للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الربِّ [الذي ملك] (١) يوسفَ (٢).

وكان قتادةُ يوجِّهُ معنى الظنِّ في هذا الموضعِ، إلى الظَّنِّ الذي هو خلافُ اليقينِ.

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾: وإنما عبارةُ الرؤيا (٣) بالظَّنِّ، فيُحِقُّ اللَّهُ ما يشاءُ ويُبْطِلُ ما يشاءُ (٤).

وهذا الذي قاله قتادةُ؛ مِن أن عبارةَ الرؤيا ظَنٌّ، فإن ذلك كذلك مِن غيرِ الأنبياءِ، فأَمَّا الأنبياءُ فغيرُ جائزٍ منها أن تُخْبِرَ بخبرٍ عن أمرٍ أنه كائنٌ ثم لا يكونُ، أو أنه غيرُ كائنٍ ثم يكونُ، مع شهادتها على حقيقةِ ما أخْبَرَت عنه أنه كائنٌ أو [غيرُ كائنٍ] (٥)؛ لأن ذلك لو جاز عليها في أخبارِها، [لم يؤمَنْ مثلُ ذلك في كلِّ أخبارِها، وإذا لم يؤمَنْ ذلك في أخبارِها] (٥)، سَقَطَت حُجَّتُها على مَن أُرسِلت إليه، فإذ كان ذلك كذلك، كان غيرُ جائزٍ عليها أن تُخْبِرَ بخبرٍ إلا وهو حقٌّ وصِدْقٌ؛ فمعلومٌ، إذ كان الأمرُ على ما وصفتُ، أن يوسفَ لم يقطَع الشهادةَ على ما أخبَرَ الفَتَيَين اللذَين اسْتَعْبَراه أنه كائنٌ، فيقولُ لأحدِهما: ﴿أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ﴾. ثم يؤكِّدُ ذلك بقولِه: ﴿قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ﴾. عندَ قولِهما: لم نَرَ شيئًا. إلا وهو على يقينٍ أن ما أخبَرهما


(١) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "قال". وغالب الظن أنها تصحفت عن كلمة "مالك"، والمثبت من م موافق لما في الدر المنثور.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٠ إلى المصنف.
(٣) بعده في ت ٢: "ظن فإن ذلك".
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٠ إلى المصنف وأبى الشيخ.
(٥) سقط من: ت ٢.