للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقد هلَكْتُ وهلَك مَن معى. فجاء الملَكُ، فجاء بها، حتى انْتَهَى بها إلى موضعِ زمزمَ، فضربَ بقدمِه ففارَت عينًا، فعجِلتْ الإنسانةُ، فجعَلتْ تُفْرِعُ (١) في شَنِّها، فقال رسولُ اللهِ : "رحم اللهُ أمَّ إسماعيلَ، لولا أنها عجِلَت لَكانت زمزمُ عينًا مَعِينًا". وقال لها الملَكُ: لا تَخافى الظَّمَأَ على أهلِ هذا البلدِ، فإنما هي عينٌ لشربٍ ضِيفانِ اللهِ. وقال: إن أبا هذا الغلامِ سيَجِيءُ، فيَبْنيان للهِ بيتًا هذا موضعُه. قال: ومرَّت رُفْقةٌ مِن جُرْهُمَ تُرِيدُ الشامَ، فرأَوُا الطيرَ على الجبلِ، فقالوا: إن هذا الطيرَ لعائفٌ على ماءٍ، فهل علِمْتُم بهذا الوادى من ماءٍ؟ فقالوا: لا. فأشْرَفوا، فإذا هم بالإنسانةِ، فأتَوْها فطلَبوا إليها أن يَنْزِلوا معها، فأذِنَت لهم. قال: وأتَى عليها ما يأتى على هؤلاء الناسِ مِن الموتِ، فماتتْ، وتزوَّج إسماعيلُ امرأةً منهم، فجاء إبراهيمُ، فسأَل عن منزلِ إسماعيلَ حتى دُلَّ عليه، فلم يَجِدْه ووجَد امرأةً له فَظَّةً غليظةً، فقال لها: إذا جاء زوجُك فقولي له: جاء هاهنا شيخٌ مِن صفتِه كذا وكذا، وإنه يقولُ لك: إنى لا أَرْضَى لك عَتَبَةَ بابِك فحوِّلْها. وانْطَلَق، فلمَّا جاء إسماعيلُ أَخْبَرَتْه فقال: ذاك أبي، وأنتِ عَتَبَةُ بابى. فطلَّقها وتزوَّج امرأةً أخرى منهم، وجاء إبراهيمُ حتى انْتَهَى إلى منزلِ إسماعيلَ، فلم يَجِدْه ووجَد امرأةً له سهلةً طَليقةً، فقال لها: أين انْطَلَق زوجُك؟ فقالت: انْطَلَق إلى الصيدِ. قال: فما طعامُكم؟ قالت: اللحمُ والماءُ. قال: اللهم بارِكْ لهم في لحمِهم ومائهم، اللهم بارِكْ لهم في لحمِهم ومائِهم. ثلاثًا، وقال لها: إذا جاء زوجُك فأخْبِرِيه، قُولى: جاء هاهنا شيخٌ مِن صفتِه كذا وكذا، وإنه يقولُ لك: قد رضِيتُ لك عَتَبةَ بابِك فأثْبِتْها. فلما جاء إسماعيلُ أخْبَرَته. قال: ثم جاء الثالثةَ، فرفَعا القواعدَ مِن البيتِ (٢).


(١) سقط من النسخ، أثبتناها من التاريخ.
(٢) أخرجه الطبرى في تاريخه ١/ ٢٥٥، ٢٥٧، والبغوي في تفسيره ٤/ ٣٥٥، ٣٥٦ من طريق سعيد به بنحوه.