للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهم عملٌ إلا الصلاة والصيام والتسبيحَ والتكبير والتحميد (١)، ابتغاء وجه اللع تعالى، والحياة التي لا تَنْقطِعُ، وجعلوا نفقتهم إلى فتًى مِنهم يُقالُ له: يمليخا. فكان على طعامهم، يَبْتاعُ لهم أرزاقهم من المدينة سرًّا من أهلها، وذلك أنه كان من أجملهم (٢) وأجْلَدِهم، فكان يمليخا يصنعُ ذلك، فإذا دخل المدينة يضَعُ ثيابًا كانت عليه حِسانًا، ويأخُذُ ثيابًا كثياب المساكين الذين يَسْتَطْعِمون فىها، ثم يأخُذُ وَرِقَه فينْطلِقُ إلى المدينة، فيشتَرى لهم طعامًا وشرابًا، ويَتَسَمَّعُ ويتجسَّسُ (٣) لهم الخبرَ، هل ذُكر هو وأصحابُه بشيءٍ في بَلاطِ (٤) المدينة، ثم يَرجِعُ إلى أصحابه بطعامهم وشرابهم، ويُخبرهم بما سمع من أخبار الناسِ، فلبثوا كذلك (٥) ما لبثوا، ثم قدم دَقْيانوسُ الجبَّارُ المدينة التي منها خرج (٦) إلى مدينته، وهى مدينةُ أُفْسُوسَ (٧)، فأمر عظماء أهلها، فذبحوا للطَّواغيت، ففزِعَ من ذلك أهلُ الإيمانِ، فَتَخَبَّئوا في كلِّ مَخْبَأ، وكان يَمْليخا بالمدينة يشترى لأصحابه طعامهم وشرابهم ببعض نفقتهم، فرجع إلى أصحابه، وهو يبكى، ومعه طعامٌ قليلٌ، فأخبرهم أن الجبار دقيانوس قد دخل المدينةَ، وأنَّهم قد ذُكروا وافتُقدوا والتُمسوا مع عظماء أهل المدينة


(١) بعده في ص: "والتهليل".
(٢) في ص: "أحلمهم"، وفى ت ١ ت ٢، ف: "أحكمهم"، وفى تفسير البغوي: "أحملهم".
(٣) في ت ١: "يتحسس". والتجسس - بالجيم - هو تفحُّص الأخبار والبحث عنها. والتحسس: الاستماع لحديث القوم. وقيل: هو شبه التَّسَمُّع والتَّبَصُّر. ينظر تاج العروس (ج س س)، (ح س س).
(٤) في م: "ملأ".
(٥) في ص، م، ت ٢، ف: "بذلك".
(٦) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "خرجوا".
(٧) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "دقينوس". وأُفسوس: بلد بثغور طرسوس يقال إنه بلد أصحاب الكهف. معجم البلدان ١/ ٢٣١.
أما مدينة دقيانوس، فقيل: طليطلة. وقيل: عَمَّان. وقيل. غرناطة: ينظر معجم البلدان ٤/ ٤١، ١٥١، والتدوين في أخبار قزوين ١/ ٣١٨.