإيتاء
- -القول في تأويل قوله تعالى: أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى البر الذي كان المخاطبون بهذه الآية يأمرون الناس به وينسون أنفسهم، بعد إجماع جميعهم على أن كل طاعة لله فهي تسمى برا
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأنتم تتلون الكتاب قال أبو جعفر: يعني بقوله: تتلون تدرسون وتقرءون
- -القول في تأويل قوله تعالى: أفلا تعقلون قال أبو جعفر: يعني بقوله: أفلا تعقلون أفلا تفقهون وتفهمون قبح ما تأتون من معصيتكم ربكم التي تأمرون الناس بخلافها وتنهونهم عن ركوبها وأنتم راكبوها، وأنتم تعلمون أن الذي عليكم من حق الله وطاعته في اتباع محمد
- -القول في تأويل قوله تعالى: واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين قال أبو جعفر:
- -يعني بقوله جل ثناؤه: واستعينوا بالصبر استعينوا على الوفاء بعهدي الذي عاهدتموني في كتابكم، من طاعتي واتباع أمري، وترك ما تهوونه من الرياسة وحب الدنيا إلى ما تكرهونه من التسليم لأمري، واتباع رسولي محمد صلى الله عليه وسلم، بالصبر عليه والصلاة. وقد قيل
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين
- -يعني بقوله جل ثناؤه: وإنها وإن الصلاة، فالهاء والألف في وإنها عائدتان على الصلاة. وقد قال بعضهم: إن قوله: وإنها بمعنى: إن إجابة محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يجر لذلك بلفظ الإجابة ذكر فتجعل الهاء والألف كناية عنه، وغير جائز ترك الظاهر المفهوم من
- -ويعني بقوله: لكبيرة لشديدة ثقيلة
- -ويعني بقوله: إلا على الخاشعين إلا على الخاضعين لطاعته، الخائفين سطواته، المصدقين بوعده ووعيده
- -القول في تأويل قوله تعالى: الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون قال أبو جعفر: إن قال لنا قائل: وكيف أخبر الله جل ثناؤه عمن قد وصفه بالخشوع له بالطاعة أنه يظن أنه ملاقيه، والظن: شك، والشاك في لقاء الله عندك بالله كافر؟ قيل له: إن العرب قد
- -القول في تأويل قوله تعالى: أنهم ملاقو ربهم قال أبو جعفر: إن قال لنا قائل: وكيف قيل إنهم ملاقو ربهم فأضيف الملاقون إلى الرب جل ثناؤه وقد علمت أن معناه: الذين يظنون أنهم يلقون ربهم؟ وإذا كان المعنى كذلك، فمن كلام العرب ترك الإضافة وإثبات النون،
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأنهم إليه راجعون قال أبو جعفر: والهاء والميم اللتان في قوله: وأنهم من ذكر الخاشعين، والهاء في إليه من ذكر الرب تعالى ذكره في قوله: ملاقو ربهم فتأويل الكلمة: وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين الموقنين أنهم إلى ربهم راجعون.
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين قال أبو جعفر: وتأويل ذلك في هذه الآية نظير تأويله في التي قبلها في قوله: اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي وقد ذكرته هنالك
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأني فضلتكم على العالمين قال أبو جعفر: وهذا أيضا مما ذكرهم جل ثناؤه من آلائه ونعمه عندهم ويعني بقوله: وأني فضلتكم على العالمين أني فضلت أسلافكم، فنسب نعمه على آبائهم وأسلافهم إلى أنها نعم منه عليهم، إذ كانت مآثر الآباء
- -القول في تأويل قوله تعالى: واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون قال أبو جعفر:
- -وتأويل قوله: واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا واتقوا يوما لا تجزي فيه نفس عن نفس شيئا. وجائز أيضا أن يكون تأويله: واتقوا يوما لا تجزيه نفس عن نفس شيئا، كما قال الراجز: قد صبحت صبحها السلام بكبد خالطها سنام في ساعة يحبها الطعام وهو يعني: يحب فيها
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا يقبل منها شفاعة قال أبو جعفر: والشفاعة مصدر من قول الرجل: شفع لي فلان إلى فلان شفاعة، وهو طلبه إليه في قضاء حاجته وإنما قيل للشفيع شفيع وشافع لأنه ثنى المستشفع به فصار له شفعا، فكان ذو الحاجة قبل استشفاعه به في حاجته
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا يؤخذ منها عدل قال أبو جعفر: والعدل في كلام العرب بفتح العين: الفدية
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا هم ينصرون وتأويل قوله: ولا هم ينصرون يعني أنهم يومئذ لا ينصرهم ناصر، كما لا يشفع لهم شافع، ولا يقبل منهم عدل ولا فدية. بطلت هنالك المحاباة واضمحلت الرشا والشفاعات، وارتفع بين القوم التعاون والتناصر، وصار الحكم إلى
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم
- -أما تأويل قوله: وإذ نجيناكم فإنه عطف على قوله: يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي فكأنه قال: اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم، واذكروا إنعامنا عليكم إذ نجيناكم من آل فرعون بإنجائنا لكم منهم. وأما آل فرعون فإنهم أهل دينه وقومه وأشياعه. وأصل آل أهل، أبدلت
- -القول في تأويل قوله تعالى: يسومونكم سوء العذاب وفي قوله: يسومونكم وجهان من التأويل، أحدهما: أن يكون خبرا مستأنفا عن فعل فرعون ببني إسرائيل، فيكون معناه حينئذ: واذكروا نعمتي عليكم إذ نجيتكم من آل فرعون، وكانوا من قبل يسومونكم سوء العذاب. وإذا كان
- -وأما تأويل قوله: يسومونكم فإنه يوردونكم، ويذيقونكم، ويولونكم، يقال منه: سامه خطة ضيم: إذا أولاه ذلك وأذاقه، كما قال الشاعر: إن سيم خسفا وجهه تربدا فأما تأويل قوله: سوء العذاب فإنه يعني: ما ساءهم من العذاب. وقد قال بعضهم: أشد العذاب؛ ولو كان
- -القول في تأويل قوله تعالى: يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم قال أبو جعفر: وأضاف الله جل ثناؤه ما كان من فعل آل فرعون ببني إسرائيل، من سومهم إياهم سوء العذاب وذبحهم أبناءهم واستحيائهم نساءهم، إليهم دون فرعون، وإن كان فعلهم ما فعلوا من ذلك كان بقوة
- -القول في تأويل قوله تعالى: وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم أما قوله: وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم فإنه يعني: وفي الذي فعلنا بكم من إنجائنا إياكم مما كنتم فيه من عذاب آل فرعون إياكم على ما وصفت بلاء لكم من ربكم عظيم. ويعني بقوله بلاء: نعمة
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون
- -أما تأويل قوله: وإذ فرقنا بكم فإنه عطف على: وإذ نجيناكم بمعنى: واذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم، واذكروا إذ نجيناكم من آل فرعون، وإذ فرقنا بكم البحر. ومعنى قوله: فرقنا بكم فصلنا بكم البحر، لأنهم كانوا اثني عشر سبطا، ففرق البحر اثني عشر طريقا،
- -القول في تأويل قوله تعالى: فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون قال أبو جعفر: إن قال لنا قائل: وكيف غرق الله جل ثناؤه آل فرعون، ونجى بني إسرائيل؟
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأ بعضهم: واعدنا بمعنى أن الله تعالى واعد موسى ملاقاة الطور لمناجاته، فكانت المواعدة من الله لموسى، ومن موسى لربه. وكان من
- -القول في تأويل قوله تعالى: موسى
- -القول في تأويل قوله تعالى: أربعين ليلة ومعنى ذلك وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة بتمامها، فالأربعون ليلة كلها داخلة في الميعاد. وقد زعم بعض نحويي البصرة أن معناه: وإذ واعدنا موسى انقضاء أربعين ليلة أي رأس الأربعين، ومثل ذلك بقوله: واسأل القرية وبقولهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون وتأويل قوله: ثم اتخذتم العجل من بعده ثم اتخذتم في أيام مواعدة موسى العجل إلها من بعد أن فارقكم موسى متوجها إلى الموعد. والهاء في قوله من بعده عائدة على ذكر موسى. فأخبر جل ثناؤه المخالفين
- -القول في تأويل قوله تعالى: ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون
- -وتأويل قوله: ثم عفونا عنكم من بعد ذلك يقول: تركنا معاجلتكم بالعقوبة من بعد ذلك، أي من بعد اتخاذكم العجل إلها
- -وأما تأويل قوله: لعلكم تشكرون فإنه يعني به: لتشكروا. ومعنى لعل في هذا الموضع معنى كي، وقد بينت فيما مضى قبل أن أحد معاني لعل كي بما فيه الكفاية عن إعادته في هذا الموضع. فمعنى الكلام إذا: ثم عفونا عنكم من بعد اتخاذكم العجل إلها لتشكروني على عفوي
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون
- -يعني بقوله: وإذ آتينا موسى الكتاب واذكروا أيضا إذ آتينا موسى الكتاب والفرقان. ويعني بالكتاب: التوراة، وبالفرقان: الفصل بين الحق والباطل
- -وأما تأويل قوله: لعلكم تهتدون فنظير تأويل قوله تعالى: لعلكم تشكرون ومعناه لتهتدوا. وكأنه قال: واذكروا أيضا إذ آتينا موسى التوراة التي تفرق بين الحق والباطل لتهتدوا بها وتتبعوا الحق الذي فيها لأني جعلتها كذلك هدى لمن اهتدى بها واتبع ما فيها
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم وتأويل ذلك: واذكروا أيضا إذ قال موسى لقومه من بني إسرائيل: يا قوم إنكم ظلمتم
- -وأما معنى قوله: فتوبوا إلى بارئكم فإنه يعني به: ارجعوا إلى طاعة خالقكم وإلى ما يرضيه عنكم
- -وأما قوله: ذلكم خير لكم عند بارئكم فإنه يعني بذلك توبتكم بقتلكم أنفسكم وطاعتكم ربكم خير لكم عند بارئكم؛ لأنكم تنجون بذلك من عقاب الله في الآخرة على ذنبكم، وتستوجبون به الثواب منه
- -وقوله: فتاب عليكم أي بما فعلتم مما أمركم به من قتل بعضكم بعضا. وهذا من المحذوف الذي استغنى بالظاهر منه عن المتروك، لأن معنى الكلام: فتوبوا إلى بارئكم، فاقتلوا أنفسكم، ذلكم خير لكم عند بارئكم، فتبتم فتاب عليكم. فترك ذكر قوله فتبتم إذ كان في قوله:
- -قوله: إنه هو التواب الرحيم يعني الراجع لمن أناب إليه بطاعته إلى ما يحب من العفو عنه. ويعني بالرحيم: العائد إليه برحمته المنجية من عقوبته
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون وتأويل ذلك: واذكروا أيضا إذ قلتم: يا موسى لن نصدقك ولن نقر بما جئتنا به حتى نرى الله جهرة عيانا، برفع الساتر بيننا وبينه، وكشف الغطاء دوننا ودونه
- -القول في تأويل قوله تعالى: فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون اختلف أهل التأويل في صفة الصاعقة التي أخذتهم
- -ويعني بقوله: وأنتم تنظرون وأنتم تنظرون إلى الصاعقة التي أصابتكم، يقول: أخذتكم الصاعقة عيانا جهارا وأنتم تنظرون إليها
- -القول في تأويل قوله تعالى: ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون
- -يعني بقوله: ثم بعثناكم ثم أحييناكم وأصل البعث: إثارة الشيء من محله، ومنه قيل: بعث فلان راحلته: إذا أثارها من مبركها للسير كما قال الشاعر: فأبعثها وهي صنيع حول كركن الرعن ذعلبة وقاحا والرعن: منقطع أنف الجبل، والذعلبة: الخفيفة، والوقاح، الشديدة
- -ويعني بقوله: من بعد موتكم من بعد موتكم بالصاعقة التي أهلكتكم
- -وقوله: لعلكم تشكرون يقول: فعلنا بكم ذلك لتشكروني على ما أوليتكم من نعمتي عليكم بإحيائي إياكم استبقاء مني لكم لتراجعوا التوبة من عظيم ذنبكم بعد إحلالي العقوبة بكم بالصاعقة التي أحللتها بكم، فأماتتكم بعظيم خطئكم الذي كان منكم فيما بينكم وبين ربكم. وهذا
- -القول في تأويل قوله تعالى: وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون
- -وظللنا عليكم عطف على قوله: ثم بعثناكم من بعد موتكم فتأويل الآية: ثم بعثناكم من بعد موتكم، وظللنا عليكم الغمام، وعدد عليهم سائر ما أنعم به عليهم لعلكم تشكرون. والغمام جمع غمامة كما السحاب جمع سحابة، والغمام هو ما غم السماء فألبسها من سحاب وقتام وغير
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأنزلنا عليكم المن اختلف أهل التأويل في صفة المن
- -القول في تأويل قوله تعالى: والسلوى والسلوى: اسم طائر يشبه السمانى، واحده وجماعه بلفظ واحد، كذلك السمانى لفظ جماعها وواحدها سواء. وقد قيل: إن واحدة السلوى سلواة
- -القول في تأويل قوله تعالى: كلوا من طيبات ما رزقناكم وهذا مما استغنى بدلالة ظاهرة على ما ترك منه، وذلك أن تأويل الآية: وظللنا عليكم الغمام، وأنزلنا عليكم المن والسلوى، وقلنا لكم: كلوا من طيبات ما رزقناكم. فترك ذكر قوله: وقلنا لكم لما بينا من دلالة
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون وهذا أيضا من الذي استغنى بدلالة ظاهره على ما ترك منه. وذلك أن معنى الكلام: كلوا من طيبات ما رزقناكم، فخالفوا ما أمرناهم به وعصوا ربهم ثم رسولنا إليهم، وما ظلمونا. فاكتفى بما ظهر عما ترك
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين والقرية التي أمرهم الله جل ثناؤه أن يدخلوها، فيأكلوا منها رغدا حيث شاءوا فيما ذكر لنا: بيت المقدس
- -القول في تأويل قوله تعالى: فكلوا منها حيث شئتم رغدا يعني بذلك: فكلوا من هذه القرية حيث شئتم عيشا هنيا واسعا بغير حساب. وقد بينا معنى الرغد فيما مضى من كتابنا، وذكرنا أقوال أهل التأويل فيه
- -القول في تأويل قوله تعالى: وادخلوا الباب سجدا أما الباب الذي أمروا أن يدخلوه، فإنه قيل: هو باب الحطة من بيت المقدس
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقولوا حطة وتأويل قوله: حطة فعلة، من قول القائل: حط الله عنك خطاياك فهو يحطها حطة، بمنزلة الردة والحدة والمدة من رددت وحددت ومددت. واختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم بنحو الذي قلنا في ذلك
- -القول في تأويل قوله تعالى: نغفر لكم يعني بقوله: نغفر لكم نتغمد لكم بالرحمة خطاياكم ونسترها عليكم، فلا نفضحكم بالعقوبة عليها. وأصل الغفر: التغطية والستر، فكل ساتر شيئا فهو غافره ومن ذلك قيل للبيضة من الحديد التي تتخذ جنة للرأس مغفر، لأنها تغطي
- -القول في تأويل قوله تعالى: خطاياكم والخطايا جمع خطية بغير همز كما المطايا جمع مطية، والحشايا جمع حشية. وإنما ترك جمع الخطايا بالهمز، لأن ترك الهمز في خطيئة أكثر من الهمز، فجمع على خطايا، على أن واحدتها غير مهموزة. ولو كانت الخطايا مجموعة على خطيئة
- -القول في تأويل قوله تعالى: وسنزيد المحسنين وتأويل ذلك ما روي لنا عن ابن عباس
- -القول في تأويل قوله تعالى: فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون
- -وتأويل قوله: فبدل فغير
- -ويعني بقوله: الذين ظلموا الذين فعلوا ما لم يكن لهم فعله
- -ويعني بقوله: قولا غير الذي قيل لهم بدلوا قولا غير الذي أمروا أن يقولوه فقالوا خلافه، وذلك هو التبديل والتغيير الذي كان منهم. وكان تبديلهم، بالقول الذي أمروا أن يقولوه، قولا غيره
- -القول في تأويل قوله تعالى: فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء يعني بقوله: فأنزلنا على الذين ظلموا على الذين فعلوا ما لم يكن لهم فعله من تبديلهم القول، الذي أمرهم الله جل وعز أن يقولوه، قولا غيره، ومعصيتهم إياه فيما أمرهم به وبركوبهم ما قد نهاهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: بما كانوا يفسقون وقد دللنا فيما مضى من كتابنا هذا على أن معنى الفسق: الخروج من الشيء. فتأويل قوله: بما كانوا يفسقون إذا بما كانوا يتركون طاعة الله عز وجل، فيخرجون عنها إلى معصيته وخلاف أمره
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين
- -يعني بقوله: وإذ استسقى موسى لقومه وإذ استسقانا موسى لقومه: أي سألنا أن نسقي قومه ماء. فترك ذكر المسئول ذلك، والمعنى الذي سأل موسى، إذ كان فيما ذكر من الكلام الظاهر دلالة على معنى ما ترك
- -وكذلك قوله: فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا مما استغنى بدلالة الظاهر على المتروك منه. وذلك أن معنى الكلام، فقلنا: اضرب بعصاك الحجر، فضربه فانفجرت. فترك ذكر الخبر عن ضرب موسى الحجر، إذ كان فيما ذكر دلالة على المراد منه. وكذلك
- -وأما قوله: قد علم كل أناس مشربهم فإنما أخبر الله عنهم بذلك، لأن معناهم في الذي أخرج الله جل وعز لهم من الحجر الذي وصف جل ذكره في هذه الآية صفته من الشرب كان مخالفا معاني سائر الخلق فيما أخرج الله لهم من المياه من الجبال والأرضين التي لا مالك لها سوى
- -القول في تأويل قوله تعالى: كلوا واشربوا من رزق الله وهذا أيضا مما استغنى بذكر ما هو ظاهر منه عن ذكره ما ترك ذكره. وذلك أن تأويل الكلام: فقلنا اضرب بعصاك الحجر فضربه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، قد علم كل أناس مشربهم، فقيل لهم: كلوا واشربوا من رزق
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تعثوا في الأرض مفسدين يعني بقوله: ولا تعثوا لا تطغوا، ولا تسعوا في الأرض مفسدين
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من
- -القول في تأويل قوله تعالى: قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير يعني بقوله: قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير قال لهم موسى: أتأخذون الذي هو أخس خطرا وقيمة وقدرا من العيش، بدلا بالذي هو خير منه خطرا وقيمة وقدرا. وذلك كان استبدالهم. وأصل
- -القول في تأويل قوله تعالى: اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وتأويل ذلك: فدعا موسى فاستجبنا له، فقلنا لهم: اهبطوا مصرا. وهو من المحذوف الذي اجتزئ بدلالة ظاهره على ذكر ما حذف وترك منه. وقد دللنا فيما مضى على أن معنى الهبوط إلى المكان إنما هو النزول إليه
- -القول في تأويل قوله تعالى: وضربت عليهم الذلة والمسكنة قال أبو جعفر: يعني بقوله: وضربت أي فرضت. ووضعت عليهم الذلة وألزموها؛ من قول القائل: ضرب الإمام الجزية على أهل الذمة. وضرب الرجل على عبده الخراج؛ يعني بذلك وضعه فألزمه إياه، ومن قولهم: ضرب
- -القول في تأويل قوله تعالى: وباءوا بغضب من الله قال أبو جعفر: يعني بقوله: وباءوا بغضب من الله انصرفوا ورجعوا، ولا يقال باءوا إلا موصولا إما بخير وإما بشر، يقال منه: باء فلان بذنبه يبوء به بوءا وبواء. ومنه قول الله عز وجل إني أريد أن تبوء بإثمي
- -القول في تأويل قوله تعالى: ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: ذلك ضرب الذلة والمسكنة عليهم، وإحلاله غضبه بهم. فدل بقوله: ذلك، وهي يعني به ما وصفنا على أن قول القائل ذلك يشمل المعاني
- -القول في تأويل قوله تعالى: ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون وقوله: ذلك رد على ذلك الأولى. ومعنى الكلام: وضربت عليهم الذلة والمسكنة، وباءوا بغضب من الله، من أجل كفرهم بآيات الله، وقتلهم النبيين بغير الحق، من أجل عصيانهم ربهم، واعتدائهم حدوده؛ فقال جل
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون قال أبو جعفر: أما الذين آمنوا فهم المصدقون رسول الله فيما أتاهم به من الحق من عند الله،
- -القول في تأويل قوله تعالى: والنصارى قال أبو جعفر: والنصارى جمع، واحدهم نصران، كما واحد سكارى سكران، وواحد النشاوى نشوان. وكذلك جمع كل نعت كان واحده على فعلان، فإن جمعه على فعالى؛ إلا أن المستفيض من كلام العرب في واحد النصارى نصراني. وقد حكي عنهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: والصابئين قال أبو جعفر: والصابئون جمع صابئ، وهو المستحدث سوى دينه دينا، كالمرتد من أهل الإسلام عن دينه وكل خارج من دين كان عليه إلى آخر غيره تسميه العرب صابئا، يقال منه: صبأ فلان يصبأ صبأ، ويقال: صبأت النجوم: إذا طلعت
- -القول في تأويل قوله تعالى: من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم قال أبو جعفر: يعني بقوله: من آمن بالله واليوم الآخر من صدق وأقر بالبعث بعد الممات يوم القيامة وعمل صالحا فأطاع الله، فلهم أجرهم عند ربهم، يعني بقوله: فلهم أجرهم عند
- -وأما قوله: ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون فإنه يعني به جل ذكره: ولا خوف عليهم فيما قدموا عليه من أهوال القيامة، ولا هم يحزنون على ما خلفوا وراءهم من الدنيا وعيشها عند معاينتهم ما أعد الله لهم من الثواب والنعيم المقيم عنده. ذكر من قال عني بقوله: من آمن
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون قال أبو جعفر: الميثاق: المفعال من الوثيقة إما بيمين، وإما بعهد أو غير ذلك من الوثائق
- -ويعني بقوله: وإذ أخذنا ميثاقكم الميثاق الذي أخبر جل ثناؤه أنه أخذ منهم في قوله: وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا الآيات الذي ذكر معها
- -القول في تأويل قوله تعالى: ورفعنا فوقكم الطور قال أبو جعفر: وأما الطور فإنه الجبل في كلام العرب، ومنه قول العجاج: دانى جناحيه من الطور فمر تقضي البازي إذا البازي كسر وقيل إنه اسم جبل بعينه. وذكر أنه الجبل الذي ناجى الله عليه موسى. وقيل: إنه من
- -القول في تأويل قوله تعالى: خذوا ما آتيناكم بقوة قال أبو جعفر: اختلف أهل العربية في تأويل ذلك، فقال بعض نحويي أهل البصرة: هو مما استغني بدلالة الظاهر المذكور عما ترك ذكره له، وذلك أن معنى الكلام: ورفعنا فوقكم الطور وقلنا لكم خذوا ما آتيناكم بقوة،
- -القول في تأويل قوله تعالى: واذكروا ما فيه لعلكم تتقون قال أبو جعفر: يعني: واذكروا ما فيما آتيناكم من كتابنا من وعد ووعيد شديد وترغيب وترهيب، فاتلوه واعتبروا به وتدبروه إذا فعلتم ذلك كي تتقوا وتخافوا عقابي بإصراركم على ضلالكم فتنتهوا إلى طاعتي وتنزعوا
- -القول في تأويل قوله تعالى: ثم توليتم من بعد ذلك فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين قال أبو جعفر:
- -يعني بقوله جل ثناؤه ثم توليتم ثم أعرضتم. وإنما هو تفعلتم من قولهم: ولاني فلان دبره: إذا استدبر عنه وخلفه خلف ظهره، ثم يستعمل ذلك في كل تارك طاعة أمر بها عز وجل معرض بوجهه، يقال: قد تولى فلان عن طاعة فلان، وتولى عن مواصلته، ومنه قول الله جل ثناؤه
- -القول في تأويل قوله تعالى: فلولا فضل الله عليكم ورحمته قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ذكره: فلولا فضل الله عليكم فلولا أن الله تفضل عليكم بالتوبة بعد نكثكم الميثاق الذي واثقتموه، إذ رفع فوقكم الطور، بأنكم تجتهدون في طاعته، وأداء فرائضه، والقيام بما
- -القول في تأويل قوله تعالى: لكنتم من الخاسرين قال أبو جعفر: فلولا فضل الله عليكم ورحمته إياكم بإنقاذه إياكم بالتوبة عليكم من خطيئتكم وجرمكم، لكنتم الباخسين أنفسكم حظوظها دائما، الهالكين بما اجترمتم من نقض ميثاقكم وخلافكم أمره وطاعته. وقد تقدم بياننا
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين
- -يعني بقوله: ولقد علمتم ولقد عرفتم، كقولك: قد علمت أخاك ولم أكن أعلمه، يعني عرفته ولم أكن أعرفه، كما قال جل ثناؤه: وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم يعني: لا تعرفونهم الله يعرفهم. وقوله: الذين اعتدوا منكم في السبت أي الذين تجاوزوا حدي
- -القول في تأويل قوله تعالى: فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين يعني بقوله: فقلنا لهم أي فقلنا للذين اعتدوا في السبت؛ يعني في يوم السبت. وأصل السبت الهدو السكون في راحة ودعة، ولذلك قيل للنائم مسبوت لهدوه وسكون جسده واستراحته، كما قال جل ثناؤه: وجعلنا نومكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين اختلف أهل التأويل في تأويل الهاء والألف في قوله: فجعلناها وعلام هي عائدة، فروي عن ابن عباس فيها قولان
- -القول في تأويل قوله تعالى: نكالا والنكال مصدر من قول القائل: نكل فلان بفلان تنكيلا ونكالا، وأصل النكال: العقوبة كما قال عدي بن زيد العبادي: لا يحط الضليل ما صنع ال عبد ولا في نكاله تنكير وبمثل الذي قلنا في ذلك روي الخبر عن ابن عباس
- -القول في تأويل قوله تعالى: لما بين يديها وما خلفها اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك
- -القول في تأويل قوله تعالى: وموعظة والموعظة مصدر من قول القائل: وعظت الرجل أعظه وعظا وموعظة: إذا ذكرته فتأويل الآية: فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها، وتذكرة للمتقين، ليتعظوا بها، ويعتبروا، ويتذكروا بها
- -القول في تأويل قوله تعالى للمتقين وأما المتقون فهم الذين اتقوا بأداء فرائضه واجتناب معاصيه
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون وهذه الآية مما وبخ
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا بكر والبكر من إناث البهائم وبني آدم ما لم يفتحله الفحل، وهي مكسورة الباء لم يسمع منه فعل ولا يفعل. وأما البكر بفتح الباء فهو الفتى من الإبل. وإنما عنى جل ثناؤه بقوله ولا بكر ولا صغيرة لم تلد
- -القول في تأويل قوله تعالى: عوان قال أبو جعفر: العوان: النصف التي قد ولدت بطنا بعد بطن، وليست بنعت للبكر، يقال منه: قد عونت إذا صارت كذلك. وإنما معنى الكلام أنه يقول: إنها بقرة لا فارض ولا بكر بل عوان بين ذلك. ولا يجوز أن يكون عوان إلا مبتدأ،
- -القول في تأويل قوله تعالى: بين ذلك يعني بقوله: بين ذلك بين البكر والهرمة
- -القول في تأويل قوله تعالى. فافعلوا ما تؤمرون يقول الله لهم جل ثناؤه: افعلوا ما آمركم به تدركوا حاجاتكم وطلباتكم عندي، واذبحوا البقرة التي أمرتكم بذبحها، تصلوا بانتهائكم إلى طاعتي بذبحها إلى العلم بقاتل قتيلكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين ومعنى ذلك قال قوم موسى لموسى: قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها أي لون البقرة التي أمرتنا بذبحها. وهذا أيضا تعنت آخر منهم بعد الأول،
- -قال: ومعنى قوله: يبين لنا ما لونها أي شيء لونها، فلذلك كان اللون مرفوعا، لأنه مرفوع ما وإنما لم ينصب ما بقوله يبين لنا، لأن أصل أي وما جمع متفرق الاستفهام. يقول القائل: بين لنا أسوداء هذه البقرة أم صفراء؟ فلما لم يكن لقوله بين لنا ارتفع على
- -واختلف أهل التأويل في معنى قوله: صفراء فقال بعضهم: معنى ذلك سوداء شديدة السواد
- -القول في تأويل قوله تعالى: فاقع لونها يعني خالص لونها، والفقوع في الصفر نظير النصوع في البياض، وهو شدته وصفاؤه
- -القول في تأويل قوله تعالى: تسر الناظرين يعني بقوله: تسر الناظرين تعجب هذه البقرة في حسن خلقها ومنظرها وهيئتها الناظر إليها
- -القول في تأويل قوله تعالى: قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون قال أبو جعفر:
- -يعني بقوله: قالوا قال قوم موسى الذين أمروا بذبح البقرة لموسى. فترك ذكر موسى وذكر عائد ذكره اكتفاء بما دل عليه ظاهر الكلام. وذلك أن معنى الكلام: قالوا له: ادع ربك، فلم يذكر له لما وصفنا. وقوله: يبين لنا ما هي خير من الله عن القوم بجهلة منهم ثالثة
- -وأما قوله: إن البقر تشابه علينا فإن البقر جماع بقرة. وقد قرأ بعضهم: " إن الباقر " وذلك وإن كان في الكلام جائزا لمجيئه في كلام العرب وأشعارها، كما قال ميمون بن قيس: وما ذنبه إن عافت الماء باقر وما إن تعاف الماء إلا ليضربا وكما قال أمية: ويسوقون باقر
- -وأما تأويل: تشابه علينا فإنه يعني به: التبس علينا. والقراء مختلفة في تلاوته، فبعضهم كانوا يتلونه: تشابه علينا، بتخفيف الشيء ونصب الهاء على مثال تفاعل، ويذكر الفعل وإن كان البقر جماعا، لأن من شأن العرب تذكير كل فعل جمع كانت وحدانه بالهاء وجمعه
- -وأما قوله: وإنا إن شاء الله لمهتدون فإنهم عنوا: وإنا إن شاء الله لمبين لنا ما التبس علينا وتشابه من أمر البقرة التي أمرنا بذبحها. ومعنى اهتدائهم في هذا الموضع معنى تبينهم أي ذلك الذي لزمهم ذبحه مما سواه من أجناس البقر
- -القول في تأويل قوله تعالى: قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون وتأويل ذلك، قال موسى: إن الله يقول. إن البقرة التي أمرتكم بذبحها بقرة لا ذلول
- -ويعني بقوله: لا ذلول أي لم يذللها العمل. فمعنى الآية: أنها بقرة لم تذللها إثارة الأرض بأظلافها، ولا سني عليها الماء فيسقى عليها الزرع، كما يقال للدابة التي قد ذللها الركوب أو العمل: دابة ذلول بينة الذل، بكسر الذال، ويقال في مثله من بني آدم: رجل
- -ويعني بقوله: تثير الأرض تقلب الأرض للحرث، يقال منه: أثرت الأرض أثيرها إثارة: إذا قلبتها للزرع. وإنما وصفها جل ثناؤه بهذه الصفة لأنها كانت فيما قيل وحشية
- -القول في تأويل قوله تعالى: مسلمة ومعنى مسلمة مفعلة من السلامة، يقال منه: سلمت تسلم فهي مسلمة ثم اختلف أهل التأويل في المعنى الذي سلمت منه، فوصفها الله بالسلامة منه
- -القول في تأويل قوله تعالى: لا شية فيها يعني بقوله: لا شية فيها لا لون فيها يخالف لون جلدها. وأصله من وشي الثوب، وهو تحسين عيوبه التي تكون فيه بضروب مختلفة من ألوان سداه ولحمته، يقال منه: وشيت الثوب فأنا أشيه شية ووشيا. ومنه قيل للساعي بالرجل إلى
- -القول في تأويل قوله تعالى: قالوا الآن جئت بالحق اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: قالوا الآن جئت بالحق فقال بعضهم: معنى ذلك: الآن بينت لنا الحق فتبيناه، وعرفنا أية بقرة عينت. وممن قال ذلك قتادة
- -القول في تأويل قوله تعالى: فذبحوها وما كادوا يفعلون يعني بقوله: فذبحوها فذبح قوم موسى البقرة التي وصفها الله لهم وأمرهم بذبحها. ويعني بقوله: وما كادوا يفعلون أي قاربوا أن يدعوا ذبحها، ويتركوا فرض الله عليهم في ذلك. ثم اختلف أهل التأويل في السبب
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون
- -يعني بقوله جل ثناؤه: وإذ قتلتم نفسا واذكروا يا بني إسرائيل إذ قتلتم نفسا. والنفس التي قتلوها هي النفس التي ذكرنا قصتها في تأويل قوله وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة وقوله: فادارأتم فيها يعني فاختلفتم وتنازعتم، وإنما هو فتدارأتم فيها
- -القول في تأويل قوله تعالى: والله مخرج ما كنتم تكتمون ويعني بقوله: والله مخرج ما كنتم تكتمون والله معلن ما كنتم تسرونه من قتل القتيل الذي قتلتم ثم ادارأتم فيه. ومعنى الإخراج في هذا الموضع: الإظهار والإعلان لمن خفي ذلك عنه وإطلاعهم عليه، كما قال الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون
- -يعني جل ذكره بقوله: فقلنا لقوم موسى الذين ادارءوا في القتيل الذي قد تقدم وصفنا أمره: اضربوا القتيل. والهاء التي في قوله: اضربوه من ذكر القتيل ببعضها أي ببعض البقرة التي أمرهم الله بذبحها فذبحوها. ثم اختلف العلماء في البعض الذي ضرب به القتيل من
- -القول في تأويل قوله تعالى: كذلك يحيي الله الموتى وقوله: كذلك يحيي الله الموتى مخاطبة من الله عباده المؤمنين، واحتجاج منه على المشركين المكذبين بالبعث، وأمرهم بالاعتبار بما كان منه جل ثناؤه من إحياء قتيل بني إسرائيل بعد مماته في الدنيا، فقال لهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: ويريكم آياته لعلكم تعقلون يعني جل ذكره: ويريكم الله أيها الكافرون المكذبون بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من عند الله من آياته، وآياته: أعلامه وحججه الدالة على نبوته، لتعقلوا وتفهموا أنه محق صادق فتؤمنوا به وتتبعوه
- -القول في تأويل قوله تعالى: ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون يعني بذلك كفار بني إسرائيل، وهم فيما ذكر بنو
- -ويعني بقوله: من بعد ذلك من بعد أن أحيا المقتول لهم الذي ادارءوا في قتله. فأخبرهم بقاتله وما السبب الذي من أجله قتله كما قد وصفنا قبل على ما جاءت الآثار والأخبار وفصل الله تعالى ذكره بخبره بين المحق منهم والمبطل. وكانت قساوة قلوبهم التي وصفهم الله بها
- -القول في تأويل قوله تعالى: فهي كالحجارة أو أشد قسوة يعني بقوله: فهي قلوبكم. يقول: ثم صلبت قلوبكم بعد إذ رأيتم الحق فتبينتموه وعرفتموه عن الخضوع له والإذعان لواجب حق الله عليكم، فقلوبكم كالحجارة صلابة ويبسا وغلظا وشدة، أو أشد صلابة؛ يعني قلوبكم عن
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار يعني بقوله جل ذكره: وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن من الحجارة حجارة يتفجر منها الماء الذي تكون منه الأنهار، فاستغنى بذكر الماء عن ذكر الأنهار، وإنما ذكر فقال منه للفظ ما
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء يعني بقوله جل ثناؤه وإن من الحجارة لحجارة تشقق. وتشققها: تصدعها. وإنما هي: لما يتشقق، ولكن التاء أدغمت في الشين فصارت شينا مشددة. وقوله: فيخرج منه الماء فيكون عينا نابعة وأنهارا جارية
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن منها لما يهبط من خشية الله قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وإن من الحجارة لما يهبط: أي يتردى من رأس الجبل إلى الأرض والسفح من خوف الله وخشيته. وقد دللنا على معنى الهبوط فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما الله بغافل عما تعملون يعني بقوله: وما الله بغافل عما تعملون وما الله بغافل يا معشر المكذبين بآياته والجاحدين نبوة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، والمتقولين عليه الأباطيل من بني إسرائيل وأحبار اليهود، عما تعملون من
- -القول في تأويل قوله تعالى: أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون
- -يعني بقوله جل ثناؤه: أفتطمعون يا أصحاب محمد، أي أفترجون يا معشر المؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم والمصدقين ما جاءكم به من عند الله أن يؤمن لكم يهود بني إسرائيل؟
- -ويعني بقوله: أن يؤمنوا لكم أن يصدقوكم بما جاءكم به نبيكم صلى الله عليه وسلم محمد من عند ربكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقد كان فريق منهم قال أبو جعفر: أما الفريق فجمع كالطائفة لا واحد له من لفظه، وهو فعيل من التفرق سمي به الجماع كما سميت الجماعة بالحزب من التحزب وما أشبه ذلك ومنه قول أعشى بني ثعلبة: أجدوا فلما خفت أن يتفرقوا فريقين منهم
- -يعني بقوله: منهم من بني إسرائيل وإنما جعل الله الذين كانوا على عهد موسى ومن بعدهم من بني إسرائيل من اليهود الذين قال الله لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: أفتطمعون أن يؤمنوا لكم لأنهم كانوا آباءهم وأسلافهم، فجعلهم منهم إذ كانوا عشائرهم وفرطهم وأسلافهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون اختلف أهل التأويل في الذين عنى الله بقوله: وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون
- -ويعني بقوله: ثم يحرفونه ثم يبدلون معناه، وتأويله: ويغيرونه. وأصله من انحراف الشيء عن جهته، وهو ميله عنها إلى غيرها. فكذلك قوله: يحرفونه أي يميلونه عن وجهه، ومعناه الذي هو معناه إلى غيره. فأخبر الله جل ثناؤه أنهم فعلوا ما فعلوا من ذلك على علم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون
- -أما قوله: وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا فإنه خبر من الله جل ذكره عن الذين أيأس أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من إيمانهم من يهود بني إسرائيل الذين كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون، وهم الذين إذا لقوا الذين آمنوا
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم
- -يعني بقوله: وإذا خلا بعضهم إلى بعض أي إذا خلا بعض هؤلاء اليهود الذين وصف الله صفتهم إلى بعض منهم فصاروا في خلاء من الناس غيرهم، وذلك هو الموضع الذي ليس فيه غيرهم، قالوا، يعني قال بعضهم لبعض: أتحدثونهم بما فتح الله عليكم؟
- -ثم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: بما فتح الله عليكم
- -وقوله: أفلا تعقلون خبر من الله تعالى ذكره عن اليهود اللائمين إخوانهم على ما أخبروا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فتح الله لهم عليهم أنهم قالوا لهم: أفلا تفقهون أيها القوم وتعقلون أن إخباركم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بما في كتبكم أنه نبي
- -القول في تأويل قوله تعالى: أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون
- -يعني بقوله جل ثناؤه: أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون أولا يعلم هؤلاء اللائمون من اليهود إخوانهم من أهل ملتهم، على كونهم إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا، وعلى إخبارهم المؤمنين بما في كتبهم من نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومبعثه،
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون
- -يعني بقوله جل ثناؤه: ومنهم أميون ومن هؤلاء اليهود الذين قص الله قصصهم في هذه الآيات، وأيأس أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من إيمانهم، فقال لهم: أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم إذا لقوكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: لا يعلمون الكتاب إلا أماني يعني بقوله: لا يعلمون الكتاب لا يعلمون ما في الكتاب الذي أنزله الله ولا يدرون ما أودعه الله من حدوده وأحكامه وفرائضه كهيئة البهائم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن هم إلا يظنون يعني بقوله جل ثناؤه: وإن هم إلا يظنون وما هم كما قال جل ثناؤه: قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم يعني بذلك: ما نحن إلا بشر مثلكم. ومعنى قوله: إلا يظنون لا يشكون ولا يعلمون حقيقته وصحته، والظن في هذا
- -القول في تأويل قوله تعالى: فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون
- -اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: فويل
- -القول في تأويل قوله تعالى: للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا يعني بذلك: الذين حرفوا كتاب الله من يهود بني إسرائيل، وكتبوا كتابا على ما تأولوه من تأويلاتهم مخالفا لما أنزل الله على نبيه موسى صلى الله عليه وسلم
- -القول في تأويل قوله تعالى: فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون يعني جل ثناؤه بقوله: فويل لهم مما كتبت أيديهم أي فالعذاب في الوادي السائل من صديد أهل النار في أسفل جهنم لهم، يعني للذين يكتبون الكتاب الذي وصفنا أمره من يهود بني إسرائيل محرفا،
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون
- -يعني بقوله: وقالوا اليهود، يقول: وقالت اليهود: لن تمسنا النار يعني لن تلاقي أجسامنا النار، ولن ندخلها إلا أياما معدودة. وإنما قيل معدودة وإن لم يكن مبينا عددها في التنزيل؛ لأن الله جل ثناؤه أخبر عنهم بذلك وهم عارفون عدد الأيام التي يوقتونها لمكثهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون قال أبو جعفر: لما قالت اليهود ما قالت من قولها: لن تمسنا النار إلا أياما معدودة على ما قد بينا من تأويل ذلك، قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم
- -القول في تأويل قوله تعالى: بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون
- -وقوله: بلى من كسب سيئة تكذيب من الله القائلين من اليهود: لن تمسنا النار إلا أياما معدودة وإخبار منه لهم أنه يعذب من أشرك وكفر به وبرسله وأحاطت به ذنوبه فمخلده في النار؛ فإن الجنة لا يسكنها إلا أهل الإيمان به وبرسوله، وأهل الطاعة له، والقائمون بحدوده
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأحاطت به خطيئته يعني بقوله جل ثناؤه: وأحاطت به خطيئته اجتمعت عليه فمات عليها قبل الإنابة والتوبة منها. وأصل الإحاطة بالشيء: الإحداق به بمنزلة الحائط الذي تحاط به الدار فتحدق به، ومنه قول الله جل ثناؤه: نارا أحاط بهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يعني بقوله جل ثناؤه: فأولئك الذين كسبوا السيئات وأحاطت بهم خطيئاتهم أصحاب النار هم فيها خالدون. ويعني بقوله جل ثناؤه: أصحاب النار أهل النار؛ وإنما جعلهم لها أصحابا لإيثارهم في حياتهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون
- -ويعني بقوله: والذين آمنوا أي صدقوا بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم
- -ويعني بقوله: وعملوا الصالحات أطاعوا الله فأقاموا حدوده، وأدوا فرائضه، واجتنبوا محارمه
- -ويعني بقوله: أولئك الذين هم كذلك
- -أصحاب الجنة هم فيها خالدون يعني أهلها الذين هم أهلها هم فيها خالدون مقيمون أبدا. وإنما هذه الآية والتي قبلها إخبار من الله عباده عن بقاء النار وبقاء أهلها فيها، ودوام ما أعد في كل واحدة منهما لأهلها، تكذيبا من الله جل ثناؤه القائلين من يهود بني
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون قد دللنا فيما مضى من كتابنا هذا على أن الميثاق
- -القول في تأويل قوله تعالى: وبالوالدين إحسانا وقوله جل ثناؤه: وبالوالدين إحسانا عطف على موضع أن المحذوفة في لا تعبدون إلا الله، فكان معنى الكلام: وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل بأن لا تعبدوا إلا الله وبالوالدين إحسانا، فرفع لا تعبدون لما حذف أن، ثم عطف
- -القول في تأويل قوله تعالى: وذي القربى واليتامى والمساكين يعني بقوله: وذي القربى وبذي القربى أن يصلوا قرابته منهم ورحمه والقربى مصدر على تقدير فعلى من قولك: قربت مني رحم فلان قرابة وقربى وقربا بمعنى واحد وأما اليتامى فهم جمع يتيم، مثل أسير وأسارى؛
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقولوا للناس حسنا إن قال قائل: كيف قيل: وقولوا للناس حسنا فأخرج الكلام أمرا ولما يتقدمه أمر، بل الكلام جار من أول الآية مجرى الخبر؟ قيل: إن الكلام وإن كان قد جرى في أول الآية مجرى الخبر فإنه مما يحسن في موضعه الخطاب
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأقيموا الصلاة يعني بقوله: وأقيموا الصلاة أدوها بحقوقها الواجبة عليكم فيها
- -القول في تأويل قوله تعالى: وآتوا الزكاة قد بينا فيما مضى قبل معنى الزكاة وما أصلها. وأما الزكاة التي كان الله أمر بها بني إسرائيل الذين ذكر أمرهم في هذه الآية
- -القول في تأويل قوله تعالى: ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن يهود بني إسرائيل أنهم نكثوا عهده ونقضوا ميثاقه، بعدما أخذ الله ميثاقهم على الوفاء له بأن لا يعبدوا غيره، وأن يحسنوا إلى الآباء والأمهات، ويصلوا الأرحام،
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون قال أبو جعفر:
- -قوله: وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم في المعنى والإعراب نظير قوله: وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وأما سفك الدم، فإنه صبه وإراقته. فإن قال قائل: وما معنى قوله: لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم وقال: أوكان القوم
- -القول في تأويل قوله تعالى: ثم أقررتم يعني بقوله: ثم أقررتم بالميثاق الذي أخذنا عليكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأنتم تشهدون اختلف أهل التأويل فيمن خوطب بقوله وأنتم تشهدون فقال بعضهم: ذلك خطاب من الله تعالى ذكره لليهود الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام هجرته إليه مؤنبا لهم على تضييع أحكام ما في أيديهم من
- -وتأولوا قوله وأنتم تشهدون على معنى: وأنتم شهود
- -القول في تأويل قوله تعالى: ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم
- -ويتجه في قوله: ثم أنتم هؤلاء وجهان: أحدهما أن يكون أريد به: ثم أنتم يا هؤلاء، فترك يا استغناء بدلالة الكلام عليه، كما قال: يوسف أعرض عن هذا وتأويله: يا يوسف أعرض عن هذا، فيكون معنى الكلام حينئذ: ثم أنتم يا معشر يهود بني إسرائيل، بعد إقراركم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض يعني بقوله جل ثناؤه: وإن يأتوكم أسارى تفادوهم اليهود يوبخهم بذلك، ويعرفهم به قبيح أفعالهم التي كانوا يفعلونها. فقال لهم: ثم أنتم بعد إقراركم
- -وأما قوله: وهو محرم عليكم إخراجهم فإن في قوله: وهو وجهين من التأويل؛ أحدهما: أن يكون كناية عن الإخراج الذي تقدم ذكره، كأنه قال: وتخرجون فريقا منكم من ديارهم، وإخراجهم محرم عليكم. ثم كرر الإخراج الذي بعد وهو محرم عليكم تكريرا على هو، لما حال بين
- -القول في تأويل قوله تعالى: فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا يعني بقوله جل ثناؤه: فما جزاء من يفعل ذلك منكم فليس لمن قتل منكم قتيلا فكفر بقتله إياه بنقض عهد الله الذي حكم به عليه في التوراة، وأخرج منكم فريقا من ديارهم مظاهرا عليهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب يعني بقوله: ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب ويوم تقوم الساعة يرد من يفعل ذلك منكم بعد الخزي الذي يحل به في الدنيا جزاء على معصية الله إلى أشد العذاب الذي أعد الله لأعدائه. وقد قال بعضهم:
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما الله بغافل عما تعملون اختلف القراء في قراءة ذلك، فقرأه بعضهم: (وما الله بغافل عما يعملون) بالياء على وجه الإخبار عنهم، فكأنهم نحوا بقراءتهم معنى: (فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة
- -القول في تأويل قوله تعالى: أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون يعني بقوله جل ثناؤه أولئك الذين أخبر عنهم أنهم يؤمنون ببعض الكتاب فيفادون أسراهم من اليهود، ويكفرون ببعض، فيقتلون من حرم الله عليهم قتله من أهل
- -وأما قوله: ولا هم ينصرون فإنه أخبر عنهم أنه لا ينصرهم في الآخرة أحد فيدفع عنهم بنصرته عذاب الله، لا بقوته ولا بشفاعته ولا غيرهما
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون
- -يعني بقوله جل ثناؤه: آتينا موسى الكتاب أنزلناه إليه. وقد بينا أن معنى الإيتاء: الإعطاء فيما مضى قبل، والكتاب الذي آتاه الله موسى عليه السلام هو التوراة
- -وأما قوله: وقفينا فإنه يعني: وأردفنا وأتبعنا بعضهم خلف بعض، كما يقفو الرجل الرجل إذا سار في أثره من ورائه. وأصله من القفا، يقال منه: قفوت فلانا: إذا صرت خلف قفاه، كما يقال دبرته: إذا صرت في دبره
- -ويعني بقوله: من بعده من بعد موسى
- -ويعني بالرسل الأنبياء، وهم جمع رسول، يقال: هو رسول وهم رسل، كما يقال: هو صبور وهم قوم صبر، وهو رجل شكور وهم قوم شكر. وإنما يعني جل ثناؤه بقوله: وقفينا من بعده بالرسل أي أتبعنا بعضهم بعضا على منهاج واحد وشريعة واحدة؛ لأن كل من بعثه الله نبيا بعد
- -القول في تأويل قوله تعالى: وآتينا عيسى ابن مريم البينات يعني بقوله: وآتينا عيسى ابن مريم البينات أعطينا عيسى ابن مريم. ويعني بالبينات التي آتاه الله إياها ما أظهر على يديه من الحجج والدلالة على نبوته من إحياء الموتى وإبراء الأكمه ونحو ذلك من الآيات
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأيدناه بروح القدس أما معنى قوله: وأيدناه فإنه قويناه فأعناه
- -القول في تأويل قوله تعالى: أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأه بعضهم: وقالوا قلوبنا غلف مخففة اللام ساكنة، وهي قراءة عامة الأمصار في جميع الأقطار. وقرأه بعضهم: (وقالوا قلوبنا غلف) مثقلة اللام
- -القول في تأويل قوله تعالى: بل لعنهم الله بكفرهم يعني جل ثناؤه بقوله: بل لعنهم الله بل أقصاهم الله وأبعدهم وطردهم وأخزاهم وأهلكهم بكفرهم وجحودهم آيات الله وبيناته، وما ابتعث به رسله، وتكذيبهم أنبياءه. فأخبر تعالى ذكره أنه أبعدهم منه ومن رحمته بما
- -القول في تأويل قوله تعالى: فقليلا ما يؤمنون اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: فقليلا ما يؤمنون. فقال بعضهم: معناه: فقليل منهم من يؤمن، أي لا يؤمن منهم إلا قليل
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين
- -يعني جل ثناؤه بقوله: ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم ولما جاء اليهود من بني إسرائيل الذين وصف جل ثناؤه صفتهم كتاب من عند الله يعني بالكتاب: القرآن الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم، مصدق لما معهم يعني مصدق للذي معهم من الكتب التي
- -القول في تأويل قوله تعالى: وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به يعني بقوله جل ثناؤه: وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا أي وكان هؤلاء اليهود، الذين لما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم من الكتب التي أنزلها الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: فلعنة الله على الكافرين قد دللنا فيما مضى على معنى اللعنة وعلى معنى الكفر بما فيه الكفاية. فمعنى الآية: فخزي الله وإبعاده على الجاحدين ما قد عرفوا من الحق عليهم لله ولأنبيائه المنكرين، لما قد ثبت عندهم صحته من نبوة محمد صلى
- -القول في تأويل قوله تعالى: بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين
- -ومعنى قوله جل ثناؤه: بئسما اشتروا به أنفسهم ساء ما اشتروا به أنفسهم. وأصل بئس بئس من البؤس، سكنت همزتها ثم نقلت حركتها إلى الباء، كما قيل في ظللت ظلت، وكما قيل للكبد: كبد، فنقلت حركة الباء إلى الكاف لما سكنت الباء. وقد يحتمل أن تكون بئس وإن كان
- -وأما معنى قوله: بغيا فإنه يعني به: تعديا وحسدا
- -القول في تأويل قوله تعالى: أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده قد ذكرنا تأويل ذلك وبينا معناه، ولكنا نذكر الرواية بتصحيح ما قلنا فيه
- -القول في تأويل قوله تعالى: فباءوا بغضب على غضب يعني بقوله: فباءوا بغضب على غضب فرجعت اليهود من بني إسرائيل، بعد الذي كانوا عليه من الاستنصار بمحمد صلى الله عليه وسلم والاستفتاح به، وبعد الذي كانوا يخبرون به الناس من قبل مبعثه أنه نبي مبعوث، مرتدين
- -القول في تأويل قوله تعالى: وللكافرين عذاب مهين يعني بقوله جل ثناؤه: وللكافرين عذاب مهين وللجاحدين نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من الناس كلهم عذاب من الله إما في الآخرة، وإما في الدنيا والآخرة مهين هو المذل صاحبه المخزي الملبسه هوانا وذلة. فإن قال
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين
- -يعني بقوله جل ثناؤه: وإذا قيل لهم وإذا قيل لليهود من بني إسرائيل للذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم: آمنوا أي صدقوا بما أنزل الله يعني بما أنزل الله من القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم قالوا نؤمن أي نصدق بما أنزل علينا يعني
- -القول في تأويل قوله تعالى: ويكفرون بما وراءه يعني جل ثناؤه بقوله: ويكفرون بما وراءه ويجحدون بما وراءه، يعني بما وراء التوراة. قال أبو جعفر: وتأويل وراءه في هذا الموضع سوى كما يقال للرجل المتكلم بالحسن: ما وراء هذا الكلام شيء، يراد به ليس عند
- -القول في تأويل قوله تعالى: وهو الحق مصدقا لما معهم يعني بقوله جل ثناؤه: وهو الحق مصدقا أي ما وراء الكتاب الذي أنزل عليهم من الكتب التي أنزلها الله إلى أنبيائه الحق. وإنما يعني بذلك تعالى ذكره القرآن الذي أنزله إلى محمد صلى الله عليه وسلم
- -القول في تأويل قوله تعالى: قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين " يعني جل ذكره بقوله: قل فلم تقتلون أنبياء الله قل يا محمد ليهود بني إسرائيل الذين إذا قلت لهم: آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا لم تقتلون إن كنتم يا معشر اليهود
- -أما قوله: إن كنتم مؤمنين فإنه يعني إن كنتم مؤمنين بما أنزل الله عليكم كما زعمتم. وإنما عنى بذلك اليهود الذين أدركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلافهم، إن كانوا وكنتم كما تزعمون أيها اليهود مؤمنين. وإنما عيرهم جل ثناؤه بقتل أوائلهم أنبياءه عند
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون
- -يعني جل ثناؤه بقوله: ولقد جاءكم موسى بالبينات أي جاءكم بالبينات الدالة على صدقه وحقية نبوته؛ كالعصا التي تحولت ثعبانا مبينا، ويده التي أخرجها بيضاء للناظرين، وفلق البحر، ومصير أرضه له طريقا يبسا، والجراد والقمل والضفادع، وسائر الآيات التي بينت
- -وأما قوله: وأنتم ظالمون فإنه يعني بذلك أنكم فعلتم ما فعلتم من عبادة العجل، وليس ذلك لكم وعبدتم غير الذي كان ينبغي لكم أن تعبدوه؛ لأن العبادة لا تنبغي لغير الله. وهذا توبيخ من الله لليهود، وتعيير منه لهم، وإخبار منه لهم أنهم إذا كانوا فعلوا ما فعلوا
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين
- -يعني بقوله جل ثناؤه: وإذ أخذنا ميثاقكم واذكروا إذ أخذنا عهودكم بأن خذوا ما آتيناكم من التوراة التي أنزلتها إليكم أن تعملوا بما فيها من أمري، وتنتهوا عما نهيتكم فيها بجد منكم في ذلك ونشاط، فأعطيتم على العمل بذلك ميثاقكم، إذ رفعنا فوقكم الجبل
- -أما قوله: واسمعوا فإن معناه: واسمعوا ما أمرتكم به، وتقبلوه بالطاعة كقول الرجل للرجل يأمره بالأمر: سمعت وأطعت، يعني بذلك: سمعت قولك وأطعت أمرك. كما قال الراجز: السمع والطاعة والتسليم خير وأعفى لبني تميم يعني بقوله السمع: قبول ما يسمع والطاعة لما
- -وأما قوله: قالوا سمعنا فإن الكلام خرج مخرج الخبر عن الغائب بعد أن كان الابتداء بالخطاب، فإن ذلك كما وصفنا من أن ابتداء الكلام إذا كان حكاية فالعرب تخاطب فيه ثم تعود فيه إلى الخبر عن الغائب وتخبر عن الغائب ثم تخاطب كما بينا ذلك فيما مضى قبل. فكذلك ذلك
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: وأشربوا في قلوبهم حب العجل
- -القول في تأويل قوله تعالى: قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين يعني بذلك جل ثناؤه: قل يا محمد ليهود بني إسرائيل: بئس الشيء يأمركم به إيمانكم إن كان يأمركم بقتل أنبياء الله ورسله، والتكذيب بكتبه، وجحود ما جاء من عنده. ومعنى إيمانهم تصديقهم
- -وقوله: إن كنتم مؤمنين أي إن كنتم مصدقين كما زعمتم بما أنزل الله عليكم. وإنما كذبهم الله بذلك لأن التوراة تنهى عن ذلك كله وتأمر بخلافه، فأخبرهم أن تصديقهم بالتوراة إن كان يأمرهم بذلك فبئس الأمر تأمر به. وإنما ذلك نفي من الله تعالى ذكره عن التوراة أن
- -القول في تأويل قوله تعالى: قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين قال أبو جعفر: وهذه الآية مما احتج الله بها لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم على اليهود الذين كانوا بين ظهراني مهاجره، وفضح بها أحبارهم وعلماءهم
- -وأما تأويل قوله: قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة فإنه يقول: قل يا محمد إن كان نعيم الدار الآخرة ولذاتها لكم يا معشر اليهود عند الله. فاكتفى بذكر الدار من ذكر نعيمها لمعرفة المخاطبين بالآية معناها. وقد بينا معنى الدار الآخرة فيما مضى بما
- -وأما قوله: من دون الناس فإن الذي يدل عليه ظاهر التنزيل أنهم قالوا: لنا الدار الآخرة عند الله خالصة من دون جميع الناس. ويبين أن ذلك كان قولهم من غير استثناء منهم من ذلك أحدا من بني آدم إخبار الله عنهم أنهم قالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى
- -وأما قوله: فتمنوا الموت فإن تأويله: تشهوه وأريدوه. وقد روي عن ابن عباس أنه قال في تأويله: فسلوا الموت. ولا يعرف التمني بمعنى المسألة في كلام العرب، ولكن أحسب أن ابن عباس وجه معنى الأمنية إذ كانت محبة النفس وشهوتها إلى معنى الرغبة والمسألة، إذ كانت
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن اليهود وكراهتهم الموت وامتناعهم عن الإجابة إلى ما دعوا إليه من تمني الموت، لعلمهم بأنهم إن فعلوا ذلك فالوعيد بهم نازل والموت بهم حال،
- -وأما قوله: بما قدمت أيديهم فإنه يعني به بما أسلفته أيديهم. وإنما ذلك مثل على نحو ما تتمثل به العرب في كلامها، فتقول للرجل يؤخذ بجريرة جرها أو جناية جناها فيعاقب عليها: نالك هذا بما جنت يداك، وبما كسبت يداك، وبما قدمت يداك؛ فتضيف ذلك إلى اليد،
- -وأما قوله: والله عليم بالظالمين فإنه يعني جل ثناؤه: والله ذو علم بظلمة بني آدم: يهودها ونصاراها وسائر أهل الملل غيرها، وما يعملون. وظلم اليهود كفرهم بالله في خلافهم أمره وطاعته في اتباع محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن كانوا يستفتحون به وبمبعثه،
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر والله بصير بما يعملون
- -يعني بقوله جل ثناؤه: ولتجدنهم أحرص الناس على حياة اليهود، يقول: يا محمد لتجدن أشد الناس حرصا على الحياة في الدنيا وأشدهم كراهة للموت اليهود
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن الذين أشركوا يعني جل ثناؤه بقوله: ومن الذين أشركوا وأحرص من الذين أشركوا على الحياة، كما يقال: هو أشجع الناس ومن عنترة، بمعنى: هو أشجع من الناس ومن عنترة، فكذلك قوله: ومن الذين أشركوا لأن معنى الكلام: ولتجدن يا
- -القول في تأويل قوله تعالى: يود أحدهم لو يعمر ألف سنة هذا خبر من الله جل ثناؤه بقوله عن الذين أشركوا، الذين أخبر أن اليهود أحرص منهم على الحياة، يقول جل ثناؤه: يود أحد هؤلاء الذين أشركوا إلا بعد فناء دنياه وانقضاء أيام حياته أن يكون له بعد ذلك نشور أو
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر يعني جل ثناؤه بقوله: وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر وما التعمير، وهو طول البقاء، بمزحزحه من عذاب الله. وقوله: هو عماد لطلب وما الاسم أكثر من طلبها الفعل، كما قال الشاعر: فهل هو مرفوع
- -القول في تأويل قوله تعالى: والله بصير بما يعملون يعني جل ثناؤه بقوله: والله بصير بما يعملون والله ذو إبصار بما يعملون، لا يخفى عليه شيء من أعمالهم، بل هو بجميعها محيط ولها حافظ ذاكر حتى يذيقهم بها العقاب جزاءها. وأصل بصير مبصر من قول القائل: أبصرت
- -القول في تأويل قوله تعالى: قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين أجمع أهل العلم بالتأويل جميعا على أن هذه الآية نزلت جوابا لليهود من بني إسرائيل، إذ زعموا أن جبريل عدو لهم، وأن ميكائيل ولي لهم. ثم
- -وأما تأويل الآية، أعني قوله: قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله فهو أن الله يقول لنبيه: قل يا محمد، لمعاشر اليهود من بني إسرائيل الذين زعموا أن جبريل لهم عدو من أجل أنه صاحب سطوات وعذاب وعقوبات لا صاحب وحي وتنزيل ورحمة، فأبوا اتباعك
- -القول في تأويل قوله تعالى: مصدقا لما بين يديه يعني جل ثناؤه بقوله: مصدقا لما بين يديه القرآن. ونصب مصدقا على القطع من الهاء التي في قوله: نزله على قلبك. فمعنى الكلام: فإن جبريل نزل القرآن على قلبك يا محمد مصدقا لما بين يدي القرآن، يعني بذلك مصدقا
- -القول في تأويل قوله تعالى: وهدى وبشرى للمؤمنين يعني بقوله جل ثناؤه: وهدى ودليل وبرهان. وإنما سماه الله جل ثناؤه هدى لاهتداء المؤمن به، واهتداؤه به اتخاذه إياه هاديا يتبعه وقائدا ينقاد لأمره ونهيه وحلاله وحرامه. والهادي من كل شيء ما تقدم أمامه، ومن
- -القول في تأويل قوله تعالى: من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين
- -وهذا خبر من الله جل ثناؤه: من كان عدوا لله من عاداه وعادى جميع ملائكته ورسله، وإعلام منه أن من عادى جبريل فقد عاداه وعادى ميكائيل وعادى جميع ملائكته ورسله؛ لأن الذين سماهم الله في هذه الآية هم أولياء الله وأهل طاعته، ومن عادى لله وليا فقد عادى الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون
- -يعني جل ثناؤه بقوله: ولقد أنزلنا إليك آيات أي أنزلنا إليك يا محمد علامات واضحات دالات على نبوتك. وتلك الآيات هي ما حواه كتاب الله الذي أنزله إلى محمد صلى الله عليه وسلم من خفايا علوم اليهود ومكنون سرائر أخبارهم وأخبار أوائلهم من بني إسرائيل، والنبأ
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما يكفر بها إلا الفاسقون يعني بقوله جل ثناؤه: وما يكفر بها إلا الفاسقون وما يجحد بها وقد دللنا فيما مضى من كتابنا هذا على أن معنى الكفر الجحود بما أغنى عن إعادته هاهنا. وكذلك بينا معنى الفسق وأنه الخروج عن الشيء إلى غيره
- -القول في تأويل قوله تعالى: أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون
- -اختلف أهل العربية في حكم الواو التي في قوله: أوكلما عاهدوا عهدا فقال بعض نحويي البصريين: هي واو تجعل مع حروف الاستفهام، وهي مثل الفاء في قوله: أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم قال: وهما زائدتان في هذا الوجه، وهي مثل الفاء التي في قوله
- -وأما قوله: بل أكثرهم لا يؤمنون فإنه يعني جل ثناؤه: بل أكثر هؤلاء الذين كلما عاهدوا الله عهدا وواثقوه موثقا نقضه فريق منهم لا يؤمنون. ولذلك وجهان من التأويل: أحدهما: أن يكون الكلام دلالة على الزيادة والتكثير في عدد المكذبين الناقضين عهد الله على عدد
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون
- -يعني جل ثناؤه بقوله: ولما جاءهم أحبار اليهود وعلماؤها من بني إسرائيل
- -رسول يعني بالرسول محمدا صلى الله عليه وسلم
- -وأما قوله: مصدق لما معهم فإنه يعني به أن محمدا صلى الله عليه وسلم يصدق التوراة، والتوراة تصدقه في أنه لله نبي مبعوث إلى خلقه. وأما تأويل قوله: ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم فإنه للذي هو مع اليهود، وهو التوراة. فأخبر الله جل ثناؤه أن
- -نبذ فريق يعني بذلك أنهم جحدوه ورفضوه بعد أن كانوا به مقرين حسدا منهم له وبغيا عليه
- -وقوله: من الذين أوتوا الكتاب وهم علماء اليهود الذين أعطاهم الله العلم بالتوراة وما فيها
- -ويعني بقوله: كتاب الله التوراة
- -وقوله: وراء ظهورهم جعلوه وراء ظهورهم؛ وهذا مثل يقال لكل رافض أمرا كان منه على بال: قد جعل فلان هذا الأمر منه بظهر وجعله وراء ظهره، يعني به أعرض عنه وصد وانصرف
- -ومعنى قوله: كأنهم لا يعلمون كأن هؤلاء الذين نبذوا كتاب الله من علماء اليهود فنقضوا عهد الله بتركهم العمل بما واثقوا الله على أنفسهم العمل بما فيه لا يعلمون ما في التوراة من الأمر باتباع محمد صلى الله عليه وسلم وتصديقه. وهذا من الله جل ثناؤه إخبار عنهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء
- -القول في تأويل قوله تعالى: ما تتلوا الشياطين يعني جل ثناؤه بقوله: ما تتلوا الشياطين الذي تتلو. فتأويل الكلام إذا: واتبعوا الذي تتلو الشياطين. واختلف في تأويل قوله: تتلوا فقال بعضهم: يعني بقوله: تتلوا تحدث وتروي وتتكلم به وتخبر، نحو تلاوة الرجل
- -القول في تأويل قوله تعالى: على ملك سليمان يعني بقوله جل ثناؤه: على ملك سليمان في ملك سليمان؛ وذلك أن العرب تضع في موضع على وعلى في موضع في، من ذلك قول الله جل ثناؤه: ولأصلبنكم في جذوع النخل يعني به: على جذوع النخل، وكما قال: فعلت كذا في عهد كذا
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر إن قال لنا قائل: وما هذا الكلام من قوله: واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان ولا خبر معنا قبل عن أحد أنه أضاف الكفر إلى سليمان، بل إنما ذكر اتباع من اتبع من اليهود
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت اختلف أهل العلم في تأويل ما التي في قوله: وما أنزل على الملكين فقال بعضهم: معناه الجحد وهي بمعنى لم
- -وأما قوله ببابل فإنه اسم قرية أو موضع من مواضع الأرض، وقد اختلف أهل التأويل فيها، فقال بعضهم: إنها بابل دنباوند
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر وتأويل ذلك: وما يعلم الملكان أحدا من الناس الذي أنزل عليهما من التفريق بين المرء وزوجه حتى يقولا له: إنما نحن بلاء وفتنة لبني آدم فلا تكفر بربك
- -القول في تأويل قوله تعالى: فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه قال أبو جعفر: وقوله جل ثناؤه: فيتعلمون منهما خبر مبتدأ عن المتعلمين من الملكين ما أنزل عليهما، وليس بجواب لقوله: وما يعلمان من أحد بل هو خبر مستأنف؛ ولذلك رفع، فقيل: فيتعلمون
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله يعني بقوله جل ثناؤه: وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله وما المتعلمون من الملكين هاروت وماروت ما يفرقون به بين المرء وزوجه، بضارين بالذي تعلموه منهما من المعنى الذي يفرقون به بين
- -القول في تأويل قوله تعالى: ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم يعني بذلك جل ثناؤه: ويتعلمون أي الناس الذين يتعلمون من الملكين، ما أنزل عليهما من المعنى الذي يفرقون به بين المرء وزوجه، يتعلمون منهما السحر الذي يضرهم في دينهم ولا ينفعهم في معادهم. فأما في
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق يعني بقوله جل ثناؤه: ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق الفريق الذين لما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم، نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون واتبعوا ما
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون قال أبو جعفر رحمه الله: قد دللنا فيما مضى قبل على أن معنى شروا: باعوا؛ فمعنى الكلام إذا: ولبئس ما باع به نفسه من تعلم السحر لو كان يعلم سوء عاقبته
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون
- -يعني جل ثناؤه بقوله: ولو أنهم آمنوا واتقوا لو أن الذين يتعلمون من الملكين ما يفرقون به بين المرء وزوجه آمنوا، فصدقوا الله ورسوله وما جاءهم به من عند ربهم، واتقوا ربهم فخافوه فخافوا عقابه، فأطاعوه بأداء فرائضه وتجنبوا معاصيه؛ لكان جزاء الله إياهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم
- -اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: لا تقولوا راعنا فقال بعضهم: تأويله لا تقولوا خلافا
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقولوا انظرنا يعني بقوله جل ثناؤه: وقولوا انظرنا وقولوا يا أيها المؤمنون لنبيكم صلى الله عليه وسلم: انتظرنا وارقبنا نفهم ونتبين ما تقول لنا وتعلمنا
- -القول في تأويل قوله تعالى: واسمعوا وللكافرين عذاب أليم يعني بقوله جل ثناؤه: واسمعوا واسمعوا ما يقال لكم ويتلى عليكم من كتاب ربكم وعوه وافهموه
- -القول في تأويل قوله تعالى: ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم
- -يعني بقوله: ما يود ما يحب، أي ليس يحب كثير من أهل الكتاب، يقال منه: ود فلان كذا يود ودا وودا ومودة. وأما " المشركين " فإنهم في موضع خفض بالعطف على أهل الكتاب. ومعنى الكلام: ما يحب الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم يعني بقوله جل ثناؤه: والله يختص برحمته من يشاء والله يختص من يشاء بنبوته ورسالته فيرسله إلى من يشاء من خلقه، فيتفضل بالإيمان على من أحب فيهديه له. واختصاصه إياهم بها إفرادهم
- -وأما قوله: والله ذو الفضل العظيم فإنه خبر من الله جل ثناؤه عن أن كل خير ناله عباده في دينهم ودنياهم فإنه من عنده ابتداء وتفضلا منه عليهم من غير استحقاق منهم ذلك عليه وفي قوله: والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم تعريض من الله تعالى ذكره
- -القول في تأويل قوله تعالى: ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير
- -يعني جل ثناؤه بقوله: ما ننسخ من آية إلى غيره، فنبدله ونغيره. وذلك أن يحول الحلال حراما والحرام حلالا، والمباح محظورا والمحظور مباحا، ولا يكون ذلك إلا في الأمر والنهي والحظر والإطلاق والمنع والإباحة، فأما الأخبار فلا يكون فيها ناسخ ولا منسوخ. وأصل
- -القول في تأويل قوله تعالى: أو ننسها اختلفت القراءة في قوله ذلك، فقرأها قراء أهل المدينة والكوفة: أو ننسها ولقراءة من قرأ ذلك وجهان من التأويل، أحدهما: أن يكون تأويله: ما ننسخ يا محمد من آية فنغير حكمها أو ننسها. وقد ذكر أنها في مصحف عبد الله: "
- -القول في تأويل قوله تعالى: نأت بخير منها أو مثلها اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: نأت بخير منها أو مثلها
- -القول في تأويل قوله تعالى: ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير يعني جل ثناؤه بقوله: ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير ألم تعلم يا محمد أني قادر على تعويضك مما نسخت من أحكامي وغيرته من فرائضي التي كنت افترضتها عليك ما أشاء مما هو خير لك ولعبادي المؤمنين معك
- -القول في تأويل قوله تعالى: ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير قال أبو جعفر: إن قال لنا قائل: أو لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أن الله على كل شيء قدير وأنه له ملك السموات والأرض حتى قيل له ذلك؟ قيل:
- -أما قوله: له ملك السموات والأرض ولم يقل ملك السماوات، فإنه عنى بذلك ملك السلطان والمملكة دون الملك، والعرب إذا أرادت الخبر عن المملكة التي هي مملكة سلطان، قالت: ملك الله الخلق ملكا، وإذا أرادت الخبر عن الملك قالت: ملك فلان هذا الشيء فهو يملكه ملكا
- -وأما معنى قوله: من دون الله فإنه سوى الله وبعد الله. ومنه قول أمية بن أبي الصلت: يا نفس مالك دون الله من واقي وما على حدثان الدهر من باقي يريد: مالك سوى الله وبعد الله من يقيك المكاره. فمعنى الكلام إذا: وليس لكم أيها المؤمنون بعد الله من قيم بأمركم
- -القول في تأويل قوله تعالى: أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل اختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله أنزلت هذه الآية
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن يتبدل الكفر بالإيمان يعني جل ثناؤه بقوله: ومن يتبدل ومن يستبدل الكفر؛ ويعني بالكفر: الجحود بالله وبآياته بالإيمان، يعني بالتصديق بالله وبآياته والإقرار به. وقد قيل عني بالكفر في هذا الموضع الشدة وبالإيمان الرخاء. ولا
- -القول في تأويل قوله تعالى: فقد ضل سواء السبيل أما قوله: فقد ضل فإنه يعني به ذهب وحاد. وأصل الضلال عن الشيء: الذهاب عنه والحيد. ثم يستعمل في الشيء الهالك والشيء الذي لا يؤبه له كقولهم للرجل الخامل الذي لا ذكر له ولا نباهة: ضل بن ضل، وقل بن قل كقول
- -القول في تأويل قوله تعالى: ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير قال أبو جعفر: وقد صرح هذا القول من قول الله جل ثناؤه، بأن خطابه
- -القول في تأويل قوله تعالى: حسدا من عند أنفسهم ويعني جل ثناؤه بقوله: حسدا من عند أنفسهم أن كثيرا من أهل الكتاب يودون للمؤمنين ما أخبر الله جل ثناؤه عنهم أنهم يودونه لهم من الردة عن إيمانهم إلى الكفر حسدا منهم وبغيا عليهم. والحسد إذا منصوب على غير النعت
- -وأما قوله: من عند أنفسهم فإنه يعني بذلك: من قبل أنفسهم، كما يقول القائل: لي عندك كذا وكذا، بمعنى: لي قبلك
- -القول في تأويل قوله تعالى: من بعد ما تبين لهم الحق يعني جل ثناؤه بقوله: من بعد ما تبين لهم الحق أي من بعد ما تبين لهؤلاء الكثير من أهل الكتاب الذين يودون أنهم يردونكم كفارا من بعد إيمانكم الحق في أمر محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به من عند ربه والملة
- -القول في تأويل قوله تعالى: فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره يعني جل ثناؤه بقوله: فاعفوا فتجاوزوا عما كان منهم من إساءة وخطأ في رأي أشاروا به عليكم في دينكم، إرادة صدكم عنه، ومحاولة ارتدادكم بعد إيمانكم وعما سلف منهم من قيلهم لنبيكم صلى الله عليه
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله على كل شيء قدير قال أبو جعفر: قد دللنا فيما مضى على معنى القدير وأنه القوي. فمعنى الآية ههنا: أن الله على كل ما يشاء بالذين وصفت لكم أمرهم من أهل الكتاب وغيرهم قدير، إن شاء الانتقام منهم بعنادهم ربهم وإن شاء هداهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير قال أبو جعفر: قد دللنا فيما مضى على معنى إقامة الصلاة وأنها أداؤها بحدودها وفروضها، وعلى تأويل الصلاة وما أصلها، وعلى معنى إيتاء
- -وأما قوله: وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله فإنه يعني جل ثناؤه بذلك: ومهما تعملوا من عمل صالح في أيام حياتكم فتقدموه قبل وفاتكم ذخرا لأنفسكم في معادكم، تجدوا ثوابه عند ربكم يوم القيامة، فيجازيكم به. والخير: هو العمل الذي يرضاه الله. وإنما
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله بما تعملون بصير وهذا خبر من الله جل ثناؤه للذين خاطبهم بهذه الآيات من المؤمنين أنهم مهما فعلوا من خير وشر سرا وعلانية، فهو به بصير لا يخفى عليه منه شيء، فيجزيهم بالإحسان جزاءه وبالإساءة مثلها. وهذا الكلام وإن كان
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين
- -يعني جل ثناؤه بقوله: وقالوا وقالت اليهود والنصارى: لن يدخل الجنة. فإن قال قائل: وكيف جمع اليهود والنصارى في هذا الخبر مع اختلاف مقالة الفريقين، واليهود تدفع النصارى عن أن يكون لها في ثواب الله نصيب، والنصارى تدفع اليهود عن مثل ذلك؟ قيل: إن معنى
- -وأما قوله: تلك أمانيهم فإنه خبر من الله تعالى ذكره عن قول الذين قالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى أنه أماني منهم يتمنونها على الله بغير حق ولا حجة ولا برهان ولا يقين علم بصحة ما يدعون، ولكن بادعاء الأباطيل وأماني النفوس الكاذبة
- -القول في تأويل قوله تعالى: قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين وهذا أمر من الله جل ثناؤه لنبيه صلى الله عليه وسلم بدعاء الذين وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى إلى أمر عدل بين جميع الفرق مسلمها ويهودها ونصاراها، وهو إقامة الحجة على دعواهم التي
- -وأما تأويل قوله: قل هاتوا برهانكم فإنه: أحضروا وأتوا به
- -القول في تأويل قوله تعالى: بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون
- -يعني بقوله جل ثناؤه: بلى من أسلم أنه ليس كما قال الزاعمون لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ولكن من أسلم وجهه لله وهو محسن، فهو الذي يدخلها وينعم فيها
- -وأما قوله: وهو محسن فإنه يعني به في حال إحسانه. وتأويل الكلام: بلى من أخلص طاعته لله وعبادته له محسنا في فعله ذلك
- -القول في تأويل قوله تعالى: فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون يعني بقوله جل ثناؤه: فله أجره عند ربه فللمسلم وجهه لله محسنا جزاؤه وثوابه على إسلامه وطاعته ربه عند الله في معاده. ويعني بقوله: ولا خوف عليهم على المسلمين وجوههم لله وهم محسنون،
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون قال أبو جعفر: ذكر أن هذه الآية نزلت في قوم من أهل
- -وأما قوله: وهم يتلون الكتاب فإنه يعني به كتاب الله التوراة والإنجيل، وهما شاهدان على فريقي اليهود والنصارى بالكفر، وخلافهم أمر الله الذي أمرهم به فيه
- -القول في تأويل قوله تعالى: كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم اختلف أهل التأويل في الذين عنى الله بقوله: كذلك قال الذين لا يعلمون
- -القول في تأويل قوله تعالى: فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون يعني بذلك جل ثناؤه: فالله يقضي فيفصل بين هؤلاء المختلفين القائل بعضهم لبعض: لستم على شيء من دينكم يوم قيام الخلق لربهم من قبورهم، فيتبين المحق منهم من المبطل بإثابة المحق
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم قد دللنا فيما مضى قبل على أن تأويل الظلم: وضع الشيء في غير موضعه
- -وتأويل قوله: ومن أظلم وأي امرئ أشد تعديا وجراءة على الله وخلافا لأمره من امرئ منع مساجد الله أن يعبد الله فيها؟ والمساجد جمع مسجد: وهو كل موضع عبد الله فيه وقد بينا معنى السجود فيما مضى فمعنى المسجد: الموضع الذي يسجد لله فيه، كما يقال للموضع الذي
- -وأما قوله: أن يذكر فيها اسمه فإن فيه وجهين من التأويل، أحدهما: أن يكون معناه: ومن أظلم ممن منع مساجد الله من أن يذكر فيها اسمه، فتكون أن حينئذ نصبا من قول بعض أهل العربية بفقد الخافض وتعلق الفعل بها. والوجه الآخر أن يكون معناه: ومن أظلم ممن منع أن
- -وأما قوله: وسعى في خرابها فإن معناه: ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، وممن سعى في خراب مساجد الله. ف " سعى " إذا عطف على " منع ". فإن قال قائل: ومن الذي عني بقوله: ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها وأي
- -القول في تأويل قوله تعالى: أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين وهذا خبر من الله عز وجل عمن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، أنه قد حرم عليهم دخول المساجد التي سعوا في تخريبها ومنعوا عباد الله المؤمنين من ذكر الله عز وجل فيها ما داموا على مناصبة
- -القول في تأويل قوله تعالى: لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم أما قوله عز وجل: لهم فإنه يعني الذين أخبر عنهم أنهم منعوا مساجد الله أن يذكر فيها اسمه. وأما قوله: لهم في الدنيا خزي فإنه يعني بالخزي: العار والشر والذلة إما القتل والسباء، وإما
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم
- -يعني جل ثناؤه بقوله: ولله المشرق والمغرب لله ملكهما وتدبيرهما، كما يقال: لفلان هذه الدار، يعني بها أنها له ملكا، فذلك قوله: ولله المشرق والمغرب يعني أنهما له ملكا وخلقا. والمشرق: هو موضع شروق الشمس، وهو موضع طلوعها، كما يقال لموضع طلوعها منه
- -وأما قوله: فأينما فإن معناه: حيثما
- -وأما قوله: تولوا فإن الذي هو أولى بتأويله أن يكون تولون نحوه وإليه، كما يقول القائل: وليت وجهي نحوه ووليته إليه، بمعنى: قابلته وواجهته. وإنما قلنا ذلك أولى بتأويل الآية لإجماع الحجة على أن ذلك تأويله وشذوذ من تأوله بمعنى: تولون عنه فتستدبرونه،
- -وأما قوله: فثم فإنه بمعنى: هنالك واختلف في تأويل قوله: فثم وجه الله فقال بعضهم: تأويل ذلك: فثم قبلة الله، يعني بذلك: وجهه الذي وجههم إليه
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله واسع عليم يعني جل ثناؤه بقوله: واسع يسع خلقه كلهم بالكفاية والأفضال والجود والتدبير. وأما قوله: عليم فإنه يعني أنه عليم بأفعالهم لا يغيب عنه منها شيء ولا يعزب عن علمه، بل هو بجميعها عليم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السموات والأرض كل له قانتون
- -يعني بقوله جل ثناؤه: وقالوا اتخذ الله ولدا الذين منعوا مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، وقالوا معطوف على قوله: وسعى في خرابها. وتأويل الآية: ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها، وقالوا اتخذ الله ولدا وهم النصارى الذين زعموا أن
- -القول في تأويل قوله تعالى: كل له قانتون اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: مطيعون
- -القول في تأويل قوله تعالى: بديع السموات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون
- -يعني جل ثناؤه بقوله: بديع السموات والأرض مبدعها. وإنما هو مفعل صرف إلى فعيل، كما صرف المؤلم إلى أليم، والمسمع إلى سميع. ومعنى المبدع: المنشئ والمحدث ما لم يسبقه إلى إنشاء مثله وإحداثه أحد؛ ولذلك سمي المبتدع في الدين مبتدعا لإحداثه فيه ما لم يسبقه
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون يعني جل ثناؤه بقوله: وإذا قضى أمرا وإذا أحكم أمرا وحتمه. وأصل كل قضاء أمر الإحكام والفراغ منه؛ ومن ذلك قيل للحاكم بين الناس: القاضي بينهم، لفصله القضاء بين الخصوم، وقطعه الحكم بينهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون
- -اختلف أهل التأويل فيمن عنى الله بقوله: وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله فقال بعضهم: عنى بذلك النصارى
- -القول في تأويل قوله تعالى: كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم اختلف أهل التأويل فيمن عنى الله بقوله: كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: قد بينا الآيات لقوم يوقنون يعني جل ثناؤه بقوله: قد بينا الآيات لقوم يوقنون قد بينا العلامات التي من أجلها غضب الله على اليهود وجعل منهم القردة والخنازير، وأعد لهم العذاب المهين في معادهم، والتي من أجلها أخزى الله النصارى في
- -القول في تأويل قوله تعالى: إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسأل عن أصحاب الجحيم
- -ومعنى قوله جل ثناؤه: إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا إنا أرسلناك يا محمد بالإسلام الذي لا أقبل من أحد غيره من الأديان - وهو الحق - مبشرا من اتبعك فأطاعك وقبل منك ما دعوته إليه من الحق، بالنصر في الدنيا، والظفر بالثواب في الآخرة، والنعيم المقيم فيها؛
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تسأل عن أصحاب الجحيم وقال أبو جعفر: قرأت عامة القراء: ولا تسأل عن أصحاب الجحيم بضم التاء من " تسأل " ورفع اللام منها على الخبر، بمعنى: يا محمد إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا، فبلغت ما أرسلت به، وإنما عليك البلاغ
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير
- -يعني بقوله جل ثناؤه: ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم وليست اليهود يا محمد ولا النصارى براضية عنك أبدا، فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم، وأقبل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق. فإن الذي تدعوهم إليه من ذلك لهو السبيل إلى
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير يعني جل ثناؤه بقوله: ولئن اتبعت يا محمد هوى هؤلاء اليهود والنصارى، فيما يرضيهم عنك من تهود وتنصر، فصرت من ذلك إلى إرضائهم، ووافقت فيه محبتهم من بعد
- -القول في تأويل قوله تعالى: الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون
- -اختلف أهل التأويل في الذين عناهم الله جل ثناؤه بقوله: الذين آتيناهم الكتاب فقال بعضهم: هم المؤمنون برسول الله صلى الله عليه وسلم، وبما جاء به من أصحابه
- -القول في تأويل قوله تعالى: يتلونه حق تلاوته اختلف أهل التأويل في تأويل قوله عز وجل: يتلونه حق تلاوته فقال بعضهم: معنى ذلك يتبعونه حق اتباعه
- -القول في تأويل قوله تعالى: أولئك يؤمنون به قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: أولئك هؤلاء الذين أخبر عنهم أنهم يتلون ما آتاهم من الكتاب حق تلاوته. وأما قوله: يؤمنون به فإنه يعني يصدقون به. والهاء التي في قوله: " به " عائدة على الهاء التي في "
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون يعني جل ثناؤه بقوله: ومن يكفر به ومن يكفر بالكتاب الذي أخبر أنه يتلوه من آتاه من المؤمنين حق تلاوته. ويعني بقوله جل ثناؤه: يكفر يجحد ما فيه من فرائض الله ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم،
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين وهذه الآية عظة من الله تعالى ذكره لليهود الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتذكير منه لهم ما سلف من أياديه إليهم في صنعه بأوائلهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون وهذه الآية ترهيب من الله جل ثناؤه للذين سلفت عظته إياهم بما وعظهم به في الآية قبلها. يقول الله لهم: واتقوا يا معشر بني إسرائيل المبدلين
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين
- -يعني جل ثناؤه بقوله: وإذ ابتلى وإذا اختبر، يقال منه: ابتليت فلانا أبتليه ابتلاء. ومنه قول الله عز وجل وابتلوا اليتامى يعني به: اختبروهم. وكان اختبار الله تعالى ذكره إبراهيم اختبارا بفرائض فرضها عليه، وأمر أمره به، وذلك هو الكلمات التي أوحاهن إليه
- -القول في تأويل قوله تعالى: فأتمهن يعني جل ثناؤه بقوله: فأتمهن فأتم إبراهيم الكلمات، وإتمامه إياهن إكماله إياهن بالقيام لله بما أوجب عليه فيهن وهو الوفاء الذي قال الله جل ثناؤه: وإبراهيم الذي وفى يعني وفى بما عهد إليه بالكلمات، فأمره به من فرائضه
- -القول في تأويل قوله تعالى: قال إني جاعلك للناس إماما يعني جل ثناؤه بقوله: إني جاعلك للناس إماما فقال الله: يا إبراهيم إني مصيرك للناس إماما يؤتم به ويقتدى به
- -القول في تأويل قوله تعالى: قال ومن ذريتي يعني جل ثناؤه بذلك قال إبراهيم لما رفع الله منزلته وكرمه، فأعلمه ما هو صانع به من تصييره إماما في الخيرات لمن في عصره ولمن جاء بعده من ذريته وسائر الناس غيرهم يهتدى بهديه ويقتدى بأفعاله وأخلاقه: يا رب ومن ذريتي
- -القول في تأويل قوله تعالى: قال لا ينال عهدي الظالمين هذا خبر من الله جل ثناؤه عن أن الظالم لا يكون إماما يقتدي به أهل الخير، وهو من الله جل ثناؤه جواب لما توهم في مسألته إياه أن يجعل من ذريته أئمة مثله، فأخبر أنه فاعل ذلك إلا بمن كان من أهل الظلم منهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود
- -أما قوله: وإذ جعلنا البيت مثابة فإنه عطف ب " إذ " على قوله: وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات. وقوله: وإذ ابتلى إبراهيم معطوف على قوله: يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي واذكروا إذ ابتلى إبراهيم ربه، وإذ جعلنا البيت مثابة. والبيت الذي جعله الله مثابة للناس
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأمنا والأمن: مصدر من قول القائل أمن يأمن أمنا وإنما سماه الله أمنا لأنه كان في الجاهلية معاذا لمن استعاذ به، وكان الرجل منهم لو لقي به قاتل أبيه أو أخيه لم يهجه ولم يعرض له حتى يخرج منه، وكان كما قال الله جل ثناؤه: أولم
- -القول في تأويل قوله تعالى: واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى اختلف القراء في قراءة ذلك، فقرأه بعضهم: واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى بكسر الخاء على وجه الأمر باتخاذه مصلى؛ وهي قراءة عامة المصرين الكوفة والبصرة، وقراءة عامة قراء أهل مكة وبعض قراء أهل المدينة
- -القول في تأويل قوله تعالى: وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي يعني تعالى ذكره بقوله: وعهدنا وأمرنا
- -القول في تأويل قوله تعالى: للطائفين اختلف أهل التأويل في معنى الطائفين في هذا الموضع، فقال بعضهم: هم الغرباء الذين يأتون البيت الحرام من غربة
- -القول في تأويل قوله تعالى: والعاكفين يعني تعالى ذكره بقوله: والعاكفين والمقيمين به، والعاكف على الشيء: هو المقيم عليه، كما قال نابغة بني ذبيان: عكوفا لدى أبياتهم يثمدونهم رمى الله في تلك الأكف الكوانع وإنما قيل للمعتكف معتكف من أجل مقامه في الموضع
- -القول في تأويل قوله تعالى: والركع السجود يعني تعالى ذكره بقوله: والركع جماعة القوم الراكعين فيه له، واحدهم راكع. وكذلك السجود هم جماعة القوم الساجدين فيه له واحدهم ساجد، كما يقال: رجل قاعد ورجال قعود ورجل جالس ورجال جلوس؛ فكذلك رجل ساجد ورجال سجود
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير
- -يعني تعالى ذكره بقوله: وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا واذكروا إذ قال إبراهيم: رب اجعل هذا البلد بلدا آمنا، يعني بقوله: آمنا: آمنا من الجبابرة وغيرهم أن يسلطوا عليه، ومن عقوبة الله أن تناله، كما تنال سائر البلدان، من خسف، وائتفاك، وغرق،
- -القول في تأويل قوله تعالى: وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر وهذه مسألة من إبراهيم ربه أن يرزق مؤمني أهل مكة من الثمرات دون كافريهم. وخص بمسألة ذلك للمؤمنين دون الكافرين لما أعلمه الله عند مسألته إياه أن يجعل من ذريته أئمة يقتدى بهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: قال ومن كفر فأمتعه قليلا اختلف أهل التأويل في قائل هذا القول وفي وجه قراءته، فقال بعضهم: قائل هذا القول ربنا تعالى ذكره، وتأويله على قولهم: قال ومن كفر فأمتعه قليلا برزقي من الثمرات في الدنيا إلى أن يأتيه أجله. وقرأ قائل
- -القول في تأويل قوله تعالى: ثم أضطره إلى عذاب النار يعني تعالى ذكره بقوله: ثم أضطره إلى عذاب النار ثم أدفعه إلى عذاب النار وأسوقه إليها، كما قال تعالى ذكره: يوم يدعون إلى نار جهنم دعا ومعنى الاضطرار: الإكراه، يقال: اضطررت فلانا إلى هذا الأمر: إذا
- -القول في تأويل قوله تعالى: وبئس المصير قد دللنا على أن " بئس " أصله بئس من البؤس، سكن ثانيه ونقلت حركة ثانيه إلى أوله، كما قيل للكبد كبد، وما أشبه ذلك. ومعنى الكلام: وساء المصير عذاب النار، بعد الذي كانوا فيه من متاع الدنيا الذي متعتهم فيها. وأما
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم
- -يعني تعالى ذكره بقوله: وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت واذكروا إذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت. والقواعد جمع قاعدة، يقال للواحدة من قواعد البيت قاعدة، وللواحدة من قواعد النساء وعجائزهن قاعد، فتلغى هاء التأنيث؛ لأنها فاعل من قول القائل: قعدت عن
- -القول في تأويل قوله تعالى: ربنا تقبل منا يعني تعالى ذكره بذلك: وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل يقولان: ربنا تقبل منا وذكر أن ذلك كذلك في قراءة ابن مسعود، وهو قول جماعة من أهل التأويل
- -القول في تأويل قوله تعالى: إنك أنت السميع العليم وتأويل قوله: إنك أنت السميع العليم إنك أنت السميع دعاءنا ومسألتنا إياك قبول ما سألناك قبوله منا من طاعتك في بناء بيتك الذي أمرتنا ببنائه؛ العليم بما في ضمائر نفوسنا من الإذعان لك في الطاعة والمصير إلى
- -القول في تأويل قوله تعالى: ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم وهذا أيضا خبر من الله تعالى ذكره عن إبراهيم وإسماعيل أنهما كانا يرفعان القواعد من البيت وهما يقولان: ربنا واجعلنا مسلمين لك يعنيان
- -وأما قوله: ومن ذريتنا أمة مسلمة لك فإنهما خصا بذلك بعض الذرية؛ لأن الله تعالى ذكره قد كان أعلم إبراهيم خليله صلى الله عليه وسلم قبل مسألته هذه أن من ذريته من لا ينال عهده لظلمه وفجوره، فخصا بالدعوة بعض ذريتهما. وقد قيل إنهما عنيا بذلك العرب
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأرنا مناسكنا اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأه بعضهم: وأرنا مناسكنا بمعنى رؤية العين، أي أظهرها لأعيننا حتى نراها. وذلك قراءة عامة أهل الحجاز والكوفة، وكان بعض من يوجه تأويل ذلك إلى هذا التأويل يسكن الراء من " أرنا "،
- -القول في تأويل قوله تعالى: وتب علينا أما التوبة فأصلها الأوبة من مكروه إلى محبوب، فتوبة العبد إلى ربه: أوبته مما يكرهه الله منه بالندم عليه والإقلاع عنه، والعزم على ترك العود فيه. وتوبة الرب على عبده: عوده عليه بالعفو له عن جرمه والصفع له عن عقوبة
- -وأما قوله: إنك أنت التواب الرحيم فإنه يعني به: إنك أنت العائد على عبادك بالفضل والمتفضل عليهم بالعفو والغفران، الرحيم بهم، المستنقذ من تشاء منهم برحمتك من هلكته، المنجي من تريد نجاته منهم برأفتك من سخطك
- -القول في تأويل قوله تعالى: ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم وهذه دعوة إبراهيم وإسماعيل لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاصة، وهي الدعوة التي كان نبينا صلى الله عليه وسلم يقول: " أنا دعوة
- -ويعني تعالى ذكره بقوله: يتلو عليهم آياتك يقرأ عليهم كتابك الذي توحيه إليه
- -القول في تأويل قوله تعالى: ويعلمهم الكتاب والحكمة ويعني بالكتاب القرآن. وقد بينت فيما مضى لم سمي القرآن كتابا وما تأويله. وهو قول جماعة من أهل التأويل
- -القول في تأويل قوله تعالى: ويزكيهم قد دللنا فيما مضى قبل على أن معنى التزكية: التطهير، وأن معنى الزكاة: النماء والزيادة. فمعنى قوله: ويزكيهم في هذا الموضع: ويطهرهم من الشرك بالله وعبادة الأوثان وينميهم ويكثرهم بطاعة الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: إنك أنت العزيز الحكيم يعني تعالى ذكره بذلك: إنك يا رب أنت العزيز القوي الذي لا يعجزه شيء أراده، فافعل بنا وبذريتنا ما سألناه وطلبناه منك. والحكيم: الذي لا يدخل تدبيره خلل ولا زلل، فأعطنا ما ينفعنا وينفع ذريتنا، ولا ينقصك
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين
- -يعني تعالى ذكره بقوله: ومن يرغب عن ملة إبراهيم وأي الناس يزهد في ملة إبراهيم ويتركها رغبة عنها إلى غيرها. وإنما عنى الله بذلك اليهود والنصارى لاختيارهم ما اختاروا من اليهودية والنصرانية على الإسلام؛ لأن ملة إبراهيم هي الحنيفية المسلمة، كما قال تعالى
- -القول في تأويل قوله تعالى: إلا من سفه نفسه يعني تعالى ذكره بقوله: إلا من سفه نفسه إلا من سفهت نفسه، وقد بينا فيما مضى أن معنى السفه: الجهل. فمعنى الكلام: وما يرغب عن ملة إبراهيم الحنيفية إلا سفيه جاهل بموضع حظ نفسه فيما ينفعها ويضرها في معادها
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولقد اصطفيناه في الدنيا يعني تعالى ذكره بقوله: ولقد اصطفيناه في الدنيا ولقد اصطفينا إبراهيم، والهاء التي في قوله: اصطفيناه من ذكر إبراهيم والاصطفاء: الافتعال من الصفوة، وكذلك اصطفينا افتعلنا منه، صيرت تاؤها طاء لقرب
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإنه في الآخرة لمن الصالحين يعني تعالى ذكره بقوله: وإنه في الآخرة لمن الصالحين وإن إبراهيم في الدار الآخرة لمن الصالحين. والصالح من بني آدم هو المؤدي حقوق الله عليه. فأخبر تعالى ذكره عن إبراهيم خليله أنه في الدنيا له صفي،
- -القول في تأويل قوله تعالى: إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين
- -يعني تعالى ذكره بقوله: إذ قال له ربه أسلم إذ قال له ربه: أخلص لي العبادة، واخضع لي بالطاعة، وقد دللنا فيما مضى على معنى الإسلام في كلام العرب، فأغنى عن إعادته صلى الله عليه وسلم
- -وأما معنى قوله: قال أسلمت لرب العالمين فإنه يعني تعالى ذكره: قال إبراهيم مجيبا لربه: خضعت بالطاعة، وأخلصت بالعبادة لمالك جميع الخلائق ومدبرها دون غيره. فإن قال قائل: قد علمت أن إذ وقت فما الذي وقت به، وما الذي صلته؟ قيل: هو صلة لقوله: ولقد
- -القول في تأويل قوله تعالى: ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون
- -يعني تعالى ذكره بقوله: ووصى بها ووصى بهذه الكلمة؛ أعني بالكلمة قوله: أسلمت لرب العالمين وهي الإسلام الذي أمر به نبيه صلى الله عليه وسلم، وهو إخلاص العبادة والتوحيد لله، وخضوع القلب والجوارح له
- -ويعني بقوله: ووصى بها إبراهيم بنيه عهد إليهم بذلك وأمرهم به
- -وأما قوله: ويعقوب فإنه يعني: ووصى بذلك أيضا يعقوب بنيه
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا بني إن الله اصطفى لكم الدين يعني تعالى ذكره بقوله: إن الله اصطفى لكم الدين إن الله اختار لكم هذا الدين الذي عهد إليكم فيه واجتباه لكم. وإنما أدخل الألف واللام في " الدين "، لأن الذين خوطبوا من ولدهما وبنيهما بذلك كانوا
- -القول في تأويل قوله تعالى: فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون إن قال لنا قائل: أو إلى بني آدم الموت والحياة فينهى أحدهم أن يموت إلا على حالة دون حالة؟ قيل له: إن معنى ذلك على غير الوجه الذي ظننت، وإنما معناه: فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون أي فلا تفارقوا هذا
- -القول في تأويل قوله تعالى: أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب إلاها واحدا ونحن له مسلمون
- -يعني تعالى ذكره بقوله: أم كنتم شهداء أكنتم، ولكنه استفهم ب أم إذ كان استفهاما مستأنفا على كلام قد سبقه، كما قيل: الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه، وكذلك تفعل العرب في كل استفهام ابتدأته بعد كلام قد سبقه تستفهم فيه ب (أم)
- -القول في تأويل قوله تعالى: إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آباءك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون يعني تعالى ذكره بقوله: إذ قال لبنيه إذ قال يعقوب لبنيه. وإذ هذه مكررة إبدالا من إذ الأولى بمعنى: أم كنتم شهداء
- -القول في تأويل قوله تعالى: تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون
- -يعني تعالى ذكره بقوله: تلك أمة قد خلت إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وولدهم. يقول لليهود والنصارى: يا معشر اليهود والنصارى دعوا ذكر إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والمسلمين من أولادهم بغير ما هم أهله ولا تنحلوهم كفر اليهودية والنصرانية فتضيفوها إليهم
- -ويعني بقوله: لها ما كسبت أي ما عملت من خير، ولكم يا معشر اليهود والنصارى مثل ذلك ما عملتم. ولا تؤاخذون أنتم أيها الناحلون ما نحلتموهم من الملل، فسألوا عما كان إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وولدهم يعملون فيكسبون من خير وشر؛ لأن لكل نفس ما كسبت،
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين
- -يعني تعالى ذكره بقوله: وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا وقالت اليهود لمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المؤمنين: كونوا هودا تهتدوا، وقالت النصارى لهم: كونوا نصارى تهتدوا. تعني بقولها تهتدوا: أي تصيبوا طريق الحق
- -القول في تأويل قوله تعالى: بل ملة إبراهيم حنيفا الملة: الدين. وأما الحنيف: فإنه المستقيم من كل شيء. وقد قيل: إن الرجل الذي تقبل إحدى قدميه على الأخرى إنما قيل له أحنف نظرا له إلى السلامة، كما قيل للمهلكة من البلاد: المفازة، بمعنى الفوز بالنجاة
- -وأما قوله: وما كان من المشركين يقول: إنه لم يكن ممن يدين بعبادة الأوثان والأصنام. ولا كان من اليهود. ولا من النصارى، بل كان حنيفا مسلما
- -القول في تأويل قوله تعالى: قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون يعني تعالى ذكره بذلك: قولوا أيها المؤمنون لهؤلاء اليهود
- -وما أنزل إلينا يقول أيضا: صدقنا بالكتاب الذي أنزل الله إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. فأضاف الخطاب بالتنزيل إليهم إذ كانوا متبعيه ومأمورين منهيين به، فكان وإن كان تنزيلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعنى التنزيل إليهم للذي لهم فيه من المعاني
- -ويعني بقوله: وما أنزل إلى إبراهيم صدقنا أيضا وآمنا بما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، وهم الأنبياء من ولد يعقوب
- -وقوله، وما أوتي موسى وعيسى يعني: وآمنا أيضا بالتوراة التي آتاها الله موسى، وبالإنجيل الذي آتاه الله عيسى، والكتب التي آتى النبيين كلهم، وأقررنا وصدقنا أن ذلك كله حق وهدى ونور من عند الله. وأن جميع من ذكر الله من أنبيائه كانوا على حق وهدى يصدق بعضهم
- -لا نفرق بين أحد منهم يقول: لا نؤمن ببعض الأنبياء ونكفر ببعض، ونتبرأ من بعض، ونتولى بعضا، كما تبرأت اليهود من عيسى ومحمد عليهما السلام وأقرت بغيرهما من الأنبياء، وكما تبرأت النصارى من محمد صلى الله عليه وسلم وأقرت بغيره من الأنبياء؛ بل نشهد لجميعهم
- -وأما قوله: ونحن له مسلمون فإنه يعني تعالى ذكره: ونحن له خاضعون بالطاعة، مذعنون له بالعبودية. فذكر أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك لليهود، فكفروا بعيسى وبمن يؤمن به
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم
- -يعني تعالى ذكره بقوله: فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فإن صدق اليهود والنصارى بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، وما أوتي موسى وعيسى، وما أوتي النبيون من ربهم، وأقروا بذلك مثل ما صدقتم أنتم به أيها المؤمنون وأقررتم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن تولوا فإنما هم في شقاق يعني تعالى ذكره بقوله: وإن تولوا وإن تولى هؤلاء الذين قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه كونوا هودا أو نصارى، فأعرضوا، فلم يؤمنوا بمثل إيمانكم أيها المؤمنون بالله، وبما جاءت به الأنبياء،
- -القول في تأويل قوله تعالى: فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم يعني تعالى ذكره بقوله: فسيكفيكهم الله فسيكفيك الله يا محمد هؤلاء الذين قالوا لك ولأصحابك: كونوا هودا أو نصارى تهتدوا من اليهود والنصارى، إن هم تولوا عن أن يؤمنوا بمثل إيمان أصحابك بالله،
- -القول في تأويل قوله تعالى: صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون يعني تعالى ذكره بالصبغة: صبغة الإسلام، وذلك أن النصارى إذا أرادت أن تنصر أطفالهم جعلتهم في ماء لهم تزعم أن ذلك لها تقديس بمنزلة غسل الجنابة لأهل الإسلام، وأنه صبغة لهم في
- -القول في تأويل قوله تعالى: ونحن له عابدون وقوله تعالى ذكره: ونحن له عابدون أمر من الله تعالى ذكره نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقوله لليهود والنصارى الذين قالوا له ولمن تبعه من أصحابه: كونوا هودا أو نصارى فقال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل بل نتبع
- -القول في تأويل قوله تعالى: قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون
- -يعني تعالى ذكره بقوله: قل أتحاجوننا في الله قل يا محمد لمعاشر اليهود والنصارى الذين قالوا لك ولأصحابك كونوا هودا أو نصارى تهتدوا، وزعموا أن دينهم خير من دينكم، وكتابهم خير من كتابكم لأنه كان قبل كتابكم، وزعموا أنهم من أجل ذلك أولى بالله منك:
- -ويعني بقوله: قل أتحاجوننا قل أتخاصموننا وتجادلوننا
- -فأما قوله: ونحن له مخلصون فإنه يعني: ونحن لله مخلصو العبادة والطاعة لا نشرك به شيئا، ولا نعبد غيره أحدا، كما عبد أهل الأوثان معه الأوثان، وأصحاب العجل معه العجل. وهذا من الله تعالى ذكره توبيخ لليهود واحتجاج لأهل الإيمان، بقوله تعالى ذكره للمؤمنين
- -القول في تأويل قوله تعالى: أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون قال أبو جعفر: في قراءة ذلك وجهان؛ أحدهما: أم تقولون بالتاء، فمن
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله يعني: فإن زعمت يا محمد اليهود والنصارى الذين قالوا لك ولأصحابك كونوا هودا أو نصارى، أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى، فمن أظلم منهم؟ يقول: وأي امرئ أظلم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما الله بغافل عما تعملون يعني تعالى ذكره بذلك: وقل لهؤلاء اليهود والنصارى الذين يحاجونك يا محمد: وما الله بغافل عما تعملون من كتمانكم الحق فيما ألزمكم في كتابه بيانه للناس، من أمر إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط في
- -القول في تأويل قوله تعالى: تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون
- -يعني تعالى ذكره بقوله: تلك أمة إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط
- -القول في تأويل قوله تعالى: " سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم "
- -يعني بقوله جل ثناؤه سيقول السفهاء سيقول الجهال من الناس وهم اليهود، وأهل النفاق وإنما سماهم الله عز وجل سفهاء، لأنهم سفهوا الحق فتجاهلت أحبار اليهود وتعاظمت جهالهم وأهل الغباء منهم عن اتباع محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان من العرب ولم يكن من بني
- -" القول في تأويل قوله تعالى: " ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها " يعني بقوله جل ثناؤه: ما ولاهم أي شيء صرفهم عن قبلهم؟ وهو من قول القائل: ولاني فلان دبره: إذا حول وجهه عنه واستدبره فكذلك قوله: ما ولاهم أي شيء حول وجوههم؟ وأما قوله: عن قبلتهم
- -ذكر المدة التي صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه نحو بيت المقدس، وما كان سبب صلاته نحوه؟ وما الذي دعا اليهود والمنافقين إلى قيل ما قالوا عند تحويل الله قبلة المؤمنين عن بيت المقدس إلى الكعبة اختلف أهل العلم في المدة التي صلاها رسول الله صلى
- -ذكر السبب الذي كان من أجله يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس قبل أن يفرض عليه التوجه شطر الكعبة اختلف أهل العلم في ذلك، فقال بعضهم: كان ذلك باختيار من النبي صلى الله عليه وسلم
- -ذكر السبب الذي من أجله قال من قال ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها اختلف أهل التأويل في ذلك، فروي عن ابن عباس فيه قولان أحدهما ما
- -القول في تأويل قوله تعالى: قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم يعني بذلك عز وجل: قل يا محمد لهؤلاء الذين قالوا لك ولأصحابك:: ما ولاكم عن قبلتكم من بيت المقدس التي كنتم على التوجه إليها إلى التوجه إلى شطر المسجد الحرام: لله ملك المشرق
- -القول في تأويل قوله تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله
- -يعني جل ثناؤه بقوله: وكذلك جعلناكم أمة وسطا كما هديناكم أيها المؤمنون بمحمد عليه الصلاة والسلام، وبما جاءكم به من عند الله، فخصصناكم بالتوفيق لقبلة إبراهيم وملته، وفضلناكم بذلك على من سواكم من أهل الملل؛ كذلك خصصناكم ففضلناكم على غيركم من أهل
- -ذكر من قال: الوسط: العدل
- -" القول في تأويل قوله تعالى: لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا والشهداء جمع شهيد. فمعنى ذلك: وكذلك جعلناكم أمة وسطا عدولا لتكونوا شهداء لأنبيائي ورسلي على أممها بالبلاغ أنها قد بلغت ما أمرت ببلاغه من رسالاتي إلى أممها، ويكون رسولي محمد
- -قوله: ويكون الرسول عليكم شهيدا يعني بإيمانهم به، وبما أنزل عليه
- -القول في تأويل قوله تعالى وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه يعني جل ثناؤه بقوله: وما جعلنا القبلة التي كنت عليها ولم نجعل صرفك عن القبلة التي كنت على التوجه إليها يا محمد فصرفناك عنها إلا لنعلم من يتبعك ممن لا
- -فكأن معنى قائل هذا القول في تأويل قوله: إلا لنعلم إلا لنبين لكم أنا نعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه. وهذا، وإن كان وجها له مخرج، فبعيد من المفهوم. وقال آخرون: إنما قيل: إلا لنعلم وهو بذلك عالم قبل كونه وفي كل حال على وجه الترفق بعباده،
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله اختلف أهل التأويل في التي وصفها الله جل وعز بأنها كانت كبيرة إلا على الذين هدى الله. فقال بعضهم: عنى جل ثناؤه بالكبيرة: التولية من بيت المقدس شطر المسجد الحرام والتحويل، وإنما أنث
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما كان الله ليضيع إيمانكم قيل: عنى بالإيمان في هذا الموضع الصلاة. ذكر الأخبار التي رويت بذلك
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله بالناس لرءوف رحيم ويعني بقوله جل ثناؤه: إن الله بالناس لرءوف رحيم إن الله بجميع عباده ذو رأفة. والرأفة أعلى معاني الرحمة، وهي عامة لجميع الخلق في الدنيا ولبعضهم في الآخرة. وأما الرحيم، فإنه ذو الرحمة للمؤمنين في
- -القول في تأويل قوله تعالى: قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون يعني بذلك جل ثناؤه: قد نرى يا محمد نحن تقلب
- -فأما قوله: فلنولينك قبلة ترضاها فإنه يعني: فلنصرفنك عن بيت المقدس إلى قبلة ترضاها تهواها وتحبها
- -وأما قوله: فول وجهك يعني اصرف وجهك وحوله
- -وقوله: شطر المسجد الحرام يعني بالشطر: النحو والقصد والتلقاء، كما قال الهذلي: إن العسير بها داء مخامرها فشطرها نظر العينين محسور يعني بقوله شطرها: نحوها. وكما قال ابن أحمر: تعدو بنا شطر جمع وهي عاقدة قد كارب العقد من إيفادها الحقبا وبنحو الذي قلنا
- -القول في تأويل قوله تعالى: وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره يعني جل ثناؤه بذلك: فأينما كنتم من الأرض أيها المؤمنون فحولوا وجوهكم في صلاتكم نحو المسجد الحرام وتلقاءه. والهاء التي في " شطره " عائدة إلى المسجد الحرام فأوجب جل ثناؤه بهذه الآية على المؤمنين
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما الله بغافل عما تعملون يعني بذلك تبارك وتعالى: وليس الله بغافل عما تعملون أيها المؤمنون في اتباعكم أمره وانتهائكم إلى طاعته فيما ألزمكم من فرائضه وإيمانكم به في صلاتكم نحو بيت المقدس ثم صلاتكم من بعد ذلك شطر المسجد الحرام
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين يعني بذلك تبارك اسمه: ولئن جئت يا محمد اليهود والنصارى بكل
- -وأما قوله: وما أنت بتابع قبلتهم يقول: وما لك من سبيل يا محمد إلى اتباع قبلتهم، وذلك أن اليهود تستقبل بيت المقدس بصلاتها، وأن النصارى تستقبل المشرق، فأنى يكون لك السبيل إلى اتباع قبلتهم مع اختلاف وجوهها. يقول: فالزم قبلتك التي أمرت بالتوجه إليها،
- -وأما قوله: وما بعضهم بتابع قبلة بعض فإنه يعني بقوله: وما اليهود بتابعة قبلة النصارى، ولا النصارى بتابعة قبلة اليهود فمتوجهة نحوها
- -القول في تأويل قوله تعالي: ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين يعني بقوله جل ثناؤه: ولئن اتبعت أهواءهم ولئن التمست يا محمد رضا هؤلاء اليهود، والنصارى الذين قالوا لك ولأصحابك: كونوا هودا أو نصارى تهتدوا، فاتبعت قبلتهم يعني
- -القول في تأويل قوله تعالى: الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون
- -يعني جل ثناؤه بقوله: الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه أحبار اليهود، وعلماء النصارى. يقول: يعرف هؤلاء الأحبار من اليهود، والعلماء من النصارى أن البيت الحرام قبلتهم، وقبلة إبراهيم، وقبلة الأنبياء قبلك كما يعرفون أبناءهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون يقول جل ثناؤه: وإن طائفة من الذين أوتوا الكتاب وهم اليهود، والنصارى
- -القول في تأويل قوله تعالى: الحق من ربك فلا تكونن من الممترين يقول الله جل ثناؤه: اعلم يا محمد أن الحق ما أعلمك ربك وأتاك من عنده، لا ما يقول لك اليهود، والنصارى. وهذا من الله تعالى ذكره خبر لنبيه عليه الصلاة والسلام عن أن القبلة التي وجهه نحوها هي
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير
- -يعني بقوله تعالى ذكره: ولكل ولكل أهل ملة، فحذف أهل الملة واكتفى بدلالة الكلام عليه
- -وأما قوله: هو موليها فإنه يعني: هو مول وجهه إليها مستقبلها
- -القول في تأويل قوله تعالى: فاستبقوا الخيرات يعني تعالى ذكره بقوله: فاستبقوا فبادروا وسارعوا من " الاستباق "، وهو المبادرة والإسراع
- -القول في تأويل قوله تعالى: أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير ومعنى قوله: أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا في أي مكان وبقعة تهلكون فيه يأت بكم الله جميعا يوم القيامة إن الله على كل شيء قدير
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون
- -يعني جل ثناؤه بقوله: ومن حيث خرجت ومن أي موضع خرجت إلى أي موضع وجهت فول يا محمد وجهك يقول: حول وجهك. وقد دللنا على أن التولية في هذا الموضع شطر المسجد الحرام، إنما هي الإقبال بالوجه نحوه؛ وقد بينا معنى الشطر فيما مضى
- -وأما قوله: وإنه للحق من ربك فإنه يعني تعالى ذكره: وإن التوجه شطره للحق " الذي لا شك فيه من عند ربك، فحافظوا عليه، وأطيعوا الله في توجهكم قبله
- -وأما قوله: وما الله بغافل عما تعملون فإنه يقول: فإن الله تعالى ذكره ليس بساه عن أعمالكم ولا بغافل عنها، ولكنه محصيها لكم حتى يجازيكم بها يوم القيامة
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون
- -يعني بقوله تعالى ذكره: ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام من أي مكان وبقعة شخصت فخرجت يا محمد، فول وجهك تلقاء المسجد الحرام؛ وهو شطره
- -ويعني بقوله: وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم وأينما كنتم أيها المؤمنون من أرض الله فولوا وجوهكم في صلاتكم تجاهه وقبله وقصده
- -القول في تأويل قوله تعالى: لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني فقال جماعة من أهل التأويل: عنى الله تعالى بالناس في قوله: لئلا يكون للناس أهل الكتاب
- -وأما قوله: إلا الذين ظلموا منهم فإنهم مشركو العرب من قريش فيما تأوله أهل التأويل. ذكر من قال ذلك
- -وأما قوله: فلا تخشوهم واخشوني يعني فلا تخشوا هؤلاء الذين وصفت لكم أمرهم من الظلمة في حجتهم وجدالهم، وقولهم ما يقولون من أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد رجع إلى قبلتنا وسيرجع إلى ديننا أو أن يقدروا لكم على ضر في دينكم أو صدكم عما هداكم الله تعالى ذكره له
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون
- -يعني بقوله جل ثناؤه: ولأتم نعمتي عليكم ومن حيث خرجت من البلاد والأرض إلى أي بقعة شخصت فول وجهك شطر المسجد الحرام، وحيث كنت يا محمد والمؤمنون، فولوا وجوهكم في صلاتكم شطره، واتخذوه قبلة لكم، كيلا يكون لأحد من الناس سوى مشركي قريش حجة، ولأتم بذلك من
- -وقوله: ولعلكم تهتدون يعني: وكي ترشدوا للصواب من القبلة. ولعلكم عطف على قوله: ولأتم نعمتي عليكم , ولأتم نعمتي عليكم عطف على قوله لئلا يكون
- -القول في تأويل قوله تعالى: كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون
- -يعني بقوله جل ثناؤه: كما أرسلنا فيكم رسولا ولأتم نعمتي عليكم ببيان شرائع ملتكم الحنيفية، وأهديكم لدين خليلي إبراهيم عليه السلام، وأجعل لكم دعوته التي دعاني بها ومسألته التي سألنيها فقال: ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا
- -ذكر من قال: إن قوله: كما أرسلنا جواب قوله: فاذكروني
- -قوله: كما أرسلنا فيكم رسولا منكم فإنه يعني بذلك العرب، قال لهم جل ثناؤه: الزموا أيها العرب طاعتي، وتوجهوا إلى القبلة التي أمرتكم بالتوجه إليها، لتنقطع حجة اليهود عنكم، فلا تكون لهم عليكم حجة، ولأتم نعمتي عليكم وتهتدوا، كما ابتدأتكم بنعمتي فأرسلت
- -وأما قوله: يتلو عليكم آياتنا فإنه يعني آيات القرآن، وبقوله: ويزكيكم ويطهركم من دنس الذنوب، ويعلمكم الكتاب وهو الفرقان، يعني أنه يعلمهم أحكامه، ويعني بالحكمة: السنن والفقه في الدين. وقد بينا جميع ذلك فيما مضى قبل بشواهده
- -وأما قوله: ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون فإنه يعني: ويعلمكم من أخبار الأنبياء، وقصص الأمم الخالية، والخبر عما هو حادث وكائن من الأمور التي لم تكن العرب تعلمها فعلموها من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأخبرهم جل ثناؤه أن ذلك كله إنما يدركونه برسوله صلى
- -القول في تأويل قوله تعالى: فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون يعني تعالى ذكره بذلك: فاذكروني أيها المؤمنون بطاعتكم إياي فيما آمركم به وفيما أنهاكم عنه، أذكركم برحمتي إياكم ومغفرتي لكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: واشكروا لي ولا تكفرون يعني تعالى ذكره بذلك: اشكروا لي أيها المؤمنون فيما أنعمت عليكم من الإسلام والهداية للذين الذي شرعته لأنبيائي وأصفيائي ولا تكفرون يقول: ولا تجحدوا إحساني إليكم، فأسلبكم نعمتي التي أنعمت عليكم، ولكن
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين وهذه الآية حض من الله تعالى ذكره على طاعته واحتمال مكروهها على الأبدان والأموال، فقال: يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة على القيام بطاعتي وأداء
- -وأما قوله: إن الله مع الصابرين فإن تأويله: فإن الله ناصره وظهيره وراض بفعله، كقول القائل: افعل يا فلان كذا وأنا معك، يعني إني ناصرك على فعلك ذلك ومعينك عليه
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون يعني تعالى ذكره: يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر على طاعتي في جهاد عدوكم وترك معاصي وأداء سائر فرائضي عليكم، ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله هو ميت، فإن
- -وأما قوله: ولكن لا تشعرون فإنه يعنى به: ولكنكم لا ترونهم فتعلموا أنهم أحياء، وإنما تعلمون ذلك بخبري إياكم به. وإنما رفع قوله: " أموات " بإضمار مكني عن أسماء من يقتل في سبيل الله. ومعنى ذلك: ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله هم أموات. ولا يجوز
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين وهذا إخبار من الله تعالى ذكره أتباع رسوله صلى الله عليه وسلم أنه مبتليهم، وممتحنهم بشدائد من الأمور ليعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه، كما
- -وقوله: بشيء من الخوف يعني من الخوف من العدو وبالجوع، وهو القحط. يقول: لنختبرنكم بشيء من خوف ينالكم من عدوكم وبسنة تصيبكم ينالكم فيها مجاعة وشدة وتعذر المطالب عليكم فتنقص لذلك أموالكم، وحروب تكون بينكم وبين أعدائكم من الكفار، فينقص لها عددكم، وموت
- -القول في تأويل قوله تعالى: الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون يعني تعالى ذكره: وبشر يا محمد الصابرين، الذين يعلمون أن جميع ما بهم من نعمة فمني، فيقرون بعبوديتي، ويوحدونني بالربوبية، ويصدقون بالمعاد والرجوع إلي فيستسلمون لقضائي،
- -القول في تأويل قوله تعالى: أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون
- -يعني تعالى ذكره بقوله: أولئك هؤلاء الصابرون الذين وصفهم ونعتهم عليهم، يعني لهم صلوات يعني مغفرة. وصلوات الله على عباده: غفرانه لعباده، كالذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " اللهم صل على آل أبي أوفى " يعني اغفر لهم. وقد بينا الصلاة وما
- -وقوله: ورحمة يعني ولهم مع المغفرة التي بها صفح عن ذنوبهم وتغمدها رحمة من الله ورأفة , ثم أخبر تعالى ذكره مع الذي ذكر أنه معطيهم على اصطبارهم على محنه تسليما منهم لقضائه من المغفرة والرحمة أنهم هم المهتدون المصيبون طريق الحق والقائلون ما يرضى عنهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم " والصفا: جمع صفاة، وهي الصخرة الملساء، ومنه قول الطرماح: أبى لي ذو القوى والطول ألا يؤبس حافر أبدا صفاتي وقد
- -وأما قوله: من شعائر الله فإنه يعني من معالم الله التي جعلها تعالى ذكره لعباده معلما ومشعرا يعبدونه عندها، إما بالدعاء، وإما بالذكر وإما بأداء ما فرض عليهم من العمل عندها؛ ومنه قول الكميت: نقتلهم جيلا فجيلا تراهم شعائر قربان بهم يتقرب
- -القول في تأويل قوله تعالى: فمن حج البيت أو اعتمر
- -يعني تعالى ذكره: فمن حج البيت فمن أتاه عائدا إليه بعد بدء، وكذلك كل من أكثر الاختلاف إلى شيء فهو حاج إليه؛ ومنه قول الشاعر: وأشهد من عوف حلولا كثيرة يحجون بيت الزبرقان المزعفرا يعني بقوله يحجون: يكثرون التردد إليه لسؤدده ورياسته. وإنما قيل للحاج
- -القول في تأويل قوله تعالى: فلا جناح عليه أن يطوف بهما
- -يعني تعالى ذكره بقوله: فلا جناح عليه أن يطوف بهما يقول: فلا حرج عليه ولا مأثم في طوافه بهما فإن قال قائل: وما وجه هذا الكلام، وقد قلت لنا: إن قوله: إن الصفا والمروة من شعائر الله وإن كان ظاهره ظاهر الخبر فإنه في معنى الأمر بالطواف بهما؟ فكيف يكون
- -ذكر من قال: الطواف بينهما تطوع ولا شيء على من تركه، ومن كان يقرأ: " فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما "
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم اختلف القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء أهل المدينة والبصرة " ومن تطوع خيرا " على لفظ المضي بالتاء وفتح العين. وقرأته عامة قراء الكوفيين: (ومن يطوع خيرا) بالياء وجزم العين وتشديد الطاء
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون يقول: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات علماء اليهود وأحبارها، وعلماء النصارى، لكتمانهم الناس أمر محمد صلى
- -القول في تأويل قوله تعالى: من بعد ما بيناه للناس في الكتاب بعض الناس؛ لأن العلم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وصفته ومبعثه لم يكن إلا عند أهل الكتاب دون غيرهم، وإياهم عنى تعالى ذكره بقوله: للناس في الكتاب ويعني بذلك التوراة والإنجيل. وهذه الآية وإن
- -القول في تأويل قوله تعالى: أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون
- -يعني تعالى ذكره بقوله: أولئك يلعنهم الله هؤلاء الذين يكتمون ما أنزله الله من أمر محمد صلى الله عليه وسلم وصفته وأمر دينه أنه الحق من بعدما بينه الله لهم في كتبهم، يلعنهم بكتمانهم ذلك وتركهم تبيينه للناس. واللعنة الفعلة، من لعنه الله بمعنى: أقصاه
- -القول في تأويل قوله تعالى: إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم يعني تعالى ذكره بذلك أن الله واللاعنين يلعنون الكاتمين الناس ما علموا من أمر نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وصفته ونعته في الكتاب الذي أنزله الله وبينه للناس،
- -ثم قال تعالى ذكره: وأنا التواب الرحيم يقول: وأنا الذي أرجع بقلوب عبيدي المنصرفة عني إلي، والرادها بعد إدبارها عن طاعتي إلى طلب محبتي، والرحيم بالمقبلين بعد إقبالهم إلي أتغمدهم مني بعفو وأصفح عن عظيم ما كانوا اجترموا فيما بيني وبينهم بفضل رحمتي لهم.
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين
- -يعني تعالى ذكره بقوله: إن الذين كفروا إن الذين جحدوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وكذبوا به من اليهود، والنصارى، وسائر أهل الملل والمشركين من عبدة الأوثان وماتوا وهم كفار يعني وماتوا وهم على جحودهم ذلك وتكذيبهم محمدا صلى الله عليه وسلم؛ أولئك عليهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون إن قال لنا قائل: ما الذي نصب خالدين فيها قيل: نصب على الحال من الهاء والميم اللتين في عليهم. وذلك أن معنى قوله: أولئك عليهم لعنة الله أولئك يلعنهم الله والملائكة والناس أجمعون
- -وأما قوله: لا يخفف عنهم العذاب فإنه خبر من الله تعالى ذكره عن دوام العذاب أبدا من غير توقيت ولا تخفيف، كما قال تعالى ذكره: والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها وكما قال: كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها وأما
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم " قد بينا فيما مضى معنى الألوهية وأنها اعتباد الخلق. فمعنى قوله: وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم والذي يستحق عليكم أيها الناس الطاعة له، ويستوجب منكم العبادة معبود
- -وأما قوله: لا إله إلا هو فإنه خبر منه تعالى ذكره أنه لا رب للعالمين غيره، ولا يستوجب على العباد العبادة سواه، وأن كل ما سواه فهم خلقه، والواجب على جميعهم طاعته، والانقياد لأمره وترك عبادة ما سواه من الأنداد والآلهة وهجر الأوثان والأصنام، لأن جميع
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم
- -القول في تأويل قوله تعالى إن في خلق السموات والأرض يعني تعالى ذكره بقوله: إن في خلق السموات والأرض إن في إنشاء السموات والأرض وابتداعهما. ومعنى خلق الله الأشياء: ابتداعه وإيجاده إياها بعد أن لم تكن موجودة. وقد دللنا فيما مضى على المعنى الذي من أجله
- -القول في تأويل قوله تعالى: واختلاف الليل والنهار يعني تعالى ذكره بقوله: واختلاف الليل والنهار وتعاقب الليل، والنهار عليكم أيها الناس. وإنما الاختلاف في هذا الموضع الافتعال من خلوف كل واحد منهما الآخر، كما قال تعالى ذكره: وهو الذي جعل الليل،
- -القول في تأويل قوله تعالى: والفلك التي تجري في البحر يعني تعالى ذكره: إن في الفلك التي تجري في البحر. والفلك هو السفن، واحده وجمعه بلفظ واحد، ويذكر ويؤنث كما قال تعالى ذكره في تذكيره في آية أخرى: وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون فذكره،
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها يعني تعالى ذكره بقوله: وما أنزل الله من السماء من ماء وفيما أنزله الله من السماء من ماء، وهو المطر الذي ينزله الله من السماء
- -وقوله: فأحيا به الأرض بعد موتها وإحياؤها: عمارتها وإخراج نباتها، والهاء التي في " به " عائدة على الماء، والهاء والألف في قوله: بعد موتها على الأرض، وموت الأرض: خرابها ودثور عمارتها، وانقطاع نباتها الذي هو للعباد أقوات، وللأنام أرزاق
- -القول في تأويل قوله تعالى: وبث فيها من كل دابة يعني تعالى ذكره بقوله: وبث فيها من كل دابة وإن فيما بث في الأرض من دابة. ومعنى قوله، وبث فيها وفرق فيها، من قول القائل: بث الأمير سراياه: يعني فرق. والهاء والألف في قوله: " فيها " عائدتان على الأرض
- -القول في تأويل قوله تعالى: وتصريف الرياح يعني تعالى ذكره بقوله: وتصريف الرياح وفي تصريفه الرياح، فأسقط ذكر الفاعل وأضاف الفعل إلى المفعول، كما قال: يعجبني إكرام أخيك، يريد إكرامك أخاك وتصريف الله إياها: أن يرسلها مرة لواقح، ومرة يجعلها عقيما،
- -القول في تأويل قوله تعالى: والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون يعني تعالى ذكره بقوله والسحاب المسخر وفي السحاب جمع سحابة، يدل على ذلك قوله تعالى ذكره: وينشئ السحاب الثقال فوحد المسخر وذكره كما قال: هذه تمرة، وهذا تمر كثير في جمعه،
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب يعني تعالى ذكره بذلك: أن من الناس من يتخذ من دون الله أندادا له، وقد
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب اختلف القراء في قراءة ذلك، فقرأه عامة أهل المدينة والشام: (ولو ترى الذين ظلموا) بالتاء إذ يرون العذاب بالياء أن القوة لله جميعا وأن الله شديد
- -القول في تأويل قوله تعالى: إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب يعني تعالى ذكره بقوله: إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ثم اختلف أهل التأويل في الذين عنى الله تعالى
- -القول في تأويل قوله تعالى: وتقطعت بهم الأسباب يعني تعالى ذكره بذلك: أن الله شديد العذاب إذ تبرأ الذين اتبعوا وإذ تقطعت بهم الأسباب. ثم اختلف أهل التأويل في معنى الأسباب
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار يعني بقوله تعالى ذكره: وقال الذين اتبعوا وقال أتباع الرجال الذين كانوا اتخذوهم أندادا من دون الله يطيعونهم
- -وقوله: فنتبرأ منهم منصوب لأنه جواب للتمني بالفاء؛ لأن القوم تمنوا رجعة إلى الدنيا ليتبرءوا من الذين كانوا يطيعونهم في معصية الله كما تبرأ منهم رؤساؤهم الذين كانوا في الدنيا المتبوعون فيها على الكفر بالله إذ عاينوا عظيم النازل بهم من عذاب الله، فقالوا
- -القول في تأويل قوله تعالى: كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم ومعنى قوله: كذلك يريهم الله أعمالهم يقول: كما أراهم العذاب الذي ذكره في قوله: ورأوا العذاب الذي كانوا يكذبون به في الدنيا، فكذلك يريهم أيضا أعمالهم الخبيثة التي استحقوا بها العقوبة من
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما هم بخارجين من النار يعني تعالى ذكره بذلك: وما هؤلاء الذين وصفتهم من الكفار وإن ندموا بعد معاينتهم ما عاينوا من عذاب الله، فاشتدت ندامتهم على ما سلف منهم من أعمالهم الخبيثة، وتمنوا إلى الدنيا كرة لينيبوا فيها، ويتبرءوا
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين يعني تعالى ذكره بذلك: يا أيها الناس كلوا مما أحللت لكم من الأطعمة على لسان رسولي محمد صلى الله عليه وسلم فطيبته لكم مما تحرمونه على أنفسكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون
- -يعني تعالى ذكره بقوله: إنما يأمركم الشيطان بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون والسوء: الإثم مثل الضر من قول القائل: ساءك هذا الأمر يسوءك سوءا؛ وهو ما يسوء الفاعل. وأما الفحشاء: فهي مصدر مثل السراء، والضراء، وهي كل ما استفحش ذكره،
- -وأما قوله: وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون فهو ما كانوا يحرمون من البحائر، والسوائب، والوصائل، والحوامي، ويزعمون أن الله حرم ذلك، فقال تعالى ذكره لهم: ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون وفي هذه الآية وجهان من التأويل أحدهما أن تكون الهاء والميم من قوله: وإذا قيل لهم عائدة على " من " في قوله: ومن
- -وأما تأويل قوله: اتبعوا ما أنزل الله فإنه: اعملوا بما أنزل الله في كتابه على رسوله، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، واجعلوه لكم إماما تأتمون به، وقائدا تتبعون أحكامه
- -وقوله: ألفينا عليه آباءنا يعني وجدنا كما قال الشاعر: فألفيته غير مستعتب ولا ذاكر الله إلا قليلا يعني وجدته
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: مثل الكافر في قلة فهمه عن الله ما يتلى عليه في كتابه وسوء قبوله لما يدعى إليه من توحيد
- -القول في تأويل قوله تعالى: صم بكم عمي فهم لا يعقلون يعني تعالى ذكره بقوله: صم بكم عمي هؤلاء الكفار الذين مثلهم كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء، ونداء، صم عن الحق فهم لا يسمعون، بكم يعني خرس عن قيل الحق والصواب والإقرار بما أمرهم الله أن يقروا به
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون
- -يعني تعالى ذكره بقوله: يا أيها الذين آمنوا يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله، وأقروا لله بالعبودية، وأذعنوا له بالطاعة
- -القول في تأويل قوله تعالى إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم يعني تعالى ذكره بذلك: لا تحرموا على أنفسكم ما لم أحرمه عليكم أيها المؤمنون بالله وبرسوله من البحائر،
- -ومعنى قوله: إنما حرم عليكم الميتة ما حرم عليكم إلا الميتة: " وإنما ": حرف واحد، ولذلك نصبت الميتة والدم، وغير جائز في الميتة إذا جعلت " إنما " حرفا واحدا إلا النصب، ولو كانت " إنما " حرفين وكانت منفصلة من " إن " لكانت الميتة مرفوعة وما بعدها، وكان
- -وأما قوله: وما أهل به لغير الله فإنه يعني به: وما ذبح للآلهة والأوثان يسمى عليه بغير اسمه أو قصد به غيره من الأصنام
- -وإنما قيل: وما أهل به لأنهم كانوا إذا أرادوا ذبح ما قربوه لآلهتهم سموا اسم آلهتهم التي قربوا ذلك لها وجهروا بذلك أصواتهم، فجرى ذلك من أمرهم على ذلك حتى قيل لكل ذابح يسمي أو لم يسم جهر بالتسمية أو لم يجهر: " مهل " فرفعهم أصواتهم بذلك هو الإهلال الذي
- -القول في تأويل قوله تعالى: فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه يعني تعالى ذكره: فمن اضطر فمن حلت به ضرورة مجاعة إلى ما حرمت عليكم من الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وما أهل به لغير الله، وهو بالصفة التي وصفنا، فلا إثم عليه في أكله إن أكله. وقوله:
- -وأما قوله: غير باغ ولا عاد فإن أهل التأويل في تأويله مختلفون فقال بعضهم: يعني بقوله: غير باغ غير خارج على الأئمة بسيفه باغيا عليهم بغير جور، ولا عاديا عليهم بحرب وعدوان فمفسد عليهم السبيل
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله غفور رحيم يعني بقوله تعالى ذكره: إن الله غفور رحيم إن الله غفور إن أطعتم الله في إسلامكم فاجتنبتم أكل ما حرم عليكم وتركتم اتباع الشيطان فيما كنتم تحرمونه في جاهليتكم، طاعة منكم للشيطان واقتفاء منكم خطواته، مما لم
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم
- -يعني تعالى ذكره بقوله: إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب أحبار اليهود الذين كتموا الناس أمر محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته، وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة برشا كانوا أعطوها على ذلك
- -القول في تأويل قوله تعالى: أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم يعني تعالى ذكره بقوله: أولئك هؤلاء الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب في شأن محمد صلى الله عليه وسلم بالخسيس من الرشوة يعطونها،
- -وأما قوله: ولا يكلمهم الله يوم القيامة يقول: ولا يكلمهم بما يحبون، ويشتهون، فأما بما يسوءهم، ويكرهون فإنه سيكلمهم؛ لأنه قد أخبر تعالى ذكره أنه يقول لهم إذا قالوا: ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون قال: اخسئوا فيها ولا تكلمون لآيتين.
- -وأما قوله: ولا يزكيهم فإنه يعني: ولا يطهرهم من دنس ذنوبهم، وكفرهم، ولهم عذاب أليم يعني موجع
- -القول في تأويل قوله تعالى: أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار
- -يعني تعالى ذكره بقوله: أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى أولئك الذين أخذوا الضلالة وتركوا الهدى، وأخذوا ما يوجب لهم عذاب الله يوم القيامة وتركوا ما يوجب لهم غفرانه ورضوانه. فاستغنى بذكر العذاب والمغفرة من ذكر السبب الذي يوجبهما لفهم سامعي ذلك لمعناه
- -القول في تأويل قوله تعالى: فما أصبرهم على النار اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: فما أجرأهم على العمل الذي يقربهم إلى النار
- -القول في تأويل قوله تعالى: ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد
- -أما قوله: ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق فإنه اختلف في المعني ب " ذلك "، فقال بعضهم: معنى " ذلك " فعلهم هذا الذي يفعلون من جراءتهم على عذاب النار في مخالفتهم أمر الله وكتمانهم الناس ما أنزل الله في كتابه وأمرهم ببيانه لهم من أمر محمد صلى الله عليه وسلم
- -وأما قوله: وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد يعني بذلك اليهود، والنصارى، اختلفوا في كتاب الله؛ فكفرت اليهود بما قص الله فيه من قصص عيسى ابن مريم، وأمه، وصدقت النصارى ببعض ذلك وكفروا ببعضه، وكفروا جميعا بما أنزل الله فيه من الأمر بتصديق
- -القول في تأويل قوله تعالى: ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون
- -القول في تأويل قوله تعالى: وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب يعني تعالى ذكره بقوله: وآتى المال على حبه وأعطى ماله في حين محبته إياه وضنه به وشحه عليه
- -وأما قوله والسائلين فإنه يعني به: المستطعمين الطالبين
- -وأما قوله: وفي الرقاب فإنه يعني بذلك: وفي فك الرقاب من العبودة، وهم المكاتبون الذين يسعون في فك رقابهم من العبودة بأداء كتاباتهم التي فارقوا عليها ساداتهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا يعني تعالى ذكره بقوله: وأقام الصلاة أدام العمل بها بحدودها، وبقوله: وآتى الزكاة أعطاها على ما فرضها الله عليه. فإن قال قائل: وهل من حق يجب في مال إيتاؤه فرضا غير الزكاة
- -وأما قوله: والموفون بعهدهم إذا عاهدوا فإن يعني تعالى ذكره: والذين لا ينقضون عهد الله بعد المعاهدة، ولكن يوفون به ويتمونه على ما عاهدوا عليه من عاهدوه عليه
- -القول في تأويل قوله تعالى: والصابرين في البأساء والضراء قد بينا تأويل الصبر فيما مضى قبل فمعنى الكلام: والمانعين أنفسهم في البأساء، والضراء، وحين البأس مما يكرهه الله لهم الحابسيها على ما أمرهم به من طاعته. ثم قال أهل التأويل في معنى البأساء والضراء
- -القول في تأويل قوله تعالى: وحين البأس يعني تعالى ذكره بقوله: وحين البأس والصابرين في وقت البأس، وذلك وقت شدة القتال في الحرب
- -القول في تأويل قوله تعالى: أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون يعني تعالى ذكره بقوله: أولئك الذين صدقوا من آمن بالله واليوم الآخر، ونعتهم النعت الذي نعتهم به في هذه الآية، يقول: فمن فعل هذه الأشياء فهم الذين صدقوا الله في إيمانهم وحققوا قولهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم
- -يعني تعالى ذكره بقوله: كتب عليكم القصاص في القتلى فرض عليكم. فإن قال قائل: أفرض على ولي القتيل القصاص من قاتل وليه؟ قيل: لا؛ ولكنه مباح له ذلك، والعفو، وأخذ الدية. فإن قال قائل: وكيف قال: كتب عليكم القصاص قيل: إن معنى ذلك على خلاف ما ذهبت
- -القول في تأويل قوله تعالى: فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: تأويله: فمن ترك له من القتل ظلما من الواجب كان لأخيه عليه من القصاص، وهو الشيء الذي قال الله: فمن عفي له من أخيه شيء
- -القول في تأويل قوله تعالى: ذلك تخفيف من ربكم ورحمة يعني تعالى ذكره بقوله ذلك: هذا الذي حكمت به وسننته لكم من إباحتي لكم أيتها الأمة العفو عن القصاص من قاتل قتيلكم على دية تأخذونها فتملكونها ملككم سائر أموالكم التي كنت منعتها من قبلكم من الأمم السالفة
- -القول في تأويل قوله تعالى: فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم يعني تعالى ذكره بقوله: فمن اعتدى بعد ذلك فمن تجاوز ما جعله الله له بعد أخذه الدية اعتداء وظلما إلى ما لم يجعل له من قتل قاتل وليه وسفك دمه، فله بفعله ذلك وتعديه إلى ما قد حرمته عليه عذاب أليم
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون
- -يعني تعالى ذكره بقوله: ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ولكم يا أولي العقول فيما فرضت عليكم وأوجبت لبعضكم على بعض من القصاص في النفوس، والجراح، والشجاج ما منع به بعضكم من قتل بعض وقدع بعضكم عن بعض فحييتم بذلك فكان لكم في حكمي بينكم بذلك حياة.
- -وأما تأويل قوله: يا أولي الألباب فإنه: يا أولي العقول. والألباب جمع اللب، واللب العقل. وخص الله تعالى ذكره بالخطاب أهل العقول؛ لأنهم هم الذين يعقلون عن الله أمره ونهيه ويتدبرون آياته وحججه دون غيرهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: لعلكم تتقون وتأويل قوله: لعلكم تتقون أي تتقون القصاص فتنتهون عن القتل
- -القول في تأويل قوله تعالى: كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين
- -يعني بقوله تعالى ذكره كتب عليكم فرض عليكم أيها المؤمنون الوصية إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا والخير: المال للوالدين والأقربين الذين لا يرثونه، بالمعروف وهو ما أذن الله فيه وأجازه في الوصية مما لم يجاوز الثلث، ولم يتعمد الموصي ظلم ورثته حقا على
- -القول في تأويل قوله تعالى: فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه، إن الله سميع عليم يعني تعالى ذكره بذلك: فمن غير ما أوصى به الموصي من وصيته بالمعروف لوالديه أو أقربيه الذين لا يرثونه بعد ما سمع الوصية فإنما إثم التبديل على من بدل وصيته
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله سميع عليم يعني تعالى ذكره بذلك: إن الله سميع لوصيتكم التي أمرتكم أن توصوا بها لآبائكم وأمهاتكم وأقربائكم حين توصون بها، أتعدلون فيها على ما أذنت لكم من فعل ذلك بالمعروف، أم تحيفون فتميلون عن الحق وتجورون عن القصد؛
- -القول في تأويل قوله تعالى: فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم اختلف أهل التأويل في تأويل هذه الآية، فقال بعضهم: تأويلها: فمن حضر مريضا وهو يوصي عند إشرافه على الموت، فخاف أن يخطئ في وصيته فيفعل ما ليس له أو أن
- -وأما قوله: إن الله غفور رحيم فإنه يعني: والله غفور رحيم للموصي فيما كان حدث به نفسه من الجنف، والإثم، إذا ترك أن يأثم، ويجنف في وصيته، فتجاوز له عما كان حدث به نفسه من الجور، إذ لم يمض ذلك فيغفل أن يؤاخذه به، رحيم بالمصلح بين الموصي وبين من أراد
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون
- -يعني الله تعالى ذكره بقوله: يا أيها الذين آمنوا يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله، وصدقوا بهما وأقروا. ويعني بقوله: كتب عليكم الصيام فرض عليكم الصيام، والصيام مصدر من قول القائل: صمت عن كذا وكذا، يعني كففت عنه، أصوم عنه صوما وصياما، ومعنى الصيام
- -وقوله كما كتب على الذين من قبلكم يعني: فرض عليكم مثل الذي فرض على الذين من قبلكم. ثم اختلف أهل التأويل في الذين عنى الله بقوله: كما كتب على الذين من قبلكم وفي المعنى الذي وقع فيه التشبيه بين فرض صومنا، وصوم الذين من قبلنا، فقال بعضهم: الذين أخبرنا
- -وأما تأويل قوله: لعلكم تتقون فإنه يعني به: لتتقوا أكل الطعام وشرب الشراب وجماع النساء فيه، يقول: فرضت عليكم الصوم والكف عما تكونون بترك الكف عنه مفطرين لتتقوا ما يفطركم في وقت صومكم. وبمثل الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل
- -القول في تأويل قوله تعالى: أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون يعني تعالى ذكره: كتب عليكم أيها الذين آمنوا الصيام أياما معدودات.
- -القول في تأويل قوله تعالى: فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين يعني بقوله جل ثناؤه: من كان منكم مريضا ممن كلف صومه أو كان صحيحا غير مريض، وكان على سفر فعدة من أيام أخر. يقول: فعليه صوم عدة الأيام التي
- -القول في تأويل قوله تعالى: فمن تطوع خيرا فهو خير له اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون يعني تعالى ذكره بقوله: وأن تصوموا ما كتب عليكم من شهر رمضان فهو خير لكم من أن تفطروه وتفتدوا
- -القول في تأويل قوله تعالى: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: فمن شهد منكم الشهر فليصمه اختلف أهل التأويل في معنى شهود الشهر. فقال بعضهم: هو مقام المقيم في داره، قالوا: فمن دخل عليه شهر رمضان وهو مقيم في داره فعليه صوم الشهر كله، غاب بعد مسافر أو أقام فلم يبرح. ذكر من قال ذلك
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يعني تعالى ذكره بذلك: ومن كان مريضا أو على سفر في الشهر فأفطر فعليه صيام عدة الأيام التي أفطرها من أيام أخر غير أيام شهر رمضان. ثم اختلف أهل العلم في المرض الذي أباح الله معه الإفطار
- -القول في تأويل قوله تعالى: يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر يعني تعالى ذكره بذلك: يريد الله بكم أيها المؤمنون بترخيصه لكم في حال مرضكم وسفركم في الإفطار، وقضاء عدة أيام أخر من الأيام التي أفطرتموها بعد إقامتكم وبعد برئكم من مرضكم التخفيف عليكم،
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولتكملوا العدة يعني تعالى ذكره بذلك: ولتكملوا العدة عدة ما أفطرتم من أيام أخر أوجبت عليكم قضاء عدة من أيام أخر بعد برئكم من مرضكم، أو إقامتكم من سفركم
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولتكبروا الله على ما هداكم يعني تعالى ذكره: ولتعظموا الله بالذكر له بما أنعم عليكم به من الهداية التي خذل عنها غيركم من أهل الملل الذين كتب عليهم من صوم شهر رمضان مثل الذي كتب عليكم فيه، فضلوا عنه بإضلال الله إياهم، وخصكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولعلكم تشكرون يعني تعالى ذكره بذلك: ولتشكروا الله على ما أنعم به عليكم من الهداية والتوفيق. وتيسير ما لو شاء عسر عليكم. و " لعل " في هذا الموضع بمعنى " كي "، ولذلك عطف به على قوله: ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون يعني تعالى ذكره بذلك: وإذا سألك يا محمد عبادي عني أين أنا؟ فإني قريب منهم أسمع دعاءهم، وأجيب دعوة الداعي منهم. وقد اختلفوا فيما
- -القول في تأويل قوله تعالى: أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم
- -يعني تعالى ذكره بقوله: أحل لكم أطلق لكم وأبيح. ويعني بقوله: ليلة الصيام في ليلة الصيام. فأما الرفث فإنه كناية عن الجماع في هذا الموضع، يقال: هو الرفث والرفوث. وقد روي أنها في قراءة عبد الله: أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم وبمثل الذي قلنا في
- -القول في تأويل قوله تعالى: هن لباس لكم وأنتم لباس لهن يعني تعالى ذكره بذلك: نساؤكم لباس لكم وأنتم لباس لهن. فإن قال قائل: وكيف يكون نساؤنا لباسا لنا ونحن لهن لباسا واللباس إنما هو ما لبس؟ قيل: لذلك وجهان من المعاني: أحدهما أن يكون كل واحد منهما
- -القول في تأويل قوله تعالى: علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم إن قال لنا قائل: وما هذه الخيانة التي كان القوم يختانونها أنفسهم التي تاب الله منها عليهم فعفا عنهم؟ قيل: كانت خيانتهم أنفسهم التي
- -القول في تأويل قوله تعالى: وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر فقال بعضهم: يعني بقوله: الخيط الأبيض: ضوء
- -وأما قوله: من الفجر فإنه تعالى ذكره يعني: حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود الذي هو من الفجر. وليس ذلك هو جميع الفجر، ولكنه إذا تبين لكم أيها المؤمنون من الفجر ذلك الخيط الأبيض الذي يكون من تحت الليل الذي فوقه سواد الليل، فمن حينئذ فصوموا،
- -وأما قوله: ثم أتموا الصيام إلى الليل فإنه تعالى ذكره حد الصوم بأن آخر وقته إقبال الليل، كما حد الإفطار وإباحة الأكل، والشرب، والجماع وأول الصوم بمجيء أول النهار، وأول إدبار آخر الليل، فدل بذلك على أن لا صوم بالليل كما لا فطر بالنهار في أيام الصوم،
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد يعني تعالى ذكره بقوله: ولا تباشروهن لا تجامعوا نساءكم، وبقوله: وأنتم عاكفون في المساجد يقول: في حال عكوفكم في المساجد، وتلك حال حبسهم أنفسهم على عبادة الله في مساجدهم. والعكوف أصله
- -القول في تأويل قوله تعالى: تلك حدود الله فلا تقربوها يعني تعالى ذكره بذلك هذه الأشياء التي بينتها من الأكل، والشرب، والجماع في شهر رمضان نهارا في غير عذر، وجماع النساء في الاعتكاف في المساجد. يقول: هذه الأشياء حددتها لكم، وأمرتكم أن تجتنبوها في
- -القول في تأويل قوله تعالى: كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون يعني تعالى ذكره بذلك: كما بينت لكم أيها الناس واجب فرائضي عليكم من الصوم، وعرفتكم حدوده، وأوقاته، وما عليكم منه في الحضر، وما لكم فيه في السفر، والمرض، وما اللازم لكم تجنبه في حال
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون يعني تعالى ذكره بذلك: ولا يأكل بعضكم مال بعض بالباطل. فجعل تعالى ذكره بذلك أكل مال أخيه بالباطل كالآكل مال نفسه بالباطل
- -القول في تأويل قوله تعالى: يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن زيادة الأهلة، ونقصانها، واختلاف
- -القول في تأويل قوله تعالى: وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون قيل: نزلت هذه الآية في قوم كانوا لا يدخلون إذا أحرموا بيوتهم من قبل أبوابها
- -القول في تأويل قوله تعالى: واتقوا الله لعلكم تفلحون يعني تعالى ذكره بذلك: واتقوا الله أيها الناس فاحذروه، وارهبوه بطاعته فيما أمركم من فرائضه، واجتناب ما نهاكم عنه لتفلحوا فتنجحوا في طلباتكم لديه وتدركوا به البقاء في جناته، والخلود في نعيمه. وقد
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين اختلف أهل التأويل في تأويل هذه الآية، فقال بعضهم: هذه الآية هي أول آية نزلت في أمر المسلمين بقتال أهل الشرك. وقالوا: أمر فيها المسلمون بقتال من قاتلهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين يعني تعالى ذكره: واقتلوا أيها المؤمنون الذين يقاتلونكم من المشركين حيث
- -وأما قوله: وأخرجوهم من حيث أخرجوكم فإنه يعني بذلك المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم ومنازلهم بمكة، فقال لهم تعالى ذكره: أخرجوا هؤلاء الذين يقاتلونكم وقد أخرجوكم من دياركم من مساكنكم وديارهم كما أخرجوكم منها
- -القول في تأويل قوله تعالى: والفتنة أشد من القتل يعني تعالى ذكره بقوله: والفتنة أشد من القتل والشرك بالله أشد من القتل. وقد بينت فيما مضى أن أصل الفتنة الابتلاء، والاختبار فتأويل الكلام: وابتلاء المؤمن في دينه حتى يرجع عنه فيصير مشركا بالله من بعد
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين والقراء مختلفة في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء المدينة ومكة: ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم بمعنى:
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم يعني تعالى ذكره بذلك: فإن انتهى الكافرون الذين يقاتلونكم عن قتالكم وكفرهم بالله، فتركوا ذلك وتابوا، فإن الله غفور لذنوب من آمن منهم وتاب من شركه، وأناب إلى الله من معاصيه التي سلفت منه وأيامه
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وقاتلوا المشركين الذين يقاتلونكم حتى لا تكون فتنة يعني: حتى لا يكون شرك بالله، وحتى لا يعبد دونه
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين يعني تعالى ذكره بقوله: فإن انتهوا فإن انتهى الذين يقاتلونكم من الكفار عن قتالكم، ودخلوا في ملتكم، وأقروا بما ألزمكم الله من فرائضه، وتركوا ما هم عليه من عبادة الأوثان، فدعوا الاعتداء
- -القول في تأويل قوله تعالى: الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين
- -يعني بقوله جل ثناؤه الشهر الحرام بالشهر الحرام ذا القعدة، وهو الشهر الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر فيه عمرة الحديبية، فصده مشركو أهل مكة عن البيت ودخول مكة، وكل ذلك سنة ست من هجرته، وصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين في تلك
- -القول في تأويل قوله تعالى: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم اختلف أهل التأويل فيما نزل فيه قوله: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم
- -القول في تأويل قوله تعالى واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين يعني جل ثناؤه بذلك: واتقوا الله أيها المؤمنون في حرماته، وحدوده أن تعتدوا فيها فتتجاوزوا فيها ما بينه وحده لكم، واعلموا أن الله يحب المتقين الذين يتقونه بأداء فرائضه وتجنب محارمه
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين اختلف أهل التأويل في تأويل هذه الآية، ومن عنى بقوله: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة فقال بعضهم: عنى بذلك: وأنفقوا في سبيل الله وسبيل الله:
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأحسنوا إن الله يحب المحسنين يعني جل ثناؤه بقوله: وأحسنوا أحسنوا أيها المؤمنون في أداء ما ألزمتكم من فرائضي، وتجنب ما أمرتكم بتجنبه من معاصي، ومن الإنفاق في سبيلي. وعود القوي منكم على الضعيف ذي الخلة، فإني أحب المحسنين في
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي اختلف أهل التأويل في الإحصار الذي جعل الله على من ابتلي به في حجه، وعمرته ما استيسر من الهدي، فقال بعضهم: هو كل مانع، أو حابس منع المحرم، وحبسه عن العمل الذي فرضه الله عليه في إحرامه ووصوله
- -القول في تأويل قوله تعالى ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله يعني بذلك جل ثناؤه: فإن أحصرتم فأردتم الإحلال من إحرامكم، فعليكم ما استيسر من الهدي، ولا تحلوا من إحرامكم إذا أحصرتم حتى يبلغ الهدي الذي أوجبته عليكم لإحلالكم من إحرامكم الذي أحصرتم فيه
- -القول في تأويل قوله تعالى: فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك يعني بذلك جل ثناؤه فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي، ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله؛ ألا أن يضطر إلى حلقه منكم مضطر، إما لمرض، وإما لأذى برأسه، من
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإذا أمنتم اختلف أهل التأويل في معنى ذلك , فقال بعضهم: معناه: فإذا برأتم من مرضكم الذي أحصركم عن حجكم، أو عمرتكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي يعني بذلك جل ثناؤه: فإن أحصرتم أيها المؤمنون فما استيسر من الهدي , فإذا أمنتم فزال عنكم خوفكم من عدوكم أو هلاككم من مرضكم فتمتعتم بعمرتكم إلى حجكم , فعليكم ما استيسر من الهدي. ثم
- -القول في تأويل قوله تعالى: فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج يعني بذلك جل ثناؤه: فما استيسر من الهدي , فهديه جزاء لاستمتاعه بإحلاله من إحرامه الذي حل منه حين عاد لقضاء حجته التي أحصر فيها وعمرته التي كانت لزمته بفوت حجته , فإن لم يجد هديا فعليه صيام
- -القول في تأويل قوله تعالى: وسبعة إذا رجعتم يعني جل ثناؤه بذلك: فمن لم يجد ما استيسر من الهدي , فعليه صيام ثلاثة أيام في حجه وصيام سبعة أيام إذا رجع إلى أهله ومصره. فإن قال لنا قائل: أوما يجب عليه صوم السبعة الأيام بعد الأيام الثلاثة التي يصومهن في
- -القول في تأويل قوله تعالى: تلك عشرة كاملة اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: كاملة، فقال بعضهم: معنى ذلك: فصيام الثلاثة الأيام في الحج والسبعة الأيام بعدما يرجع إلى أهله عشرة كاملة من الهدي.
- -القول في تأويل قوله تعالى: ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام يعني جل ثناؤه بقوله: ذلك أي التمتع بالعمرة إلى الحج لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام
- -القول في تأويل قوله تعالى: واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب يعني بذلك جل اسمه: واتقوا الله بطاعته فيما ألزمكم من فرائضه، وحدوده , واحذروا أن تعتدوا في ذلك وتتجاوزوا فيما بين لكم من مناسككم , فتستحلوا ما حرم فيها عليكم. واعلموا: تيقنوا أنه
- -القول في تأويل قوله تعالى: الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب يعني جل ثناؤه بذلك: وقت الحج أشهر معلومات. (والأشهر) مرفوعات بالحج ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: فمن فرض فيهن الحج يعني بقوله جل ثناؤه: فمن فرض فيهن الحج فمن أوجب الحج على نفسه وألزمها إياه فيهن، يعني في الأشهر المعلومات التي بينها. وإيجابه إياه على نفسه العزم على عمل جميع ما أوجب الله على الحاج عمله وترك جميع ما أمره
- -القول في تأويل قوله تعالى: فلا رفث اختلف أهل التأويل في معنى الرفث في هذا الموضع، فقال بعضهم: هو الإفحاش للمرأة في الكلام، وذلك بأن يقول: إذا حللنا فعلت بك كذا وكذا لا يكني عنه، وما أشبه ذلك
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا فسوق اختلف أهل التأويل في معنى الفسوق التي نهى الله عنها في هذا الموضع، فقال بعضهم: هي المعاصي كلها
- -القول في تأويل قوله تعالى ولا جدال في الحج اختلف أهل التأويل في ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: النهي عن أن يجادل المحرم أحدا. ثم اختلف قائلو هذا القول، فقال بعضهم: نهى عن أن يجادل صاحبه حتى يغضبه
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما تفعلوا من خير يعلمه الله يعني بذلك جل ثناؤه: افعلوا أيها المؤمنون ما أمرتكم به في حجكم من إتمام مناسككم فيه، وأداء فرضكم الواجب عليكم في إحرامكم، وتجنب ما أمرتكم بتجنبه من الرفث، والفسوق في حجكم لتستوجبوا به الثواب
- -القول في تأويل قوله تعالى: وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ذكر أن هذه الآية نزلت في قوم كانوا يحجون بغير زاد، وكان بعضهم إذا أحرم رمى بما معه من الزاد واستأنف غيره من الأزودة فأمر الله جل ثناؤه من لم يكن يتزود منهم بالتزود لسفره، ومن كان منهم ذا زاد أن
- -القول في تأويل قوله تعالى: واتقون يا أولي الألباب يعني بذلك جل ثناؤه: واتقون يا أهل العقول، والأفهام بأداء فرائضي عليكم التي أوجبتها عليكم في حجكم، ومناسككم وغير ذلك من ديني الذي شرعته لكم، وخافوا عقابي باجتناب محارمي التي حرمتها عليكم؛ تنجوا بذلك
- -القول في تأويل قوله تعالى: ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين " يعني بذلك جل ذكره: ليس عليكم أيها المؤمنون جناح. والجناح: الحرج
- -وقوله: أن تبتغوا فضلا من ربكم يعني أن تلتمسوا فضلا من عند ربكم، يقال منه: ابتغيت فضلا من الله ومن فضل الله أبتغيه ابتغاء: إذا طلبته والتمسته، وبغيته أبغيه بغيا، كما قال عبد بني الحسحاس: بغاك وما تبغيه حتى وجدته كأنك قد واعدته أمس موعدا يعني طلبك
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإذا أفضتم من عرفات يعني جل ثناؤه بقوله: فإذا أفضتم فإذا رجعتم من حيث بدأتم. ولذلك قيل للذي يضرب القداح بين الأيسار مفيض، لجمعه القداح، ثم إفاضته إياها بين الياسرين، ومنه قول بشر بن أبي خازم الأسدي فقلت لها ردي إليه جنانه
- -القول في تأويل قوله تعالى: فاذكروا الله عند المشعر الحرام يعني بذلك جل ثناؤه: فإذا أفضتم فكررتم راجعين من عرفة إلى حيث بدأتم الشخوص إليها منه فاذكروا الله يعني بذلك الصلاة، والدعاء عند المشعر الحرام وقد بينا قبل أن المشاعر هي المعالم من قول القائل:
- -القول في تأويل قوله تعالى: واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين يعني بذلك جل ثناؤه: واذكروا الله أيها المؤمنون عند المشعر الحرام بالثناء عليه والشكر له على أياديه عندكم، وليكن ذكركم إياه بالخضوع لأمره، والطاعة له والشكر على ما أنعم عليكم من
- -القول في تأويل قوله تعالى: ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، ومن المعني بالأمر بالإفاضة من حيث أفاض الناس، ومن الناس الذين أمروا بالإفاضة من موضع إفاضتهم. فقال بعضهم: المعني بقوله: ثم
- -القول في تأويل قوله تعالى: واستغفروا الله إن الله غفور رحيم يعني بذلك جل ثناؤه: فإذا أفضتم من عرفات منصرفين إلى منى فاذكروا الله عند المشعر الحرام وادعوه واعبدوه عنده، كما ذكركم بهدايته، فوفقكم لما ارتضى لخليله إبراهيم، فهداه له من شريعة دينه بعد أن
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق يعني بقول جل ثناؤه: فإذا قضيتم مناسككم فإذا فرغتم من حجكم فذبحتم نسائككم فاذكروا الله يقال منه: نسك
- -وأما قوله: فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فإن أهل التأويل اختلفوا في صفة ذكر القوم آباءهم الذين أمرهم الله أن يجعلوا ذكرهم إياه كذكرهم آباءهم أو أشد ذكرا، فقال بعضهم: كان القوم في جاهليتهم بعد فراغهم من حجهم، ومناسكهم يجتمعون فيتفاخرون بمآثر
- -القول في تأويل قوله تعالى: فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق يعني بذلك جل ثناؤه: فإذا قضيتم مناسككم أيها المؤمنون فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا وارغبوا إليه فيما لديه من خير الدنيا والآخرة بابتهال وتمسكن، واجعلوا
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار اختلف أهل التأويل في معنى الحسنة التي ذكر الله في هذا الموضع، فقال بعضهم. يعني بذلك: ومن الناس من يقول: ربنا أعطنا عافية في الدنيا وعافية في الآخرة
- -القول في تأويل قوله تعالى: أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب يعني بقوله جل ثناؤه: أولئك الذين يقولون بعد قضاء مناسكهم: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار رغبة منهم إلى الله جل ثناؤه فيما عنده، وعلما منهم بأن الخير كله
- -وأما قوله: والله سريع الحساب فإنه يعني جل ثناؤه: أنه محيط بعمل الفريقين كليهما اللذين من مسألة أحدهما: ربنا آتنا في الدنيا؛ ومن مسألة الآخر: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار؛ فمحص له بأسرع الحساب، ثم إنه مجاز كلا الفريقين
- -القول في تأويل قوله تعالى: واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون يعني جل ذكره: اذكروا الله بالتوحيد، والتعظيم في أيام محصنات، وهي أيام رمي الجمار، أمر عباده
- -القول في تأويل قوله تعالى: فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: فمن تعجل في يومين من أيام التشريق للنفر في اليوم الثاني فلا إثم عليه في نفره. وتعجله في النفر، ومن تأخر عن
- -القول في تأويل قوله تعالى: واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون يعني بذلك جل ثناؤه: واتقوا الله أيها المؤمنون فيما فرض عليكما من فرائضه، فخافوه في تضييعها، والتفريط فيها، وفيما نهاكم عنه في حجكم، ومناسككما أن ترتكبوه أو تأتوه وفيما كلفكم في إحرامكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وهذا نعت من الله تبارك وتعالى للمنافقين، يقول جل ثناؤه: ومن الناس من يعجبك يا محمد ظاهر قوله وعلانيته، ويستشهد الله على ما في قلبه، وهو ألد
- -القول في تأويل قوله تعالى: وهو ألد الخصام الألد من الرجال: الشديد الخصومة، يقال في " فعلت " منه: قد لددت يا هذا ولم تكن ألد، فأنت تلد لددا ولدادة؛ فأما إذا غلب من خاصمه، فإنما يقال فيه: لددت يا فلان فلانا فأنت تلده لدا، ومنه قول الشاعر: ثم أردي
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد
- -يعني بقوله جل ثناؤه: وإذا تولى وإذا أدبر هذا المنافق من عندك يا محمد منصرفا عنك
- -القول في تأويل قوله تعالى: ويهلك الحرث والنسل اختلف أهل التأويل في وجه إهلاك هذا المنافق، الذي وصفه الله بما وصفه به من صفة إهلاك الحرث والنسل؛ فقال بعضهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: والله لا يحب الفساد يعني بذلك جل ثناؤه: والله لا يحب المعاصي، وقطع السبيل، وإخافة الطريق. والفساد: مصدر من قول القائل: فسد الشيء يفسد، نظير قولهم: ذهب يذهب ذهابا، ومن العرب من يجعل مصدر فسد فسودا، ومصدر ذهب يذهب ذهوبا
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد يعني بذلك جل ثناؤه: وإذا قيل لهذا المنافق الذي نعت نعته لنبيه عليه الصلاة والسلام وأخبره أنه يعجبه قوله في الحياة الدنيا: اتق الله، وخفه في إفسادك في أرض الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله يعني جل ثناؤه: ومن الناس من يبيع نفسه بما وعد الله المجاهدين في سبيله وابتاع به أنفسهم بقوله: إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة وقد دللنا على أن معنى شرى باع في
- -وأما قوله: ابتغاء مرضات الله فإنه يعني أن هذا الشاري يشري إذا اشترى طلب مرضاة الله. ونصب " ابتغاء " بقوله " يشري "، فكأنه قال. " ومن الناس من يشري من أجل ابتغاء مرضاة الله، ثم ترك " من أجل " وعمل فيه الفعل. وقد زعم بعض أهل العربية أنه نصب ذلك على
- -القول في تأويل قوله تعالى: والله رءوف بالعباد قد دللنا فيما مضى على معنى الرأفة بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع، وأنها رقة الرحمة؛ فمعنى ذلك: والله ذو رحمة واسعة بعبده الذي يشري نفسه له في جهاد من حاده في أمره من أهل الشرك، والفسوق، وبغيره من
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين اختلف أهل التأويل في معنى السلم في هذا الموضع، فقال بعضهم: معناه: الإسلام
- -القول في تأويل قوله تعالى: كافة يعني جل ثناؤه كافة عامة جميعا
- -القول في تأويل قوله تعالى. ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين يعني جل ثناؤه. بذلك: اعملوا أيها المؤمنون بشرائع الإسلام كلها، وادخلوا في التصديق به قولا، وعملا، ودعوا طرائق الشيطان، وآثاره أن تتبعوها فإنه لكم عدو مبين لكم عداوته. وطريق
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم يعني بذلك جل ثناؤه: فإن أخطأتم الحق، فضللتم عنه، وخالفتم الإسلام، وشرائعه، من بعد ما جاءتكم حججي، وبينات هداي، واتضحت لكم صحة أمر الإسلام بالأدلة التي قطعت
- -ذكر أقوال القائلين في تأويل قوله: فإن زللتم
- -ذكر أقوال القائلين في تأويل قوله: من بعد ما جاءتكم البينات
- -القول في تأويل قوله تعالى: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور يعني بذلك جل ثناؤه: هل ينظر المكذبون بمحمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به، إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام، والملائكة. ثم اختلفت
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور يعني جل ثناؤه بذلك: وفصل القضاء بالعدل بين الخلق، على ما ذكرناه قبل عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: " من أخذ الحق لكل مظلوم من كل ظالم، حتى القصاص للجماء من القرناء من البهائم "
- -القول في تأويل قوله تعالى: سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب يعني بذلك جل ثناؤه: سل يا محمد بني إسرائيل الذين لا ينتظرون بالإنابة إلى طاعتي، والتوبة إلي بالإقرار بنبوتك وتصديقك فيما جئتهم به
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب يعني بالنعم جل ثناؤه الإسلام، وما فرض من شرائع دينه. ويعني بقوله: ومن يبدل نعمة الله ومن يغير ما عاهد الله في نعمته التي هي الإسلام من العمل، والدخول فيه فيكفر به،
- -القول في تأويل قوله تعالى: زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب يعني جل ثناؤه بذلك: زين للذين كفروا حب الحياة الدنيا العاجلة اللذات، فهم يبتغون فيها المكاثرة، والمفاخرة،
- -القول في تأويل قوله تعالى: والله يرزق من يشاء بغير حساب ويعني بذلك: والله يعطي الذين اتقوا يوم القيامة من نعمه، وكراماته، وجزيل عطاياه، بغير محاسبة منه لهم على ما من به عليهم من كرامته. فإن قال لنا قائل: وما في قوله: يرزق من يشاء بغير حساب من
- -القول في تأويل قوله تعالى: كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق
- -وأما قوله: فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين فإنه يعني أنه أرسل رسلا يبشرون من أطاع الله بجزيل الثواب، وكريم المآب؛ ويعني بقوله ومنذرين ينذرون من عصى الله فكفر به، بشدة العقاب، وسوء الحساب والخلود في النار وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم يعني جل ثناؤه بقوله: وما اختلف فيه وما اختلف في الكتاب الذي أنزله وهو التوراة إلا الذين أوتوه يعني بذلك اليهود من بني إسرائيل، وهم الذين أوتوا التوراة،
- -القول في تأويل قوله تعالى: فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم يعني جل ثناؤه بقوله: فهدى الله فوفق الذي آمنوا وهم أهل الإيمان بالله وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم المصدقين به وبما جاء به أنه من عند
- -القول في تأويل قوله تعالى: أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب
- -وأما قوله: أم حسبتم كأنه استفهم ب " أم " في ابتداء لم يتقدمه حرف استفهام لسبوق كلام هو به متصل، ولو لم يكن قبله كلام يكون به متصلا، وكان ابتداء لم يكن إلا بحرف من حروف الاستفهام؛ لأن قائلا لو كان قال مبتدئا كلاما لآخر: أم عندك أخوك؟ لكان قائلا ما
- -وأما قوله: ولما يأتكم فإن عامة أهل العربية يتأولونه بمعنى: ولم يأتكم، ويزعمون أن ما صلة وحشو، وقد بينت القول في " ما " التي يسميها أهل العربية صلة " ما " حكمها في غير هذا الموضع بما أغنى عن إعادته.
- -وأما معنى قوله: مثل الذين خلوا من قبلكم فإنه يعني: شبه الذين خلوا فمضوا قبلكم. وقد دللت في غير هذا الموضع على أن المثل الشبه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل
- -القول في تأويل قوله تعالى: يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم يعني بذلك جل ثناؤه: يسألك أصحابك يا محمد، أي شيء ينفقون من أموالهم فيتصدقون به، وعلى من ينفقونه
- -القول في تأويل قوله تعالى: كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون يعني بذلك جل ثناؤه: كتب عليكم القتال فرض عليكم القتال، يعني قتال المشركين، وهو كره لكم واختلف أهل العلم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وهو كره لكم يعني بذلك جل ثناؤه: وهو ذو كره لكم، فترك ذكر " ذو " اكتفاء بدلالة قوله: " كره لكم " عليه كما قال: واسأل القرية وبنحو الذي قلنا في ذلك روي عن عطاء، في تأويله
- -القول في تأويل قوله تعالى: وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم يعني بذلك جل ثناؤه: ولا تكرهوا القتال، فإنكم لعلكم إن تكرهوه وهو خير لكم، ولا تحبوا ترك الجهاد، فلعلكم إن تحبوه وهو شر لكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: والله يعلم وأنتم لا تعلمون يعني بذلك جل ثناؤه: والله يعلم ما هو خير لكم مما هو شر لكم، فلا تكرهوا ما كتبت عليكم من جهاد عدوكم، وقتال من أمرتكم بقتاله، فإني أعلم أن قتالكم إياهم، هو خير لكم في عاجلكم، ومعادكم، وترككم
- -القول في تأويل قوله تعالى: يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو
- -وقوله جل ثناؤه: وصد عن سبيل الله ومعنى الصد عن الشيء: المنع منه، والدفع عنه، ومنه قيل: صد فلان بوجهه عن فلان: إذا أعرض عنه فمنعه من النظر إليه
- -وقوله: وكفر به يعني: وكفر بالله، والباء في به عائدة على اسم الله الذي في سبيل الله. وتأويل الكلام: وصد عن سبيل الله، وكفر به، وعن المسجد الحرام وإخراج أهل المسجد الحرام، وهم أهله وولاته أكبر عند الله من القتال في الشهر الحرام. فالصد عن سبيل الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا يعني تعالى ذكره: ولا يزال مشركو قريش يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن قدروا على ذلك
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يعني بقوله جل ثناؤه: ومن يرتدد منكم عن دينه من يرجع منكم عن دينه، كما قال جل ثناؤه: فارتدا على آثارهما قصصا يعني
- -وقوله: فيمت وهو كافر يقول: من يرجع عن دينه دين الإسلام، فيمت وهو كافر، فيمت قبل أن يتوب من كفره، فهم الذين حبطت أعمالهم يعني بقوله: حبطت أعمالهم بطلت وذهبت، وبطولها: ذهاب ثوابها، وبطول الأجر عليها والجزاء في دار الدنيا والآخرة
- -وقوله: وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يعني الذين ارتدوا عن دينهم فماتوا على كفرهم، هم أهل النار المخلدون فيها. وإنما جعلهم أهلها لأنهم لا يخرجون منها، فهم سكانها المقيمون فيها، كما يقال: هؤلاء أهل محلة كذا، يعني سكانها المقيمون فيها ويعني بقوله
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم يعني بذلك جل ذكره: إن الذين صدقوا بالله وبرسوله، وبما جاء به
- -وبقوله: والذين هاجروا الذين هجروا مساكنة المشركين في أمصارهم، ومجاورتهم في ديارهم، فتحولوا عنهم، وعن جوارهم وبلادهم إلى غيرها، هجرة. . لما انتقل عنه إلى ما انتقل إليه. وأصل المهاجرة المفاعلة، من هجرة الرجل الرجل للشحناء تكون بينهما، ثم تستعمل في
- -وأما قوله: وجاهدوا فإنه يعني: وقاتلوا، وحاربوا وأصل المجاهدة المفاعلة، من قول الرجل: قد جهد فلان فلانا على كذا، إذا كربه وشق عليه يجهده جهدا. فإذا كان الفعل من اثنين كل واحد منهما يكابد من صاحبه شدة، ومشقة، قيل: فلان يجاهد فلانا، يعني أن كل
- -القول في تأويل قوله تعالى: يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم
- -وأما قوله: قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس فإنه يعني بذلك جل ثناؤه: قل يا محمد لهم فيهما، يعني في الخمر والميسر إثم كبير. فالإثم الكبير الذي فيهما ما ذكر عن السدي
- -وأما قوله: ومنافع للناس فإن منافع الخمر كانت أثمانها قبل تحريمها، وما يصلون إليه بشربها من اللذة، كما قال الأعشى في صفتها. لنا من ضحاها خبث نفس وكأبة وذكرى هموم ما تفك أذاتها وعند العشاء طيب نفس ولذة ومال كثير عدة نشواتها وكما قال حسان: فنشربها
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإثمهما أكبر من نفعهما يعني بذلك عز ذكره: والإثم بشرب هذه، والقمار هذا أعظم وأكبر مضرة عليهم من النفع الذي يتناولون بهما. وإنما كان ذلك كذلك، لأنهم كانوا إذا سكروا وثب بعضهم على بعض وقاتل بعضهم بعضا، وإذا ياسروا وقع بينهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو يعني جل ذكره بذلك: ويسألك يا محمد أصحابك: أي شيء ينفقون من أموالهم فيتصدقون به، فقل لهم يا محمد أنفقوا منها العفو. واختلف أهل التأويل في معنى: العفو في هذا الموضع، فقال بعضهم. معناه: الفضل
- -القول في تأويل قوله تعالى: كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون، في الدنيا والآخرة يعني بقول عز ذكره: كذلك يبين الله لكم الآيات هكذا يبين أي ما بينت لكم أعلامي، وحججي، وهي آياته في هذه السورة، وعرفتكم فيها ما فيه خلاصكم من عقابي، وبينت لكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير، وإن تخالطوهم فإخوانكم اختلف أهل التأويل فيما نزلت هذه الآية: فقال بعضهم نزلت في الذين عزلوا أموال اليتامى حين نزل قوله تعالى ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن
- -القول في تأويل قوله تعالى: والله يعلم المفسد من المصلح يعني تعالى ذكره بذلك: إن ربكم وإن أذن لكم في مخالطتكم اليتامى على ما أذن لكم به، فاتقوا الله في أنفسكم أن تخالطوهم وأنتم تريدون أكل أموالهم بالباطل، وتجعلون مخالطتكم إياهم ذريعة لكم إلى إفساد
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولو شاء الله لأعنتكم يعني تعالى ذكره بذلك: ولو شاء الله لحرم ما أحله لكم من مخالطة أيتامكم بأموالكم أموالهم، فجهدكم ذلك وشق عليكم، ولم تقدروا على القيام باللازم لكم من حق الله تعالى، والواجب عليكم في ذلك من فرضه، ولكنه
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله عزيز حكيم يعني تعالى ذكره بذلك: إن الله عزيز في سلطانه لا يمنعه مانع مما أحل بكم من عقوبة، لو أعنتكم بما يجهدكم القيام به من فرائضه، فقصرتم في القيام به، ولا يقدر دافع أن يدفعه عن ذلك ولا عن غيره مما يفعله بكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون اختلف
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولأمة مؤمنة خير من مشركة يعني تعالى ذكره بقوله: ولأمة مؤمنة بالله وبرسوله، وبما جاء به من عند الله خير عند الله، وأفضل من حرة مشركة كافرة وإن شرف نسبها وكرم أصلها. يقول: ولا تبتغوا المناكح في ذوات الشرف من أهل الشرك بالله
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولو أعجبتكم يعني تعالى ذكره بذلك: وإن أعجبتكم المشركة من غير أهل الكتاب في الجمال، والحسب، والمال فلا تنكحوها، فإن الأمة المؤمنة خير عند الله منها وإنما وضعت " لو " موضع " إن " لتقارب مخرجيهما ومعنييهما، ولذلك تجاب كل
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم يعني تعالى ذكره بذلك: أن الله قد حرم على المؤمنات أن ينكحن مشركا، كائنا من كان المشرك من أي أصناف الشرك كان. فلا تنكحوهن أيها المؤمنون منهم فإن ذلك حرام عليكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون يعني تعالى ذكره بقوله: أولئك هؤلاء الذين حرمت عليكم أيها المؤمنون مناكحتهم من رجال أهل الشرك، ونسائهم يدعونكم إلى النار، يعني يدعونكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين
- -يعني تعالى ذكره بقوله: ويسألونك عن المحيض ويسألك يا محمد أصحابك عن الحيض وقيل " المحيض " لأن ما كان من الفعل ماضيه بفتح عين الفعل وكسرها في الاستقبال، مثل قول القائل: ضرب يضرب، وحبس يحبس، ونزل ينزل، فإن العرب تبني مصدره على المفعل، والاسم على
- -القول في تأويل قوله تعالى: قل هو أذى يعني تعالى ذكره بذلك: قل لمن سألك من أصحابك يا محمد عن المحيض هو أذى. والأذى: هو ما يوذي به من مكروه فيه، وهو في هذا الموضع يسمى أذى لنتن ريحه، وقذره، ونجاسته، وهو جامع لمعان شتى من خلال الأذى غير واحدة. وقد
- -القول في تأويل قوله تعالى: فاعتزلوا النساء في المحيض يعني تعالى ذكره بقوله: فاعتزلوا النساء في المحيض فاعتزلوا جماع النساء، ونكاحهن في محيضهن
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تقربوهن حتى يطهرن اختلف القراء في قراءة ذلك، فقرأه بعضهم: " حتى يطهرن " بضم الهاء وتخفيفها، وقرأه آخرون بتشديد الهاء وفتحها. وأما الذين قرءوه بتخفيف الهاء وضمها فإنهم وجهوا معناه إلى: ولا تقربوا النساء في حال حيضهن
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإذا تطهرن يعني تعالى ذكره بقوله: فإذا تطهرن فأتوهن فإذا اغتسلن فتطهرن بالماء فجامعوهن. فإن قال قائل: أففرض جماعهن حينئذ؟ قيل: لا. فإن قال: فما معنى قوله إذا: فأتوهن قيل: ذلك إباحة ما كان منع قبل ذلك من جماعهن وإطلاق
- -القول في تأويل قوله تعالى: فأتوهن من حيث أمركم الله اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: فأتوهن من حيث أمركم الله فقال بعضهم: معنى ذلك: فأتوا نساءكم إذا تطهرن من الوجه الذي نهيتكم عن إتيانهن منه في حال حيضهن، وذلك الفرج الذي أمر الله بترك جماعهن فيه في
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين يعني تعالى ذكره بقوله: إن الله يحب التوابين المنيبين من الإدبار عن الله وعن طاعته إليه وإلى طاعته وقد بينا معنى التوبة قبل. واختلف في معنى قوله: ويحب المتطهرين فقال بعضهم: هم المتطهرون
- -القول في تأويل قوله تعالى: نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين يعني تعالى ذكره بذلك: نساؤكم مزدرع أولادكم، فأتوا مزدرعكم كيف شئتم، وأين شئتم. وإنما عنى بالحرث المزدرع، والحرث هو الزرع،
- -القول في تأويل قوله تعالى: فأتوا حرثكم أنى شئتم يعني تعالى ذكره بذلك: فانكحوا مزدرع أولادكم من حيث شئتم من وجوه المأتى. والإتيان في هذا الموضع كناية عن اسم الجماع. واختلف أهل التأويل في معنى قوله: أنى شئتم فقال بعضهم: معنى أنى: كيف
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقدموا لأنفسكم اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: قدموا لأنفسكم الخير
- -القول في تأويل قوله تعالى: واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين وهذا تحذير من الله تعالى ذكره عباده أن يأتوا شيئا مما نهاهم عنه من معاصيه، وتخويف لهم عقابه عند لقائه، كما قد بينا قبل، وأمر لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يبشر من عباده
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم فقال بعضهم: معناه: ولا تجعلوه علة لأيمانكم، وذلك إذا سئل أحدكم الشيء من الخير
- -وأما قوله: وتصلحوا بين الناس فهو الإصلاح بينهم بالمعروف فيما لا مأثم فيه، وفيما يحبه الله دون ما يكرهه. وأما الذي ذكرنا عن السدي من أن هذه الآية نزلت قبل نزول كفارات الأيمان، فقول لا دلالة عليه من كتاب، ولا سنة، والخبر عما كان لا تدرك صحته إلا بخبر
- -القول في تأويل قوله تعالى: والله سميع عليم يعني تعالى ذكره بذلك: والله سميع لما يقوله الحالف منكم بالله إذا حلف، فقال: والله لا أبر، ولا أتقي، ولا أصلح بين الناس، ولغير ذلك من قيلكم وأيمانكم عليم بما تقصدون وتبتغون بحلفكم ذلك الخير تريدون أم غيره
- -القول في تأويل قوله تعالى: لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم وفي معنى اللغو. فقال بعضهم في معناه: لا يؤاخذكم الله بما سبقتكم به ألسنتكم من
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم اختلف أهل التأويل في المعنى الذي أوعد الله تعالى ذكره بقوله: ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم عباده أنه مؤاخذهم به بعد إجماع جميعهم على أن معنى قوله: بما كسبت قلوبكم ما تعمدت. فقال بعضهم: المعنى
- -القول في تأويل قوله تعالى: والله غفور حليم يعني تعالى ذكره بذلك: والله غفور لعباده فيما لغوا من أيمانهم التي أخبر الله تعالى ذكره أنه لا يؤاخذهم بها، ولو شاء واخذهم بها، ولما واخذهم بها فكفروها في عاجل الدنيا بالتكفير فيه، ولو شاء واخذهم في آجل
- -القول في تأويل قوله تعالى: للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم
- -يعني تعالى ذكره بقوله: للذين يؤلون الذين يقسمون ألية، والألية: الحلف
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم يعني تعالى ذكره بذلك: فإن رجعوا إلى ترك ما حلفوا عليه أن يفعلوه بهن من ترك جماعهن فجامعوهن وحنثوا في أيمانهم، فإن الله غفور لما كان منهم من الكذب في أيمانهم بأن لا يأتوهن ثم أتوهن، ولما سلف منهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن الله غفور رحيم اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: فإن الله غفور لكم فيما اجترمتم بفيئكم إليهن من الحنث في اليمين التي حلفتم عليهن بالله أن لا تغشوهن رحيم بكم في تخفيفه عنكم كفارة أيمانكم التي حلفتم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم اختلف أهل التأويل في معنى قول الله تعالى ذكره وإن عزموا الطلاق فقال بعضهم: معنى ذلك: للذين يؤلون أن يعتزلوا من نسائهم تربص أربعة أشهر، فإن فاءوا فرجعوا إلى ما أوجب الله لهن من العشرة
- -القول في تأويل قوله تعالى: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم يعني
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: تأويله: ولا يحل لهن، يعني للمطلقات أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن من الحيض إذا طلقن، حرم عليهن أن
- -القول في تأويل قوله تعالى: وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا والبعولة جمع بعل: وهو الزوج للمرأة، ومنه قول جرير: أعدوا مع الحلي الملاب فإنما جرير لكم بعل وأنتم حلائله وقد يجمع البعل البعولة والبعول، كما يجمع الفحل والفحول والفحولة، والذكر
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: تأويله: ولهن من حسن الصحبة، والعشرة بالمعروف على أزواجهن مثل الذي عليهن لهم من الطاعة فيما أوجب الله تعالى ذكره له عليها
- -القول في تأويل قوله تعالى: وللرجال عليهن درجة اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى الدرجة التي جعل الله للرجال على النساء الفضل الذي فضلهم الله عليهن في الميراث، والجهاد وما أشبه ذلك
- -القول في تأويل قوله تعالى: والله عزيز حكيم يعني تعالى ذكره بذلك: والله عزيز في انتقامه ممن خالف أمره، وتعدى حدوده، فأتى النساء في المحيض، وجعل الله عرضة لأيمانه أن يبر، ويتقي، ويصلح بين الناس، وعضل امرأته بإيلائه، وضارها في مراجعته بعد طلاقه،
- -القول في تأويل قوله تعالى: الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك
- -وأما قوله: فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان فإن في تأويله وفيما عني به اختلافا بين أهل التأويل، فقال بعضهم: عنى الله تعالى ذكره بذلك الدلالة على اللازم للأزواج المطلقات اثنتين بعد مراجعتهم إياهن من التطليقة الثانية من عشرتهن بالمعروف، أو فراقهن بطلاق
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله يعني تعالى ذكره بقوله: ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا ولا يحل لكم أيها الرجال أن تأخذوا من نسائكم إذا أنتم أردتم طلاقهن بطلاقكم وفراقكم إياهن
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن خفتم ألا يقيما حدود الله اختلف أهل التأويل في تأويل قوله تعالى: فإن خفتم ألا يقيما حدود الله التي إذا خيف من الزوج، والمرأة أن لا يقيماها حلت له الفدية من أجل الخوف عليهما بصنيعها، فقال بعضهم: هو استخفاف المرأة بحق
- -القول في تأويل قوله تعالى: فلا جناح عليهما فيما افتدت به يعني قوله تعالى ذكره بذلك: فإن خفتم أيها المؤمنون ألا يقيم الزوجان ما حد الله لكل واحد منهما على صاحبه من حق، وألزمه له من فرض، وخشيتم عليهما تضييع فرض الله وتعدي حدوده في ذلك فلا جناح حينئذ
- -القول في تأويل قوله تعالى: تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون يعني تعالى ذكره بذلك: تلك معالم فصوله، بين ما أحل لكم، وما حرم عليكم أيها الناس، فلا تعتدوا ما أحل لكم من الأمور التي بينها وفصلها لكم من الحلال، إلى ما حرم
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون اختلف أهل التأويل فيما دل عليه هذا القول من الله تعالى ذكره؛ فقال بعضهم: دل على
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله يعني تعالى ذكره بقوله: فإن طلقها فإن طلق المرأة التي بانت من زوجها بآخر التطليقات الثلاث بعد ما نكحها مطلقها الثاني، زوجها الذي نكحها بعد بينونتها من الأول فلا
- -القول في تأويل قوله تعالى: وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون يعني تعالى ذكره بقوله: وتلك حدود الله هذه الأمور التي بينها لعباده في الطلاق، والرجعة، والفدية والعدة والإيلاء وغير ذلك مما يبينه لهم في هذه الآيات، حدود الله معالم فصول حلاله، وحرامه،
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزوا واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به واتقوا الله واعلموا
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه يعني تعالى ذكره بذلك: ومن يراجع امرأته بعد طلاقه إياها في الطلاق الذي له فيه عليها الرجعة ضرارا بها ليتعدى حد الله في أمرها، فقد ظلم نفسه، يعني فأكسبها بذلك إثما، وأوجب لها من الله عقوبة بذلك،
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تتخذوا آيات الله هزوا يعني تعالى ذكره: ولا تتخذوا أعلام الله وفصوله بين حلاله، وحرامه وأمره ونهيه في وحيه، وتنزيله استهزاء ولعبا، فإنه قد بين لكم في تنزيله وآي كتابه ما لكم من الرجعة على نسائكم في الطلاق الذي جعل لكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعني تعالى ذكره بذلك: واذكروا نعمة الله عليكم بالإسلام، الذي أنعم عليكم به، فهداكم له، وسائر نعمه التي خصكم بها دون غيركم من سائر خلقه، فاشكروه على ذلك بطاعته فيما
- -القول في تأويل قوله تعالى: يعظكم به واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شيء عليم يعني تعالى ذكره بقوله: يعظكم به يعظكم بالكتاب الذي أنزل عليكم والهاء التي في قوله " به " عائدة على الكتاب واتقوا الله يقول: وخافوا الله فيما أمركم به، وفيما نهاكم عنه في
- -القول في تأويل قوله تعالى: واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شيء عليم وقوله: واعلموا أن الله بكل شيء عليم يقول: واعلموا أيها الناس أن ربكم الذي حد لكم هذه الحدود، وشرع لكم هذه الشرائع، وفرض عليكم هذه الفرائض في كتابه وفي تنزيله، على رسوله محمد صلى
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون ذكر أن هذه الآية نزلت في رجل كانت له أخت كان
- -القول في تأويل قوله تعالى: ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر يعني تعالى ذكره بقوله ذلك ما ذكر في هذه الآية: من نهي أولياء المرأة عن عضلها عن النكاح؛ يقول: فهذا الذي نهيتكم عنه من عضلهن عن النكاح عظة مني من كان منكم أيها الناس يؤمن بالله
- -القول في تأويل قوله تعالى: ذلكم أزكى لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون يعني تعالى ذكره بقوله: ذلكم نكاح أزواجهن لهن، ومراجعة أزواجهن إياهن بما أباح لهن من نكاح، ومهر جديد، أزكى لكم أيها الأولياء، والأزواج والزوجات، ويعني بقوله: أزكى لكم أفضل
- -القول في تأويل قوله تعالى: والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا
- -القول في تأويل قوله تعالى: وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف يعني تعالى ذكره بقوله: وعلى المولود له وعلى آباء الصبيان للمراضع رزقهن، يعني رزق، والدتهن ويعني بالرزق ما يقوتهن من طعام، وما لا بد لهن من غذاء ومطعم وكسوتهن، ويعني بالكسوة الملبس،
- -القول في تأويل قوله تعالى: لا تكلف نفس إلا وسعها يعني تعالى ذكره بذلك: لا تحمل نفس من الأمور إلا ما لا يضيق عليها ولا يتعذر عليها وجوده إذا أرادت، وإنما عنى الله تعالى ذكره بذلك: لا يوجب الله على الرجال من نفقة من أرضع أولادهم من نسائهم البائنات منهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأ عامة قراء أهل الحجاز والكوفة والشام: لا تضار والدة بولدها بفتح الراء بتأويل (لا تضارر) على وجه النهي وموضعه إذا قرئ كذلك جزم، غير أنه حرك إذ ترك
- -القول في تأويل قوله تعالى: وعلى الوارث مثل ذلك اختلف أهل التأويل في الوارث الذي عنى الله تعالى ذكره بقوله: وعلى الوارث مثل ذلك وأي وارث هو؟ ووارث من هو؟ فقال بعضهم: هو وارث الصبي؛ وقالوا: معنى الآية: وعلى وارث الصبي إذا كان أبوه ميتا الذي كان على
- -القول في تأويل قوله تعالى: مثل ذلك اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: مثل ذلك فقال بعضهم: تأويله: وعلى الوارث للصبي بعد وفاة أبويه مثل الذي كان على والده من أجر رضاعه، ونفقته، إذا لم يكن للمولود مال
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما يعني تعالى ذكره بقوله: فإن أرادا إن أراد والد المولود، ووالدته فصالا، يعني فصال ولدهما من اللبن ويعني بالفصال: الفطام، وهو مصدر من قول القائل: فاصلت فلانا أفاصله
- -القول في تأويل قوله تعالى: واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير يعني تعالى ذكره بقوله: واتقوا الله وخافوا الله فيما فرض لبعضكم على بعض من الحقوق، وفيما ألزم نساءكم لرجالكم ورجالكم لنسائكم، وفيما أوجب عليكم لأولادكم؛ فاحذروه أن تخالفوه فتعتدوا
- -القول في تأويل قوله تعالى: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير يعني تعالى ذكره بذلك: والذين يتوفون منكم من الرجال أيها الناس، فيموتون ويذرون
- -وأما قوله: يتربصن بأنفسهن فإنه يعني به: يحتبسن بأنفسهن معتدات عن الأزواج، والطيب، والزينة، والنقلة عن المسكن الذي كن يسكنه في حياة أزواجهن أربعة أشهر وعشرا إلا أن يكن حوامل، فيكون عليهن من التربص كذلك إلى حين وضع حملهن، فإذا وضعن حملهن انقضت عددهن
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف يعني تعالى ذكره بقوله: فإذا بلغن الأجل الذي أبيح لهن فيه ما كان حظر عليهن في عددهن من وفاة أزواجهن، وذلك بعد انقضاء عددهن، ومضي الأشهر الأربعة والأيام العشرة، فلا
- -القول في تأويل قوله تعالى: والله بما تعملون خبير يعني تعالى ذكره بذلك: والله بما تعملون أيها الأولياء في أمر من أنتم وليه من نسائكم من عضلهن، وإنكاحهن ممن أردن نكاحه بالمعروف، ولغير ذلك من أموركم وأمورهم خبير يعني ذو خبرة وعلم، لا يخفى عليه منه شيء
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه
- -القول في تأويل قوله تعالى: أو أكننتم في أنفسكم يعني تعالى ذكره بقوله: أو أكننتم في أنفسكم أو أخفيتم في أنفسكم، فأسررتموه من خطبتهن، وعزم نكاحهن وهن في عددهن، فلا جناح عليكم أيضا في ذلك إذا لم تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله. يقال منه: أكن
- -القول في تأويل قوله تعالى: علم الله أنكم ستذكرونهن يعني تعالى ذكره بذلك: علم الله أنكم ستذكرون المعتدات في عددهن بالخطبة في أنفسكم وبألسنتكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولكن لا تواعدوهن سرا اختلف أهل التأويل في معنى السر الذي نهى الله تعالى عباده عن مواعدة المعتدات به، فقال بعضهم: هو الزنا
- -القول في تأويل قوله تعالى. إلا أن تقولوا قولا معروفا قال أبو جعفر: ثم قالا تعالى ذكره. إلا أن تقولوا قولا معروفا فاستثنى القول المعروف مما نهي عنه، من مواعدة الرجل المرأة السر، وهو من غير جنسه؛ ولكنه من الاستثناء الذي قد ذكرت قبل أنه يأتي بمعنى
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله يعني تعالى ذكره بقوله: ولا تعزموا عقدة النكاح ولا تصححوا عقدة النكاح في عدة المرأة المعتدة، فتوجبوها بينكم وبينهن، وتعقدوها قبل انقضاء العدة حتى يبلغ الكتاب أجله يعني: يبلغن أجل
- -القول في تأويل قوله تعالى: واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم يعني تعالى ذكره بذلك: واعلموا أيها الناس أن الله يعلم ما في أنفسكم من هواهن، ونكاحهن، وغير ذلك من أموركم فاحذروه يقول: فاحذروا الله واتقوه في أنفسكم أن
- -القول في تأويل قوله تعالى: لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين يعني تعالى ذكره بقوله لا جناح عليكم لا حرج عليكم إن طلقتم النساء، يقول: لا حرج عليكم في
- -القول في تأويل قوله تعالى: أو تفرضوا لهن فريضة يعني تعالى ذكره بقوله أو تفرضوا لهن أو توجبوا لهن، وبقوله: فريضة صداقا واجبا
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره يعني تعالى ذكره بقوله: ومتعوهن وأعطوهن ما يتمتعن به من أموالكم على أقداركم ومنازلكم من الغنى، والإقتار ثم اختلف أهل التأويل في مبلغ ما أمر الله به الرجال من ذلك، فقال بعضهم: أعلاه
- -القول في تأويل قوله تعالى: متاعا بالمعروف حقا على المحسنين يعني تعالى ذكره بذلك: ومتعوهن متاعا. وقد يجوز أن يكون متاعا منصوبا قطعا من القدر، لأن المتاع نكرة، والقدر معرفة. ويعني بقوله بالمعروف بما أمركم الله به من إعطائكم لهن ذلك بغير ظلم، ولا
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير وهذا الحكم من الله تعالى ذكره إبانة عن قوله: لا
- -وأما قوله: إلا أن يعفون فإنه يعني: إلا أن يعفو اللواتي وجب لهن عليكم نصف تلك الفريضة فيتركنه لكم، ويصفحن لكم عنه، تفضلا منهن بذلك عليكم، إن كن ممن يجوز حكمه في ماله، وهن بوالغ رشيدات، فيجوز عفوهن حينئذ عما عفون عنكم من ذلك، فيسقط عنكم ما كن عفون
- -القول في تأويل قوله تعالى: أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح اختلف أهل التأويل فيمن عنى الله تعالى ذكره بقوله: الذي بيده عقدة النكاح فقال بعضهم: هو ولي البكر، وقالوا: ومعنى الآية: أو يترك الذي يلي على المرأة عقد نكاحها من أوليائها للزوج النصف الذي وجب
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأن تعفوا أقرب للتقوى اختلف أهل التأويل فيمن خوطب بقوله: وأن تعفوا أقرب للتقوى فقال بعضهم: خوطب بذلك الرجال والنساء
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تنسوا الفضل بينكم يقول تعالى ذكره: ولا تغفلوا أيها الناس الأخذ بالفضل بعضكم على بعض فتتركوه، ولكن ليتفضل الرجل المطلق زوجته قبل مسيسها، فيكمل لها تمام صداقها إن كان لم يعطها جميعه وإن كان قد ساق إليها جميع ما كان فرض
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله بما تعملون بصير يعني تعالى ذكره بذلك: إن الله بما تعملون أيها الناس مما ندبكم إليه، وحضكم عليه من عفو بعضكم لبعض عما وجب له قبله من حق، بسبب النكاح الذي كان بينكم وبين أزواجكم، وتفضل بعضكم على بعض في ذلك وبغيره مما
- -القول في تأويل قوله تعالى: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين يعني تعالى ذكره بذلك: واظبوا على الصلوات المكتوبات في أوقاتهن، وتعاهدوهن وألزموهن وعلى الصلاة الوسطى منهن. وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقوموا لله قانتين اختلف أهل التأويل في معنى قوله قانتين فقال بعضهم: معنى القنوت: الطاعة، ومعنى ذلك: وقوموا لله في صلاتكم، مطيعين له فيما أمركم به فيها ونهاكم عنه
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون يعني تعالى ذكره بذلك: وقوموا لله في صلاتكم مطيعين له، لما قد بيناه من معناه، فإن خفتم من عدو لكم أيها الناس، تخشونهم على أنفسكم في حال
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون وتأويل ذلك: فإذا أمنتم أيها المؤمنون من عدوكم أن يقدر على قتلكم في حال اشتغالكم بصلاتكم التي فرضها عليكم ومن غيره ممن كنتم تخافونه على أنفسكم في حال صلاتكم، فاطمأننتم،
- -القول في تأويل قوله تعالى: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم يعني تعالى ذكره بذلك: والذين يتوفون منكم أيها الرجال ويذرون أزواجا يعني زوجات كن
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم يعني تعالى ذكره بذلك: أن المتاع الذي جعله الله لهن إلى الحول في مال أزواجهن بعد وفاتهم وفي مساكنهم ونهى ورثته عن إخراجهن، إنما هو لهن ما أقمن في مساكن
- -وأما قوله: والله عزيز حكيم فإنه يعني تعالى ذكره: والله عزيز في انتقامه ممن خالف أمره ونهيه وتعدى حدوده من الرجال والنساء، فمنع من كان من الرجال نساءهم وأزواجهم ما فرض لهن عليهم في الآيات التي مضت قبل من المتعة، والصداق، والوصية وإخراجهن قبل انقضاء
- -القول في تأويل قوله تعالى وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين يعني تعالى ذكره بذلك: ولمن طلق من النساء على مطلقها من الأزواج متاع، يعني بذلك. ما تستمتع به من ثياب، وكسوة، ونفقة، أو خادم وغير ذلك مما يستمتع به. وقد بينا فيما مضى قبل معنى ذلك،
- -وأما قوله: حقا على المتقين فإنا قد بينا معنى قوله " حقا "، ووجه نصبه، والاختلاف من أهل العربية في قوله: حقا على المحسنين ففي ذلك مستغنى عن إعادته في هذا الموضع. فأما المتقون، فهم الذين اتقوا الله في أمره، ونهيه، وحدوده، فقاموا بها على ما كلفهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون يقول تعالى ذكره: كما بينت لكم ما يلزمكم لأزواجكم ويلزم أزواجكم لكم أيها المؤمنون، وعرفتكم أحكامي والحق الواجب لبعضكم على بعض في هذه الآيات، فكذلك أبين لكم سائر الأحكام في آياتي التي
- -القول في تأويل قوله تعالى: ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون يعني تعالى ذكره: ألم تر ألم تعلم يا
- -وأما قوله: حذر الموت فإنه يعني: أنهم خرجوا من حذر الموت فرارا منه
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون يعني تعالى ذكره بذلك: إن الله لذو فضل ومن على خلقه بتبصيره إياهم سبيل الهدى وتحذيره لهم طرق الردى، وغير ذلك من نعمه التي ينعمها عليهم في دنياهم ودينهم، وأنفسهم وأموالهم.
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم يعني تعالى ذكره بذلك: وقاتلوا أيها المؤمنون في سبيل الله يعني في دينه الذي هداكم له، لا في طاعة الشيطان أعداء دينكم، الصادين عن سبيل ربكم، ولا تجبنوا عن لقائهم، ولا تقعدوا عن
- -القول في تأويل قوله تعالى: من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون يعني تعالى ذكره بذلك: من هذا الذي ينفق في سبيل الله، فيعين مضعفا، أو يقوي ذا فاقة أراد الجهاد في سبيل الله، ويعطي منهم مقترا. وذلك هو
- -أما قوله: فيضاعفه له أضعافا كثيرة فإنه عدة من الله تعالى ذكره مقرضه ومنفق ماله في سبيل الله من أضعاف الجزاء له على قرضه ونفقته ما لا حد له ولا نهاية
- -القول في تأويل قوله تعالى: والله يقبض ويبسط يعني تعالى ذكره بذلك: أنه الذي بيده قبض أرزاق العباد وبسطها دون غيره ممن ادعى أهل الشرك به أنهم آلهة واتخذوه ربا دونه يعبدونه. وذلك نظير الخبر الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإليه ترجعون يعني تعالى ذكره بذلك: وإلى الله معادكم أيها الناس، فاتقوا الله في أنفسكم أن تضيعوا فرائضه وتتعدوا حدوده، وأن يعمل من بسط عليه منكم من رزقه بغير ما أذن له بالعمل فيه ربه، وأن يحمل المقتر منكم. فقبض عن رزقه
- -القول في تأويل قوله تعالى: ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم
- -وأما قوله: ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله فاختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله سأل الملأ من بني إسرائيل نبيهم ذلك. فقال بعضهم: كان سبب مسألتهم إياه
- -القول في تأويل قوله تعالى: قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين يعني تعالى ذكره بذلك: قال النبي الذي سألوه أن
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فإنه يعني: وقد أخرج من غلب عليه من رجالنا ونسائنا من ديارهم وأولادهم ومن سبي. وهذا الكلام ظاهره العموم، وباطنه الخصوص؛ لأن الذين قالوا لنبيهم: ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله كانوا في ديارهم
- -وأما قوله: فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم يقول: فلما فرض عليهم قتال عدوهم والجهاد في سبيله، تولوا إلا قليلا منهم يقول: أدبروا مولين عن القتال، وضيعوا ما سألوه نبيهم من فرض الجهاد. والقليل الذي استثناهم الله منهم، هم الذين عبروا النهر
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم يعني تعالى ذكره
- -القول في تأويل قوله تعالى: قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم يعني تعالى ذكره بقوله: إن الله اصطفاه عليكم قال نبيهم شمويل لهم: إن الله اصطفاه عليكم يعني اختاره عليكم
- -وأما قوله: وزاده بسطة في العلم والجسم فإنه يعني بذلك: إن الله بسط له في العلم والجسم، وآتاه من العلم فضلا على ما أتى غيره من الذين خوطبوا بهذا الخطاب. وذلك أنه ذكر أنه أتاه وحي من الله وأما في الجسم، فإنه أوتي من الزيادة في طوله عليه لم يؤته غيره
- -القول في تأويل قوله تعالى: والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم يعني تعالى ذكره بذلك: أن الملك لله وبيده دون غيره يؤتيه. يقول: يؤتي ذلك من يشاء فيضعه عنده، ويخصه به، ويمنحه من أحب من خلقه. يقول: فلا تستنكروا يا معشر الملإ من بني إسرائيل أن
- -وأما قوله: والله واسع عليم فإنه يعني بذلك والله واسع بفضله، فينعم به على من أحب، ويريد به من يشاء عليم بمن هو أهل لملكه الذي يؤتيه، وفضله الذي يعطيه، فيعطيه ذلك لعلمه به، وبأنه لما أعطاه أهل إما للإصلاح به وإما لأن ينتفع هو به
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين وهذا الخبر من الله تعالى ذكره عن نبيه الذي أخبر عنه دليل على أن الملأ من بني
- -وأما تأويل قوله: قال لهم نبيهم فإنه يعني للملأ من بني إسرائيل الذين قالوا لنبيهم: ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله وقوله: إن آية ملكه إن علامة ملك طالوت التي سألتمونيها دلالة على صدقي في قولي: إن الله بعثه عليكم ملكا، وإن كان من غير سبط المملكة أن
- -القول في تأويل قوله تعالى: فيه سكينة من ربكم يعني تعالى ذكره بقوله: فيه في التابوت سكينة من ربكم واختلف أهل التأويل في معنى السكينة، فقال بعضهم: هي ريح هفافة لها وجه كوجه الإنسان
- -القول في تأويل قوله تعالى: وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون يعني تعالى ذكره بقوله: وبقية الشيء الباقي من قول القائل: قد بقي من هذا الأمر بقية، وهي فعلية منه، نظير السكينة من سكن. وقوله: مما ترك آل موسى وآل هارون يعني به: من تركة آل موسى، وآل
- -القول في تأويل قوله تعالى: تحمله الملائكة اختلف أهل التأويل في صفة حمل الملائكة ذلك التابوت، فقال بعضهم: معنى ذلك: تحمله بين السماء والأرض حتى تضعه بين أظهرهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين يعني تعالى ذكره بذلك أن نبيه أشمويل قال لبني إسرائيل: إن في مجيئكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون، حاملته الملائكة لآية لكم يعني لعلامة لكم ودلالة أيها الناس على
- -القول في تأويل قوله تعالى: فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون
- -القول في تأويل قوله تعالى: فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده يعني تعالى ذكره بقوله: فلما جاوزه هو فلما جاوز النهر طالوت. والهاء في " جاوزه " عائدة على النهر، وهو كناية اسم طالوت. وقوله: والذين آمنوا معه يعني:
- -القول في تأويل قوله تعالى: قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين اختلف أهل التأويل في أمر هذين الفريقين، أعني القائلين: لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده "
- -وأما قوله: والله مع الصابرين فإنه يعني: والله معين الصابرين على الجهاد في سبيله وغير ذلك من طاعته، وظهورهم ونصرهم على أعدائه الصادين عن سبيله، المخالفين منهاج دينه. وكذلك يقال لكل معين رجلا على غيره هو معه بمعنى هو معه بالعون له والنصرة
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين
- -يعني تعالى ذكره بقوله: ولما برزوا لجالوت وجنوده ولما برز طالوت وجنوده لجالوت وجنوده. ومعنى قوله: برزوا صاروا بالبراز من الأرض، وهو ما ظهر منها واستوى، ولذلك قيل للرجل القاضي حاجته: تبرز؛ لأن الناس قديما في الجاهلية إنما كانوا يقضون حاجتهم في
- -وأما قوله: ربنا أفرغ علينا صبرا فإنه يعني أن طالوت وأصحابه قالوا: ربنا أفرغ علينا صبرا يعني أنزل علينا صبرا
- -وقوله: وثبت أقدامنا يعني: وقو قلوبنا على جهادهم لتثبت أقدامنا فلا نهزم عنهم
- -وانصرنا على القوم الكافرين الذين كفروا بك فجحدوك إلها وعبدوا غيرك واتخذوا الأوثان أربابا
- -القول في تأويل قوله تعالى: فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين يعني تعالى ذكره بقوله: فهزم طالوت وجنوده أصحاب جالوت، وقتل داود جالوت. وفي
- -القول في تأويل قوله تعالى: وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء يعني تعالى ذكره بذلك: وأعطى الله داود الملك والحكمة وعلمه مما يشاء. والهاء في قوله: وآتاه الله عائدة على داود والملك السلطان والحكمة النبوة. وقوله: وعلمه مما يشاء يعني علمه صنعة
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين يعني تعالى ذكره بذلك: ولولا أن الله يدفع ببعض الناس، وهم أهل الطاعة له والإيمان به، بعضا وهم أهل المعصية لله، والشرك به، كما دفع عن المتخلفين عن
- -القول في تأويل قوله تعالى: تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين يعني تعالى ذكره بقوله: تلك آيات الله هذه الآيات التي اقتص الله فيها أمر الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت، وأمر الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى الذين سألوا نبيهم أن
- -القول في تأويل قوله تعالى تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما
- -يعني تعالى ذكره بقوله: تلك الرسل الذين قص الله قصصهم في هذه السورة كموسى بن عمران وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وشمويل وداود، وسائر من ذكر نبأهم في هذه السورة، يقول تعالى ذكره: هؤلاء رسلي فضلت بعضهم على بعض، فكلمت بعضهم والذي كلمته منهم موسى صلى
- -القول في تأويل قوله تعالى: وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس يعني تعالى ذكره بذلك: وآتينا عيسى ابن مريم البينات وآتينا عيسى ابن مريم الحجج والأدلة على نبوته من إبراء الأكمه والأبرص، وإحياء الموتى، وما أشبه ذلك، مع الإنجيل الذي أنزلته
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات يعني تعالى ذكره بذلك: ولو أراد الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات، يعني من بعد الرسل الذين وصفهم بأنه فضل بعضهم على بعض ورفع بعضهم درجات، وبعد
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد يعني تعالى ذكره بذلك: ولكن اختلف هؤلاء الذين من بعد الرسل لما لم يشأ الله منهم تعالى ذكره أن لا يقتتلوا، فاقتتلوا من بعد ما جاءتهم البينات
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون يعني تعالى ذكره بذلك: يا أيها الذين آمنوا أنفقوا في سبيل الله مما رزقناكم من أموالكم، وتصدقوا منها، وآتوا منها
- -وأما قوله: والكافرون هم الظالمون فإنه يعني تعالى ذكره بذلك: والجاحدون لله المكذبون به وبرسله هم الظالمون، يقول: هم الواضعون جحودهم في غير موضعه، والفاعلون غير ما لهم فعله والقائلون ما ليس لهم قوله، وقد دللنا على معنى الظلم بشواهده فيما مضى قبل بما
- -القول في تأويل قوله تعالى: الله لا إله إلا هوالحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السموات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السموات والأرض ولا يئوده حفظهما وهو
- -القول في تأويل قوله تعالى: لا تأخذه سنة ولا نوم يعني تعالى ذكره بقوله لا تأخذه سنة لا يأخذه نعاس فينعس، ولا نوم فيستثقل نوما، والوسن: خثوره النوم، ومنه قول عدي بن الرقاع: وسنان أقصده النعاس فرنقت في عينه سنة وليس بنائم ومن الدليل على ما قلنا من
- -القول في تأويل قوله تعالى: له ما في السموات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعني تعالى ذكره بقوله: له ما في السموات وما في الأرض أنه مالك جميع ذلك بغير شريك ولا نديد، وخالق جميعه دون كل آلهة ومعبود وإنما يعني بذلك أنه لا تنبغي العبادة لشيء
- -القول في تأويل قوله تعالى: يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء يعني تعالى ذكره بذلك أنه المحيط بكل ما كان وبكل ما هو كائن علما، لا يخفى عليه شيء منه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل
- -وأما قوله: ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء فإنه يعني تعالى ذكره أنه العالم الذي لا يخفى عليه شيء محيط بذلك كله محص له دون سائر من دونه، وأنه لا يعلم أحد سواه شيئا إلا بما شاء هو أن يعلمه فأراد فعلمه. وإنما يعني بذلك أن العبادة لا تنبغي لمن كان
- -القول في تأويل قوله تعالى: وسع كرسيه السموات والأرض اختلف أهل التأويل في معنى الكرسي الذي أخبر الله تعالى ذكره في هذه الآية أنه وسع السماوات والأرض، فقال بعضهم: هو علم الله تعالى ذكره
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا يئوده حفظهما يعني تعالى ذكره بقوله: ولا يئوده حفظهما ولا يشق عليه ولا يثقله، يقال منه: قد آدني هذا الأمر فهو يئودني أودا وإيادا، ويقال: ما آدك فهو لي آئد، يعني بذلك: ما أثقلك فهو لي مثقل وبنحو الذي قلنا في ذلك قال
- -وأما تأويل قوله: وهو العلي فإنه يعني: والله العلي، والعلي: الفعيل من قولك علا يعلو علوا: إذا ارتفع، فهو عال وعلي، والعلي: ذو العلو والارتفاع على خلقه بقدرته، وكذلك قوله: العظيم ذو العظمة، الذي كل شيء دونه، فلا شيء أعظم منه
- -القول في تأويل قوله تعالى: لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: نزلت هذه الآية في قوم من الأنصار، أو في رجل منهم كان
- -وأما قوله: قد تبين الرشد فإنه مصدر من قول القائل: رشدت فأنا أرشد رشدا ورشدا ورشادا، وذلك إذا أصاب الحق والصواب، وأما الغي، فإنه مصدر من قول القائل: قد غوى فلان فهو ينوي غيا وغواية، وبعض العرب يقول: غوى فلان يغوى والذي عليه قراءة القراء: ما ضل
- -القول في تأويل قوله تعالى: فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله اختلف أهل التأويل في معنى الطاغوت، فقال بعضهم: هو الشيطان
- -القول في تأويل قوله تعالى: فقد استمسك بالعروة الوثقى والعروة في هذا المكان مثل للإيمان الذي اعتصم به المؤمن، فشبهه في تعلقه به وتمسكه به بالمتمسك بعروة الشيء الذي له عروة يتمسك بها، إذ كان كل ذي عروة فإنما يتعلق من أراده بعروته، وجعل تعالى ذكره
- -القول في تأويل قوله تعالى: لا انفصام لها يعني تعالى ذكره بقوله: لا انفصام لها لا انكسار لها، والهاء والألف في قوله لها عائد على العروة. ومعنى الكلام: فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله، فقد اعتصم من طاعة الله بما لا يخشى مع اعتصامه خذلانه إياه وإسلامه
- -القول في تأويل قوله تعالى: والله سميع عليم يعني تعالى ذكره: والله سميع إيمان المؤمن بالله وحده، الكافر بالطاغوت عند إقراره بوحدانية الله، وتبرئته من الأنداد والأوثان التي تعبد من دون الله، عليم بما عزم عليه من توحيد الله وإخلاص ربوبيته قلبه، وما
- -القول في تأويل قوله تعالى: الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يعني تعالى ذكره بقوله: الله ولي الذين آمنوا نصيرهم وظهيرهم، يتولاهم بعونه وتوفيقه
- -القول في تأويل قوله تعالى: أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يعني تعالى ذكره بذلك هؤلاء الذين كفروا أصحاب النار، أهل النار الذين يخلدون فيها، يعني في نار جهنم دون غيرهم من أهل الإيمان إلى غير غاية ولا نهاية أبدا
- -القول في تأويل قوله تعالى: ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين يعني تعالى
- -القول في تأويل قوله تعالى: إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين يعني تعالى ذكره بذلك: ألم تر يا محمد إلى الذي حاج إبراهيم في ربه
- -وقوله: والله لا يهدي القوم الظالمين يقول: والله لا يهدي أهل الكفر إلى حجة يدحضون بها حجة أهل الحق عند المحاجة والمخاصمة؛ لأن أهل الباطل حججهم داحضة، وقد بينا أن معنى الظلم: وضع الشيء في غير موضعه، والكافر وضع جحوده ما جحد في غير موضعه، فهو بذلك من
- -القول في تأويل قوله تعالى: أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها، قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه، قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم، قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية
- -واختلف أهل التأويل في القرية التي مر عليها القائل: أنى يحيي هذه الله بعد موتها فقال بعضهم: هي بيت المقدس
- -القول في تأويل قوله تعالى: وهي خاوية على عروشها يعني تعالى ذكره بقوله: وهي خاوية وهي خالية من أهلها وسكانها، يقال من ذلك: خوت الدار تخوي خواء وخويا، وقد يقال للقرية: خويت، والأول أعرب وأفصح، وأما في المرأة إذا كانت نفساء فإنه يقال: خويت تخوى خوى
- -القول في تأويل قوله تعالى: قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ومعنى ذلك فيما ذكرت: أن قائله لما مر ببيت المقدس، أو بالموضع الذي ذكر الله أنه مر به خرابا بعد ما عهده عامرا، قال: أنى يحيي هذه الله بعد موتها؟ فقال بعضهم: كان قيله ما
- -القول في تأويل قوله تعالى: ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام يعني تعالى ذكره بقوله: ثم بعثه ثم آثاره حيا من بعد مماته. وقد دللنا على معنى البعث فيما مضى قبل. وأما معنى قوله: كم لبثت فإن كم استفهام في كلام العرب عن
- -القول في تأويل قوله تعالى: فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه يعني تعالى ذكره بقوله: فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه لم تغيره السنون التي أتت عليه وكان طعامه فيما ذكر بعضهم سلة تين وعنب وشرابه قلة ماء، وقال بعضهم: بل كان طعامه سلة عنب وسلة تين وشرابه
- -القول في تأويل قوله تعالى: وانظر إلى حمارك اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: وانظر إلى حمارك فقال بعضهم: معنى ذلك: وانظر إلى إحيائي حمارك، وإلى عظامه كيف أنشزها ثم أكسوها لحما ثم اختلف متأولو ذلك في هذا التأويل، فقال بعضهم: قال الله تعالى ذكره ذلك
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولنجعلك آية للناس يعني تعالى ذكره بذلك: ولنجعلك آية للناس أمتناك مائة عام ثم بعثناك، وإنما أدخلت الواو مع اللام التي في قوله: ولنجعلك آية للناس وهو بمعنى " كي "؛ لأن في دخولها في كي وأخواتها دلالة على أنها شرط لفعل بعدها،
- -القول في تأويل قوله تعالى: وانظر إلى العظام كيف ننشزها قد دللنا فيما مضى قبل على أن العظام التي أمر بالنظر إليها هي عظام نفسه وحماره، وذكرنا اختلاف المختلفين في تأويل ذلك وما يعني كل قائل بما قاله في ذلك بما أغنى عن إعادته وأما قوله: كيف ننشزها فإن
- -القول في تأويل قوله تعالى: ثم نكسوها لحما يعني تعالى ذكره بذلك: ثم نكسوها أي العظام لحما، والهاء التي في قوله: ثم نكسوها لحما من ذكر العظام، ومعنى نكسوها: نلبسها ونواريها به كما يواري جسد الإنسان كسوته التي يلبسها، وكذلك تفعل العرب، تجعل كل شيء
- -القول في تأويل قوله تعالى: فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير يعني تعالى ذكره بقوله: فلما تبين له فلما اتضح له عيانا ما كان مستنكرا من قدرة الله وعظمته عنده قبل عيانه ذلك، قال: أعلم الآن بعد المعاينة والإيضاح والبيان أن الله على كل شيء
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم يعني تعالى ذكره بذلك: ألم تر إذ قال
- -القول في تأويل قوله تعالى: قال فخذ أربعة من الطير يعني تعالى ذكره بذلك: قال الله له: فخذ أربعة من الطير، فذكر أن الأربعة من الطير: الديك، والطاووس، والغراب، والحمام
- -القول في تأويل قوله تعالى: فصرهن إليك اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء أهل المدينة والحجاز والبصرة: فصرهن إليك بضم الصاد من قول القائل: صرت إلى هذا الأمر: إذا ملت إليه أصور صورا، ويقال: إني إليكم لأصور أي مشتاق مائل، ومنه قول الشاعر:
- -القول في تأويل قوله تعالى: ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا فقال بعضهم: يعني بذلك على كل ربع من أرباع الدنيا جزءا منهن
- -القول في تأويل قوله تعالى: واعلم أن الله عزيز حكيم يعني تعالى ذكره بذلك: واعلم يا إبراهيم أن الذي أحيا هذه الأطيار بعد تمزيقك إياهن، وتفريقك أجزاءهن على الجبال، فجمعهن ورد إليهن الروح، حتى أعادهن كهيئتهن قبل تفريقهن، عزيز في بطشه إذا بطش بمن بطش من
- -القول في تأويل قوله تعالى: مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم وهذه الآية مردودة إلى قوله: من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط
- -القول في تأويل قوله تعالى: والله يضاعف لمن يشاء اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: والله يضاعف لمن يشاء، فقال بعضهم: الله يضاعف لمن يشاء من عباده أجر حسناته بعد الذي أعطى المنفق في سبيله من التضعيف الواحدة سبعمائة. فأما المنفق في غير سبيله، فلا نفقة
- -القول في تأويل قوله تعالى: والله واسع عليم يعني تعالى ذكره بذلك: والله واسع أن يزيد من يشاء من خلقه المنفقين في سبيله على أضعاف السبعمائة التي وعده أن يزيده، عليم من يستحق منهم الزيادة
- -القول في تأويل قوله تعالى: الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون يعني تعالى ذكره بذلك: المعطي ماله المجاهدين في سبيل الله معونة لهم على جهاد أعداء الله، يقول تعالى ذكره:
- -القول في تأويل قوله تعالى: قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم يعني تعالى ذكره بقوله: قول معروف: قول جميل، ودعاء الرجل لأخيه المسلم. ومغفرة يعني: وستر منه عليه لما علم من خلته وسوء حالته خير عند الله من صدقة يتصدقها عليه يتبعها
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين يعني تعالى
- -القول في تأويل قوله تعالى: فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين يعني تعالى ذكره بذلك: فمثل هذا الذي ينفق ماله رئاء الناس، ولا يؤمن بالله واليوم الآخر، والهاء في قوله: فمثله عائدة
- -القول في تأويل قوله تعالى: صفوان قد بينا معنى الصفوان بما فيه الكفاية، غير أنا أردنا ذكر من قال مثل قولنا في ذلك من أهل التأويل
- -القول في تأويل قوله تعالى: فأصابه وابل قد مضى البيان عنه
- -القول في تأويل قوله تعالى: فتركه صلدا
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير يعني بذلك جل ثناؤه: ومثل الذين ينفقون أموالهم فيصدقون بها ويحملون عليها في
- -القول في تأويل قوله تعالى: كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل يعني بذلك جل وعز: ومثل الذين ينفقون أموالهم، فيتصدقون بها، ويسبلونها في طاعة الله بغير من على من تصدقوا بها عليه ولا أذى منهم لهم بها ابتغاء رضوان الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: والله بما تعملون بصير يعني بذلك: والله بما تعملون أيها الناس في نفقاتكم التي تنفقونها بصير، لا يخفى عليه منها ولا من أعمالكم فيها وفي غيرها شيء يعلم من المنفق منكم بالمن والأذى والمنفق ابتغاء مرضاة الله، وتثبيتا من نفسه،
- -القول في تأويل قوله تعالى: أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون يعني تعالى ذكره يا أيها الذين آمنوا لا
- -القول في تأويل قوله تعالى: كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون يعني بذلك جل ثناؤه: كما بين لكم ربكم تبارك وتعالى أمر النفقة في سبيله، وكيف وجهها، وما لكم وما ليس لكم فعله فيها، كذلك يبين لكم الآيات سوى ذلك، فيعرفكم أحكامها وحلالها وحرامها،
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد يعني جل ثناؤه بقوله: يا أيها الذين آمنوا صدقوا بالله ورسوله وآي كتابه
- -القول في تأويل قوله تعالى: من طيبات ما كسبتم يعني بذلك جل ثناؤه: زكوا من طيب ما كسبتم بتصرفكم إما بتجارة، وإما بصناعة من الذهب والفضة، ويعني بالطيبات الجياد، يقول: زكوا أموالكم التي اكتسبتموها حلالا، وأعطوا في زكاتكم الذهب والفضة الجياد منها دون
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومما أخرجنا لكم من الأرض يعني بذلك جل ثناؤه: وأنفقوا أيضا مما أخرجنا لكم من الأرض، فتصدقوا وزكوا من النخل والكرم والحنطة والشعير، وما أوجبت فيه الصدقة من نبات الأرض
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تيمموا الخبيث يعني بقوله جل ثناؤه ولا تيمموا الخبيث ولا تعمدوا ولا تقصدوا. وقد ذكر أن ذلك في قراءة عبد الله: " ولا تأمموا " من أممت، وهذه من تيممت، والمعنى واحد وإن اختلفت الألفاظ، يقال: تأممت فلانا وتيممته وأممته،
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه يعني بذلك جل ثناؤه: ولستم بآخذي الخبيث في حقوقكم، والهاء في قوله: بآخذيه من ذكر الخبيث إلا أن تغمضوا فيه يعني إلا أن تتجافوا في أخذكم إياه عن بعض الواجب لكم من حقكم، فترخصوا فيه لأنفسكم،
- -القول في تأويل قوله تعالى: واعلموا أن الله غني حميد يعني بذلك جل ثناؤه: واعلموا أيها الناس أن الله عز وجل غني عن صدقاتكم وعن غيرها، وإنما أمركم بها، وفرضها في أموالكم، رحمة منه لكم ليغني بها عائلكم، ويقوي بها ضعيفكم، ويجزل لكم عليها في الآخرة
- -القول في تأويل قوله تعالى: الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم يعني بذلك تعالى ذكره: الشيطان يعدكم أيها الناس بالصدقة وأدائكم الزكاة الواجبة عليكم في أموالكم أن تفتقروا، ويأمركم بالفحشاء يعني: ويأمركم
- -القول في تأويل قوله تعالى: والله واسع عليم يعني تعالى ذكره: والله واسع الفضل الذي يعدكم أن يعطيكموه من فضله وسعة خزائنه، عليم بنفقاتكم وصدقاتكم التي تنفقون وتصدقون بها، يحصيها لكم حتى يجازيكم بها عند مقدمكم عليه في آخرتكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب يعني بذلك جل ثناؤه: يؤتي الله الإصابة في القول والفعل من يشاء من عباده، ومن يؤت الإصابة في ذلك منهم، فقد أوتي خيرا كثيرا. واختلف أهل التأويل
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما يذكر إلا أولو الألباب يعني بذلك جل ثناؤه: وما يتعظ بما وعظ به ربه في هذه الآيات التي وعظ فيها المنفقين أموالهم بما وعظ به غيرهم فيها، وفي غيرها من آي كتابه، فيذكر وعده ووعيده فيها، فينزجر عما زجره عنه ربه، ويطيعه فيما
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه وما للظالمين من أنصار يعني بذلك جل ثناؤه: وأي نفقة أنفقتم، يعني أي صدقة تصدقتم، أو أي نذر نذرتم؛ يعني بالنذر: ما أوجبه المرء على نفسه تبررا في طاعة الله، وتقربا به إليه،
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير يعني بقوله جل ثناؤه إن تبدوا الصدقات إن تعلنوا الصدقات فتعطوها من تصدقتم بها عليه، فنعما هي يقول: فنعم الشيء هي وإن
- -القول في تأويل قوله تعالى: ويكفر عنكم من سيئاتكم اختلف القراء في قراءة ذلك. فروي عن ابن عباس أنه كان يقرؤه: (وتكفر عنكم) بالتاء، ومن قرأه كذلك، فإنه يعني به: وتكفر الصدقات عنكم من سيئاتكم، وقرأ آخرون: ويكفر عنكم بالياء بمعنى: ويكفر الله عنكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: والله بما تعملون خبير يعني بذلك جل ثناؤه: والله بما تعملون في صدقاتكم من إخفائها وإعلان وإسرار بها وإجهار، وفي غير ذلك من أعمالكم خبير يعني بذلك: ذو خبرة وعلم، لا يخفى عليه شيء من ذلك، فهو بجميعه محيط، ولكله محص على أهله
- -القول في تأويل قوله تعالى: ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون يعني تعالى ذكره بذلك: ليس عليك يا محمد هدى المشركين إلى الإسلام، فتمنعهم صدقة التطوع
- -القول في تأويل قوله تعالى: للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم أما قوله: للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله فبيان من الله عز
- -القول في تأويل قوله تعالى: الذين أحصروا في سبيل الله يعني تعالى ذكره بذلك: الذين جعلهم جهادهم عدوهم يحصرون أنفسهم فيحبسونها عن التصرف فلا يستطيعون تصرفا، وقد دللنا فيما مضى قبل على أن معنى الإحصار تصيير الرجل المحصر بمرضه أو فاقته أو جهاده عدوه، وغير
- -القول في تأويل قوله تعالى: لا يستطيعون ضربا في الأرض يعني بذلك جل ثناؤه: لا يستطيعون تقلبا في الأرض، وسفرا في البلاد، ابتغاء المعاش وطلب المكاسب، فيستغنوا عن الصدقات رهبة العدو، وخوفا على أنفسهم منهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف يعني بذلك: يحسبهم الجاهل بأمرهم وحالهم أغنياء من تعففهم عن المسألة وتركهم التعرض لما في أيدي الناس صبرا منهم على البأساء والضراء
- -القول في تأويل قوله تعالى: تعرفهم بسيماهم يعني بذلك جل ثناؤه: تعرفهم يا محمد بسيماهم، يعني بعلامتهم وآثارهم من قول الله عز وجل: سيماهم في وجوههم من أثر السجود هذه لغة قريش، ومن العرب من يقول: " بسيمائهم " فيمدها، وأما ثقيف وبعض أسد، فإنهم يقولون
- -القول في تأويل قوله تعالى: لا يسألون الناس إلحافا يقال: قد ألحف السائل في مسألته إذا ألح فهو يلحف فيها إلحافا. فإن قال قائل: أفكان هؤلاء القوم يسألون الناس غير إلحاف؟ قيل: غير جائز أن يكون كانوا يسألون الناس شيئا على وجه الصدقة إلحافا أو غير إلحاف
- -القول في تأويل قوله تعالى: الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون
- -القول في تأويل قوله تعالى: الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها
- -القول في تأويل قوله تعالى: ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا يعني بذلك جل ثناؤه: ذلك الذي وصفهم به من قيامهم يوم القيامة من قبورهم كقيام الذي يتخبطه الشيطان من المس من الجنون، فقال تعالى ذكره هذا الذي ذكرنا أنه يصيبهم يوم القيامة من قبح حالهم ووحشة
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يعني جل ثناؤه: وأحل الله الأرباح في التجارة والشراء والبيع، وحرم الربا يعني الزيادة التي يزاد رب
- -القول في تأويل قوله تعالى: يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم يعني عز وجل بقوله: يمحق الله الربا ينقص الله الربا فيذهبه
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون وهذا خبر من الله عز وجل بأن الذين آمنوا، يعني الذين صدقوا بالله وبرسوله، وبما جاء به من عند ربهم من تحريم الربا وأكله
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين يعني جل ثناؤه بذلك: يا أيها الذين آمنوا صدقوا بالله وبرسوله، اتقوا الله، يقول: خافوا الله على أنفسكم فاتقوه بطاعته فيما أمركم به، والانتهاء عما نهاكم عنه
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون يعني جل ثناؤه بقوله: فإن لم تفعلوا فإن لم تذروا ما بقي من الربا. واختلف القراء في قراءة قوله: فأذنوا بحرب من الله ورسوله فقرأته عامة
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم يعني جل ثناؤه بذلك: إن تبتم فتركتم أكل الربا، وأنبتم إلى الله عز وجل، فلكم رءوس أموالكم من الديون التي لكم على الناس دون الزيادة التي أحدثتموها على ذلك ربا منكم
- -القول في تأويل قوله: لا تظلمون ولا تظلمون يعني بقوله: لا تظلمون بأخذكم رءوس أموالكم التي كانت لكم قبل الإرباء على غرمائكم منهم دون أرباحها التي زدتموها ربا على من أخذتم ذلك منه من غرمائكم، فتأخذوا منهم ما ليس لكم أخذه، أو لم يكن لكم قبل ولا تظلمون
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون يعني جل ثناؤه بذلك: وإن كان ممن تقبضون منه من غرمائكم رءوس أموالكم ذو عسرة، يعني معسرا برءوس أموالكم التي كانت لكم عليهم قبل الإرباء، فأنظروهم إلى ميسرتهم،
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون يعني جل وعز بذلك: وأن تتصدقوا برءوس أموالكم على هذا المعسر خير لكم أيها القوم من أن تنظروه إلى ميسرته لتقبضوا رءوس أموالكم منه إذا أيسر، إن كنتم تعلمون موضع الفضل في الصدقة، وما أوجب الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون وقيل: هذه الآية أيضا آخر آية نزلت من القرآن
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا
- -القول في تأويل قوله تعالى: فاكتبوه يعني جل ثناؤه بقوله: فاكتبوه فاكتبوا الدين الذي تداينتموه إلى أجل مسمى من بيع كان ذلك أو قرض. واختلف أهل العلم في اكتتاب الكتاب بذلك على من هو عليه، هل هو واجب أو هو ندب؟ فقال بعضهم: هو حق واجب، وفرض لازم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله يعني بذلك جل ثناؤه: وليكتب كتاب الدين إلى أجل مسمى بين الدائن والمدين كاتب بالعدل يعني بالحق والإنصاف في الكتاب الذي يكتبه بينهما، بما لا يحيف ذا الحق حقه، ولا
- -القول في تأويل قوله تعالى: فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا يعني بذلك: فليكتب الكاتب، وليملل الذي عليه الحق، وهو الغريم المدين، يقول: ليتول المدين إملال كتاب ما عليه من دين رب المال على الكاتب، وليتق الله ربه المملي
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل يعني بقوله جل ثناؤه: فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا فإن كان المدين الذي عليه المال سفيها، يعني جاهلا بالصواب في الذي عليه أن يمله على
- -القول في تأويل قوله تعالى: واستشهدوا شهيدين من رجالكم يعني بذلك جل ثناؤه: واستشهدوا على حقوقكم شاهدين، يقال: فلان شهيدي على هذا المال وشاهدي عليه، وأما قوله: من رجالكم فإنه يعني من أحراركم المسلمين دون عبيدكم، ودون أحراركم الكفار
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء يعني بذلك جل ثناؤه: فإن لم يكونا رجلين، فليكن رجل وامرأتان على الشهادة، ورفع الرجل والمرأتان بالرد على الكون، وإن شئت قلت: فإن لم يكونا رجلين فليشهد رجل وامرأتان على
- -القول في تأويل قوله تعالى: أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأ عامة أهل الحجاز والمدينة وبعض أهل العراق: أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى بفتح الألف من " أن " ونصب " تضل " و " تذكر "، بمعنى: فإن لم يكونا رجلين
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا اختلف أهل التأويل في الحال التي نهى الله الشهداء عن إباء الإجابة إذا دعوا بهذه الآية، فقال بعضهم: معناه: لا يأب الشهداء أن يجيبوا إذا دعوا ليشهدوا على الكتاب والحقوق
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله يعني بذلك جل ثناؤه: ولا تسأموا أيها الذين تداينون الناس إلى أجل أن تكتبوا صغير الحق، يعني قليله أو كبيره يعني أو كثيره إلى أجله إلى أجل الحق، فإن الكتاب أحصى للأجل والمال
- -القول في تأويل قوله تعالى: ذلكم أقسط عند الله يعني جل ثناؤه بقوله: ذلكم اكتتاب كتاب الدين إلى أجله، ويعني بقوله أقسط: أعدل عند الله، يقال منه: أقسط الحاكم فهو يقسط إقساطا وهو مقسط، إذا عدل في حكمه، وأصاب الحق فيه، فإذا جار قيل: قسط فهو يقسط
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأقوم للشهادة يعني بذلك جل ثناؤه: وأصوب للشهادة، وأصله من قول القائل: أقمته من عوجه، إذا سويته فاستوى. وإنما كان الكتاب أعدل عند الله وأصوب لشهادة الشهود على ما فيه؛ لأنه يحوي الألفاظ التي أقر بها البائع والمشتري ورب
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأدنى ألا ترتابوا يعني جل ثناؤه بقوله: وأدنى وأقرب، من الدنو: وهو القرب، ويعني بقوله: ألا ترتابوا من أن لا تشكوا في الشهادة
- -القول في تأويل قوله تعالى: إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها ثم استثنى جل ذكره مما نهاهم عنه أن يسأموه من اكتتاب كتب حقوقهم على غرمائهم بالحقوق التي لهم عليهم، ما وجب لهم قبلهم من حق عن مبايعة بالنقود الحاضرة يدا بيد،
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأشهدوا إذا تبايعتم يعني بذلك جل ثناؤه: وأشهدوا على صغير ما تبايعتم وكبيره من حقوقكم، عاجل ذلك وآجله، ونقده ونسائه، فإن إرخاصي لكم في ترك اكتتاب الكتب بينكم فيما كان من حقوق تجري بينكم لبعضكم من قبل بعض عن تجارة حاضرة
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا يضار كاتب ولا شهيد اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: ذلك نهي من الله لكاتب الكتاب بين أهل الحقوق والشهيد أن يضار أهله، فيكتب هذا ما لم يملله المملي، ويشهد هذا بما لم يستشهده الشهيد
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم يعني بذلك جل ثناؤه: وإن تضاروا الكاتب أو الشاهد وما نهيتم عنه من ذلك، فإنه فسوق بكم، يعني: إثم بكم ومعصية. واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم بنحو الذي قلنا
- -القول في تأويل قوله تعالى: واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم يعني بقوله جل ثناؤه: واتقوا الله وخافوا الله أيها المتداينون في الكتاب والشهود أن تضاروهم، وفي غير ذلك من حدود الله أن تضيعوه، ويعني بقوله: ويعلمكم الله ويبين لكم الواجب لكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته القراء في الأمصار
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه يعني بذلك جل ثناؤه: فإن كان المدين أمينا عند رب المال والدين فلم يرتهن منه في سفره رهنا بدينه لأمانته عنده على ماله وثقته، فليتق الله المدين ربه، يقول: فليخف الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم وهذا خطاب من الله عز وجل للشهود الذين أمر المستدين ورب المال بإشهادهم، فقال لهم: ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا، ولا تكتموا أيها الشهود بعد ما شهدتم شهادتكم عند
- -القول في تأويل قوله تعالى: لله ما في السموات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير يعني جل ثناؤه بقوله: لله ما في السموات وما في الأرض لله ملك كل ما في السموات وما في الأرض من
- -القول في تأويل قوله تعالى: والله على كل شيء قدير يعني بذلك جل ثناؤه: والله عز وجل على العفو عما أخفته نفس هذا المؤمن من الهمة بالخطيئة وعلى عقاب هذا الكافر على ما أخفته نفسه من الشك في توحيد الله عز وجل، ونبوة أنبيائه، ومجازاة كل واحد منهما على كل ما
- -القول في تأويل قوله تعالى: آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير يعني بذلك جل ثناؤه: صدق الرسول، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقر بما
- -القول في تأويل قوله تعالى: لا نفرق بين أحد من رسله وأما قوله: لا نفرق بين أحد من رسله فإنه أخبر جل ثناؤه بذلك عن المؤمنين أنهم يقولون ذلك. ففي الكلام في قراءة من قرأ: لا نفرق بين أحد من رسله بالنون متروك قد استغنى بدلالة ما ذكر عنه، وذلك المتروك هو
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير يعني بذلك جل ثناؤه: وقال الكل من المؤمنين: سمعنا قول ربنا، وأمره إيانا بما أمرنا به، ونهيه عما نهانا عنه، وأطعنا يعني أطعنا ربنا فيما ألزمنا من فرائضه، واستعبدنا به من طاعته،
- -القول في تأويل قوله تعالى: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا
- -القول في تأويل قوله تعالى: لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت يعني بقوله جل ثناؤه لها: للنفس التي أخبر أنه لا يكلفها إلا وسعها، يقول: لكل نفس ما اجترحت وعملت من خير؛ وعليها: يعني وعلى كل نفس ما اكتسبت: ما عملت من شر
- -القول في تأويل قوله تعالى: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا وهذا تعليم من الله عز وجل عباده المؤمنين دعاءه كيف يدعونه، وما يقولون في دعائهم إياه، ومعناه: قولوا: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا شيئا فرضت علينا عمله فلم نعمله، أو أخطأنا في فعل شيء نهيتنا
- -القول تأويل قوله تعالى: ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا يعني بذلك جل ثناؤه: قولوا: ربنا لا تحمل علينا إصرا: يعني بالإصر العهد، كما قال جل ثناؤه: قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري وإنما عنى بقوله: ولا تحمل علينا إصرا ولا تحمل
- -القول في تأويل قوله تعالى: ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به يعني بذلك جل ثناؤه: وقولوا أيضا: ربنا لا تكلفنا من الأعمال ما لا نطيق القيام به لثقل حمله علينا. وكذلك كانت جماعة أهل التأويل يتأولونه
- -القول في تأويل قوله تعالى: واعف عنا واغفر لنا وفي هذا أيضا من قول الله عز وجل خبر عن المؤمنين من مسألتهم إياه ذلك الدلالة الواضحة أنهم سألوه تيسير فرائضه عليهم بقوله: ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به لأنهم عقبوا ذلك بقولهم: واعف عنا مسألة منهم ربهم أن
- -القول في تأويل قوله تعالى: وارحمنا يعني بذلك جل ثناؤه: تغمدنا منك برحمة تنجينا بها من عقابك، فإنه ليس بناج من عقابك أحد إلا برحمتك إياه دون عمله، وليست أعمالنا منجيتنا إن أنت لم ترحمنا، فوفقنا لما يرضيك عنا
- -القول في تأويل قوله تعالى: أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين يعني بقوله جل ثناؤه: أنت مولانا أنت ولينا بنصرك دون من عاداك وكفر بك، لأنا مؤمنون بك ومطيعوك فيما أمرتنا ونهيتنا، فأنت وفي من أطاعك، وعدو من كفر بك فعصاك، فانصرنا لأنا حزبك، على
- [+]سورة آل عمران
- [+]سورة النساء
- -يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا قال أبو جعفر: يعني بقوله تعالى ذكره: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة احذروا أيها
- -القول في تأويل قوله تعالى: وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء يعني بقوله جل ثناؤه: وخلق منها زوجها وخلق من النفس الواحدة زوجها؛ يعني ب " الزوج " الثاني لها وهو فيما قال أهل التأويل: امرأتها حواء
- -القول في تأويل قوله تعالى: واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأه عامة قراء أهل المدينة والبصرة: (تساءلون) بالتشديد، بمعنى: تتساءلون، ثم أدغم إحدى التاءين في السين، فجعلهما سينا مشددة، وقرأه بعض قراء الكوفة:
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله كان عليكم رقيبا قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره أن الله لم يزل عليكم رقيبا، ويعني بقوله: عليكم على الناس الذين قال لهم جل ثناؤه: يا أيها الناس اتقوا ربكم والمخاطب والغائب إذا اجتمعا في الخبر، فإن العرب تخرج
- -القول في تأويل قوله تعالى: وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره أوصياء اليتامى، يقول لهم: وأعطوا يا معشر أوصياء اليتامى أموالهم، إذا هم بلغوا الحلم وأونس
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: ولا تخلطوا أموالهم يعني: أموال اليتامى بأموالكم فتأكلوها مع أموالكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: إنه كان حوبا كبيرا قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: إنه كان حوبا كبيرا إن أكلكم أموال أيتامكم مع أموالكم حوب كبير، والهاء في قوله إنه دالة على اسم الفعل أعني الأكل، وأما الحوب: فإنه الإثم، يقال منه: حاب الرجل يحوب
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: وإن خفتم يا
- -القول في تأويل قوله تعالى: ذلك أدنى ألا تعولوا يعني بقوله تعالى ذكره: وإن خفتم ألا تعدلوا في مثنى أو ثلاث أو رباع فنكحتم واحدة، أو خفتم ألا تعدلوا في الواحدة فتسررتم ملك أيمانكم؛ فهو أدنى، يعني أقرب ألا تعولوا، يقول: أن لا تجوروا ولا تميلوا، يقال
- -القول في تأويل قوله تعالى: وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: وأعطوا النساء مهورهن عطية واجبة، وفريضة لازمة؛ يقال منه: نحل فلان فلانا كذا، فهو ينحله نحلة ونحلا
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا يعني بذلك جل ثناؤه: فإن وهب لكم أيها الرجال نساؤكم شيئا من صدقاتهن، طيبة بذلك أنفسهن، فكلوه هنيئا مريئا
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في السفهاء الذين نهى الله جل ثناؤه عباده أن يؤتوهم أموالهم، فقال بعضهم: هم النساء والصبيان
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقولوا لهم قولا معروفا قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: عدهم عدة جميلة من البر والصلة
- -القول في تأويل قوله تعالى: وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا
- -وأما قوله: إذا بلغوا النكاح فإنه يعني: إذا بلغوا الحلم
- -القول في تأويل قوله: فإن آنستم منهم رشدا يعني قوله: فإن آنستم منهم رشدا فإن وجدتم منهم وعرفتم
- -القول في تأويل قوله تعالى: فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا يعني بذلك تعالى ذكره ولاة أموال اليتامى، يقول الله لهم: فإذا بلغ أيتامكم الحلم، فآنستم منهم عقلا وإصلاحا لأموالهم، فادفعوا إليهم أموالهم، ولا تحبسوها عنهم. وأما قوله: ولا تأكلوها
- -القول في تأويل قوله تعالى: وبدارا أن يكبروا يعني جل ثناؤه بقوله: وبدارا ومبادرة؛ وهو مصدر من قول القائل: بادرت هذا الأمر مبادرة وبدارا. وإنما يعني بذلك جل ثناؤه ولاة أموال اليتامى، يقول لهم: لا تأكلوا أموالهم إسرافا، يعني: ما أباح الله لكم أكله
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف يعني بقوله جل ثناؤه: ومن كان غنيا من ولاة أموال اليتامى على أموالهم، فليستعفف " بماله عن أكلها بغير الإسراف والبدار أن يكبروا، بما أباح الله له أكلها به
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وإذا دفعتم يا معشر ولاة أموال اليتامى إلى اليتامى أموالهم، فأشهدوا عليهم، يقول: فأشهدوا على الأيتام باستيفائهم ذلك منكم ودفعكموه إليهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وكفى بالله حسيبا يقول تعالى ذكره: وكفى بالله كافيا من الشهود الذي يشهدهم والي اليتيم على دفعه مال يتيمه إليه
- -القول في تأويل قوله تعالى: للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا يعني بذلك تعالى ذكره: للذكور من أولاد الرجل الميت حصة من ميراثه وللإناث منهم حصة منه، من قليل ما خلف بعده وكثيره
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في حكم هذه الآية، هل هو محكم، أو منسوخ؟ فقال بعضهم: هو محكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: وليخش ليخف الذين يحضرون موصيا يوصي في ماله أن يأمره بتفريق ماله وصية به فيمن لا يرثه، ولكن
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا يعني بذلك جل ثناؤه: إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما يقول: بغير حق، إنما يأكلون في بطونهم نارا يوم القيامة، بأكلهم أموال اليتامى ظلما في الدنيا
- -القول في تأويل قوله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك يعني بقوله: فإن كن فإن كان المتروكات نساء فوق اثنتين. ويعني بقول نساء: بنات الميت فوق اثنتين، يقول: أكثر في العدد من اثنتين. فلهن ثلثا ما ترك يقول: فلبناته الثلثان مما ترك بعده من
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد يعني بقوله: وإن كانت المتروكة ابنة واحدة، فلها النصف، يقول: فلتلك الواحدة نصف ما ترك الميت من ميراثه إذا لم يكن معها غيرها من ولد الميت ذكر ولا
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث يعني جل ثناؤه بقوله: فإن لم يكن له فإن لم يكن للميت ولد ذكر ولا أنثى، وورثه أبواه دون غيرهما من ولد وارث فلأمه الثلث يقول: فلأمه من تركته وما خلف بعده ثلث جميع ذلك. فإن قال قائل:
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن كان له إخوة فلأمه السدس إن قال قائل: وما المعنى الذي من أجله ذكر حكم الأبوين مع الإخوة، وترك ذكر حكمهما مع الأخ الواحد؟ قلت: اختلاف حكمهما مع الإخوة الجماعة والأخ الواحد، فكان في إبانة الله جل ثناؤه لعباده حكمهما فيما
- -القول في تأويل قوله تعالى: من بعد وصية يوصي بها أو دين يعني جل ثناؤه بقوله: من بعد وصية يوصي بها أو دين أن الذي قسم الله تبارك وتعالى لولد الميت الذكور منهم والإناث ولأبويه من تركته من بعد وفاته، إنما يقسمه لهم على ما قسمه لهم في هذه الآية من بعد قضاء
- -القول في تأويل قوله تعالى: آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا يعني جل ثناؤه بقوله: آباؤكم وأبناؤكم هؤلاء الذين أوصاكم الله به فيهم من قسمة ميراث ميتكم فيهم على ما سمى لكم وبينه في هذه الآية آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا يقول:
- -القول في تأويل قوله تعالى: فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما يعني بقوله جل ثناؤه: فريضة من الله وإن كان له إخوة فلأمه السدس، فريضة، يقول: سهاما معلومة موقتة بينها الله لهم. ونصب قوله: فريضة على المصدر من قوله: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين وإن كان رجل
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين يعني جل ثناؤه بقوله: ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد ولأزواجكم أيها الناس ربع ما تركتم بعد وفاتكم من مال وميراث
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة يعني بذلك جل ثناؤه: وإن كان رجل أو امرأة يورث كلالة. ثم اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأ ذلك عامة قراء أهل الإسلام: وإن كان رجل يورث كلالة يعني: وإن كان رجل يورث متكلل النسب، فالكلالة على
- -القول في تأويل قوله تعالى: وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث يعني بقوله جل ثناؤه: وله أخ أو أخت وللرجل الذي يورث كلالة أخ أو أخت يعني أخا أو أختا من أمه
- -القول في تأويل قوله تعالى: من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار وصية من الله والله عليم حليم يعني جل ثناؤه بقوله: من بعد وصية يوصى بها أي هذا الذي فرضت لأخي الميت الموروث كلالة وأخته أو إخوته وأخواته من ميراثه وتركته، إنما هو لهم من بعد قضاء دين الميت
- -القول في تأويل قوله تعالى: تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: تلك حدود الله، فقال بعضهم: يعني به: تلك شروط الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين يعني بذلك جل ثناؤه: ومن يعص الله ورسوله في العمل بما أمراه به من قسمة المواريث على ما أمراه بقسمه ذلك بينهم وغير ذلك من فرائض الله مخالفا أمرهما إلى ما نهياه
- -القول في تأويل قوله تعالى: واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا يعني بقوله جل ثناؤه: واللاتي يأتين الفاحشة والنساء يأتين بالزنا: أي يزنين من نسائكم وهن محصنات
- -القول في تأويل قوله تعالى: واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما يعني جل ثناؤه بقوله: واللذان يأتيانها منكم والرجل والمرأة اللذان يأتيانها، يقول: يأتيان الفاحشة والهاء والألف في قوله: يأتيانها عائدة على
- -القول في تأويل قوله تعالى: فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما اختلف أهل التأويل في الأذى الذي كان الله تعالى ذكره جعله عقوبة للذين يأتيان الفاحشة من قبل أن يجعل لهما سبيلا منه، فقال بعضهم: ذلك الأذى، أذى بالقول واللسان،
- -القول في تأويل قوله تعالى: إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما يعني بقوله جل ثناؤه: إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ما التوبة على الله لأحد من خلقه، إلا للذين
- -القول في تأويل قوله تعالى: ثم يتوبون من قريب اختلف أهل التأويل في معنى القريب في هذا الموضع، فقال بعضهم: معنى ذلك: ثم يتوبون في صحتهم قبل مرضهم وقبل موتهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما يعني بقوله جل ثناؤه: فأولئك فهؤلاء الذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب يتوب الله عليهم دون من لم يتب، حتى غلب على عقله وغمرته حشرجة ميتته، فقال: وهو لا يفقه ما يقول:
- -القول في تأويل قوله تعالى: وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما يعني بذلك جل ثناؤه: وليست التوبة للذين يعملون السيئات من أهل الإصرار على معاصي الله، حتى إذا
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما يعني بذلك جل ثناؤه: ولا التوبة للذين يموتون وهم كفار فموضع " الذين " خفض؛ لأنه معطوف على قوله: للذين يعملون السيئات وقوله: أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما يقول: هؤلاء
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا يعني تبارك وتعالى بقوله يا أيها
- -القول في تأويل قوله تعالى: إلا أن يأتين بفاحشة مبينة يعني بذلك جل ثناؤه: لا يحل لكم أيها المؤمنون أن تعضلوا نساءكم ضرارا منكم لهن، وأنتم لصحبتهن كارهون، وهن لكم طائعات، لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن من صدقاتهن، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فيحل لكم حينئذ
- -القول في تأويل قوله تعالى. وعاشروهن بالمعروف يعني جل ثناؤه بقوله، وعاشروهن بالمعروف وخالقوا أيها الرجال نساءكم، وصاحبوهن بالمعروف، يعني بما أمرتم به من المصاحبة، وذلك إمساكهن بأداء حقوقهن التي فرض الله جل ثناؤه لهن عليكم إليهن، أو تسريح منكم لهن
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا يعني بذلك تعالى ذكره: لا تعضلوا نساءكم لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن من غير ريبة، ولا نشوز، كان منهن، ولكن عاشروهن بالمعروف وإن كرهتموهن، فلعلكم أن تكرهوهن، فتمسكوهن
- -القول في تأويل قوله تعالى. وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا يعني جل ثناؤه بقوله، وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وإن أردتم أيها المؤمنون نكاح امرأة مكان امرأة لكم تطلقونها وآتيتم إحداهن
- -القول في تأويل قوله تعالى. أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا يعني بقوله تعالى: أتأخذونه أتأخذون ما آتيتموهن من مهورهن بهتانا يقول، ظلما بغير حق، وإثما مبينا يعني: وإثما قد أبان أمر آخذه أنه بأخذه إياه لمن أخذه منه ظالم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا يعني جل ثناؤه بقوله: وكيف تأخذونه وعلى أي وجه تأخذون من نسائكم ما آتيتموهن من صدقاتهن إذا أردتم طلاقهن واستبدال غيرهن بهن أزواجا، وقد أفضى بعضكم إلى بعضكم فتباشرتم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأخذن منكم ميثاقا غليظا أي ما وثقت به لهن على أنفسكم من عهد، وإقرار منكم بما أقررتم به على أنفسكم من إمساكهن بمعروف، أو تسريحهن بإحسان، وكان في عقد المسلمين النكاح قديما فيما بلغنا أن يقال للناكح: الله عليك لتمسكن بمعروف
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا قد ذكر أن هذه الآية نزلت في قوم كانوا يخلفون على حلائل آبائهم، فجاء الإسلام وهم على ذلك، فحرم الله تبارك وتعالى عليهم المقام عليهن، وعفا لهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم
- -وأما قوله: فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم فإنه يقول: فإن لم تكونوا أيها الناس دخلتم بأمهات ربائبكم اللاتي في حجوركم، فجامعتموهن حتى طلقتموهن، فلا جناح عليكم يقول: فلا حرج عليكم في نكاح من كان من ربائبكم كذلك
- -وأما قوله: وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم فإنه يعني: وأزواج أبنائكم الذين من أصلابكم، وهي جمع حليلة وهي امرأته، وقيل: سميت امرأة الرجل حليلته؛ لأنها تحل معه في فراش واحد، ولا خلاف بين جميع أهل العلم أن حليلة ابن الرجل حرام عليه نكاحها بعقد ابنه
- -وأما قوله: وأن تجمعوا بين الأختين فإن معناه: وحرم عليكم أن تجمعوا بين الأختين عندكم بنكاح، ف " أن " في موضع رفع، كأنه قيل: والجمع بين الأختين إلا ما قد سلف لكن ما قد مضى منكم إن الله كان غفورا لذنوب عباده إذا تابوا إليه منها رحيما بهم فيما كلفهم من
- -القول في تأويل قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما
- -القول في تأويل قوله تعالى: كتاب الله عليكم يعني تعالى ذكره: كتابا من الله عليكم. فأخرج الكتاب مصدرا من غير لفظه , وإنما جاز ذلك لأن قوله تعالى: حرمت عليكم أمهاتكم إلى قوله: كتاب الله عليكم بمعنى: كتب الله تحريم ما حرم من ذلك وتحليل ما حلل من ذلك
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم: معنى ذلك: وأحل لكم ما دون الخمس أن تبتغوا بأموالكم على وجه النكاح
- -القول في تأويل قوله تعالى: محصنين غير مسافحين يعني بقوله جل ثناؤه: محصنين: أعفاء بابتغائكم ما وراء ما حرم عليكم من النساء بأموالكم غير مسافحين يقول: " غير مزانين. كما:
- -القول في تأويل قوله تعالى: فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: فما استمتعتم به منهن فقال بعضهم: معناه: فما نكحتم منهن فجامعتموهن , يعني من النساء فآتوهن أجورهن فريضة يعني: صدقاتهن فريضة معلومة
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم: معنى ذلك: لا حرج عليكم أيها الأزواج إن أدركتكم عسرة بعد أن فرضتم لنسائكم أجورهن فريضة فيما تراضيتم به , من حط
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان فإذا أحصن فإن
- -القول في تأويل قوله تعالى: أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات يعني بذلك: ومن لم يستطع منكم أيها الناس طولا , يعني: من الأحرار أن ينكح المحصنات وهن الحرائر المؤمنات اللواتي قد صدقن بتوحيد الله وبما جاء رسول الله صلى الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض وهذا من المؤخر الذي معناه التقديم وتأويل ذلك: ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات , فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات , فلينكح بعضكم من بعض , بمعنى: فلينكح هذا فتاة هذا.
- -القول في تأويل قوله تعالى: فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف يعني بقوله جل ثناؤه: فانكحوهن فتزوجوهن , وبقوله: بإذن أهلهن بإذن أربابهن وأمرهم إياكم بنكاحهن ورضاهم ويعني بقوله: وآتوهن أجورهن وأعطوهن مهورهن: كما:
- -القول في تأويل قوله: محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان يعني بقوله: محصنات عفيفات غير مسافحات غير مزانيات ولا متخذات أخدان يقول: " ولا متخذات أصدقاء على السفاح. وقد ذكر أن ذلك قيل كذلك , لأن الزواني كن في الجاهلية في العرب المعلنات بالزنا ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإذا أحصن اختلفت القراء في قراءة ذلك , فقرأه بعضهم: (فإذا أحصن) , بفتح الألف , بمعنى: إذا أسلمن فصرن ممنوعات الفروج من الحرام بالإسلام وقرأه آخرون: فإذا أحصن بمعنى: فإذا تزوجن فصرن ممنوعات الفروج من الحرام بالأزواج قال
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب يعني جل ثناؤه بقوله: فإن أتين بفاحشة فإن أتت فتياتكم , وهن إماؤكم , بعد ما أحصن بإسلام , أو أحصن بنكاح بفاحشة , وهي الزنا فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب يقول: "
- -القول في تأويل قوله تعالى: ذلك لمن خشي العنت منكم يعني تعالى ذكره بقوله ذلك: هذا الذي أبحت أيها الناس من نكاح فتياتكم المؤمنات لمن لا يستطيع منكم طولا لنكاح المحصنات المؤمنات , أبحته لمن خشي العنت منكم دون غيره ممن لا يخشى العنت واختلف أهل التأويل في
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأن تصبروا خير لكم والله غفور رحيم يعني جل ثناؤه بذلك: وأن تصبروا أيها الناس عن نكاح الإماء خير لكم , والله غفور لكم نكاح الإماء أن تنكحوهن على ما أحل لكم وأذن لكم به , وما سلف منكم في ذلك إن أصلحتم أمور أنفسكم فيما بينكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم يعني جل ثناؤه بقوله: يريد الله ليبين لكم حلاله وحرامه ويهديكم سنن الذين من قبلكم يقول: " وليسددكم سنن الذين من قبلكم , يعني: سبل من قبلكم من أهل
- -القول في تأويل قوله تعالى: والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما يعني بذلك تعالى ذكره: والله يريد أن يراجع بكم طاعته , والإنابة إليه , ليعفو لكم عما سلف من آثامكم , ويتجاوز لكم عما كان منكم في جاهليتكم من استحلالكم ما
- -القول في تأويل قوله تعالى: يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا يعني جل ثناؤه بقوله: يريد الله أن يخفف عنكم يريد الله أن ييسر عليكم بإذنه لكم في نكاح الفتيات المؤمنات إذا لم تستطيعوا طولا لحرة. وخلق الإنسان ضعيفا يقول: " يسر ذلك عليكم إذا كنتم
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما يعني بقوله جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا صدقوا الله ورسوله لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل يقول: " لا
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما يعني بقوله جل ثناؤه: ولا تقتلوا أنفسكم ولا يقتل بعضكم بعضا , وأنتم أهل ملة واحدة ودعوة واحدة ودين واحد , فجعل جل ثناؤه أهل الإسلام كلهم بعضهم من بعض , وجعل القاتل منهم قتيلا في قتله
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ومن يفعل ذلك عدوانا فقال بعضهم: معنى ذلك: ومن يقتل نفسه , بمعنى: ومن يقتل أخاه المؤمن عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما اختلف أهل التأويل في معنى الكبائر التي وعد الله جل ثناؤه عباده باجتنابها تكفير سائر سيئاتهم عنهم , فقال بعضهم: الكبائر التي قال الله تبارك وتعالى: إن
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما يعني بذلك جل ثناؤه: ولا تشتهوا ما فضل الله به بعضكم على بعض. وذكر أن ذلك نزل في نساء
- -القول في تأويل قوله تعالى: للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم: معنى ذلك: للرجال نصيب مما اكتسبوا من الثواب على الطاعة والعقاب على المعصية , وللنساء نصيب من ذلك مثل ذلك
- -القول في تأويل قوله تعالى: واسألوا الله من فضله يعني بذلك جل ثناؤه: واسألوا الله من عونه وتوفيقه للعمل بما يرضيه عنكم من طاعته , ففضله في هذا الموضع: توفيقه ومعونته. كما:
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله كان بكل شيء عليما يعني بذلك جل ثناؤه: إن الله كان بما يصلح عباده فيما قسم لهم من خير , ورفع بعضهم فوق بعض في الدين والدنيا , وبغير ذلك من قضائه وأحكامه فيهم عليما يقول: " ذا علم , ولا تتمنوا غير الذي قضى لكم , ولكن
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيدا يعني جل ثناؤه بقوله: ولكل جعلنا موالي ولكلكم أيها الناس جعلنا موالي , يقول: ورثة من بني عمه وإخوته وسائر عصبته غيرهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم اختلفت القراء في قراءة ذلك , فقرأه بعضهم: والذين عقدت أيمانكم بمعنى: والذين عقدت أيمانكم الحلف بينكم وبينهم , وهي قراءة عامة قراء الكوفيين. وقرأ ذلك آخرون: (والذين عاقدت أيمانكم) , بمعنى
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله كان على كل شيء شهيدا يعني بذلك جل ثناؤه: فآتوا الذين عقدت أيمانكم نصيبهم من النصرة والنصيحة والرأي , فإن الله شاهد على ما تفعلون من ذلك وعلى غيره من أفعالكم , مراع لكل ذلك حافظ , حتى يجازي جميعكم على جميع ذلك جزاءه ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا
- -القول في تأويل قوله تعالى: فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله يعني بقوله جل ثناؤه: فالصالحات المستقيمات الدين , العاملات بالخير. كما:
- -القول في تأويل قوله: واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن اختلف أهل التأويل في معنى قوله: واللاتي تخافون نشوزهن فقال بعضهم: معناه: واللاتي تعلمون نشوزهن. ووجه صرف الخوف في هذا الموضع إلى العلم في قول هؤلاء نظير صرف الظن إلى العلم لتقارب معنييهما , إذ كان
- -القول في تأويل قوله تعالى: واهجروهن في المضاجع اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم: معنى ذلك: فعظوهن في نشوزهن عليكم أيها الأزواج , فإن أبين مراجعة الحق في ذلك والواجب عليهم لكم , فاهجروهن بترك جماعهن في مضاجعتكم إياهن
- -القول في تأويل قوله تعالى: واضربوهن يعني بذلك جل ثناؤه: فعظوهن أيها الرجال في نشوزهن , فإن أبين الإياب إلى ما يلزمهن لكم فشدوهن وثاقا في منازلهن , واضربوهن ليؤبن إلى الواجب عليهن من طاعة الله في اللازم لهن من حقوقكم. وقال أهل التأويل: صفة الضرب التي
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا يعني بذلك جل ثناؤه: فإن أطعنكم أيها الناس نساؤكم اللاتي تخافون نشوزهن عند وعظكم إياهن فلا تهجروهن في المضاجع , فإن لم يطعنكم فاهجروهن في المضاجع واضربوهن , فإن راجعن طاعتكم عند ذلك وفئن إلى
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله كان عليا كبيرا يقول: إن الله ذو علو على كل شيء , فلا تبغوا أيها الناس على أزواجكم إذا أطعنكم فيما ألزمهن الله لكم من حق سبيلا لعلو أيديكم على أيديهن , فإن الله أعلى منكم ومن كل شيء , وأعلى منكم عليهن , وأكبر منكم ومن
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا يعني بقوله جل ثناؤه: وإن خفتم شقاق بينهما: وإن علمتم أيها الناس شقاق بينهما , وذلك مشاقة كل واحد منهما صاحبه ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما يعني بقوله جل ثناؤه: إن يريدا إصلاحا إن يرد الحكمان إصلاحا بين الرجل والمرأة , أعني بين الزوجين المخوف شقاق بينهما , يقول: يوفق الله بين الحكمين , فيتفقا على الإصلاح بينهما , وذلك إذا صدق كل
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله كان عليما خبيرا يعني جل ثناؤه: إن الله كان عليما بما أراد الحكمان من إصلاح بين الزوجين وغيره , خبيرا بذلك وبغيره من أمورهما وأمور غيرهما , لا يخفى عليه شيء منه , حافظ عليهم , حتى يجازي كلا منهم جزاءه بالإحسان إحسانا ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا يعني بذلك جل ثناؤه: وذلوا لله
- -القول في تأويل قوله تعالى: والجار ذي القربى اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم: معنى ذلك: والجار ذي القرابة والرحم منك
- -القول في تأويل قوله تعالى: والجار الجنب اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم: معنى ذلك: والجار البعيد الذي لا قرابة بينك وبينه
- -القول في تأويل قوله تعالى: والصاحب بالجنب اختلف أهل التأويل في المعني بذلك , فقال بعضهم: هو رفيق الرجل في سفره
- -القول في تأويل قوله تعالى: وابن السبيل اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم: ابن السبيل: هو المسافر الذي يجتاز مارا
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما ملكت أيمانكم يعني بذلك جل ثناؤه: والذين ملكتموهم من أرقائكم. فأضاف الملك إلى اليمين , كما يقال: تكلم فوك , ومشت رجلك , وبطشت يدك , بمعنى: تكلمت , ومشيت , وبطشت. غير أن ما وصفت به كل عضو من ذلك , فإنما أضيف إليه ما
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا يعني بقوله جل ثناؤه: إن الله لا يحب من كان مختالا إن الله لا يحب من كان ذا خيلاء , وللمختال المفتعل من قولك: خال الرجل فهو يخول خولا وخالا , ومنه قول الشاعر: فإن كنت سيدنا سدتنا وإن كنت
- -القول في تأويل قوله تعالى: الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا يعني بذلك جل ثناؤه: إن الله لا يحب المختال الفخور , الذي يبخل ويأمر الناس بالبخل. فالذين يحتمل أن يكون في موضع رفع ردا على ما في
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا يعني بذلك جل ثناؤه وأعتدنا وجعلنا للجاحدين نعمة الله التي أنعم بها عليهم من المعرفة بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم , المكذبين به بعد علمهم به , الكاتمين نعته وصفته من أمرهم الله ببيانه له من الناس
- -القول في تأويل قوله تعالى: والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا يعني بذلك جل ثناؤه: وأعتدنا للكافرين بالله من اليهود الذين وصف الله صفتهم عذابا مهينا والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا يعني بذلك جل ثناؤه: ومن يكن الشيطان له خليلا وصاحبا يعمل بطاعته ويتبع أمره ويترك أمر الله في إنفاقه ماله رئاء الناس في غير طاعته , وجحوده وحدانية الله والبعث بعد الممات فساء قرينا يقول: "
- -القول في تأويل قوله تعالى: وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله وكان الله بهم عليما يعني بذلك جل ثناؤه: أي شيء على هؤلاء الذين ينفقون أموالهم رئاء الناس , ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر , لو آمنوا بالله واليوم الآخر , لو
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما يعني بذلك جل ثناؤه: وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر , وأنفقوا مما رزقهم الله , فإن الله لا يبخس أحدا من خلقه أنفق في سبيله مما رزقه من ثواب نفقته
- -القول في تأويل قوله تعالى: يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا يعني بذلك جل ثناؤه: يوم نجيء من كل أمة بشهيد , ونجيء بك على أمتك يا محمد شهيدا يود الذين كفروا يقول: " يتمنى الذين جحدوا وحدانية الله وعصوا رسوله ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم: معنى ذلك: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون , ولا تقربوها جنبا إلا عابري سبيل , يعني: إلا أن تكونوا مجتازي طريق: أي مسافرين
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط يعني بقوله جل ثناؤه: وإن كنتم مرضى من جرح أو جدري وأنتم جنب. كما:
- -القول في تأويل قوله تعالى: أو لامستم النساء يعني بذلك جل ثناؤه: أو باشرتم النساء بأيديكم. ثم اختلف أهل التأويل في اللمس الذي عناه الله بقوله: أو لامستم النساء فقال بعضهم: عنى بذلك: الجماع
- -القول في تأويل قوله تعالى: فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا يعني بقوله جل ثناؤه: فلم تجدوا ماء أو لمستم النساء , فطلبتم الماء لتتطهروا به , فلم تجدوه بثمن ولا غير ثمن فتيمموا يقول: " فتعمدوا , وهو تفعلوا من قول القائل: تيممت كذا: إذا قصدته وتعمدته
- -واختلف أهل التأويل في معنى قوله: طيبا فقال بعضهم: حلالا
- -القول في تأويل قوله تعالى: فامسحوا بوجوهكم وأيديكم يعني بذلك جل ثناؤه: فامسحوا منه بوجوهكم وأيديكم , ولكنه ترك ذكر منه اكتفاء بدلالة الكلام عليه. والمسح منه بالوجه أن يضرب المتيمم بيديه على وجه الأرض الطاهر , أو ما قام مقامه , فيمسح بما علق من الغبار
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله كان عفوا غفورا يعني بذلك جل ثناؤه: إن الله لم يزل عفوا عن ذنوب عباده وتركه العقوبة على كثير منها ما لم يشركوا به , كما عفا عنكم أيها المؤمنون عن قيامكم إلى الصلاة التي فرضها عليكم في مساجدكم وأنتم سكارى غفورا يقول: "
- -القول في تأويل قوله تعالى: ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا اختلف أهل التأويل في معنى قوله جل ثناؤه: ألم تر إلى الذين فقال قوم: معناه: ألم تخبر , وقال
- -القول في تأويل قوله تعالى: يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا يعني جل ثناؤه بقوله: يشترون الضلالة اليهود الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يختارون الضلالة , وذلك الأخذ على غير طريق الحق وركوب غير سبيل
- -القول في تأويل قوله تعالى: من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا ولقوله جل
- -القول في تأويل قوله تعالى: واسمع غير مسمع وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن اليهود الذين كانوا حوالي مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم في عصره , أنهم كانوا يسبون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويؤذونه بالقبيح من القول , ويقولون له: اسمع منا غير مسمع , كقول
- -القول في تأويل قوله تعالى: وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين يعني بقوله: وراعنا أي راعنا سمعك , افهم عنا وأفهمنا. وقد بينا تأويل ذلك في سورة البقرة بأدلته بما فيه الكفاية عن إعادته. ثم أخبر الله جل ثناؤه عنهم أنهم يقولون ذلك لرسول الله صلى الله عليه
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم يعني بذلك جل ثناؤه: ولو أن هؤلاء اليهود الذين وصف الله صفتهم قالوا لنبي الله: سمعنا يا محمد قولك , وأطعنا أمرك , وقبلنا ما جئتنا به من عند الله , واسمع منا ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا يعني بذلك: ولكن الله تبارك وتعالى أخزى هؤلاء اليهود الذين وصف صفتهم في هذه الآية فأقصاهم وأبعدهم من الرشد , واتباع الحق بكفرهم , يعني بجحودهم نبوة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم , وما
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا يعني جل ثناؤه بقوله: يا أيها الذين أوتوا الكتاب اليهود من بني إسرائيل الذين
- -القول في تأويل قوله تعالى: أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا يعني بقوله جل ثناؤه: أو نلعنهم أو نلعنكم , فنخزيكم , ونجعلكم قردة كما لعنا أصحاب السبت يقول: " كما أخزينا الذين اعتدوا في السبت من أسلافكم , قيل ذلك على وجه الخطاب في قوله
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما يعني بذلك جل ثناؤه: يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم , وإن الله لا يغفر أن يشرك به , فإن الله لا يغفر الشرك به
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما يعني بذلك جل ثناؤه: ومن يشرك بالله في عبادته غيره من خلقه , فقد افترى إثما عظيما , يقول: فقد اختلق إثما عظيما. وإنما جعله الله تعالى ذكره مفتريا , لأنه قال زورا وإفكا بجحوده وحدانية الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا يعني بذلك جل ثناؤه: ألم تر يا محمد بقلبك الذين يزكون أنفسهم من اليهود فيبرئونها من الذنوب , ويطهرونها واختلف أهل التأويل في المعنى الذي كانت اليهود تزكي به
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا يظلمون فتيلا يعني بذلك جل ثناؤه: ولا يظلم الله هؤلاء الذين أخبر عنهم أنهم يزكون أنفسهم ولا غيرهم من خلقه , فيبخسهم في تركه تزكيتهم , وتزكية من ترك تزكيته , وفي تزكية من زكى من خلقه شيئا من حقوقهم ولا يضع شيئا في غير موضعه
- -القول في تأويل قوله تعالى: انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا يعني بذلك جل ثناؤه: انظر يا محمد كيف يفتري هؤلاء الذين يزكون أنفسهم من أهل الكتاب القائلون: نحن أبناء الله وأحباؤه , وأنه لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى , الزاعمون
- -القول في تأويل قوله تعالى: ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا يعني بذلك جل ثناؤه: ألم تر بقلبك يا محمد إلى الذين أعطوا حظا من كتاب الله فعلموه يؤمنون بالجبت والطاغوت , يعني
- -القول في تأويل قوله تعالى: ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا يعني بذلك جل ثناؤه: ويقولون للذين جحدوا وحدانية الله ورسالة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم: هؤلاء يعني بذلك: هؤلاء الذين وصفهم الله بالكفر أهدى يعني أقوم وأعدل من الذين
- -القول في تأويل قوله تعالى: أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا يعني جل ثناؤه بقوله أولئك هؤلاء الذين وصف صفتهم أنهم أوتوا نصيبا من الكتاب وهم يؤمنون بالجبت والطاغوت , هم الذين لعنهم الله , يقول: أخزاهم الله فأبعدهم من رحمته بإيمانهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا يعني بذلك جل ثناؤه: أم لهم نصيب من الملك أم لهم حظ من الملك , يقول: ليس لهم حظ من الملك. كما:
- -القول في تأويل قوله تعالى: أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما يعني بقوله جل ثناؤه: أم يحسدون الناس أم يحسد هؤلاء الذين أوتوا نصيبا من الكتاب من اليهود كما:
- -القول في تأويل قوله تعالى: فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما يعني: بذلك جل ثناؤه: أم يحسد هؤلاء اليهود الذين وصف صفتهم في هذه الآيات , الناس على ما آتاهم الله من فضله , من أجل أنهم ليسوا منهم , فكيف لا يحسدون آل إبراهيم , فقد
- -القول في تأويل قوله تعالى: فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا يعني بذلك جل ثناؤه: فمن الذين أوتوا الكتاب من يهود بني إسرائيل الذين قال لهم جل ثناؤه: آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها , من آمن به يقول
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما هذا وعيد من الله جل ثناؤه للذين أقاموا على تكذيبهم بما أنزل الله على محمد من يهود بني إسرائيل وغيرهم من سائر
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله كان عزيزا حكيما يقول: إن الله لم يزل عزيزا في انتقامه ممن انتقم منه من خلقه , لا يقدر على الامتناع منه أحد أراده بضر , ولا الانتصار منه أحد أحل به عقوبة , حكيما في تدبيره وقضائه
- -القول في تأويل قوله تعالى: والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا يعني بقوله جل ثناؤه: والذين آمنوا وعملوا الصالحات والذين آمنوا بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا اختلف أهل التأويل فيمن عني بهذه الآية , فقال بعضهم: عني بها: ولاة أمور المسلمين
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا يعني بذلك جل ثناؤه: يا معشر ولاة أمور المسلمين إن الله نعم الشيء يعظكم به , ونعمت العظة يعظكم بها في أمره إياكم , أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها , وأن تحكموا بين الناس بالعدل إن الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا يعني بذلك جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ربكم فيما
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر يعني بذلك جل ثناؤه: فإن اختلفتم أيها المؤمنون في شيء من أمر دينكم أنتم فيما بينكم أو أنتم وولاة أمركم فاشتجرتم فيه فردوه إلى الله يعني بذلك:
- -القول في تأويل قوله تعالى: ذلك خير وأحسن تأويلا يعني بقوله جل ثناؤه: ذلك فرد ما تنازعتم فيه من شيء إلى الله والرسول , خير لكم عند الله في معادكم , وأصلح لكم في دنياكم , لأن ذلك يدعوكم إلى الألفة , وترك التنازع والفرقة. وأحسن تأويلا يعني: " وأحمد
- -القول في تأويل قوله تعالى: ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا يعني بذلك جل ثناؤه: ألم تر يا محمد بقلبك فتعلم إلى الذين يزعمون أنهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا يعني بذلك جل ثناؤه: ألم تر يا محمد إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك من المنافقين , وإلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل من قبلك من أهل
- -القول في تأويل قوله تعالى: فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا يعني بذلك جل ثناؤه: فكيف بهؤلاء الذين يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت , وهم يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك إذا أصابتهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا يعني جل ثناؤه بقوله: أولئك هؤلاء المنافقون الذين وصفت لك يا محمد صفتهم , يعلم الله ما في قلوبهم , في احتكامهم إلى الطاغوت , وتركهم الاحتكام إليك
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما يعني بذلك جل ثناؤه: لم نرسل يا محمد رسولا إلا فرضت طاعته على من أرسلته إليه , يقول تعالى ذكره:
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما يعني بذلك جل ثناؤه: ولو أن هؤلاء المنافقين الذين وصف صفتهم في هاتين الآيتين , الذين إذا دعوا إلى حكم الله وحكم رسوله صدوا صدودا , إذ
- -القول في تأويل قوله تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما يعني جل ثناؤه بقوله: فلا فليس الأمر كما يزعمون أنهم يؤمنون بما أنزل إليك , وهم يتحاكمون إلى الطاغوت , ويصدون عنك إذا دعوا إليك يا
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا يعني جل ثناؤه بقوله: ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم ولو أنا فرضنا على هؤلاء الذين
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا يعني جل ثناؤه بذلك: ولو أن هؤلاء المنافقين الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وهم يتحاكمون إلى الطاغوت , ويصدون عنك صدودا , فعلوا ما يوعظون به يعني: " ما يذكرون به من
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما ولهديناهم صراطا مستقيما يعني بذلك جل ثناؤه: ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم لإيتائنا إياهم على فعلهم ما وعظوا به من طاعتنا والانتهاء إلى أمرنا. أجرا يعني: " جزاء وثوابا عظيما ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما يعني بذلك جل ثناؤه: ومن يطع الله والرسول بالتسليم لأمرهما , وإخلاص الرضا بحكمهما
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا يعني بقوله جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا صدقوا الله ورسوله خذوا حذركم خذوا جنتكم وأسلحتكم التي تتقون بها من عدوكم لغزوهم وحربهم فانفروا إليهم ثبات: وهي جمع ثبة ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا وهذا نعت من الله تعالى ذكره للمنافقين , نعتهم لنبيه صلى الله عليه وسلم وأصحابه ووصفهم بصفتهم , فقال: وإن منكم أيها المؤمنون , يعني: من عدادكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما يقول جل ثناؤه: ولئن أصابكم فضل من الله ولئن أظفركم الله بعدوكم , فأصبتم منهم غنيمة ليقولن هذا المبطئ المسلمين عن الجهاد معكم في
- -القول في تأويل قوله تعالى: فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما وهذا حض من الله المؤمنين على جهاد عدوه من أهل الكفر به على أحايينهم غالبين كانوا أو مغلوبين , والتهاون بأحوال
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا يعني بذلك جل ثناؤه: وما لكم أيها المؤمنون لا تقاتلون في
- -القول في تأويل قوله تعالى: الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا يعني تعالى ذكره: الذين صدقوا الله ورسوله وأيقنوا بموعود الله لأهل الإيمان به يقاتلون في سبيل الله يقول: "
- -القول في تأويل قوله تعالى: ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير
- -القول في تأويل قوله تعالى: قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا يعني بقوله جل ثناؤه: قل متاع الدنيا قليل قل يا محمد لهؤلاء القوم الذين قالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب عيشكم في الدنيا وتمتعكم بها قليل ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا يعني بذلك جل ثناؤه: حيثما تكونوا ينلكم الموت
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك يعني بقوله جل ثناؤه: وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن ينلهم رخاء وظفر وفتح ويصيبوا غنيمة يقولوا هذه من عند الله , يعني: من قبل الله ومن تقديره
- -القول في تأويل قوله تعالى: قل كل من عند الله يعني جل ثناؤه بقوله: قل كل من عند الله قل يا محمد لهؤلاء القائلين إذا أصابتهم حسنة هذه من عند الله , وإذا أصابتهم سيئة هذه من عندك: كل ذلك من عند الله دوني ودون غيري , من عنده الرخاء والشدة , ومنه النصر
- -القول في تأويل قوله تعالى: فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا يعني جل ثناؤه بقوله: فمال هؤلاء القوم فما شأن هؤلاء القوم الذين إن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله , وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك لا يكادون يفقهون حديثا يقول: " لا يكادون يعلمون
- -القول في تأويل قوله تعالى: ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا يعني جل ثناؤه بقوله: ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك ما يصيبك يا محمد من رخاء ونعمة وعافية وسلامة , فمن فضل الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا يعني بقوله جل ثناؤه: وأرسلناك للناس رسولا إنما جعلناك يا محمد رسولا بيننا وبين الخلق تبلغهم ما أرسلناك به من رسالة , وليس عليك غير البلاغ وأداء الرسالة إلى من أرسلت , فإن قبلوا ما أرسلت
- -القول في تأويل قوله تعالى: من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا وهذا إعذار من الله إلى خلقه في نبيه محمد صلى الله عليه وسلم , يقول الله تعالى ذكره لهم: من يطع منكم أيها الناس محمدا , فقد أطاعني بطاعته إياه , فاسمعوا قوله ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا يعني بذلك جل ثناؤه بقوله: ويقولون طاعة يعني: " الفريق الذي أخبر الله عنهم أنهم لما كتب عليهم القتال
- -القول في تأويل قوله تعالى: فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا يقول جل ثناؤه لمحمد صلى الله عليه وسلم: فأعرض يا محمد عن هؤلاء المنافقين الذين يقولون لك فيما تأمرهم: أمرك طاعة , فإذا برزوا من عندك خالفوا ما أمرتهم به وغيروه إلى ما نهيتهم عنه ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا يعني جل ثناؤه بقوله: أفلا يتدبرون القرآن أفلا يتدبر المبيتون غير الذي تقول لهم يا محمد كتاب الله , فيعلموا حجة الله عليهم في طاعتك واتباع أمرك , وأن الذي
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا يعني جل ثناؤه بقوله: وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم يعني جل ثناؤه بقوله: ولو ردوه: الأمر الذي نالهم من عدوهم والمسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , وإلى أولي أمرهم , يعني: وإلى أمرائهم , وسكتوا فلم
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا يعني بذلك جل ثناؤه: ولولا إنعام الله عليكم أيها المؤمنون بفضله وتوفيقه ورحمته , فأنقذكم مما ابتلى هؤلاء المنافقين به , الذين يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمرهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا يعني بقوله جل ثناؤه: فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك فجاهد يا محمد أعداء الله من أهل الشرك به في سبيل الله ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وكان الله على كل شيء مقيتا يعني بقوله جل ثناؤه: من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها من يصر يا محمد شفعا لوتر أصحابك , فيشفعهم في جهاد عدوهم وقتالهم في
- -القول في تأويل قوله تعالى: وكان الله على كل شيء مقيتا اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: وكان الله على كل شيء مقيتا فقال بعضهم: تأويله: وكان الله على كل شيء حفيظا وشهيدا
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا يعني جل ثناؤه بقوله: وإذا حييتم بتحية إذا دعي لكم بطول الحياة والبقاء والسلامة , فحيوا بأحسن منها أو ردوها يقول: " فادعوا لمن دعا لكم بذلك بأحسن مما دعا
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله كان على كل شيء حسيبا يعني بذلك جل ثناؤه: إن الله كان على كل شيء مما تعملون أيها الناس من الأعمال من طاعة ومعصية حفيظا عليكم , حتى يجازيكم بها جزاءه. كما:
- -القول في تأويل قوله تعالى: الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثا يعني جل ثناؤه بقوله: الله لا إله إلا هو ليجمعنكم المعبود الذي لا تنبغي العبودية إلا له هو , الذي له عبادة كل شيء وطاعة كل طائع. وقوله: ليجمعنكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا يعني جل ثناؤه بقوله: فما لكم في المنافقين فئتين فما شأنكم أيها المؤمنون في أهل النفاق فئتين مختلفتين والله أركسهم
- -القول في تأويل قوله عز وجل: والله أركسهم بما كسبوا اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: والله أركسهم فقال بعضهم: معناه: ردهم؛ كما قلنا
- -القول في تأويل قوله تعالى: أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا يعني جل ثناؤه بقوله: أتريدون أن تهدوا من أضل الله أتريدون أيها المؤمنون أن تهدوا إلى الإسلام , فتوفقوا للإقرار به والدخول فيه من أضله الله عنه , يعني بذلك: من خذله
- -القول في تأويل قوله تعالى: ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا يعني جل ثناؤه بقوله: ودوا لو تكفرون تمنى هؤلاء المنافقون الذين أنتم
- -القول في تأويل قوله: فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا يعني بذلك جل ثناؤه: فإن أدبر هؤلاء المنافقون عن الإقرار بالله ورسوله , وتولوا عن الهجرة من دار الشرك إلى دار الإسلام , ومن الكفر إلى الإسلام , فخذوهم أيها
- -القول في تأويل قوله تعالى: إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا يعني جل ثناؤه بقوله:
- -القول في تأويل قوله تعالى: أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم يعني جل ثناؤه بقوله: أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم , إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق , أو: إلا الذين
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا يعني جل ثناؤه: ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم ولو شاء الله لسلط هؤلاء الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا وهؤلاء فريق آخر من المنافقين
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا يعني بذلك جل ثناؤه: فإن لم يعتزلوكم أيها المؤمنون هؤلاء الذين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم , وهي كلما دعوا
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة
- -القول في تأويل قوله: فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة يعني جل ثناؤه بقوله: فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فإن كان هذا القتيل الذي قتله المؤمن خطأ من قوم عدو لكم , يعني: من عداد قوم أعداء لكم في الدين مشركين , لم يأمنوكم الحرب على
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة يعني جل ثناؤه بقوله: وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق وإن كان القتيل الذي قتله المؤمن خطأ من قوم بينكم أيها المؤمنون وبينهم ميثاق: أي عهد وذمة , وليسوا
- -القول في تأويل قوله تعالى: فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما يعني تعالى ذكره بقوله: فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فمن لم يجد رقبة مؤمنة يحررها كفارة لخطئه في قتله من قتل من مؤمن أو معاهد لعسرته بثمنها فصيام شهرين
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما يعني بذلك جل ثناؤه: ومن يقتل مؤمنا عامدا قتله , مريدا إتلاف نفسه , فجزاؤه جهنم يقول: " فثوابه من قتله إياه جهنم , يعني: عذاب جهنم خالدا
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا يعني جل ثناؤه
- -القول في تأويل قوله تعالى: لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما يعني جل ثناؤه بقوله:
- -القول في تأويل قوله تعالى: فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة يعني بقوله جل ثناؤه: فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين من أولي الضرر درجة واحدة , يعني فضيلة واحدة ,
- -القول في تأويل قوله: وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما يعني بقوله جل ثناؤه: وكلا وعد الله الحسنى وعد الله الكل من المجاهدين بأموالهم وأنفسهم , والقاعدين من أهل الضرر الحسنى. ويعني جل ثناؤه بالحسنى: الجنة؛ كما:
- -القول في تأويل قوله تعالى: درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما يعني بقوله جل ثناؤه: درجات منه فضائل منه ومنازل من منازل الكرامة. واختلف أهل التأويل في معنى الدرجات التي قال جل ثناؤه درجات منه
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما يعني جل ثناؤه بقوله: ومن يهاجر في سبيل الله ومن يفارق أرض الشرك وأهلها
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا يعني جل ثناؤه بقوله: وإذا ضربتم في الأرض وإذا سرتم أيها المؤمنون في الأرض , فليس عليكم جناح يقول: " فليس
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة
- -ذكر من قال: انتظر النبي صلى الله عليه وسلم الطائفتين حتى قضت صلاتهما ولم يخرج من صلاته إلا بعد فراغ الطائفتين من صلاتهما:
- -ذكر من قال: كانت الطائفة الثانية تقعد مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى يفرغ النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته , ثم تقضي ما بقي عليها بعد:
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا يعني جل ثناؤه بقوله: ولا جناح عليكم ولا حرج عليكم ولا إثم إن كان بكم أذى من مطر يقول: " إن نالكم من مطر تمطرونه
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا يعني بذلك جل ثناؤه: فإذا فرغتم أيها المؤمنون من صلاتكم , وأنتم مواقفو عدوكم التي بيناها لكم ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم: معناه: إن الصلاة كانت على المؤمنين فريضة مفروضة
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما يعني جل ثناؤه بقوله: ولا تهنوا ولا تضعفوا , من قولهم: وهن فلان في هذا الأمر يهن وهنا ووهونا. وقوله: في
- -القول في تأويل قوله تعالى: وكان الله عليما حكيما يعني بذلك جل ثناؤه: ولم يزل الله عليما بمصالح خلقه , حكيما في تدبيره وتقديره , ومن علمه أيها المؤمنون بمصالحكم عرفكم عند حضور صلاتكم , وواجب فرض الله عليكم , وأنتم مواقفو عدوكم ما يكون به وصولكم إلى أداء
- -القول في تأويل قوله تعالى: إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما يعني جل ثناؤه بقوله: إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله إنا أنزلنا إليك يا محمد
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما يعني بذلك جل ثناؤه: ولا تجادل يا محمد فتخاصم عن الذين يختانون أنفسهم يعني: يخونون أنفسهم , يجعلونها خونة بخيانتهم ما خانوا من أموال من خانوه ماله وهم بنو
- -القول في تأويل قوله تعالى: يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا " يعني جل ثناؤه بقوله: يستخفون من الناس يستخفي هؤلاء الذين يختانون أنفسهم ما أوتوا من الخيانة , وركبوا من العار والمعصية
- -القول في تأويل قوله تعالى: ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا يعني جل ثناؤه بقوله: ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا ها أنتم الذين جادلتم يا معشر من جادل عن بني أبيرق في الحياة
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما يعني بذلك جل ثناؤه: ومن يعمل ذنبا , وهو السوء , أو يظلم نفسه بإكسابه إياها ما يستحق به عقوبة الله ثم يستغفر الله يقول: " ثم يتوب إلى الله بإنابته مما عمل من
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما يعني بذلك جل ثناؤه: ومن يأت ذنبا على عمد منه له ومعرفة به , فإنما يجترح وبال ذلك الذنب وضره وخزيه وعاره على نفسه دون غيره من سائر خلق الله , يقول: فلا تجادلوا أيها
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا يعني بذلك جل ثناؤه: ومن يعمل خطيئة , وهي الذنب , أو إثما , وهو ما لا يحل من المعصية. وإنما فرق بين الخطيئة والإثم , لأن الخطيئة قد تكون من قبل العمد وغير
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما يعني بقوله جل ثناؤه: ولولا فضل الله عليك ورحمته ولولا أن
- -القول في تأويل قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما يعني جل ثناؤه بقوله: لا خير في كثير من نجواهم لا خير في كثير من نجوى الناس جميعا إلا من أمر بصدقة أو
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا يعني جل ثناؤه بقوله: ومن يشاقق الرسول ومن يباين الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم معاديا له , فيفارقه على العداوة له من بعد ما
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا يعني بذلك جل ثناؤه: إن الله لا يغفر لطعمة إذ أشرك ومات على شركه بالله ولا لغيره من خلقه بشركهم وكفرهم به ويغفر
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم: معنى ذلك: إن يدعون من دونه إلا اللات , والعزى , ومناة , فسماهن الله إناثا بتسمية المشركين إياهن بتسمية الإناث "
- -ذكر من قال ذلك
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن يدعون إلا شيطانا مريدا يعني جل ثناؤه بقوله: وإن يدعون إلا شيطانا مريدا وما يدعو هؤلاء الذين يدعون هذه الأوثان الإناث من دون الله بدعائهم إياها إلا شيطانا مريدا , يعني متمردا على الله في خلافه فيما أمره به وفيما نهاه عنه.
- -القول في تأويل قوله تعالى: لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا يعني جل ثناؤه بقوله: لعنه الله أخزاه وأقصاه وأبعده. ومعنى الكلام: وإن يدعون إلا شيطانا مريدا قد لعنه الله وأبعده من كل خير. وقال: لأتخذن يعني بذلك أن الشيطان المريد قال لربه إذ
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا يعني بقوله جل ثناؤه مخبرا عن قيل الشيطان المريد , الذي
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولآمرنهم فليغيرن خلق الله اختلف أهل التأويل في معنى قوله: فليغيرن خلق الله فقال بعضهم: معنى ذلك: ولآمرنهم فليغيرن خلق الله من البهائم بإخصائهم إياها "
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن حال نصيب الشيطان المفروض من الذين شاقوا الله ورسوله من بعد ما تبين لهم الهدى , يقول الله: ومن يتبع
- -القول في تأويل قوله تعالى: أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا يعني جل ثناؤه بقوله: أولئك هؤلاء الذين اتخذوا الشيطان وليا من دون الله مأواهم جهنم يعني: مصيرهم الذي يصيرون إليه جهنم ولا يجدون عنها محيصا يقول: " لا يجدون عن جهنم إذا صيرهم الله إليها
- -القول في تأويل قوله تعالى: والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا يعني جل ثناؤه بقوله: والذين آمنوا وعملوا الصالحات والذين صدقوا الله ورسوله , وأقروا له بالوحدانية ولرسوله صلى
- -القول في تأويل قوله تعالى: ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا اختلف أهل التأويل في الذين عنوا بقوله: ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب فقال بعضهم: عني بقوله ليس بأمانيكم أهل الإسلام
- -القول في تأويل قوله تعالى: من يعمل سوءا يجز به اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم: عنى بالسوء كل معصية لله , وقالوا: معنى الآية: من يرتكب صغيرة أو كبيرة من مؤمن أو كافر من معاصي الله , يجازه الله بها
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا يعني بذلك جل ثناؤه: ولا يجد الذي يعمل سوءا من معاصي الله وخلاف ما أمره به من دون الله يعني: من بعد الله وسواه وليا يلي أمره , ويحمي عنه ما ينزل به من عقوبة الله ولا نصيرا يعني: ولا
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا يعني بذلك جل ثناؤه: الذين قال لهم: ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب يقول الله لهم: إنما يدخل الجنة وينعم فيها في الآخرة , من يعمل من
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا وهذا قضاء من الله جل ثناؤه للإسلام وأهله بالفضل على سائر الملل غيره وأهلها , يقول الله: ومن أحسن دينا أيها الناس , وأصوب طريقا وأهدى
- -القول في تأويل قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا يعني بذلك جل ثناؤه: واتخذ الله إبراهيم وليا. فإن قال قائل: وما معنى الخلة التي أعطيها إبراهيم؟ قيل: ذلك من إبراهيم عليه السلام العداوة في الله والبغض فيه , والولاية في الله والحب فيه , على ما يعرف
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولله ما في السموات وما في الأرض وكان الله بكل شيء محيطا يعني بذلك جل ثناؤه: واتخذ الله إبراهيم خليلا لطاعته ربه , وإخلاصه العبادة له , والمسارعة إلى رضاه ومحبته , لا من حاجة به إليه وإلى خلته , وكيف يحتاج إليه وإلى خلته , وله
- -القول في تأويل قوله تعالى: ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما يعني جل
- -واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: وما يتلى عليكم في الكتاب فقال بعضهم: يعني بقوله: وما يتلى عليكم قل الله يفتيكم فيهن , وفيما يتلى عليكم , قالوا: والذي يتلى عليهم هو آيات الفرائض , التي في أول هذه السورة
- -واختلف أهل التأويل في معنى قوله: وترغبون أن تنكحوهن فقال بعضهم: معنى ذلك: وترغبون عن نكاحهن وقد مضى ذكر جماعة ممن قال ذلك , وسنذكر قول آخرين لم نذكرهم
- -القول في تأويل قوله: والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط يعني بذلك جل ثناؤه: ويستفتونك في النساء , قل الله يفتيكم فيهن وفيما يتلى عليكم في الكتاب , وفي المستضعفين من الولدان , وفي أن تقوموا لليتامى بالقسط. وقد ذكرنا الرواية بذلك عمن قاله
- -القول في تأويل قوله: وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما يعني بذلك جل ثناؤه: ومهما يكن منكم أيها المؤمنون من عدل في أموال اليتامى التي أمركم الله أن تقوموا فيهم بالقسط , والانتهاء إلى أمر الله في ذلك , وفي غيره , وإلى طاعته , فإن الله كان به عليما
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا يعني بذلك جل ثناؤه: وإن امرأة خافت من بعلها يقول: " علمت من زوجها
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم: معناه: وأحضرت أنفس النساء الشح على أنصبائهن من أنفس أزواجهن وأموالهن
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما يعني جل ثناؤه بقوله: ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء لن تطيقوا أيها الرجال أن تسووا بين نسائكم
- -ذكر من قال ما قلنا في قوله: ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم
- -ذكر من قال ما قلنا في تأويل قوله: فلا تميلوا كل الميل
- -ذكر من قال ما قلنا في تأويل قوله: فتذروها كالمعلقة
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما يعني بذلك جل ثناؤه: وإن تصلحوا أعمالكم أيها الناس , فتعدلوا في قسمكم بين أزواجكم وما فرض الله لهن عليكم من النفقة والعشرة بالمعروف , فلا تجوروا في ذلك. وتتقوا يقول: " وتتقوا الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما يعني بذلك جل ثناؤه: فإن أبت المرأة التي قد نشز عليها زوجها , أو أعرض عنها بالميل منه إلى ضرتها لجمالها أو شبابها , أو غير ذلك مما تميل النفوس به إليها الصلح , لصفحها
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولله ما في السموات وما في الأرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن تكفروا فإن لله ما في السموات وما في الأرض وكان الله غنيا حميدا يعني بذلك جل ثناؤه: ولله ملك جميع ما حوته السموات السبع والأرضون
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولله ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا يعني بذلك جل ثناؤه: ولله ملك جميع ما حوته السموات والأرض , وهو القيم بجميعه , والحافظ لذلك كله , لا يعزب عنه علم شيء منه , ولا يئوده حفظه وتدبيره. كما:
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا يعني بذلك جل ثناؤه: إن يشأ الله أيها الناس يذهبكم أي يذهبكم بإهلاككم وإفنائكم ويأت بآخرين يقول: ويأت بناس آخرين غيركم , لمؤازرة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ونصرته
- -القول في تأويل قوله تعالى: من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة وكان الله سميعا بصيرا يعني بذلك جل ثناؤه: من كان يريد ممن أظهر الإيمان لمحمد صلى الله عليه وسلم من أهل النفاق الذين يستبطنون الكفر وهم مع ذلك يظهرون الإيمان ثواب الدنيا
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا وهذا تقدم من الله تعالى
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم: عنى: وإن تلووا أيها الحكام في الحكم لأحد الخصمين على الآخر أو تعرضوا , فإن الله كان بما تعملون خبيرا. ووجهوا معنى الآية إلى أنها
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا يعني بذلك جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا بمن قبل محمد من الأنبياء
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم: تأويله: إن الذين آمنوا بموسى ثم كفروا به ثم آمنوا: يعني النصارى بعيسى ثم كفروا
- -القول في تأويل قوله تعالى: بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما يعني بذلك جل ثناؤه: بشر المنافقين أخبر المنافقين , وقد بينا معنى التبشير فيما مضى بما أغنى عن إعادته بأن لهم عذابا أليما يعني: بأن لهم يوم القيامة من الله على نفاقهم , عذابا أليما , وهو
- -القول في تأويل قوله تعالى: الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا أما قوله جل ثناؤه: الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين فمن صفة المنافقين. يقول الله لنبيه: يا محمد , بشر المنافقين الذين يتخذون
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا يعني بذلك جل ثناؤه: بشر المنافقين الذين يتخذون الكافرين
- -القول في تأويل قوله تعالى: الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا يعني جل ثناؤه بقوله: الذين
- -وأما قوله: فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا فلا خلاف بينهم في أن معناه: ولن يجعل الله للكافرين يومئذ على المؤمنين سبيلا.
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا قد دللنا فيما مضى قبل على معنى خداع المنافق ربه ووجه خداع الله إياهم , بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع , مع اختلاف
- -القول في تأويل قوله تعالى: مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا يعني جل ثناؤه بقوله: مذبذبين مرددين , وأصل التذبذب: التحرك والاضطراب , كما قال النابغة: ألم تر أن الله أعطاك سورة ترى كل ملك دونها يتذبذب وإنما عنى
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا وهذا نهي من الله عباده المؤمنين أن يتخلقوا بأخلاق المنافقين الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين , فيكونوا مثلهم في
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا يعني جل ثناؤه بقوله: إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار إن المنافقين في الطبق الأسفل من أطباق جهنم. وكل طبق من أطباق جهنم درك , وفيه لغتان: درك بفتح الراء , ودرك
- -القول في تأويل قوله تعالى: إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما وهذا استثناء من الله جل ثناؤه , استثنى التائبين من نفاقهم إذا أصلحوا وأخلصوا الدين لله وحده وتبرءوا من الألهة
- -القول في تأويل قوله تعالى: ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما يعني جل ثناؤه بقوله: ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم ما يصنع الله أيها المنافقون بعذابكم , إن أنتم تبتم إلى الله ورجعتم إلى الحق الواجب لله عليكم , فشكرتموه على
- -القول في تأويل قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما اختلفت القراء في قراءة ذلك , فقرأته عامة قراء الأمصار بضم الظاء , وقرأه بعضهم: (إلا من ظلم) بفتح الظاء , ثم اختلف الذين قرءوا ذلك بضم الظاء في تأويله؛ فقال
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا يعني بذلك جل ثناؤه إن تبدوا أيها الناس خيرا يقول: إن تقولوا جميلا من القول لمن أحسن إليكم , فتظهروا ذلك شكرا منكم له على ما كان منه من حسن إليكم , أو تخفوه يقول:
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا يعني بذلك جل ثناؤه: إن الذين يكفرون بالله ورسله من
- -القول في تأويل قوله تعالى: والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما يعني بذلك جل ثناؤه: والذين صدقوا بوحدانية الله , وأقروا بنبوة رسله أجمعين , وصدقوهم فيما جاءوهم به من عند الله من شرائع دينه ولم
- -القول في تأويل قوله تعالى: يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانا مبينا يعني بذلك جل ثناؤه: يسألك
- -القول في تأويل قوله تعالى: ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا وقلنا لهم لا تعدوا في السبت وأخذنا منهم ميثاقا غليظا يعني جل ثناؤه بقوله: ورفعنا فوقهم الطور يعني: الجبل , وذلك لما امتنعوا من العمل بما في التوراة , وقبول ما جاءهم به
- -القول في تأويل قوله تعالى: فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا يعني جل ثناؤه: فبنقض هؤلاء الذين وصفت صفتهم من أهل الكتاب ميثاقهم , يعني عهودهم التي عاهدوا الله أن
- -القول في تأويل قوله تعالى: وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما يعني بذلك جل ثناؤه: وبكفر هؤلاء الذين وصف صفتهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما يعني: بفريتهم عليها , ورميهم إياها بالزنا , وهو البهتان العظيم؛ لأنهم رموها بذلك وهي مما رموها به بغير ثبت
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا يعني بذلك جل ثناؤه: وبقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا يعني جل ثناؤه بقوله: وإن الذين اختلفوا فيه اليهود الذين أحاطوا بعيسى وأصحابه حين أرادوا قتله , وذلك أنهم كانوا قد عرفوا عدة من في البيت قبل
- -القول في تأويل قوله تعالى: بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما أما قوله جل ثناؤه: بل رفعه الله إليه فإنه يعني: بل رفع الله المسيح إليه , يقول: لم يقتلوه ولم يصلبوه , ولكن الله رفعه إليه , فطهره من الذين كفروا. وقد بينا كيف كان رفع الله إياه فيما
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا اختلف أهل التأويل في معنى ذلك , فقال بعضهم: معنى ذلك: وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به يعني بعيسى قبل موته يعني: قبل موت عيسى , يوجه ذلك إلى أن جميعهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا يعني بذلك جل ثناؤه: ويوم القيامة يكون عيسى على أهل الكتاب شهيدا يعني: شاهدا عليهم بتكذيب من كذبه منهم , وتصديق من صدقه منهم فيما أتاهم به من عند الله وبإبلاغه رسالة ربه. كالذي:
- -القول في تأويل قوله تعالى: فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما يعني بذلك جل ثناؤه: فحرمنا على اليهود الذين نقضوا ميثاقهم الذي
- -القول في تأويل قوله تعالى: لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما هذا من الله جل ثناؤه استثناء , استثنى من أهل الكتاب من اليهود
- -القول في تأويل قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا يعني جل ثناؤه بقوله: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح إنا أرسلنا
- -القول في تأويل قوله تعالى: ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما يعني بذلك جل ثناؤه: إنا أوحينا إليك , كما أوحينا إلى نوح , وإلى رسل قد قصصناهم عليك , ورسل لم نقصصهم عليك. فلعل قائلا أن يقول: فإذا كان ذلك معناه , فما
- -القول في تأويل قوله تعالى: رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما يعني جل ثناؤه بذلك: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ومن ذكر من الرسل رسلا فنصب به الرسل على القطع من أسماء الأنبياء الذين
- -القول في تأويل قوله تعالى: لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا يعني بذلك جل ثناؤه: إن يكفر بالذي أوحينا إليك يا محمد اليهود الذين سألوك أن تنزل عليهم كتابا من السماء , وقالوا لك: ما أنزل الله على بشر من شيء فكذبوك
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالا بعيدا يعني بذلك جل ثناؤه: إن الذين جحدوا يا محمد نبوتك بعد علمهم بها من أهل الكتاب الذين اقتصصت عليك قصتهم , وأنكروا أن يكون الله جل ثناؤه أوحى إليك كتابه وصدوا عن سبيل الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا يعني بذلك جل ثناؤه: إن الذين جحدوا رسالة محمد صلى الله عليه وسلم , وكفروا بالله بجحود ذلك وظلموا بمقامهم على
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السموات والأرض وكان الله عليما حكيما يعني بقوله جل ثناؤه: يا أيها الناس مشركي العرب , وسائر أصناف الكفر قد جاءكم الرسول يعني: محمدا صلى
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له
- -القول في تأويل قوله تعالى: إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه يعني جل ثناؤه بقوله: إنما المسيح عيسى ابن مريم ما المسيح أيها الغالون في دينهم من أهل الكتاب بابن الله كما تزعمون , ولكنه عيسى ابن مريم دون غيرها من الخلق ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم يعني بقوله جل ثناؤه: فآمنوا بالله ورسله فصدقوا يا أهل الكتاب بوحدانية الله وربوبيته , وأنه لا ولد له , وصدقوا رسله فيما جاءوكم به من عند الله , وفيما أخبرتكم به أن الله واحد
- -القول في تأويل قوله تعالى: إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا يعني بقوله: إنما الله إله واحد ما الله أيها القائلون: الله ثالث ثلاثة كما تقولون , لأن من كان له ولد فليس بإله , وكذلك من كان له صاحبة
- -القول في تأويل قوله تعالى: لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا يعني جل ثناؤه بقوله: لن يستنكف المسيح لن يأنف ولن يستكبر المسيح أن يكون عبدا لله يعني: من أن يكون عبدا لله. كما:
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا يعني جل ثناؤه بذلك: ومن يتعظم عن عبادة ربه , ويأنف من التذلل والخضوع له بالطاعة من الخلق كلهم , ويستكبر عن ذلك فسيحشرهم إليه جميعا يقول: " فسيبعثهم يوم القيامة جميعا , فيجمعهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا يعني جل ثناؤه بذلك: فأما المؤمنون المقرون بوحدانية الله , الخاضعون له
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا يعني جل ثناؤه بقوله: يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم يا أيها الناس من جميع أصناف الملل , يهودها ونصاراها ومشركيها , الذين قص الله جل ثناؤه قصصهم في هذه السورة
- -القول في تأويل قوله تعالى: فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما يعني بذلك جل ثناؤه: فأما الذين صدقوا بالله , وأقروا بوحدانيته , وما بعث به محمدا صلى الله عليه وسلم من أهل الملل واعتصموا به يقول: "
- -القول في تأويل قوله تعالى: يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا
- -القول في تأويل قوله تعالى: وهو يرثها إن لم يكن لها ولد يعني جل ثناؤه بذلك: وأخو المرأة يرثها إن ماتت قبله إذا ورثت كلالة ولم يكن لها ولد ولا والد
- -القول في تأويل قوله: فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يعني جل ثناؤه بقوله: فإن كانتا اثنتين فإن كانت المتروكة من الأخوات لأبيه وأمه أو لأبيه اثنتين , فلهما ثلثا ما ترك أخوهما الميت إذا لم يكن له
- -القول في تأويل قوله تعالى: يبين الله لكم أن تضلوا يعني بذلك جل ثناؤه: يبين الله لكم قسمة مواريثكم , وحكم الكلالة , وكيف فرائضهم أن تضلوا بمعنى: لئلا تضلوا في أمر المواريث وقسمتها: أي لئلا تجوروا عن الحق في ذلك , وتخطئوا الحكم فيه , فتضلوا عن قصد
- -القول في تأويل قوله تعالى: والله بكل شيء عليم يعني بذلك جل ثناؤه: والله بكل شيء من مصالح عباده في قسمة مواريثهم وغيرها وجميع الأشياء عليم يقول: " هو بذلك كله ذو علم
- [+]سورة المائدة
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد يعني جل ثناؤه بقوله: يا أيها الذين آمنوا أوفوا يا أيها الذين أقروا بوحدانية الله وأذعنوا له بالعبودية ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: أحلت لكم بهيمة الأنعام اختلف أهل التأويل في بهيمة الأنعام التي ذكر الله عز ذكره في هذه الآية أنه أحلها لنا , فقال بعضهم: هي الأنعام كلها "
- -القول في تأويل قوله تعالى: إلا ما يتلى عليكم اختلف أهل التأويل في الذي عناه الله بقوله: إلا ما يتلى عليكم فقال بعضهم: عنى الله بذلك: أحلت لكم أولاد الإبل والبقر والغنم , إلا ما بين الله لكم فيما يتلى عليكم بقوله: حرمت عليكم الميتة والدم الآية "
- -القول في تأويل قوله تعالى: غير محلي الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم: معنى ذلك: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود غير محلي الصيد وأنتم حرم , أحلت لكم بهيمة الأنعام. فذلك على قولهم من المؤخر الذي معناه
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله يحكم ما يريد يعني بذلك جل ثناؤه: إن الله يقضي في خلقه ما يشاء من تحليل ما أراد تحليله , وتحريم ما أراد تحريمه , وإيجاب ما شاء إيجابه عليهم , وغير ذلك من أحكامه وقضاياه , فأوفوا أيها المؤمنون له بما عقد عليكم من تحليل
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا وإذا حللتم فاصطادوا ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا الشهر الحرام يعني جل ثناؤه بقوله: ولا الشهر الحرام ولا تستحلوا الشهر الحرام بقتالكم به أعداءكم من المشركين , وهو كقوله: يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وبنحو الذي قلنا في ذلك قال ابن عباس وغيره "
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا الهدي ولا القلائد أما الهدي: فهو ما أهداه المرء من بعير أو بقرة أو شاة أو غير ذلك إلى بيت الله , تقربا به إلى الله وطلب ثوابه. يقول الله عز وجل: فلا تستحلوا ذلك فتغضبوا أهله عليه , ولا تحولوا بينهم وبين ما أهدوا من ذلك
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا آمين البيت الحرام يعني بقوله عز ذكره ولا آمين البيت الحرام ولا تحلوا قاصدين البيت الحرام العامدية , تقول منه: أممت كذا: إذا قصدته وعمدته , وبعضهم يقول: يممته , كما قال الشاعر: إني كذاك إذا ما ساءني بلد يممت صدر بعيري
- -القول في تأويل قوله تعالى: يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا يعني بقوله: يبتغون يطلبون ويلتمسون. والفضل: الأرباح في التجارة؛ والرضوان: رضا الله عنهم , فلا يحل بهم من العقوبة في الدنيا ما أحل بغيرهم من الأمم في عاجل دنياهم بحجهم بيته " وبنحو الذي قلنا في
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذا حللتم فاصطادوا يعني بذلك جل ثناؤه: وإذا حللتم فاصطادوا الصيد الذي نهيتكم أن تحلوه وأنتم حرم , يقول: فلا حرج عليكم في اصطياده واصطادوا إن شئتم حينئذ , لأن المعنى الذي من أجله كنت حرمته عليكم في حال إحرامكم قد زال " وبما
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا يجرمنكم يعني جل ثناؤه بقوله: ولا يجرمنكم ولا يحملنكم. كما:
- -القول في تأويل قوله تعالى: شنآن قوم اختلفت القراء في قراءة ذلك , فقرأه بعضهم: شنآن بتحريك الشين والنون إلى الفتح , بمعنى: بغض قوم توجيها منهم ذلك إلى المصدر الذي يأتي على فعلان نظير الطيران , والنسلان , والعسلان , والرملان. وقرأ ذلك آخرون: " شنآن
- -القول في تأويل قوله تعالى: أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا اختلفت القراء في قراءة ذلك , فقرأه بعض أهل المدينة وعامة قراء الكوفيين: أن صدوكم بفتح الألف من أن بمعنى: لا يجرمنكم بغض قوم بصدهم إياكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا. وكان بعض قراء الحجاز
- -القول في تأويل قوله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان يعني جل ثناؤه بقوله: وتعاونوا على البر والتقوى وليعن بعضكم أيها المؤمنون بعضا على البر , وهو العمل بما أمر الله بالعمل به والتقوى هو اتقاء ما أمر الله باتقائه واجتنابه
- -القول في تأويل قوله تعالى: واتقوا الله إن الله شديد العقاب وهذا وعيد من الله جل ثناؤه وتهديد لمن اعتدى حده وتجاوز أمره. يقول عز ذكره: واتقوا الله يعني: واحذروا الله أيها المؤمنون أن تلقوه في معادكم وقد اعتديتم حده فيما حد لكم وخالفتم أمره فيما أمركم
- -القول في تأويل قوله تعالى: حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون
- -القول في تأويل قوله تعالى: والمنخنقة اختلفت أهل التأويل في صفة الانخناق الذي عنى الله جل ثناؤه بقوله والمنخنقة فقال بعضهم بما:
- -القول في تأويل قوله تعالى: والموقوذة يعني جل ثناؤه بقوله والموقوذة والميتة وقيذا , يقال منه: وقذه يقذه وقذا: إذا ضربه حتى أشرف على الهلاك , ومنه قول الفرزدق: شغارة تقذ الفصيل برجلها فطارة لقوادم الأبكار وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل
- -القول في تأويل قوله تعالى: والمتردية يعني بذلك جل ثناؤه: وحرمت عليكم الميتة ترديا من جبل , أو في بئر , أو غير ذلك. وترديها: رميها بنفسها من مكان عال مشرف إلى سفله " وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل
- -القول في تأويل قوله تعالى: والنطيحة يعني بقوله النطيحة الشاة التي تنطحها أخرى فتموت من النطاح بغير تذكية , فحرم الله جل ثناؤه ذلك على المؤمنين إن لم يدركوا ذكاته قبل موته. وأصل النطيحة: المنطوحة , صرفت من مفعولة إلى فعيلة " فإن قال قائل: وكيف أثبتت
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما أكل السبع يعني جل ثناؤه بقوله: وما أكل السبع وحرم عليكم ما أكل السبع غير المعلم من الصوائد , وكذلك قال أهل التأويل
- -القول في تأويل قوله تعالى: إلا ما ذكيتم يعني جل ثناؤه بقوله: إلا ما ذكيتم إلا ما طهرتموه بالذبح الذي جعله الله طهورا. ثم اختلف أهل التأويل فيما استثنى الله بقوله: إلا ما ذكيتم فقال بعضهم: استثنى من جميع ما سمى الله تحريمه , من قوله وما أهل لغير الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما ذبح على النصب يعني بقوله جل ثناؤه: وما ذبح على النصب وحرم عليكم أيضا الذي ذبح على النصب. فما في قوله وما ذبح رفع عطفا على ما التي في قوله: وما أكل السبع والنصب: الأوثان من الحجارة جماعة أنصاب كانت تجمع في الموضع من
- -القول في تأويل قوله: وأن تستقسموا بالأزلام يعني بقوله: وأن تستقسموا بالأزلام وأن تطلبوا علم ما قسم لكم أو لم يقسم , بالأزلام. وهو استفعلت من القسم: قسم الرزق والحاجات. وذلك أن أهل الجاهلية كان أحدهم إذا أراد سفرا أو غزوا أو نحو ذلك , أجال القداح ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: ذلكم فسق يعني جل ثناؤه بقوله: ذلكم هذه الأمور التي ذكرها , وذلك أكل الميتة والدم ولحم الخنزير وسائر ما ذكر في هذه الآية مما حرم أكله. والاستقسام بالأزلام. فسق يعني: خروج عن أمر الله وطاعته إلى ما نهى عنه وزجر , وإلى معصيته
- -القول في تأويل قوله تعالى: اليوم يئس الذين كفروا من دينكم يعني بقوله جل ثناؤه: اليوم يئس الذين كفروا من دينكم الآن انقطع طمع الأحزاب وأهل الكفر والجحود أيها المؤمنون من دينكم , يقول: من دينكم أن تتركوه , فترتدوا عنه راجعين إلى الشرك. كما:
- -القول في تأويل قوله تعالى: فلا تخشوهم واخشون يعني بذلك: فلا تخشوا أيها المؤمنون هؤلاء الذين قد يئسوا من دينكم أن ترجعوا عنه من الكفار , ولا تخافوهم أن يظهروا عليكم فيقهروكم ويردوكم عن دينكم , واخشون يقول: " ولكن خافون إن أنتم خالفتم أمري واجترأتم على
- -القول في تأويل قوله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم: يعني جل ثناؤه بقوله: اليوم أكملت لكم دينكم اليوم أكملت لكم أيها المؤمنون فرائضي عليكم وحدودي , وأمري إياكم ونهيي , وحلالي وحرامي , وتنزيلي من ذلك ما أنزلت
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأتممت عليكم نعمتي يعني جل ثناؤه بذلك: وأتممت نعمتي أيها المؤمنون بإظهاركم على عدوي وعدوكم من المشركين , ونفيي إياهم عن بلادكم , وقطعي طمعهم من رجوعكم , وعودكم إلى ما كنتم عليه من الشرك. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل
- -القول في تأويل قوله تعالى: ورضيت لكم الإسلام دينا يعني بذلك جل ثناؤه: ورضيت لكم الاستسلام لأمري والانقياد لطاعتي , على ما شرعت لكم من حدوده وفرائضه ومعالمه دينا يعني بذلك: طاعة منكم لي. فإن قال قائل: أو ما كان الله راضيا الإسلام لعباده , إلا يوم
- -ذكر من قال: نزلت هذه الآية بعرفة في حجة الوداع على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- -القول في تأويل قوله تعالى: فمن اضطر في مخمصة يعني تعالى ذكره بقول: فمن اضطر فمن أصابه ضر في مخمصة , يعني في مجاعة , وهي مفعلة مثل المجبنة والمبخلة والمنجبة , من خمص البطن , وهو اضطماره , وأظنه هو في هذا الموضع معني به اضطماره من الجوع وشدة السغب , وقد
- -القول في تأويل قوله تعالى: غير متجانف لإثم يعني بذلك جل ثناؤه: فمن اضطر في مخمصة إلى أكل ما حرمت عليه منكم أيها المؤمنون من الميتة والدم ولحم الخنزير وسائر ما حرمت عليه بهذه الآية. غير متجانف لإثم يقول: " لا متجانفا لإثم , فلذلك نصب غير لخروجها من
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن الله غفور رحيم وفي هذا الكلام متروك اكتفي بدلالة ما ذكر عليه منه , وذلك أن معنى الكلام: فمن اضطر في مخمصة إلى ما حرمت عليه مما ذكرت في هذه الآية غير متجانف لإثم فأكله فإن الله غفور رحيم فترك ذكر: فأكله. وذكر: له ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه واتقوا الله إن الله سريع الحساب يعني بذلك جل ثناؤه: يسألك يا محمد أصحابك ما الذي أحل لهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: تعلمونهن مما علمكم الله يعني جل ثناؤه بقوله: تعلمونهن تؤدبون الجوارح , فتعلمونهن طلب الصيد لكم مما علمكم الله , يعني بذلك: من التأديب الذي أدبكم الله والعلم الذي علمكم. وقد قال بعض أهل التأويل: معنى قوله: مما علمكم الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: فكلوا مما أمسكن عليكم يعني بقوله: فكلوا مما أمسكن عليكم فكلوا أيها الناس مما أمسكت عليكم جوارحكم. واختلف أهل التأويل في معنى ذلك , فقال بعضهم: ذلك على الظاهر والعموم كما عممه الله حلال أكل كل ما أمسكت علينا الكلاب والجوارح
- -القول في تأويل قوله تعالى: واذكروا اسم الله عليه يعني جل ثناؤه بقوله: واذكروا اسم الله على ما أمسكت عليكم جوارحكم من الصيد. كما:
- -القول في تأويل قوله تعالى: واتقوا الله إن الله سريع الحساب يعني جل ثناؤه: واتقوا الله أيها الناس فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه , فاحذروه في ذلك أن تقدموا على خلافه , وأن تأكلوا من صيد الجوارح غير المعلمة أو مما لم تمسك عليكم من صيدها وأمسكته على أنفسها
- -القول في تأويل قوله تعالى: اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في
- -ذكر من حرم ذبائح نصارى العرب
- -القول في تأويل قوله تعالى: والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن يعني جل ثناؤه بقوله: والمحصنات من المؤمنات أحل لكم أيها المؤمنون المحصنات من المؤمنات وهن الحرائر منهن أن تنكحوهن والمحصنات من الذين أوتوا
- -القول في تأويل قوله تعالى: محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان يعني بذلك جل ثناؤه: أحل لكم المحصنات من المؤمنات , والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم , وأنتم محصنون غير مسافحين ولا متخذي أخدان. ويعني بقوله جل ثناؤه: محصنين أعفاء غير مسافحين يعني
- -القول في تأويل قوله عز ذكره: ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين يعني بقوله جل ثناؤه: ومن يكفر بالإيمان ومن يجحد ما أمر الله بالتصديق به من توحيد الله ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم , وما جاء به من عند الله , وهو الإيمان الذي قال
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا
- -القول في تأويل قوله تعالى: فاغسلوا وجوهكم اختلف أهل التأويل في حد الوجه الذي أمر الله بغسله القائم إلى الصلاة بقوله: إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم فقال بعضهم: هو ما ظهر من بشرة الأنسان من قصاص شعر رأسه , منحدرا إلى منقطع ذقنه طولا , وما بين
- -ذكر من قال ما حكينا عنه من أهل هذه المقالة في غسل ما بطن من الفم والأنف:
- -ذكر من قال ما حكينا عنه من أهل هذه المقالة من أن الأذنين ليستا من الوجه:
- -ذكر من قال ما حكينا عنه من أهل هذه المقالة في غسل ما بطن من الأنف والفم:
- -ذكر من قال ما حكينا عنه من أهل هذه المقالة من أن ما أقبل من الأذنين فمن الوجه , وما أدبر فمن الرأس:
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأيديكم إلى المرافق اختلف أهل التأويل في المرافق , هل هي من اليد الواجب غسلها أم لا؟ بعد إجماع جميعهم على أن غسل اليد إليها واجب.
- -القول في تأويل قوله تعالى: وامسحوا برءوسكم اختلف أهل التأويل في صفة المسح الذي أمر الله به بقوله: وامسحوا برءوسكم فقال بعضهم: وامسحوا بما بدا لكم أن تمسحوا به من رءوسكم بالماء إذا قمتم إلى الصلاة
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأرجلكم إلى الكعبين اختلفت القراء في قراءة ذلك , فقرأه جماعة من قراء الحجاز والعراق: وأرجلكم إلى الكعبين نصبا. فتأويله: إذا قمتم إلى الصلاة , فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق , وأرجلكم إلى الكعبين , وامسحوا برءوسكم. وإذا
- -ذكر من قال: عنى الله بقوله: وأرجلكم إلى الكعبين الغسل:
- -القول في تأويل قوله تعالى: إلى الكعبين واختلف أهل التأويل في الكعب , فقال بعضهم بما:
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن كنتم جنبا فاطهروا يعني بقوله جل ثناؤه: وإن كنتم جنبا وإن كنتم أصابتكم جنابة قبل أن تقوموا إلى صلاتكم فقمتم إليها فاطهروا , يقول: فتطهروا بالاغتسال منها قبل دخولكم في صلاتكم التي قمتم إليها. ووحد الجنب وهو خبر عن الجميع
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء يعني بذلك جل ثناؤه: وإن كنتم جرحى أو مجدرين وأنتم جنب. وقد بينا أن ذلك كذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته. وأما قوله: أو على سفر فإنه يقول: وإن كنتم
- -القول في تأويل قوله تعالى: فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه يعني جل ثناؤه بقوله: فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فإن لم تجدوا أيها المؤمنون إذا قمتم إلى الصلاة وأنتم مرضى مقيمون , أو على سفر أصحاء , أو قد جاء أحد منكم من
- -القول في تأويل قوله تعالى: ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج يعني جل ثناؤه بقوله: ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ما يريد الله بما فرض عليكم من الوضوء إذا قمتم إلى صلاتكم , والغسل من جنابتكم والتيمم صعيدا طيبا عند عدمكم الماء ليجعل عليكم من حرج ليلزمكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون يعني جل ثناؤه بقوله: ولكن يريد ليطهركم ولكن الله يريد أن يطهركم بما فرض عليكم من الوضوء من الأحداث والغسل من الجنابة , والتيمم عند عدم الماء , فتنظفوا وتطهروا بذلك أجسامكم من
- -القول في تأويل قوله تعالى: واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور يعني جل ثناؤه بذلك: واذكروا نعمة الله عليكم أيها المؤمنون بالعقود التي عقدتموها لله على أنفسكم , واذكروا نعمته عليكم في
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون يعني بذلك جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا بالله وبرسوله محمد , ليكن من أخلاقكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون يعني جل ثناؤه بقوله: اعدلوا أيها المؤمنون على كل أحد من الناس وليا لكم كان أو عدوا , فاحملوهم على ما أمرتم أن تحملوهم عليه من أحكامي , ولا تجوروا بأحد منهم عنه. وأما
- -القول في تأويل قوله تعالى: وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم يعني جل ثناؤه بقوله: وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات وعد الله أيها الناس الذين صدقوا الله ورسوله , وأقروا بما جاءهم به من عند ربهم , وعملوا بما واثقهم الله به ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم يعني بقوله جل ثناؤه: والذين كفروا والذين جحدوا وحدانية الله , ونقضوا ميثاقه وعقوده التي عاقدوها إياه وكذبوا بآياتنا يقول: " وكذبوا بأدلة الله وحججه الدالة على وحدانيته التي جاءت
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون يعني بذلك جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا أقروا بتوحيد الله ورسالة رسوله صلى الله عليه وسلم وما
- -القول في تأويل قوله تعالى: واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون يعني جل ثناؤه: واحذروا الله أيها المؤمنون أن تخالفوه فيما أمركم ونهاكم أن تنقضوا الميثاق الذي واثقكم به فتستوجبوا منه العقاب الذي لا قبل لكم به وعلى الله فليتوكل المؤمنون يقول: " وإلى
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا يقول الله تعالى ذكره وقال الله لبني إسرائيل إني معكم يقول: " إني ناصركم على عدوكم وعدوي الذين أمرتكم بقتالهم إن قاتلتموهم ووفيتم
- -القول في تأويل قوله تعالى: لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار يعني جل ثناؤه بذلك بني إسرائيل , يقول لهم جل ثناؤه: لئن أقمتم الصلاة أيها القوم الذين أعطوني ميثاقهم بالوفاء بطاعتي , واتباع أمري , وآتيتم الزكاة , وفعلتم سائر ما
- -القول في تأويل قوله تعالى: فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل يقول عز ذكره: فمن جحد منكم يا معشر بني إسرائيل شيئا مما أمرته به , فتركه , أو ركب ما نهيته عنه فعمله بعد أخذي الميثاق عليه بالوفاء لي بطاعتي واجتناب معصيتي فقد ضل سواء السبيل يقول: "
- -القول في تأويل قوله تعالى: فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا محمد
- -القول في تأويل قوله تعالى: وجعلنا قلوبهم قاسية اختلفت القراء في قراءة ذلك , فقرأته عامة قراء أهل المدينة وبعض أهل مكة والبصرة والكوفة: قاسية بالألف , على تقدير فاعله , من قسوة القلب , من قول القائل: قسا قلبه , فهو يقسو وهو قاس , وذلك إذا غلظ واشتد
- -القول في تأويل قوله تعالى: يحرفون الكلم عن مواضعه يقول عز ذكره: وجعلنا قلوب هؤلاء الذين نقضوا عهودنا من بني إسرائيل قسية , منزوعا منها الخير , مرفوعا منها التوفيق , فلا يؤمنون , ولا يهتدون , فهم لنزع الله عز وجل التوفيق من قلوبهم والإيمان يحرفون كلام
- -القول في تأويل قوله تعالى: ونسوا حظا مما ذكروا به يعني تعالى ذكره بقوله: ونسوا حظا وتركوا نصيبا , وهو كقوله: نسوا الله فنسيهم أي " تركوا أمر الله فتركهم الله؛ وقد مضى بيان ذلك بشواهده في غير هذا الموضع فأغنى ذلك عن إعادته. وبالذي قلنا في ذلك قال أهل
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم يقول تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ولا تزال يا محمد تطلع من اليهود الذين أنبأتك نبأهم من نقضهم ميثاقي , ونكثهم عهدي , مع أيادي عندهم , ونعمتي عليهم , على مثل ذلك من
- -القول في تأويل قوله تعالى: فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين وهذا أمر من الله عز ذكره نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالعفو عن هؤلاء القوم الذين هموا أن يبسطوا أيديهم إليه من اليهود , يقول الله جل وعز له: اعف يا محمد عن هؤلاء اليهود الذين هموا بما
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون يقول عز ذكره: وأخذنا من النصارى الميثاق على طاعتي وأداء فرائضي واتباع رسلي
- -القول في تأويل قوله تعالى: فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة يعني تعالى ذكره بقوله: فأغرينا بينهم حرشنا بينهم وألقينا , كما تغري الشيء بالشيء. يقول جل ثناؤه: لما ترك هؤلاء النصارى الذين أخذت ميثاقهم بالوفاء بعهدي حظهم , مما عهدت إليهم من
- -القول في تأويل قوله تعالى: وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: اعف عن هؤلاء الذين هموا ببسط أيديهم إليك وإلى أصحابك , واصفح فإن الله من وراء الانتقام منهم , وسينبئهم الله عند ورودهم الله عليه في معادهم بما
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يقول عز ذكره لجماعة أهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين كانوا في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أهل
- -القول في تأويل قوله تعالى: قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يقول جل ثناؤه لهؤلاء الذين خاطبهم من أهل الكتاب: قد جاءكم يا أهل التوراة والإنجيل من الله نور , يعني بالنور محمدا صلى الله عليه وسلم , الذي أنار الله به الحق , وأظهر به الإسلام , ومحق به الشرك
- -القول في تأويل قوله تعالى: يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم يعني عز ذكره: يهدي بهذا الكتاب المبين الذي جاء من الله جل جلاله , ويعني بقوله: يهدي به الله يرشد به الله ويسدد به. والهاء في
- -القول في تأويل قوله تعالى: ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه يقول عز ذكره: يهدي الله بهذا الكتاب المبين من اتبع رضوان الله إلى سبل السلام , وشرائع دينه ويخرجهم يقول: " ويخرج من اتبع رضوانه , والهاء والميم في: ويخرجهم من الظلمات إلى النور , يعني: من
- -القول في تأويل قوله تعالى: ويهديهم إلى صراط مستقيم يعني عز ذكره بقوله: ويهديهم ويرشدهم ويسددهم إلى صراط مستقيم يقول: " إلى طريق مستقيم , وهو دين الله القويم الذي لا اعوجاج فيه
- -القول في تأويل قوله تعالى: لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ولله ملك السموات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير هذا ذم من الله عز ذكره
- -القول في تأويل قوله تعالى: قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد للنصارى الذين افتروا علي , وضلوا عن سواء السبيل , بقيلهم: إن الله هو المسيح ابن مريم من
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولله ملك السموات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء يعني تبارك وتعالى بذلك: والله له تصريف ما في السموات والأرض وما بينهما , يعني: وما بين السماء والأرض , يهلك من يشاء من ذلك , ويبقي ما يشاء منه , ويوجد ما أراد , ويعدم ما أحب ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: والله على كل شيء قدير يقول عز ذكره: الله المعبود هو القادر على كل شيء , والمالك كل شيء , الذي لا يعجزه شيء أراده , ولا يغلبه شيء طلبه , المقتدر على هلاك المسيح وأمه ومن في الأرض جميعا , لا العاجز الذي لا يقدر على منع نفسه من
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السموات والأرض وما بينهما وإليه المصير وهذا خبر من الله جل وعز عن قوم من اليهود والنصارى أنهم قالوا
- -القول في تأويل قوله تعالى: بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل لهم: ليس الأمر كما زعمتم أنكم أبناء الله وأحباؤه بل أنتم بشر ممن خلق , يقول: خلق من بني آدم , خلقكم الله مثل سائر بني آدم , إن
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولله ملك السموات والأرض وما بينهما وإليه المصير يقول: لله تدبير ما في السموات وما في الأرض وما بينهما , وتصريفه , وبيده أمره , وله ملكه , يصرفه كيف يشاء ويدبره كيف أحبه , لا شريك له في شيء منه ولا لأحد معه فيه ملك , فاعلموا
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير يعني جل ثناؤه بقوله: يا أهل الكتاب اليهود الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله صلى الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير يقول جل ثناؤه لهؤلاء اليهود الذين وصفنا صفتهم: قد أعذرنا إليكم , واحتججنا عليكم برسولنا محمد صلى الله عليه وسلم إليكم , وأرسلناه إليكم , ليبين لكم ما أشكل عليكم من أمر دينكم , كيلا
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين وهذا أيضا من الله تعريف لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم قديم بتمادي هؤلاء اليهود في الغي وبعدهم عن الحق وسوء
- -القول في تأويل قوله تعالى: إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا يعني بذلك جل ثناؤه , أن موسى ذكر قومه من بني إسرائيل بأيام الله عندهم وبآلائه قبلهم , فحرضهم بذلك على اتباع أمر الله في قتال الجبارين , فقال لهم: اذكروا نعمة الله عليكم أن فضلكم بأن جعل فيكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين اختلف فيمن عنوا بهذا الخطاب , فقال بعضهم: عني به أمة محمد صلى الله عليه وسلم
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين وهذا خبر من الله عز ذكره عن قول موسى صلى الله عليه وسلم لقومه من بني إسرائيل , وأمره إياهم عن أمر الله إياه , يأمرهم بدخول الأرض المقدسة ثم
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين وهذا خبر من الله عز ذكره عن قيل موسى عليه السلام لقومه من بني إسرائيل , إذ أمرهم عن أمر الله عز ذكره إياه بدخول الأرض المقدسة , أنه قال لهم: امضوا أيها القوم لأمر الله الذي أمركم به من
- -القول في تأويل قوله تعالى: قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن جواب قوم موسى عليه السلام , إذ أمرهم بدخول الأرض المقدسة , أنهم أبوا عليه إجابة إلى ما أمرهم به من ذلك ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون وهذا خبر من الله عز ذكره عن قول قوم موسى لموسى جوابا لقوله لهم: ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم فقالوا: إنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها يعنون: من الأرض المقدسة
- -القول في تأويل قوله تعالى: قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين وهذا خبر من الله عز ذكره عن الرجلين الصالحين من قوم موسى: يوشع بن نون , وكالب بن يوفنا , أنهما وفيا
- -القول في تأويل قوله تعالى: ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وهذا خبر من الله عز ذكره عن قول الرجلين اللذين يخافان الله لبني إسرائيل إذ جبنوا وخافوا من الدخول على الجبارين لما سمعوا خبرهم , وأخبرهم النقباء الذين أفشوا ما عاينوا من أمرهم فيهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين وهذا أيضا خبر من الله جل وعز , عن قول الرجلين اللذين يخافان الله أنهما قالا لقوم موسى يشجعانهم بذلك , ويرغبانهم في المضي لأمر الله بالدخول على الجبارين في مدينتهم: توكلوا أيها القوم على الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون وهذا خبر من الله جل ذكره عن قول الملإ من قوم موسى لموسى , إذ رغبوا في جهاد عدوهم , ووعدوا نصر الله إياهم , إن هم ناهضوهم , ودخلوا عليهم باب
- -القول في تأويل قوله تعالى: قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين وهذا خبر من الله جل وعز عن قيل قوم موسى حين قال له قومه ما قالوا من قولهم: إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون أنه قال عند
- -القول في تأويل قوله تعالى: قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين اختلف أهل التأويل في الناصب للأربعين , فقال بعضهم: الناصب له قوله: محرمة وإنما حرم الله جل وعز على القوم الذين عصوه وخالفوا أمره من قوم موسى وأبوا
- -القول في تأويل قوله: فلا تأس على القوم الفاسقين يعني جل ثناؤه بقوله: فلا تأس فلا تحزن , يقال منه: أسي فلان على كذا يأسى أسى , وقد أسيت من كذا: أي حزنت , ومنه قول امرئ القيس: وقوفا بها صحبي علي مطيهم يقولون لا تهلك أسى وتجمل يعني: لا تهلك حزنا "
- -القول في تأويل قوله تعالى: واتل عليهم نبأ ابنى آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: واتل على هؤلاء اليهود الذين هموا أن يبسطوا أيديهم إليكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن المقتول من ابني آدم أنه قال لأخيه لما قال له أخوه القاتل لأقتلنك: والله لئن بسطت إلي يدك يقول: " مددت إلي يدك
- -القول في تأويل قوله تعالى: إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم: معناه: إني أريد أن تبوء بإثمي من قتلك إياي وإثمك في معصيتك الله بغير ذلك من معاصيك
- -القول في تأويل قوله تعالى: فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين يعني جل ثناؤه بقوله فطوعت فأقامته وساعدته عليه. وهو فعلت من الطوع , من قول القائل: طاعني هذا الأمر: إذا انقاد له. وقد اختلف أهل التأويل في تأويله , فقال بعضهم: معناه: فشجعت
- -القول في تأويل قوله تعالى: فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين قال أبو جعفر: وهذا أيضا أحد الأدلة على أن القول في أمر ابني آدم بخلاف ما رواه عمرو عن الحسن؛
- -ذكر الأخبار عن أهل التأويل بالذي كان من فعل القاتل من ابني آدم بأخيه المقتول بعد قتله إياه:
- -القول في تأويل قوله تعالى: من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون يعني تعالى ذكره بقوله:
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون وهذا قسم من الله جل ثناؤه أقسم به , أن رسله صلوات الله عليهم قد أتت بني إسرائيل الذين قص الله قصصهم وذكر نبأهم في الآيات التي تقدمت من قوله: يا أيها الذين
- -القول في تأويل قوله تعالى: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم وهذا بيان من الله عز ذكره عن حكم الفساد في الأرض
- -وأما قوله: ويسعون في الأرض فسادا فإنه يعني: يعملون في أرض الله بالمعاصي من إخافة سبل عباده المؤمنين به , أو سبل ذمتهم وقطع طرقهم , وأخذ أموالهم ظلما وعدوانا , والتوثب على حرمهم فجورا وفسوقا
- -القول في تأويل قوله تعالى: أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض يقول تعالى ذكره: ما للذي حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا من أهل ملة الإسلام أو ذمتهم إلا بعض هذه الخلال التي ذكرها جل ثناؤه. ثم اختلف أهل التأويل في
- -القول في تأويل قوله تعالى: ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم يعني جل ثناؤه بقوله: ذلك هذا الجزاء الذي جازيت به الذين حاربوا الله ورسوله وسعوا في الأرض فسادا في الدنيا , من قتل , أو صلب , أو قطع يد ورجل من خلاف لهم يعني لهؤلاء المحاربين خزي
- -القول في تأويل قوله تعالى: إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم: معنى ذلك إلا الذين تابوا من شركهم ومناصبتهم الحرب لله ولرسوله , والسعي في الأرض بالفساد بالإسلام , والدخول في
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون يعني جل ثناؤه بذلك: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله فيما أخبرهم ووعدهم من الثواب , وأوعد من العقاب اتقوا الله يقول: أجيبوا الله فيما أمركم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون يقول جل ثناؤه للمؤمنين به وبرسوله: وجاهدوا أيها المؤمنون أعدائي وأعداءكم في سبيلي , يعني: في دينه وشريعته التي شرعها لعباده , وهي الإسلام , يقول: أتعبوا أنفسكم في قتالهم وحملهم على الدخول في
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم يقول عز ذكره: إن الذين جحدوا ربوبية ربهم وعبدوا غيره من بني إسرائيل الذين عبدوا العجل ومن غيرهم الذين عبدوا
- -القول في تأويل قوله تعالى: يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم يعني جل ثناؤه بقوله: يريدون أن يخرجوا من النار يريد هؤلاء الذين كفروا بربهم يوم القيامة أن يخرجوا من النار بعد دخولها وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم يقول: "
- -القول في تأويل قوله تعالى: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم يقول جل ثناؤه: ومن سرق من رجل أو امرأة , فاقطعوا أيها الناس يده. ولذلك رفع السارق والسارقة , لأنهما غير معينين , ولو أريد بذلك سارق وسارقة
- -القول في تأويل قوله تعالى: فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم يقول جل ثناؤه فمن تاب من هؤلاء السراق , يقول: من رجع منهم عما يكرهه الله من معصيته إياه إلى ما يرضاه من طاعته من بعد ظلمه؛ وظلمه: هو اعتداؤه وعمله ما نهاه الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله على كل شيء قدير يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ألم يعلم هؤلاء القائلون: لن تمسنا النار إلا أياما معدودة الزاعمون أنهم أبناء الله وأحباؤه
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ومن
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا أيها الرسول , لا يحزنك تسرع من تسرع من هؤلاء المنافقين الذين يظهرون بألسنتهم تصديقك , وهم معتقدون تكذيبك إلى الكفر بك ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا يقول تعالى ذكره: يحرف هؤلاء السماعون للكذب , السماعون لقوم آخرين منهم لم يأتوك بعد من اليهود الكلم. وكان تحريفهم ذلك: تغييرهم حكم الله تعالى ذكره
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا وهذا تسلية من الله تعالى ذكره نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم من حزنه على مسارعة الذين قص قصتهم من اليهود والمنافقين في هذه الآية , يقول له تعالى ذكره: لا يحزنك تسرعهم إلى جحود نبوتك
- -القول في تأويل قوله تعالى: أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر , من اليهود الذين وصفت لك صفتهم , وإن مسارعتهم إلى أولئك الذين
- -القول في تأويل قوله تعالى: سماعون للكذب أكالون للسحت فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين يقول تعالى ذكره: هؤلاء اليهود الذين وصفت لك يا محمد صفتهم , سماعون لقيل الباطل والكذب
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين يعني تعالى ذكره بقوله: فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم إن جاء هؤلاء القوم الآخرون الذين لم يأتوك بعد , وهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين يعني تعالى ذكره: وكيف يحكمك هؤلاء اليهود يا محمد بينهم , فيرضون بك حكما بينهم , وعندهم التوراة التي أنزلتها على موسى , التي يقرون بها أنها حق
- -القول في تأويل قوله تعالى: إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم
- -القول في تأويل قوله تعالى: والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء يقول تعالى ذكره: ويحكم بالتوراة وأحكامها التي أنزل الله فيها في كل زمان على ما أمر بالحكم به فيها مع النبيين الذين أسلموا , الربانيون والأحبار. والربانيون: جمع
- -القول في تأويل قوله تعالى: فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا يقول تعالى ذكره لعلماء اليهود وأحبارهم: لا تخشوا الناس في تنفيذ حكمي الذي حكمت به على عبادي وإمضائه عليهم على ما أمرت , فإنهم لا يقدرون لكم على ضر ولا نفع إلا بإذني , ولا
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون يقول تعالى ذكره: ومن كتم حكم الله الذي أنزله في كتابه , وجعله حكما بين عباده فأخفاه , وحكم بغيره , كحكم اليهود في الزانيين المحصنين بالتجبيه والتحميم , وكتمانهم الرجم , وكقضائهم في
- -القول في تأويل قوله تعالى: وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون يقول تعالى ذكره: وكتبنا على هؤلاء اليهود الذين يحكمونك
- -القول في تأويل قوله تعالى: فمن تصدق به فهو كفارة له اختلف أهل التأويل في المعني به: فمن تصدق به فهو كفارة له فقال بعضهم: عني بذلك المجروح وولي القتيل
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون يقول تعالى ذكره: ومن لم يحكم بما أنزل الله في التوراة من قود النفس القاتلة قصاصا بالنفس المقتولة ظلما. ولم يفقأ عين الفاقئ بعين المفقوءة ظلما قصاصا ممن أمره الله به بذلك في كتابه
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين يعني تعالى ذكره بقوله: وقفينا على آثارهم أتبعنا , يقول: أتبعنا عيسى ابن مريم على
- -القول في تأويل قوله تعالى: وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون اختلفت القراء في قراءة قوله: وليحكم أهل الإنجيل فقرأ قراء الحجاز والبصرة وبعض الكوفيين: وليحكم بتسكين اللام على وجه الأمر من الله لأهل الإنجيل
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا
- -القول في تأويل قوله تعالى: فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق وهذا أمر من الله تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يحكم بين المحتكمين إليه من أهل الكتاب وسائر أهل الملل , بكتابه الذي أنزله إليه , وهو القرآن الذي خصه
- -القول في تأويل قوله تعالى: لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا يقول تعالى ذكره: لكل قوم منكم جعلنا شرعة. والشرعة: هي الشريعة بعينها , تجمع الشرعة شراعا , والشريعة شرائع , ولو جمعت الشرعة شرائع كان صوابا , لأن معناها ومعنى الشريعة واحد , فيردها عند الجمع إلى
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم يقول تعالى ذكره: ولو شاء ربكم لجعل شرائعكم واحدة , ولم يجعل لكل أمة شريعة ومنهاجا غير شرائع الأمم الآخر ومنهاجهم , فكنتم تكونون أمة واحدة , لا تختلف شرائعكم ومنهاجكم.
- -القول في تأويل قوله تعالى: فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون يقول تعالى ذكره: فبادروا أيها الناس , إلى الصالحات من الأعمال والقرب إلى ربكم بإدمان العمل بما في كتابكم الذي أنزله إلى نبيكم , فإنه إنما أنزله امتحانا لكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون يعني تعالى ذكره بقوله: وأن احكم بينهم بما أنزل الله:
- -القول في تأويل قوله تعالى: أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون يقول تعالى ذكره: أيبغي هؤلاء اليهود الذين احتكموا إليك فلم يرضوا بحكمك , وقد حكمت فيهم بالقسط حكم الجاهلية , يعني أحكام عبدة الأوثان من أهل الشرك , وعندهم كتاب الله فيه
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين اختلف أهل التأويل في المعني بهذه الآية وإن كان مأمورا بذلك جميع المؤمنين , فقال بعضهم: عنى بذلك:
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن يتولهم منكم فإنه منهم يعني تعالى ذكره بقوله: ومن يتولهم منكم فإنه منهم ومن يتول اليهود والنصارى دون المؤمنين فإنه منهم , يقول: فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين , فهو من أهل دينهم وملتهم , فإنه لا يتولى متول أحدا إلا وهو
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الله لا يهدي القوم الظالمين يعني تعالى ذكره بذلك , أن الله لا يوفق من وضع الولاية في غير موضعها فوالى اليهود والنصارى مع عداوتهم الله ورسوله والمؤمنين على المؤمنين , وكان لهم ظهيرا ونصيرا , لأن من تولاهم فهو لله ولرسوله
- -القول في تأويل قوله تعالى: فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين اختلف أهل التأويل فيمن عني بهذه الآية , فقال بعضهم: عني بها عبد الله بن أبي ابن
- -القول في تأويل قوله تعالى: فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين يعني تعالى ذكره بقوله: فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فلعل الله أن يأتي بالفتح. ثم اختلفوا في تأويل الفتح في هذا الموضع , فقال بعضهم:
- -القول في تأويل قوله تعالى: ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين اختلف القراء في قراءة قوله: ويقول الذين آمنوا فقرأتها قراء أهل المدينة: " فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين يقول الذين آمنوا
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم يقول تعالى ذكره للمؤمنين بالله
- -القول في تأويل قوله تعالى: أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يعني تعالى ذكره بقوله: أذلة على المؤمنين أرقاء عليهم رحماء بهم , من قول القائل: ذل فلان لفلان: إذا خضع له واستكان. ويعني بقوله: أعزة على الكافرين أشداء عليهم غلظاء بهم , من قول القائل:
- -القول في تأويل قوله تعالى: يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم يعني تعالى ذكره بقوله: يجاهدون في سبيل الله هؤلاء المؤمنين الذين وعد الله المؤمنين أن يأتيهم بهم إن ارتد منهم مرتد بدلا منهم , يجاهدون في
- -القول في تأويل قوله تعالى: إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون يعني تعالى ذكره بقوله: إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ليس لكم أيها المؤمنون ناصر إلا الله ورسوله والمؤمنون , الذين صفتهم ما ذكر تعالى ذكره
- -القول في تأويل قوله تعالى: ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون وهذا إعلام من الله تعالى ذكره عباده جميعا , الذين تبرءوا من اليهود وحلفهم رضا بولاية الله ورسوله والمؤمنين , والذين تمسكوا بحلفهم , وخافوا دوائر السوء تدور عليهم ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم: يا أيها الذين آمنوا أي " صدقوا
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون يقول تعالى ذكره: وإذا أذن مؤذنكم أيها المؤمنون بالصلاة , سخر من دعوتكم إليها هؤلاء الكفار من اليهود والنصارى والمشركين , ولعبوا من ذلك ذلك بأنهم قوم لا يعقلون
- -القول في تأويل قوله تعالى: قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لأهل الكتاب من اليهود والنصارى: يا أهل الكتاب , هل تكرهون منا أو تجدون
- -القول في تأويل قوله تعالى: قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء الذين اتخذوا دينكم هزوا
- -القول في تأويل قوله تعالى: وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل اختلفت القراء في قراءة ذلك , فقرأته قراء الحجاز والشام والبصرة وبعض الكوفيين: وعبد الطاغوت بمعنى: وجعل منهم القردة والخنازير ومن عبد الطاغوت , بمعنى: عابد , فجعل عبد فعلا
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذا جاءوكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به والله أعلم بما كانوا يكتمون يقول تعالى ذكره: وإذا جاءكم أيها المؤمنون هؤلاء المنافقون من اليهود , قالوا لكم: آمنا: أي صدقنا بما جاء به نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وترى يا محمد كثيرا من هؤلاء اليهود الذين قصصت عليك نبأهم من بني إسرائيل يسارعون في الإثم والعدوان يقول
- -القول في تأويل قوله تعالى: لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون يقول تعالى ذكره: هلا ينهى هؤلاء الذين يسارعون في الإثم والعدوان وأكل الرشا في الحكم من اليهود من بني إسرائيل ربانيوهم , وهم أئمتهم المؤمنون ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: إن هذا الذي أطلعناك عليه من خفي أمور هؤلاء اليهود مما لا يعلمه إلا علماؤهم وأحبارهم , احتجاجا عليهم لصحة نبوتك , وقطعا لعذر
- -القول في تأويل قوله تعالى: وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة يعني تعالى ذكره بقوله: وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة بين اليهود والنصارى. كما:
- -القول في تأويل قوله تعالى: كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله يقول تعالى ذكره: كلما جمع أمرهم على شيء فاستقام واستوى فأرادوا مناهضة من ناوأهم , شتته الله عليهم وأفسده , لسوء فعالهم وخبث نياتهم. كالذي:
- -القول في تأويل قوله تعالى: ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين يقول تعالى ذكره: ويعمل هؤلاء اليهود والنصارى بمعصية الله , فيكفرون بآياته ويكذبون رسله ويخالفون أمره ونهيه , وذلك سعيهم فيها بالفساد. والله لا يحب المفسدين يقول: والله لا يحب من
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم يقول تعالى ذكره: ولو أن أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى آمنوا بالله وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم فصدقوه واتبعوه وما أنزل عليه واتقوا ما نهاهم الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون يعني تعالى ذكره بقوله: ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل ولو أنهم عملوا بما في التوراة والإنجيل
- -القول في تأويل قوله تعالى: منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون يعني تعالى ذكره بقوله: منهم أمة منهم جماعة مقتصدة يقول: " مقتصدة في القول في عيسى ابن مريم قائلة فيه الحق أنه رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه , لا غالية قائلة إنه ابن الله ,
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين وهذا أمر من الله تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم , بإبلاغ هؤلاء اليهود والنصارى من أهل الكتابين
- -القول في تأويل قوله تعالى: قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين وهذا أمر من الله تعالى ذكره نبيه صلى الله عليه وسلم بإبلاغ اليهود
- -القول في تأويل قوله تعالى: وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين يعني تعالى ذكره بقوله: وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا وأقسم ليزيدن كثيرا من هؤلاء اليهود والنصارى الذين قص قصصهم في هذه
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون يقول تعالى ذكره: إن الذين صدقوا الله ورسوله , وهم أهل الإسلام والذين هادوا وهم اليهود والصابئون وقد بينا أمرهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون يقول تعالى ذكره: أقسم لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل على الإخلاص وتوحيدنا , والعمل بما أمرناهم به , والانتهاء عما
- -القول في تأويل قوله تعالى: وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا كثير منهم والله بصير بما يعملون يقول تعالى: وظن هؤلاء الإسرائيليون الذين وصف تعالى ذكره صفتهم أنه أخذ ميثاقهم وأنه أرسل إليهم رسلا , وأنهم كانوا كلما جاءهم رسول
- -القول في تأويل قوله تعالى: لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن بعض ما فتن به
- -القول في تأويل قوله تعالى: لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم وهذا أيضا خبر من الله تعالى ذكره عن فريق آخر من الإسرائيليين الذين وصف صفتهم في الآيات قبل أنه لما
- -القول في تأويل قوله تعالى: أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم يقول تعالى ذكره: أفلا يرجع هذان الفريقان الكافران , القائل أحدهما: إن الله هو المسيح ابن مريم؛ والآخر القائل: إن الله ثالث ثلاثة , عما قالا من ذلك , ويتوبان بما قالا وقطعا به
- -القول في تأويل قوله تعالى: ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون وهذا خبر من الله تعالى ذكره احتجاجا لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم على فرق النصارى في قولهم في المسيح.
- -القول في تأويل قوله تعالى: انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون يقول تعالى ذكره لنبيه محمد: صلى الله عليه وسلم انظر يا محمد كيف نبين لهؤلاء الكفرة من اليهود والنصارى الآيات , وهي الأدلة والإعلام والحجج على بطول ما يقولون في أنبياء الله , وفي
- -القول في تأويل قوله تعالى: قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع العليم وهذا أيضا احتجاج من الله تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم على النصارى القائلين في المسيح ما وصف من قيلهم فيه قبل. يقول تعالى ذكره لمحمد صلى الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل وهذا خطاب من الله تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم. يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لهؤلاء الغالية من
- -القول في تأويل قوله تعالى: لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل لهؤلاء النصارى الذين وصف تعالى ذكره صفتهم: لا تغلوا فتقولوا في المسيح غير الحق , ولا
- -القول في تأويل قوله تعالى: كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون يقول تعالى ذكره: كان هؤلاء اليهود الذين لعنهم الله لا يتناهون يقول: " لا ينتهون عن منكر فعلوه , ولا ينهى بعضهم بعضا. ويعني بالمنكر: المعاصي التي كانوا يعصون الله بها.
- -القول في تأويل قوله تعالى: ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون يقول تعالى ذكره: ترى يا محمد كثيرا من بني إسرائيل يتولون الذين كفروا , يقول: يتولون المشركين من عبدة الأوثان , يعادون أولياء
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون يقول تعالى ذكره: ولو كان هؤلاء الذين يتولون الذين كفروا من بني إسرائيل يؤمنون بالله والنبي يقول: " يصدقون بالله ويقرون به ويوحدونه ويصدقون
- -القول في تأويل قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لتجدن يا محمد أشد الناس
- -وأما قوله تعالى: ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا، فإنه يقول: قربت مودة هؤلاء الذين وصف الله صفتهم للمؤمنين من أجل أن منهم قسيسين ورهبانا. والقسيسون: جمع قسيس، وقد يجمع القسيس: " قسوس "، لأن القس والقسيس بمعنى واحد. وكان ابن زيد يقول في القسيس بما:
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين. يقول تعالى ذكره: وإذا سمع هؤلاء الذين قالوا إنا نصارى الذين وصفت لك يا محمد صفتهم أنك تجدهم أقرب الناس مودة للذين
- -وقوله: مما عرفوا من الحق يقول: فيض دموعهم لمعرفتهم بأن الذي يتلى عليهم من كتاب الله الذي أنزله إلى رسول الله حق:
- -وأما قوله: فاكتبنا مع الشاهدين، فإنه روي عن ابن عباس وغيره في تأويله ما
- -القول في تأويل قوله تعالى: وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم في هذه الآيات، أنهم إذا سمعوا ما أنزل إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من كتابه،
- -القول في تأويل قوله تعالى: فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين يقول تعالى ذكره: فجزاهم الله بقولهم: ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين، وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق، ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم
- -القول في تأويل قوله تعالى: والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم يقول تعالى ذكره: وأما الذين جحدوا توحيد الله، وأنكروا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وكذبوا بآيات كتابه، فإن أولئك أصحاب الجحيم، يقول: هم سكانها واللابثون فيها. والجحيم: ما
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله، وأقروا بما جاءهم به نبيهم صلى الله عليه وسلم أنه حق من عند الله، لا تحرموا طيبات ما
- -القول في تأويل قوله تعالى: وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون يقول تعالى ذكره لهؤلاء المؤمنين الذين نهاهم أن يحرموا طيبات ما أحل الله لهم: كلوا أيها المؤمنون من رزق الله الذي رزقكم وأحله لكم حلالا طيبا:
- -وأما قوله: واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون فإنه يقول: وخافوا أيها المؤمنون أن تعتدوا في حدوده، فتحلوا ما حرم عليكم، وتحرموا ما أحل لكم، واحذروه في ذلك أن تخالفوه فينزل بكم سخطه، أو تستوجبوا به عقوبته. الذي أنتم به مؤمنون يقول: الذي أنتم بوحدانيته
- -القول في تأويل قوله تعالى: لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله
- -وأما قوله: بما عقدتم الأيمان فإن:
- -القول في تأويل قوله تعالى. فكفارته إطعام عشرة مساكين اختلف أهل التأويل في الهاء التي في قوله: فكفارته على ما هي عائدة، ومن ذكر ما؟ فقال بعضهم: هي عائدة على " ما " التي في قوله: بما عقدتم الأيمان
- -القول في تأويل قوله تعالى: من أوسط ما تطعمون أهليكم يعني تعالى ذكره بقوله: من أوسط ما تطعمون أهليكم أعدله
- -القول في تأويل قوله تعالى: أو كسوتهم يعني تعالى ذكره بذلك: فكفارة ما عقدتم من الأيمان إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم. يقول إما أن تطعموهم أو تكسوهم، والخيار في ذلك إلى المكفر. واختلف أهل التأويل في الكسوة التي عنى الله بقوله: أو كسوتهم، فقال بعضهم:
- -القول في تأويل قوله تعالى: أو تحرير رقبة يعني تعالى ذكره بذلك: أو فك عبد من أسر العبودة وذلها. وأصل التحرير: الفك من الأسر، ومنه قول الفرزدق بن غالب: أبني غدانة إنني حررتكم فوهبتكم لعطية بن جعال يعني بقوله: حررتكم: فككت رقابكم من ذل الهجاء ولزوم
- -القول في تأويل قوله تعالى: فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام يقول تعالى ذكره: فمن لم يجد لكفارة يمينه التي لزمه تكفيرها من الطعام والكسوة والرقاب ما يكفرها به على ما فرضنا عليه وأوجبناه في كتابنا وعلى لسان رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم فصيام ثلاثة أيام يقول
- -القول في تأويل قوله تعالى: ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون يعني تعالى ذكره بقوله: ذلك هذا الذي ذكرت لكم أنه كفارة أيمانكم من إطعام العشرة المساكين أو كسوتهم أو تحرير الرقبة، وصيام الثلاثة الأيام إذا لم
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون وهذا بيان من الله تعالى ذكره للذين حرموا على أنفسهم النساء والنوم واللحم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تشبها منهم بالقسيسين
- -القول في تأويل قوله تعالى: إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون يقول تعالى ذكره: إنما يريد لكم الشيطان شرب الخمر والمياسرة بالقداح، ويحسن ذلك لكم إرادة منه أن يوقع بينكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين يقول تعالى ذكره: إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه، وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول في اجتنابكم ذلك واتباعكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين يقول تعالى ذكره للقوم الذين قالوا إذ أنزل الله تحريم الخمر بقوله: إنما الخمر والميسر
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله ليبلونكم الله بشيء من الصيد يقول: ليختبرنكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم يعني تعالى ذكره: ليختبرنكم الله أيها المؤمنون ببعض الصيد في حال إحرامكم، كي يعلم أهل طاعة الله والإيمان به والمنتهون إلى حدوده وأمره ونهيه، من الذي يخاف الله فيتقي
- -وأما قوله: فمن اعتدى بعد ذلك فإنه يعني: فمن تجاوز حد الله الذي حده له بعد ابتلائه بتحريم الصيد عليه وهو حرام، فاستحل ما حرم الله عليه منه بأخذه وقتله فله عذاب من الله أليم يعني: مؤلم موجع.
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه
- -وأما قوله: فجزاء مثل ما قتل من النعم فإنه يقول: وعليه كفارة وبدل، يعني بذلك: جزاء الصيد المقتول، يقول تعالى ذكره: فعلى قاتل الصيد جزاء الصيد المقتول مثل ما قتل من النعم. وقد ذكر أن ذلك في قراءة عبد الله: (فجزاؤه مثل ما قتل من النعم) وقد اختلفت
- -القول في تأويل قوله تعالى: يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة يقول تعالى ذكره: يحكم بذلك الجزاء الذي هو مثل المقتول من الصيد من النعم عدلان منكم، يعني: فقيهان عالمان من أهل الدين والفضل هديا يقول: يقضي بالجزاء ذوا عدل أن يهدي فيبلغ الكعبة.
- -القول في تأويل قوله تعالى: أو كفارة طعام مساكين يقول تعالى ذكره: أو عليه كفارة طعام مساكين. والكفارة معطوفة على الجزاء في قوله: فجزاء مثل ما قتل من النعم. واختلف القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء أهل المدينة: (أو كفارة طعام مساكين) بالإضافة
- -القول في تأويل قوله تعالى: أو عدل ذلك صياما يعني تعالى ذكره بذلك: أو على قاتل الصيد محرما عدل الصيد المقتول من الصيام، وذلك أن يقوم الصيد حيا غير مقتول قيمته من الطعام بالموضع الذي قتله فيه المحرم، ثم يصوم مكان كل مد يوما، وذكر أن النبي صلى الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: ليذوق وبال أمره يقول جل ثناؤه: أوجبت على قاتل الصيد محرما ما أوجبت من الحق أو الكفارة الذي ذكرت في هذه الآية، كي يذوق وبال أمره وعذابه، يعني ب أمره: ذنبه وفعله الذي فعله من قتله ما نهاه الله عز وجل عن قتله في حال إحرامه،
- -القول في تأويل قوله تعالى: عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه يقول جل ثناؤه لعباده المؤمنين به وبرسوله صلى الله عليه وسلم: عفا الله أيها المؤمنون عما سلف منكم في جاهليتكم من إصابتكم الصيد وأنتم حرم وقتلكموه، فلا يؤاخذكم بما كان منكم في ذلك قبل
- -القول في تأويل قوله تعالى: والله عزيز ذو انتقام يقول عز وجل: والله منيع في سلطانه، لا يقهره قاهر، ولا يمنعه من الانتقام ممن انتقم منه، ولا من عقوبة من أراد عقوبته مانع، لأن الخلق خلقه، والأمر أمره، له العزة والمنعة. وأما قوله: ذو انتقام فإنه
- -القول في تأويل قوله تعالى: أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما واتقوا الله الذي إليه تحشرون. يقول تعالى ذكره: أحل لكم أيها المؤمنون صيد البحر، وهو ما صيد طريا
- -القول في تأويل قوله تعالى: متاعا لكم وللسيارة يعني تعالى ذكره بقوله: متاعا لكم منفعة لمن كان منكم مقيما أو حاضرا في بلده يستمتع بأكله وينتفع به وللسيارة يقول: ومنفعة أيضا ومتعة للسائرين من أرض إلى أرض، ومسافرين يتزودونه في سفرهم مليحا. والسيارة:
- -القول في تأويل قوله تعالى: وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما يعني تعالى ذكره: وحرم عليكم أيها المؤمنون صيد البر ما دمتم حرما، يقول: ما كنتم محرمين لم تحلوا من إحرامكم. ثم اختلف أهل العلم في المعنى الذي عنى الله تعالى ذكره بقوله: وحرم عليكم صيد البر
- -القول في تأويل قوله تعالى: واتقوا الله الذي إليه تحشرون وهذا تقدم من الله تعالى ذكره إلى خلقه بالحذر من عقابه على معاصيه، يقول تعالى: واخشوا الله أيها الناس، واحذروه بطاعته فيما أمركم به من فرائضه، وفيما نهاكم عنه في هذه الآيات التي أنزلها على نبيكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض وأن الله بكل شيء عليم يقول تعالى ذكره: صير الله الكعبة البيت الحرام قواما للناس الذين لا قوام لهم، من
- -وقوله: والشهر الحرام والهدي والقلائد يقول تعالى ذكره: وجعل الشهر الحرام والهدي والقلائد أيضا قياما للناس، كما جعل الكعبة البيت الحرام لهم قياما. والناس الذين جعل ذلك لهم قياما مختلف فيهم، فقال بعضهم: جعل الله ذلك في الجاهلية قياما للناس كلهم. وقال
- -القول في تأويل قوله تعالى: ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض وأن الله بكل شيء عليم يعني تعالى ذكره بقوله: ذلك تصييره الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد يقول تعالى ذكره: صيرت لكم أيها الناس ذلك قياما كي
- -القول في تأويل قوله تعالى: اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم يقول تعالى ذكره: اعلموا أيها الناس أن ربكم الذي يعلم ما في السموات وما في الأرض، ولا يخف عليه شيء من سرائر أعمالكم وعلانيتها، وهو يحصيها عليكم ليجازيكم بها، شديد عقابه من عصاه
- -القول في تأويل قوله تعالى: ما على الرسول إلا البلاغ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون وهذا من الله تعالى ذكره تهديد لعباده ووعيد، يقول تعالى ذكره: ليس على رسولنا الذي أرسلناه إليكم أيها الناس بإنذاركم عقابنا بين يدي عذاب شديد وإعذارنا إليكم بما فيه قطع
- -القول في تأويل قوله تعالى: قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد: لا يعتدل الرديء والجيد، والصالح والطالح، والمطيع والعاصي ولو أعجبك كثرة
- -القول في تأويل قوله تعالى: فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون يقول تعالى ذكره: واتقوا الله بطاعته فيما أمركم ونهاكم، واحذروا أن يستحوذ عليكم الشيطان بإعجابكم كثرة الخبيث، فتصيروا منهم يا أولي الألباب يعني بذلك: أهل العقول والحجا، الذين عقلوا
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم ذكر أن هذه الآية أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب مسائل كان يسألها إياه أقوام، امتحانا
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم يقول تعالى ذكره للذين نهاهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مسألة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عما نهاهم عن مسألتهم إياه عنه من فرائض لم يفرضها
- -وأما قوله: عفا الله عنها فإنه يعني به: عفا الله لكم عن مسألتكم عن الأشياء التي سألتم عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كره الله لكم مسألتكم إياه عنها، أن يؤاخذكم بها، أو يعاقبكم عليها، إن عرف منها توبتكم وإنابتكم. والله غفور، يقول: والله
- -القول في تأويل قوله تعالى: قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين يقول تعالى ذكره: قد سأل الآيات قوم من قبلكم: فلما آتاهموها الله أصبحوا بها جاحدين منكرين أن تكون دلالة على حقيقة ما احتج بها عليهم، وبرهانا على صحة ما جعلت برهانا على تصحيحه، كقوم
- -القول في تأويل قوله تعالى: ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون يقول تعالى ذكره: ما بحر الله بحيرة، ولا سيب سائبة، ولا وصل وصيلة، ولا حمى حاميا، ولكنكم الذين فعلتم ذلك أيها الكفرة
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون اختلف أهل التأويل في المعني بالذين كفروا في هذا الموضع والمراد بقوله: وأكثرهم لا يعقلون، فقال بعضهم: المعني بالذين كفروا: اليهود، وبالذين لا يعقلون: أهل الأوثان.
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون يقول تعالى ذكره: وإذا قيل لهؤلاء الذين يبحرون البحائر ويسيبون السوائب، الذين لا يعقلون أنهم بإضافتهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم فأصلحوها، واعملوا في خلاصها من عقاب الله تعالى، وانظروا لها فيما
- -القول في تأويل قوله تعالى: إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون يقول تعالى ذكره للمؤمنين من عباده: اعملوا أيها المؤمنون بما أمرتكم به، وانتهوا عما نهيتكم عنه، ومروا أهل الزيغ والضلال وما حاد عن سبيلي بالمعروف، وانهوهم عن المنكر، فإن قبلوا
- -القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى
- -واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ذوا عدل منكم، فقال بعضهم: عنى به: من أهل ملتكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: أو آخران من غيركم يقول تعالى ذكره للمؤمنين: ليشهد بينكم إذا حضر أحدكم الموت عدلان من المسلمين، أو آخران من غير المسلمين. وقد اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: أو آخران من غيركم فقال بعضهم: معناه: أو آخران من غير أهل ملتكم
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت يقول تعالى ذكره للمؤمنين: صفة شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت وقت الوصية، أن يشهد اثنان ذوا عدل منكم أيها المؤمنون أو رجلان آخران من غير أهل ملتكم، إن أنتم سافرتم ذاهبين وراجعين
- -القول في تأويل قوله تعالى: تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله: شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت، إن شهد اثنان ذوا عدل منكم، أو كان أوصى إليهما، أو آخران من غيركم، إن
- -القول في تأويل قوله تعالى: ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين اختلفت القراءة في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء الأمصار: ولا نكتم شهادة الله بإضافة الشهادة إلى الله، وخفض اسم الله تعالى، يعني: لا نكتم شهادة الله عندنا وذكر عن الشعبي أنه كان يقرؤه
- -القول في تأويل قوله تعالى: فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين يعني تعالى ذكره بقوله: فإن عثر فإن اطلع منهما، أو ظهر. وأصل العثر:
- -وأما قوله: على أنهما استحقا إثما فإنه يقول تعالى ذكره: فإن اطلع من الوصيين اللذين ذكر الله أمرهما في هذه الآية بعد حلفهما بالله: لا نشتري بأيماننا ثمنا، ولو كان ذا قربى، ولا نكتم شهادة الله، على أنهما استحقا إثما، يقول: على أنهما استوجبا
- -القول في تأويل قوله تعالى: فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين يقول تعالى ذكره: فيقسم الآخران اللذان يقومان مقام اللذين عثر على أنهما استحقا إثما بخيانتهما مال الميت الأوليان باليمين والميت من الخائنين: لشهادتنا أحق
- -القول في تأويل قوله تعالى: ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدي القوم الفاسقين يعني تعالى ذكره بقوله: ذلك: هذا الذي قلت لكم في أمر الأوصياء إذا ارتبتم في أمرهم واتهمتموهم بخيانة
- -القول في تأويل قوله تعالى: واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدي القوم الفاسقين يقول تعالى ذكره: وخافوا الله أيها الناس، وراقبوه في أيمانكم أن تحلفوا بها كاذبة، وأن تذهبوا بها مال من يحرم عليكم ماله، وأن تخونوا من ائتمنكم واسمعوا يقول: اسمعوا ما يقال
- -القول في تأويل قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب يقول تعالى ذكره: واتقوا الله أيها الناس، واسمعوا وعظه إياكم وتذكيره لكم، واحذروا يوم يجمع الله الرسل. ثم حذف (واحذروا) واكتفى بقوله: واتقوا الله
- -القول في تأويل قوله تعالى: إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه
- -القول في تأويل قوله تعالى: تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون يقول تعالى ذكره: واذكر أيضا يا عيسى إذ ألقيت إلى الحواريين، وهم وزراء عيسى على دينه. وقد بينا معنى ذلك، ولم قيل لهم الحواريون فيما مضى بما أغنى عن
- -وقد اختلفت ألفاظ أهل التأويل في تأويل قوله: وإذ أوحيت وإن كانت متفقة المعاني، فقال بعضهم
- -القول في تأويل قوله تعالى: إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين يقول تعالى ذكره: واذكر يا عيسى أيضا نعمتي عليك، إذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي، إذ قالوا لعيسى ابن مريم
- -وأما قوله: قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين، فإنه يعني: قال عيسى للحواريين القائلين له: هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء: راقبوا الله أيها القوم، وخافوا أن ينزل بكم من الله عقوبة على قولكم هذا، فإن الله لا يعجزه شيء أراده، وفي شككم في
- -القول في تأويل قوله تعالى: قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين يعني تعالى ذكره بذلك: قال الحواريون مجيبي عيسى على قوله لهم: اتقوا الله إن كنتم مؤمنين في قولكم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء:
- -القول في تأويل قوله تعالى: قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن نبيه عيسى صلى الله عليه وسلم أنه أجاب القوم إلى ما سألوه من مسألة ربه مائدة
- -القول في تأويل قوله تعالى: قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين وهذا جواب من الله تعالى القوم فيما سألوا نبيهم عيسى مسألة ربهم من إنزاله مائدة عليهم، فقال تعالى ذكره: إني منزلها عليكم أيها الحواريون
- -القول في تأويل قوله تعالى: وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب يقول تعالى ذكره: يوم يجمع
- -القول في تأويل قوله تعالى: تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب يقول تعالى ذكره مخبرا عن نبيه عيسى صلى الله عليه وسلم أنه يبرأ إليه مما قالت فيه وفي أمه الكفرة من النصارى أن يكون دعاهم إليه أو أمرهم به، فقال: سبحانك ما يكون لي أن
- -القول في تأويل قوله تعالى: ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن قول عيسى يقول: ما قلت لهم إلا الذي أمرتني به من القول أن
- -القول في تأويل قوله تعالى: إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم يقول تعالى ذكره: إن تعذب هؤلاء الذين قالوا هذه المقالة بإماتتك إياهم عليها، فإنهم عبادك، مستسلمون لك، لا يمتنعون مما أردت بهم، ولا يدفعون عن أنفسهم ضرا ولا أمرا
- -القول في تأويل قوله تعالى: قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم اختلفت القراء في قراءة قوله: هذا يوم ينفع الصادقين، فقرأ ذلك بعض أهل الحجاز والمدينة: (هذا يوم
- -القول في تأويل قوله تعالى: رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم يقول تعالى ذكره: رضي الله عن هؤلاء الصادقين الذين صدقوا في الوفاء له بما وعدوه من العمل بطاعته واجتناب معاصيه، ورضوا عنه يقول: ورضوا هم عن الله تعالى في وفائه لهم بما وعدهم على
- -القول في تأويل قوله تعالى: لله ملك السموات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير يقول تعالى ذكره: أيها النصارى لله ملك السموات والأرض يقول: له سلطان السموات والأرض، وما فيهن دون عيسى الذين تزعمون أنه إلهكم، ودون أمه، ودون جميع من في السموات ومن في
- [+]سورة الأنعام