للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، قال ابن إسحاق: فلم يُنكرْ ذلك [من قولهما؛ لقول] (١) الحسن: إن هذه الآية نزلت [في ذلك] (٢): ﴿وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ﴾ [الإسراء: ٦٠]. ولقولِ اللهِ في الخبر عن إبراهيم إذ قال لابنِه: ﴿يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى﴾ [الصافات: ١٠٢]. ثم مضَى على ذلك، فعرَفتُ أن الوحى يأتى الأنبياء مِن اللهِ أيقاظًا ونيامًا. وكان (٣) رسولُ الله يقولُ: "تنامُ عَيني وقلبى يقظانُ". فاللَّهُ أعلمُ أيُّ ذلك كان قد جاءه، وعايَن فيه مِن أمرِ اللهِ ما عايَن، على أيِّ حالاتِه كان، نائمًا أو يقظانَ، كلُّ ذلك حقٌّ وصدقٌ (٤).

والصوابُ مِن القول في ذلك عندنا أن يُقالَ: إن الله أسرَى بعبده محمدٍ من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، كما أخبر الله عباده، وكما تظاهرتْ به الأخبارُ عن رسول الله ، أن الله حمله على البراق حين أتاه به، وصلَّى هنالك بمَن صلَّى من الأنبياء والرُّسل، فأراه ما أراه من الآيات، ولا معنى لقولِ مَن قال: أُسرِى برُوحه دون جسده؛ لأن ذلك لو كان كذلك، لم يكن في ذلك ما يُوجِبُ أن يكونَ ذلك كان (٥) دليلًا على نُبُوَّتِه، ولا حُجَّةً له على رسالته، ولا كان الذين أنكَروا حقيقةً ذلك من أهل الشرك، كانوا يَدْفَعون به عن صدقِه فيه، إذ لم يكن مُنكَرًا عندهم، ولا عند أحدٍ من ذوى الفطرة الصحيحة من بني آدم،


(١) في النسخ: "قولها". والمثبت من سيرة ابن هشام ١/ ٣٩٩.
(٢) سقط من النسخ. والمثبت من سيرة ابن هشام.
(٣) هذا من قول ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام.
(٤) سيرة ابن هشام ١/ ٤٠٠. وقوله : "تنام عيني وقلبى يقظان". أخرجه البخاري (٣٥٦٩)، ومسلم (٧٣٨) من حديث عائشة.
(٥) سقط من: م.