للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكُنَّ الظَّالِمِينَ﴾. الذين ظلموا أنفسهم، فأوجبوا لها عقابَ الله يكفرهم، وقد يجوز أن يكون قيل لهم: الظالمون. لعبادتهم مَنْ لا تجوز عبادته من الأوثان والآلهةِ، فيكون بوضعهم العبادة في غير موضعها، إذ كان ظلمًا، سُمُّوا بذلك (١).

وقوله: ﴿وَلَنَسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ﴾. هذا وعدٌ مِن اللَّهِ مَن وَعَد من أنبيائِه النصرَ على الكفرة به من قومِه. يقولُ: لما تمادت أُمم الرسل في الكفرِ، وتوعَّدوا رسلَهم بالوقوعِ بهم، أوحى الله إليهم بإهلاكِ مَن كفَر بهم من أممهم، ووعدهم النصر، وكلُّ ذلك كان من الله وعيدًا وتهديدًا لمشركي قوم نبيِّنا محمد ، على كفرهم به، وجراءتهم على نبيِّه، وتثبيتًا لمحمد ، وأمرًا له بالصبر على ما لَقِى من المكروه فيه، من مشركي قومه، كما صبَر مَن كان قبله من أولى العزم من رسله، ومعرَّفَهُ أن عاقبةَ أمرِ مَن كفر به الهلاكُ، وعاقبته النصرُ عليهم؛ ﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ﴾ [الأحزاب: ٦٢].

حدثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَلَنَسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِم﴾. قال: وعدَهم النصرَ في الدنيا، والجنة في الآخرة (٢).

وقولُه: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ﴾. يقول جل ثناؤه: هكذا فعلى بمَن (٣) خاف مَقَامَهُ بين يديَّ، وخاف وعيدى، فاتَّقانى بطاعتِه، وتجنَّب سُخْطِي، أنصُرُه على من أراد به سوءًا، وبغاه مكروها من أعدائى، أُهلِك عدوه وأخزيه، وأورثه أرضه ودياره. وقال: ﴿لِمَنْ خَافَ مَقَامِي﴾. ومعناه ما


(١) بعده في م: "ظالمين".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٧٢ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣) في م: "لمن ".