للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به، وهمَّ بها، فدخَلا البيتَ، وغلَّقَت الأبوابَ، وذهَب ليحُلَّ سَراويلَه، فإذا هو بصورةِ يعقوبَ قائمًا في البيتِ، قد عضَّ على أصبعِه، يقولُ: يا يوسُفُ تُواقِعُها! فإنما مَثَلُك ما لم تُواقِعْها مَثَلُ الطيرِ في جوِّ السماءِ لا يُطاقُ، ومَثَلُك إن واقعْتَها مَثَلُه إذا مات، وقَع (١) إلى الأرضِ، لا يَسْتَطِيعُ أَن يَدْفَعَ عن نفسِه، ومَثَلُك ما لم تُواقِعْها مَثَلُ الثَّوْرِ الصَّعبِ الذي لا يُعْمَلُ عليه، ومَثَلُك إن واقَعْتَها مَثَلُ الثورِ حينَ يموتُ فيَدْخُلُ النَّمْلُ في أصلِ قرْنَيْه، لا يَسْتَطِيعُ أَن يَدْفَعَ عن نفسِه، فربَط سَراويلَه، وذهَب ليَخْرُجَ يَشْتَدُّ (٢)، فأَدْرَكَته، فأَخَذَت (٣) بمؤخَّرِ قميصِه مِن خلفِه، فخرَقَتْه حتى أَخْرَجَته منه، وسقَط، وطرَحه يوسُفُ، واشتدَّ نحوَ البابِ (٤).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، قال: أكَبَّت عليه - يعنى المرأةَ - تُطْمِعُه مرةً، وتُخيفه أخرى، وتَدْعُوه إلى لذَّةٍ مِن حاجةِ الرجالِ، في جَمالِها وحُسْنِها ومُلْكِها، وهو شابٌّ مُسْتَقْبِلٌ (٥)، يَجِدُ مِن شَبَقِ الرجالِ ما يَجِدُ الرجلُ، حتى رَقَّ لها مما يَرَى مِن كَلْفِها به، ولم يَتَخَوَّفُ منها، حتى همَّ بها، وهمَّت به، حتى خَلَوَا في بعض بُيوتِه (٦).

ومعنى الهمِّ بالشيءِ في كلامِ العربِ حَديثُ المرءِ نفسَه بمواقعتِه، ما لم يُواقِعْ،


(١) في م: "ووقع".
(٢) الشدُّ: العدو، ويشتد: يعدو. القاموس (ش د د).
(٣) في ت ١، ت ٢، س: "فأجرت".
(٤) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٣٣٧ بهذا الإسناد، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢١٢٣ (١١٤٧٥) من طريق أسباط به.
(٥) في مصدر التخريج: "مقتبل". وهما بمعنى، يقال: رجل مقتبل الشباب. أي: مستقبل الشباب، إذا لم يُرَ عليه أثر كبر. اللسان (ق ب ل).
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢١٢٣ (١١٤٧٦) من طريق سلمة به.