للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدُّنيا رافعةً يدها، تقولُ (١): على رسْلِك أسألْك. فمضَيتُ ولَمْ أَعَرِّجْ عَلَيْها، ثُمَّ أَتيتُ بيتَ المقدس - أو قال: المسجدَ الأقْصَى - فنزَلتُ عن الدَّابَّةِ فأوثَقتُها بالحلقة التي كانت الأنبياءُ تُوثِقُ بها، ثم دخَلتُ المسجدَ فصلَّيتُ فيه، فقال لي جبريلُ: ماذا رأيت في وجهك. فقُلتُ: سمِعتُ نِداءً عن يَمينى، أن يا محمدُ، على رِسْلِك أسألكَ. فمضَيتُ ولم أُعرِّج عليه". قال: ذاك داعِى اليهودِ، أَمَا إِنك لو وقَفتَ عليهِ تهوَّدَتْ أُمَّتُكَ. قال: ثم سمِعتُ نداءً عن يسارى، أنْ يا محمدُ، على رِسْلِك أسألك، فمَضَيتُ ولم أُعرِّجْ عليه. قال: ذاك داعى النَّصارى، أما إنك لو وقَفتَ عليه لتَنصَّرتْ أمَّتُك. قلتُ: ثم استقْبَلَتنى امرأةٌ عليها من كلِّ زينة (٢) الدُّنيا رافعةً يدَها، تقولُ: على رسْلك أسألْك. فمضَيتْ ولم أُعرِّجْ عليها. قال: تلك الدُّنيا تزيَّنَتْ لكَ، أَمَا إِنَّك لو وقفت عليها [لاختارت أمَّتُك] (٣) الدُّنيا على الآخرة. ثم أُتِيتُ بإناءين أحدُهما فيه لبنٌ، والآخرُ فيه خمرٌ، فقيل لي: اشرَبْ أيَّهُما شئت. فأخذتُ اللبن فشربتُه. قال: أصبتَ الفِطرة - أو قال: أخَذْتَ الفِطرة - ".

قال معمرٌ: وأخبرني الزُّهريُّ، عن ابن المسيَّبِ، أنه قيل له: أمَّا إِنَّك لو أخَذتَ الخمرَ غُوتْ أُمَّتُك.

قال أبو هارون في حديث أبي سعيد: "ثم جيء بالمعراج الذي تَعرُجُ فيه أرواحُ بنى آدمَ، فإذا أحسَنُ ما رأيتُ، ألم تر إلى المَيِّتِ كيف يَحُدُّ بصره إليه! فعُرج بنا فيه حتى انتَهَينا إلى باب السماءِ الدُّنيا، فاستفتح جبريلُ، فقيل: مَن هذا؟ قال: جبريلُ. قيل (٤): ومَن معك؟ قال: محمدٌ. قيل: أو قد أُرسل إليه؟ قال: نعم.


(١) بعده في م: "يا محمد".
(٢) بعده في م: "من زينة".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "اخترت".
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "قال".