للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَرْثَ﴾ -يقولُ: ولا تَعْمَلُ في الحَرْثِ- ﴿مُسَلَّمَةٌ﴾ -يعنى: مُسَلَّمةٌ مِن العيوبِ- ﴿لَا شِيَةَ فِيهَا﴾ -يقولُ: لا بَياضَ فيها- قالوا: ﴿الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ﴾. ﴿فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾. قال: ولو أن القومَ حينَ أُمِرُوا أن يَذْبَحوا بقرةً اسْتَعْرَضوا بقرةً مِن البقرِ فذبَحوها، لَكانت إياها، ولكنَّهم شدَّدوا على أنفسِهم فشدَّد اللهُ عليهم، ولولا أن القومَ اسْتَثْنَوْا فقالوا: ﴿وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ﴾. لما هُدُوا إليها أبدًا، فبلَغَنا أنهم لم يَجِدوا البقرةَ التى نُعِتَت لهم إلا عندَ عَجوزٍ عندَها يَتامَى، وهى القَيِّمةُ عليهم، فلما علِمَت أنهم لا يَزْكو (١) لهم غيرُها أضْعَفَت عليهم الثمنَ، فأتَوْا موسى فأخْبَروه أنهم لم يَجِدوا هذا النعتَ إلا عندَ فلانةَ، وأنها سأَلَتْهم أضعافَ ثمنِها، فقال لهم موسى: إن اللهَ قد كان خفَّف عليكم فشدَّدتُم على أنفسِكم، فأعْطُوها رِضاها وحُكْمَها. ففعَلوا واشْتَرَوْها، فذبَحوها، فأمَرَهم موسى أن يَأْخُذوا عَظْمًا منها فيَضْرِبوا به القَتيلَ، ففعَلوا، فرجَع إليه رُوحُه، فسمَّى لهم قاتلَه، ثم عاد ميتًا كما كان، فأخَذوا قاتلَه -وهو الذى كان أتَى موسى فشكَا إليه- فقتَله اللهُ على أسوأِ عملِه (٢).

حدَّثنى موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسْباطُ، عن السدىِّ: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾. قال: كان رجلٌ مِن بنى إسرائيلَ مُكْثِرًا مِن المالِ، وكانت له ابنةٌ، وكان له ابنُ أخٍ محتاجٌ، فخطَب إليه ابنُ أخيه ابنتَه، فأبَى أن يُزَوِّجَه إياها، فغضِب الفتى، وقال: واللهِ لَأَقْتُلَنَّ عمِّى، ولآخُذَنَّ


(١) أى لا يصلح.
(٢) أخرجه آدم بن أبى إياس في تفسيره -كما في تفسير ابن كثير ١/ ١٥٤ - ومن طريقه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ١٤٠ عقب الأثر (٧١٦)، ١/ ١٤١، ١٤٢ (٧٢٤، ٧٢٩، ٧٣٠) مفرقا. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٧٨، ٧٩ إلى المصنف مختصرًا.