للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولُ الراجزِ (١):

هذا مَقامُ قَدَمَيْ رَبَاحِ

غُدْوَةَ (٢) حتى دَلَكَتْ بِرَاحِ

ويُرْوَى: بَرَاحٍ، بفتحِ الباءِ. فمَنْ روَى ذلك "بِراحِ" بكسرِ الباءِ، فإنَّه يعنى أنَّه يَضَعُ الناظرُ كفَّه على حاجِبِه مِن شُعاعِها، ليَنْظُرَ [ما بَقِى من غِيابِها] (٣). وهذا تفسيرُ أهلِ الغريبِ؛ أبى عُبَيدةَ، والأصمعيِّ، وأبي عمرٍو الشَّيْبانيِّ، وغيرِهم. وقد ذكَرتُ في الخبرِ الذي روَيتُ عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ أنَّه قال حينَ غرَبتِ الشمسُ: دَلَكَتْ بِراحٍ (٤). يعنى بـ "براحٍ" مكانًا. ولستُ أدرى هذا التفسيرَ - أعْنِي قولَه: بِراحٍ مكانًا - مِن كلامٍ مَن هوَ مُمَّنْ في الإسنادِ، أَو مِن كلام عبدِ اللهِ؟ فَإِن يَكُنْ مِن كلامِ عبدِ اللهِ، فلا شكَّ أنَّه كان أعلمَ بذلك مِن أهلِ الغريبِ الذين ذكَرتُ قولَهم، وأن الصوابَ في ذلك قولُه دونَ قولِهم. وإن لم (٥) يكنْ مِن كلامِ عبدِ اللهِ، فإنَّ أهلَ العربيةِ كانوا أعلمَ بذلك منه. ولِمَا قال أهلُ الغريبِ في ذلك شاهدٌ مِن قولِ العَجَّاجِ، وهو قولُه (٦):

والشمسُ قد (٧) كادتْ تكونُ دَنَفًا (٨)


(١) معاني القرآن للفراء ٢/ ١٢٩، ومجاز القرآن ١/ ٣٨٧، والنوادر لأبي زيد ص ٨٨.
(٢) في معاني القرآن: "ذبب".
(٣) في النسخ: "لقى من غبارها". والمثبت من مجاز القرآن ١/ ٣٨٨.
(٤) تقدم في ص ٢٣.
(٥) سقط من: ص، ت ٢، ف.
(٦) ديوانه ص ٤٩٣، ٤٩٤.
(٧) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ف.
(٨) قال الأصمعي - ديوان العجاج بروايته ص ٤٩٣ - : دنفا: مثل المريض الذي لم يبق منه شيء، =