للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْجَاهِلِينَ﴾. قالوا له يَتَعَنَّتونه: ﴿ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ﴾.

فلمَّا تكَلَّفوا جهلًا منهم ما تكَلَّفوا -مِن البحثِ عما كانوا قد كُفُوه مِن صفةِ البقرةِ التى أُمِروا بذبحِها؛ تَعَنُّتًا منهم بنبيِّهم موسى، صلواتُ اللهِ عليه، بعدَ الذى كانوا أظْهَروا له مِن سُوءِ الظنِّ به فيما أخْبَرَهم عن اللهِ. جلَّ ثناؤُه بقولِهم: ﴿أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا﴾ - عاقَبهم ﷿ بأن خصَّ بذبحِ ما كان أمَرهم بذبحِه مِن البقرِ، على نوعٍ منها دونَ نوعٍ، فقال لهم جلَّ ثناؤُه -إذ سأَلوه، فقالوا: ما هى، ما صفتُها، وما حِلْيتُها (١)؟ حَلِّها لنا لنَعْرِفَها.- قال: ﴿يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ﴾.

يعنى بقولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿لَا فَارِضٌ﴾: لا مُسِنَّةٌ هَرِمةٌ. يقالُ منه: فَرَضَت البقرةُ تَفْرِضُ فُروضًا، [وفرُضت] (٢). يعنى بذلك: أسَنَّتْ. ومِن ذلك قولُ الشاعرِ (٣):

يا رُبَّ ذى ضِغْنٍ علىَّ فارِضِ

له قُروءٌ كقُروءِ الحائِضِ (٤)

يعنى بقولِه: "فارض". قديمٌ: يَصِفُ ضِغْنًا قديمًا. ومنه قولُ الآخَرِ (٥)

لها (٦) زِجاجٌ (٧) ولَهاةٌ فارِضُ (٨)


(١) الحلية: الصفة. وحلِّها: صِفْها. انظر اللسان (ح ل ى).
(٢) سقط من: م.
(٣) مجالس ثعلب ص ٣٦٤، والمعاني الكبير ٢/ ٨٥٠، ٨٥١، والحيوان ٦/ ٦٧، والأضداد ص ٢٨ وغيرها.
(٤) القروء: جمع قرء، وهو وقت الحيض. قال الجاحظ: كأنه ذهب إلى أن حقده يخبو تارة ثم يستعر، ثم يخبو ثم يستعر.
(٥) البيت الأول في اللسان (ز ج ج)، والثانى في المخصص ١/ ١٦٢.
(٦) في م: "له"، والتصويب من اللسان.
(٧) الزِّجاج: هى الأنياب، على الاستعارة، وأصل الزُّجّ: الحديدة التي تركب أسفل الرمح، يركز به الرمح في الأرض. انظر التاج (ز ج ج).
(٨) معناها هنا: العظيمة الضخمة. وانظر اللسان (ف ر ض).