للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إسرائيلَ بعدَ ذلك يُحدِثون الأحداثَ، يعنى بعدَ مَهلِكِ عُزيرٍ، ويعودُ اللَّهُ عليهم، ويبعَثُ فيهم الرسلَ، ففريقًا يكذِّبون، وفريقًا يقتُلون، حتى كان آخرُ مَن بعَث اللَّهُ فيهم من أنبيائهم زكريا ويحيى بنَ زكريا وعيسى ابنَ مريم، وكانوا من بيتِ آلِ داودَ (١).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، قال: ثنى محمدُ بنُ إسحاقَ، عن عمرَ بن عبدِ اللَّهِ بن عروةَ، عن عبدِ اللَّهِ بن الزبيرِ أنه قال، وهو يحدِّثُ عن قتلِ يحيى بن زكريا، قال: [ما قُتل يحيى بنُ زكريا إلا [بامرأةٍ تبغِى مِن بغايا] (٢) بنى إسرائيلَ؛ كان فيهم مَلِكٌ، وكان] (٣) يحيى بنُ زكريا تحتَ يَدَىْ ذلك الملكِ، فهمَّت ابنةُ ذلك الملكِ بأبيها، فقالت: لو أنى تزوَّجتُ بأبى فاجتمَع لى سلطانُه دونَ النساءِ! فقالت له: يا أبتِ، تزوَّجْنى. فدعَته إلى نفسِها، فقال لها: يا بنيةُ، إن يحيى بنَ زكريا لا يُحِلُّ لنا هذا. فقالت: من لى بيحيى بن زكريا! ضيَّق عليَّ، وحال بينى وبيَن أن أتزوَّج بأبى، فأغلِبَ على مُلكِه ودنياه دونَ النساءِ. قال: فأمَرت اللعّابين ومَحَلَتْ (٤) بذلك لقتلِ (٥) يحيى بن زكريا، فقالت: ادخُلوا عليه فألعِبوه (٦)، حتى إذا فرَغتم فإنه سيُحَكِّمُكم، فقولوا: دمَ يحيى بن زكريا. فلا تقبَلوا غيرَه. وكان اسمُ الملكِ روادَ (٧)، واسمُ ابنتِه البغيَّ، وكان الملكُ فيهم إذا حدَّث فكذَب، أو وعَد فأخلَف، خُلع فاستُبدِل به غيرُه، فلما ألعَبوه وكثُر عجبُه منهم، قال: سلُونى أُعطِكم. قالوا: دمَ


(١) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٥٩٠ عن ابن حميد به.
(٢) في م: "بسبب امرأة بغى من بغايا"، وفى ت ١: "بأمرها تبقى من بقايا"، وفى ت ٢: "يأمره ببقا من بقايا"، وفى ف: "مرأة تبقى من بقايا".
(٣) في مصدر التخريج: "فأقبل يحيى بن زكريا إلى من بقى من بقايا بني إسرائيل فكان".
(٤) المَحْلُ: المكر والكيد. ومحل به - مثلثة الحاء - كاده بسعاية إلى السلطان. ينظر اللسان (م ح ل).
(٥) في م: "لأجل قتل".
(٦) في م، ومصدر التخريج: "فالعبوا".
(٧) في ت ٢: "داود".