للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيما ذُكِر - مكةَ.

كما حدَّثني يعقوبُ بنُ إبراهيمَ والحسنُ بنُ محمدٍ، قالا: ثنا إسماعيلُ بنُ إبراهيمَ، عن أيوبَ، قال: نُبِّئتُ عن سعيدِ بن جبيرٍ، أنه حدَّث عن ابن عباسٍ، قال: إن أولَ من سعَى بينَ الصفا والمروةِ لأمُّ إسماعيلَ، وإن أولَ ما أَحْدَث نساءُ العربِ جَرَّ الذُّيولِ لِمن (١) أمِّ إسماعيلَ (٢). قال: لما فرَّت مِن سارةَ أَرْخَت مِن ذيلِها؛ لتُعَفِّىَ أثرَها، فجاء بها إبراهيمُ ومعها إسماعيلُ، حتى انْتَهى بهما إلى موضعِ البيتِ، فوضَعَهما ثم رجَع، فاتَّبَعَته فقالت: إلى إيشْ (٣) تَكِلُنا؟ إلى طعامٍ تَكِلُنا؟ إلى شرابٍ تَكِلُنا؟ فجعَل لا يَرُدُّ عليها شيئًا، فقالت: آللهُ أمَرَك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذن لا يُضَيِّعَنا. قال: فرجَعَت، ومضَى حتى إذا اسْتَوى على ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ، أَقْبَل على الوادى، فدعا فقال: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾. قال: ومع الإنسانةِ شَنَّةٌ فيها ماءٌ، فنفد الماءُ، فعطِشَت وانْقَطَع لبنُها، فعطِش الصبيُّ، فنظَرَت: أيُّ الجبالِ أَدْنَى مِن الأَرضِ؟ فصعِدَت بالصفا، فتسَمَّعَت هل تَسْمَعُ صوتًا، أو تَرَى أنيسًا؟ فلم تَسْمَعْ، فانْحَدَرت، فلمَّا أتَت على الوادى سعَت، وما تُرِيدُ السعيَ، كالإنسانِ المجهودِ الذي يَسْعَى، وما يُرِيدُ السعيَ، فنظَرَت: أيُّ الجبالِ أدنى من الأرضِ؟ فصعِدَت المروةَ، فتسمَّعَت هل تَسْمَعُ صوتًا، أو تَرَى أَنيسًا؟ فسمِعَت صوتًا، فقالت كالإنسانِ الذي يُكَذِّبُ سمعَه: صَهٍ. حتى اسْتَيْقَنَت، فقالت: قد أَسْمَعْتَنى صوتَك فأغِثْنى،


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "لهن".
(٢) سياق العبارة في التاريخ: "وإن أول من أحدث من نساء العرب جرّ الذيول لأم إسماعيل".
(٣) في م، وتاريخ الطبري: "أي شيء".