للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأقَرَّ بالبَعْثِ بعدَ المَماتِ يومَ القيامةِ، ﴿وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ فأطاع اللهَ، ﴿فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾. يعني بقولِه: ﴿فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ فلهم ثوابُ عملِهم الصالحِ عندَ ربِّهم.

فإن قال لنا قائلٌ: فأين تمامُ قولِه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ﴾؟ [قيل: تمامُه] (١) جملةُ قولِه: ﴿مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾. لأن معناه: مَن آمَن منهم باللهِ واليومِ الآخِرِ. فترَك ذكرَ "منهم" لدلالةِ الكلامِ عليه؛ اسْتِغْناءً بما ذكَر عمَّا ترَك ذكْرَه.

فإن قال: وما معنى هذا الكلامِ؟

قيل معناه: إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين، مَن يُؤْمِنْ منهم (٢) باللهِ واليومِ الآخِرِ فلهم أجرُهم عندَ ربِّهم.

فإن قال: وكيف يُؤْمِنُ المؤمنُ؟

قيل: ليس المعنى في المؤمنِ المعنى الذي ظنَنْتَه، مِن انْتِقالٍ مِن دينِ إلى دينِ، كانتقالِ [اليهودِ والنصارى] (٣) إلى الإيمانِ -وإن كان قد قيل: إن الذين عُنُوا بذلك مَن كان مِن أهلِ الكتابِ على إيمانِه بعيسى صلى اللهُ عليه، وبما جاء به، حتى أدْرَك محمدًا : فآمَن به وصدَّقه، فقيل لأولئك الذين كانوا مؤمنين بعيسى وبما جاء به إذْ (٤) أدْرَكوا محمدًا : آمِنُوا بمحمدٍ ، وبما جاء به- ولكن معنى إيمانِ المؤمنِ في هذا الموضعِ ثباتُه على إيمانِه وتركُه تَبديلَه.


(١) في ت ١، ت ٣: "قبل إتمامه".
(٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) في م: "اليهودي والنصرانى".
(٤) في الأصل: "إذا".