للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أُتى (١) بآنيةٍ ثلاثةٍ مغطاةٍ أفواهُها، فأُتى بإناءٍ منها فيه ماءٌ، فقيل: اشرَبْ. فشرِب منه يسيرًا، ثم دُفِع إليه إناءٌ آخرُ فيه لبنٌ، فقيل له: اشرَبْ. فشرِب منه حتى رَوِيَ، ثم دُفع إليه إناءٌ آخرُ فيه خمرٌ، فقِيل له: اشربْ. فقال: "لا أريدُه، قد رَوِيتُ". فقال له جبريلُ : أما إنها ستُحرَّم على أُمَّتِك، ولو شرِبتَ منها لم يتبعْكَ مِن أُمَّتِكَ إِلَّا قليلٌ (٢).

ثم صعِد (٣) به إلى السماءِ (٤)، فاستفتَح (٥)، فقِيل: مَن هذا [يا جبريلُ] (٦)؟ فقال: محمدٌ. قالوا: وقد أُرسِل إليه؟ قال: نَعَمْ. قالوا: حيَّاه اللهُ مِن أخٍ ومِن خليفةٍ، فنِعْمَ الأخُ، ونِعْمَ الخليفةُ، ونِعْمَ المَجيءُ جاء. فدخَل فإذا هو برجلٍ تامِّ الخَلْقِ لم يَنقُصْ مِن خَلْقِه شيءٌ، كما يَنْقُصُ مِن خلقِ الناسِ، على يَمينِه بابٌ يَخْرُجُ منه ريحٌ طيِّبةٌ، وعن شمالِه بابٌ يَخرُجُ منه ريحٌ خبيثةٌ، إذا نظَر إلى البابِ الذي عن يمينِه ضحِك واستبشَر، وإذا نظَر إلى البابِ الذى عن شمالِه بكَى وحزِن، فقلتُ: "يا جبريلُ، مَن هذا الشيخُ التامُّ الخلقِ الذى لم يَنقُصْ مِن خلقِه شيءٌ، وما هذانِ البابانِ؟ " قال: هذا أبوكَ آدمُ، وهذا البابُ الذى عن يمينِه بابُ الجنةِ، إذا نظَر إلى مَن يَدخُلُه مِن ذُرِّيَّتِه ضحِك واستبشَر، والبابُ الذى عن شِمالِه بَابُ جَهَنَّمَ، إِذا نظَر إلى من يدخُلُه مِن ذرِّيَّتِه بكَى وحزِن.

ثم صعِد به جبريلُ إلى السَّماءِ الثَّانيةِ، فاستفتَح، فقِيل: مَن هذا (٧)


(١) بعده في م: "إليه".
(٢) فى م: "القليل".
(٣) في م: "عرج".
(٤) فى م: "سماء الدنيا".
(٥) بعده فى م: "جبرئيل بابا من أبوابها".
(٦) فى م: "قال جبرئيل، قيل: ومن معك؟ ".
(٧) بعده فى م: "قال: جبرئيل، قيل: ومن".