حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: حدَّثني حجاجٌ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، عن مُجاهِدٍ، وحجاجٌ، عن أبى مَعْشَرٍ، عن محمدِ بنِ كعبٍ القُرَظيِّ ومحمدِ بنِ قيسٍ: لمَّا أتَى أولياءُ القَتيلِ والذين ادَّعَوا عليهم قتلَ صاحبِهم، موسى، وقصُّوا قصتَهم عليه، أوْحَى اللهُ إليه أن يَذْبَحوا بقرةً، فقال لهم موسى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾. قالوا: ﴿أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا﴾. قال: ﴿أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾. قالوا: وما البقرةُ والقَتيلُ؟ قال: أقولُ لكم: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾. وتقولون: ﴿أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا﴾ (١).
قال أبو جعفرٍ: فقال الذين قيل لهم: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾ -بعد أن عَلِموا واسْتَقَرَّ عندَهم أن الذى أمَرَهم به موسى ﵇ مِن ذلك عن أمرِ اللهِ مِن ذَبْحِ بقرةٍ، جِدٌّ وحقٌّ-: ﴿ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ﴾. فسأَلوا موسى أن يَسْأَلَ ربَّه لهم ما كان اللهُ قد كفاهم بقولِه لهم: اذبَحوا بقرةً. لأنه جلَّ ثناؤُه إنما أمَرهم بذبحِ بقرةٍ مِن البقرِ -أيُّ بقرةٍ شاءوا ذبْحَها، مِن غيرِ أن يَحْصُرَ لهم ذلك على نوعٍ منها دونَ نوعٍ، أو صِنفٍ دونَ صنفٍ- فقالوا بجَفاءِ أخْلاقِهم وغِلَظِ طَبائِعهم وسُوءِ أفهامِهم، وتكلُّفِ ما قد وضَع اللهُ عنهم مَئُونتَه؛ تَعنُّتًا منهم لرسولِ اللهِ ﷺ، كما حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: حدَّثنى أبى، قال: حدَّثني عمى، قال: حدَّثني أبى، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ، مال: لما قال لهم موسى: ﴿أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ
(١) قال ابن كثير في تفسيره ١/ ١٥٧: هذه السياقات عن عبيدة وأبي العالية والسدي وغيرهم فيها اختلاف ما، والظاهر أنها مأخوذة من كتب بنى إسرائيل، وهى مما يجوز نقلها، ولكن لا نصدق ولا نكذب، فلهذا لا نعتمد عليها إلا ما وافق الحق عندنا، والله أعلم.