للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النائمين، وذلك دفعٌ لظاهرِ التنزيل، وما تتابَعت به الأخبارُ عن رسول الله ﷺ، وجاءت به الآثارُ (١) عن الأئمةِ من الصحابةِ والتابعين.

وقولُه: ﴿الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: الذي جعَلنا حولَه البركةَ لسكانِه في معايشِهم وأقواتِهم وحروثِهم وغروسِهم.

وقوله: ﴿لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: كي نُرِيَ عبدنا محمدًا ﴿مِنْ آيَاتِنَا﴾. يقولُ: مِن عِبَرنا وأدِلَّتِنا وحُجَجنا. وذلك هو ما قد ذكرتُ في الأخبار التي رؤيتُها أنفًا، أن رسول الله ﷺ أُريَه في طريقه إلى بيت المقدس، وبعد مصيره إليه من عجائب العبر والمواعظ.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قَتادةَ قوله: ﴿لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا﴾: ما أَراه الله من الآيات والعبر في طريق بيت المقدس.

وقولُه: ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إن الذي أسرى بعبدِه هو السميعُ لما يقولُ هؤلاء المشركون من أهل مكةَ في مسرى محمدٍ ﷺ من مكةَ إلى بيت المقدسِ، ولغير ذلك من قولِهم وقولِ غيرِهم، البصيرُ بما يَعْمَلون من الأعمالِ، لا يَخْفَى عليه شيءٌ من ذلك، ولا يَعزُبُ عنه علمُ شيءٍ منه، بل هو محيطٌ بجميعه علمًا، ومُحصِيه عددًا، وهو لهم بالمرصاد، ليَجزِى جميعهم بما هم أهلُه.

وكان بعضُ البَصريين يقولُ: كُسِرت ﴿إنَّهُ﴾ من قوله: ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾؛ لأن معنى الكلام: قلْ يا محمدُ: سُبْحانَ الذي أسرَى بعبدِه، وقل: إنه هو السَّميعُ البصيرُ.


(١) في ت ١، ت ٢، ص، ف: "الأخبار".