للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُخِيلُ (١) فسادُه؛ لأنهما إلى أن يكونا جميعًا من صلاةِ أحدِ الطرَفين، أقربُ منهما إلى أن يكونا من صلاةِ طرَفي النهارِ، وذلك أن الظهرَ لا شكَّ أنها تُصَلَّى بعد مضىِّ نصفِ النهارِ فى النصفِ الثانى منه، فمحالٌ أن تكونَ من طرَفِ النهارِ الأوّلِ، وهى تُصَلَّى (٢) في طرَفِه الآخرِ، فإذ (٣) كان لا قائلَ من أهلِ العلمِ يقولُ: عُنِى بصلاةِ طرف النهارِ الأوّلِ صلاةٌ بعدَ طلوعِ الشمسِ. وجَب أن يكونَ غيرَ جائزٍ أن يقالَ: عُنِى بصلاةِ طرَفِ النهارِ الآخرِ صلاةٌ قبلَ غروبِها. وإذا كان ذلك كذلك، صحَّ ما قلنا في ذلك مِن القولِ، وفسَد ما خالَفه.

وأما قولُه: ﴿وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ﴾. فإنه يعنى: ساعاتٍ من الليلِ، وهى جمعُ زُلْفةٍ، والزلفةُ: الساعةُ والمنزِلةُ والقُربْةُ. وقيل: إنما سُمِّيت المزدلفةُ وجَمْعٌ من ذلك؛ لأنها منزلٌ بعدَ عرفةَ. وقيل: سُمِّيت بذلك لازدلافِ آدمَ من عَرَفةَ إلى حوّاءَ وهى بها، ومنه قولُ العجّاجِ في صفةِ بعيرٍ (٤):

ناجٍ طَوَاهُ الأَيْنُ (٥) ممَّا وَجَفا (٦)

طَىَّ اللَّيالي زُلَفًا فَزُلَفَا

[سماوةَ الهلالِ حتى احْقَوقَفا] (٧)


(١) في م: "بخيل"، وفي ت ١، س، ف: "يخل". وأخال الشيء: أشتبه. يقال: هذا الأمر لا يُخيل على أحد. أى لا يشكل. اللسان (خ ى ل).
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف.
(٣) في م: "فإذا".
(٤) ديوانه ص ٤٩٥، ٤٩٦.
(٥) الأين: الإعياء والتعب. اللسان (أ ى ن).
(٦) وجف البعير والفرس يجف وجفًا وجيفًا: أسرع. اللسان (و ج ف).
(٧) ليس في: ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف. وسماوة الهلال: شخصه إذا ارتفع عن الأفق شيئًا. واحقوقف الهلال: اعوج. اللسان (س م و)، (ح ق ف).