للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد بيَّنا ذلك فيما مضَى (١).

والرابعُ: المصدرُ من قولِهم: سكر فلان يسكرُ سُكْرًا وسَكْرًا وسَكَرًا.

فإذ كان ذلك كذلك، وكان ما يُشْكِرُ من الشرابِ حرامًا، بما قد دلَّلْنا عليه في كتابِنا المسمى: "لطيفُ القول في أحكامِ شرائعِ الإسلامِ"، وكان غيرَ جائزٍ لنا أن نقولَ: هو منسوخٌ؛ إذ كان المنسوخُ هو ما نفَى حكمه الناسخُ، وما لا يجوزُ اجتماعُ الحكمِ به وناسخهِ، ولم يكنْ في حكمِ اللهِ تعالى ذكرُه بتحريمِ الخمرِ دليلٌ على أن السَّكَرَ الذي هو غيرُ الخمر وغيرُ ما يُسكِرُ من الشرابِ - حرامٌ، إذ كان السَّكَرُ أحدُ معانيه عندَ العربِ ومن نزل بلسانِه القرآنُ، هو كلُّ ما طُعم، ولم يكنْ مع ذلك، إذ لم يكنْ في نفسِ التنزيلِ دليلٌ على أنه منسوخٌ، أو (٢) ورد بأنه منسوخٌ خبرٌ من الرسولِ، ولا أجمعت عليه الأمةُ، فوجَب (٣) القولُ بما قلنا، من أن معنى السَّكَرِ (٤) في هذا الموضع هو كلُّ ما حلَّ شربه، مما يُتَّخذُ من ثمرِ النخلِ والكَرْمِ، إذ (٥) فسد أن يكون معناه الخمرُ أو ما يُسكرُ من الشرابِ، وخرَج من أن يكونَ معناه السَّكَرُ نفسه - إذ كان السَّكَرُ ليس مما يُتخذُ من النَّخْلِ والكَرْمِ (٦) - ومن أن يكونَ بمعنى السُّكونِ.

وقولُه: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾. يقولُ: [إن فيما] (٧) وصفْنا لكم من


(١) تقدم في ص ٢٩، ٣٠.
(٢) سقط من ص.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "ووجب".
(٤) بعده في ص، ت ١، ت ٢: "ولا".
(٥) في م: "و"، وفى ت ١، ت ٢، ف: "إذا".
(٦) في ت ١، ت ٢، ف: "الكروم".
(٧) في م: "فيما إن".