للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ثنا حمادُ بنُ مَسْعَدةَ، قال: ثنا قُرةُ، عن الحسن بمثله.

فإن قال قائلٌ: كيف قيل: ﴿بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ وقد علِمْتَ أنه كان دمًا لا شكَّ فيه، وإن لم يَكُنْ كان دمَ يوسُفَ؟ قيل: فى ذلك من القول وجهان؛ أحدهما: أن يكون قيل: ﴿بِدَمٍ كَذِبٍ﴾؛ لأنه كُذِب فيه، كما يقالُ: الليلةَ الهلالُ. وكما قيل: ﴿فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ﴾ [البقرة: ١٦]. وذلك قولٌ كان بعضُ نحويى البصرة يقولُه.

والوجه الآخرُ: وهو أن يقال: هو مصدرٌ بمعنى مفعولٍ، وتأويلُه: وجاءوا على قميصه بدمٍ مكذوبٍ، كما يقالُ: ماله عقلٌ ولا معقولٌ، ولا له جَلَدٌ، ولا مجْلودٌ. والعربُ تَفْعَلُ ذلك كثيرًا، تَضَعُ مفعولًا في موضع المصدر، والمصدرَ في موضعِ مفعولٍ، كما قال الراعي (١):

حتى إذا لم يَتْرُكوا لعِظامِه … لحمًا ولا لفؤادِه مَعقولا

وذلك كان يقولُه بعضُ نحويى الكوفة.

وقولُه: ﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا﴾. يقول تعالى ذكره: قال يعقوب لبنيه الذين أخْبَروه أن الذئب أكَل يوسُفَ، مكذِّبًا لهم في خبرهم ذلك: ما الأمرُ كما تقولون: ﴿بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا﴾. يقولُ: بل زيَّنت لكم أنفسكم أمرًا في يوسُفَ وحسَّنَته، ففَعَلْتُموه.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قَتادةَ: ﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا﴾. قال: يقولُ: بل زَيَّنَت لكم أنفسكم أمرًا (٢).


(١) ديوانه ص ٢١٠.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢١٨٤ (١١٨٧٠) من طريق سعيد به.