للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم يقذِفَه في بيتِ المقدسِ، فقذَفوا فيه الترابَ حتى ملَئوه، ثم انصرَف راجعًا إلى أرضِ بابلَ، واحتمَل معه سبايا بنى إسرائيلَ، وأمَرهم أن يجمَعوا مَن كان في بيتِ المقدسِ كلَّهم، فاجتمَع عندَه كلُّ صغيرٍ وكبيرٍ من بني إسرائيلَ، فاختار منهم سبعيَن ألفَ صبيٍّ، فلما خرَجت غنائمُ جندِه، وأراد أن يَقسِمَهم (١) فيهم، قالت له الملوكُ الذين كانوا معه: أيُّها الملكُ، لك غنائمُنا كلُّها، واقسِمْ بينَنا هؤلاء الصبيانَ الذين اخترتَهم من بنى إسرائيلَ. ففعَل، وأصاب كلُّ رجلٍ منهم أربعةَ غِلْمَةٍ، وكان مِن أولئك الغلمانِ دانيالُ وحَنَانْيَا وعَزَارْيَا وميشائيلُ وسبعةُ آلافٍ من أهلِ بيتِ داودَ، وأحدَ عَشَرَ ألفًا مِن سبطِ يوسفَ بن يعقوبَ، وأخيه بنياميَن، وثمانيةُ آلافٍ من سبطِ أشرِ بن يعقوبَ، وأربعةَ عشرَ ألفًا من سبطِ زبالونَ بن يعقوبَ ونَفْثَالى بن يعقوبَ، وأربعةُ آلافٍ من سبطِ يهوذا بن يعقوبَ، وأربعةُ آلافٍ من سبطِ روبيلَ ولاوِى ابنى يعقوبَ، ومَن بقِى مِن بنى إسرائيلَ، وجعَلهم بختُنصرَ ثلاثَ فرقٍ؛ فثلثًا أقرَّ بالشامِ، وثلثًا سبَى، وثلثًا قتَل، وذهَب بآنيةِ بيتِ المقدسِ حتى أقدَمها بابلَ، وذهَب بالصبيانِ السبعين الألفِ حتى أقدَمهم بابلَ، فكانت هذه الوقعةَ الأولى التي أنزَل اللَّهُ ببنى إسرائيلَ بإحداثِهم وظُلْمِهم، فلما ولَّى بختُنصرَ عنهم راجعًا إلى بابلَ بمن معه مِن سبايا بني إسرائيلَ، أقبَل إرميا على حمارٍ له معه عصيرٌ. ثم ذكَر قصتَه حيَن أماته اللَّهُ مائةَ عامٍ، ثم بعَثه، ثم خبرَ رؤيا بختِنصرَ وأمرَ دانيالَ، وهلاكَ بُختِنصرَ، ورجوعَ مَن بقى مِن بنى إسرائيلَ في أيدى أصحابِ بختنصرَ بعدَ هلاكِه إلى الشامِ، وعمارةَ بيتِ المقدسِ، وأمرَ عُزيرٍ وكيف ردَّ اللَّهُ عليه التوراةَ (٢).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، قال: ثم عمَدتْ بنو


(١) في م: "يقسمها".
(٢) تقدم في ٤/ ٥٨٧ - ٥٩٣.