للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بحُدُوثِه وكونِه، أنه كائنٌ لا محالةَ، لا شكَّ فيه، وليَقينِه بكونِ ذلك، قال للناجِي منهما: ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾. فبَيِّنٌ إذن بذلك فسادُ القولِ الذي قاله قتادةُ في معنى قولِه: ﴿وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا﴾.

وقولُه: ﴿فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ﴾: وهذا خبرٌ مِن الله جل ثناؤُه عن غفلةٍ عَرَضَت ليوسفَ (١) مِن قِبَل الشيطانِ، نَسِيَ لها ذكرَ ربِّه الذي لو به اسْتَغاثَ لأسْرَعَ بما هو فيه خَلاصُه، ولكنه زَلَّ بها فأطالَ مِن أَجْلِها في السجنِ حَبْسَه، وأوجَعَ لها عقوبتَه.

كما حدَّثني الحارثُ، قال: ثنا عبدُ العزيزِ، قال: ثنا جعفرُ بنُ سليمانَ الضُّبَعيُّ، عن بِسْطامِ بن مسلمٍ، عن مالكِ بن دينارٍ، قال: لما قال يوسُفُ للساقي: ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾. قال: قيل: يا يوسُفُ، أَتَّخَذْتَ مِن دونِى وكيلًا! لأُطِيلَن حبسَك (٢). فبكى يوسُفُ وقال: يا ربِّ أَنْسَى قلبى كثرةُ البَلْوَى، فقلتُ كلمةً، فويلٌ لإخوتى (٣).

حدَّثنا الحسنُ، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا ابن عُيينةَ، عن عمرِو بن دينارٍ، عن عكرمةَ، قال: قال رسولُ الله : "لولا أنه - يعنى يوسُفَ - قال الكلمةَ التي قال، ما لبِث في السجنِ طولَ ما لبِث" (٤).


(١) سقط من: ت ١.
(٢) في ت ٢: "سجنك". وبعده في ص: "قال".
(٣) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٣٤٤، وأخرجه ابن أبي الدنيا في العقوبات (١٥٨) من طريق عبد العزيز القرشى به، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢١٤٩ (١١٦٣٨) من طريق جعفر بن بسطام عن مالك، عن الحسن. وذكره السيوطي أيضا عن الحسن في الدر المنثور ٤/ ٢٠، ٢١ وعزاه إلى المصنف وابن أبي حاتم وأبى الشيخ.
(٤) تفسير عبد الرزاق ١/ ٣٢٣، وفى أوله زيادة ستأتى في الصفحة ٢٠٢، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٠ إلى أبي الشيخ.