للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسلِه، وما جاءهم من عندِ اللهِ.

وإنما قلتُ: ذلك أولى بالصوابِ في تأويلِ ذلك؛ لأن اللهَ جلَّ ثناؤُه أتْبَعَ ذلك قولَه: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾. ففى ذلك دليلٌ واضحٌ، أن الذى قبلَه من ذكرِ خبرِه عن اختلافِ الناسِ، إنما هو خبرٌ عن اختلافٍ مذمومٍ يوجِبُ لهم النارَ، ولو كان خبرًا عن اختلافِهم في الرزقِ لم يعقِّبْ ذلك بالخبرِ عن عقابِهم وعذابِهم (١).

وأما قولُه ﷿: ﴿وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾. فإن أهلَ التأويلِ اختلَفوا في تأويلِه؛ فقال بعضُهم: معناه: وللاختلافِ خلَقهم.

[ذكرُ مَن قال ذلك]

حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا وكيعٌ، وحدَّثنا ابنُ وكيعٍ، قال: ثنا أبى، عن مباركِ بنِ فَضالةَ، عن الحسنِ: ﴿وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾. قال: للاختلافِ (٢).

حدَّثني يعقوبُ، قال: ثنا ابنُ عُلَيَّةَ، قال: ثنا منصورُ بنُ عبدِ الرحمنِ، قال: قلت للحسنِ: ﴿وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾. فقال: خلَق هؤلاء لجنتِه، وخلَق هؤلاء لنارِه، وخلَق هؤلاء لرحمتِه، وخلَق هؤلاء لعذابِه (٣).

حدَّثنا ابنُ وكيعٍ، قال: ثنا ابنُ عُلَيَّةَ، عن منصورٍ، عن الحسنِ مثلَه.

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا المُعَلَّى بنُ أسدٍ، قال: ثنا عبدُ العزيز، عن منصورِ بنِ


(١) في الأصل: "عن عذابهم".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ٢٠٩٦ من طريق ابن المبارك به، وعبد الرزاق في تفسيره ١/ ٣١٦ من طريق آخر عن الحسن به.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ٢٠٩٥ من طريق ابن علية به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٣٥٦ إلى أبى الشيخ.