للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيقولُ: لقد كان ههنا ماءٌ مرَّةً. حتى إذا (١) لم يبقَ مِن النَّاسِ أَحدٌ إِلَّا [أَخَذ في] (٢) حِصنٍ أو مدينةٍ، قال قائلُهم: هؤلاء أهلُ الأرضِ قد فَرَغْنا مِنهم، بَقِيَ أهلُ السماءِ". قال: "ثم يَهُزُّ أَحَدُهم حَربَتَه، ثم يَرمى بها إلى السماءِ، فتَرجِعُ إليه مُخَضَّبَةً دَمًا؛ للبلاءِ والفِتْنَةِ، فبَينا هم على ذلكَ، بَعَث اللهُ عليهم دُودًا في أعناقِهم كالنَّغَفِ، فيَخرُجُ في أعناقِهم، فيُصبحون مَوتَى لا يُسمَعُ لهم حِسٌّ، فيقولُ المسلمون: أَلَا رَجُلٌ يَشرِى لنا نَفسَه، فينَظُرَ ما فعَل هذا (٣) العدوُّ قال: "فيَتَجَرَّدُ رَجُلٌ منهم بذلك مُحتَسِبًا لِنَفسِه، قد وَطَّنَها على أنَّه مَقتولٌ، فيَنزِلُ فيجِدُهم مَوْتَى، بعضُهم على بعضٍ، فيُنادِي: يا معشرَ المسلمِين، ألَا أبشِرُوا، فإنَّ الله قد كَفَاكُم عَدُوَّكم. فيَخرُجونَ مِن مَدَائِنِهم وحُصُونِهم، ويُسَرِّحونَ مَواشِيَهم، فما يكونُ لها رَعَىٌ إِلَّا لُحُومُهم، فتَشكَرُ عنهم أحسَنَ ما شَكِرَتْ عن شيءٍ مِن النَّبَاتِ أَصابَتْ قطُّ" (٤).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ: ﴿قَالُوا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ﴾، قال: كان أبو سعيدٍ الخُدريُّ يقولُ: إن نبيَّ اللهِ قال: "لا يموتُ رجلٌ منهم حتى يُولَدَ لِصُلبِه ألفُ رجلٍ". قال: وكان عبدُ اللهِ [بن مسعودٍ] (٥) يَعجَبُ مِن كثرَتِهم، ويقولُ: لا يموتُ من يأجوجَ ومأجوجَ أحدٌ، حتى يُولدَ له ألفُ ذكَرٍ (٦) من صُلبِه (٧)!


(١) سقط من: م.
(٢) في م: "انحاز إلى".
(٣) ليس في: ص، م، ت ١، ت ٢، ف.
(٤) أخرجه الإمام أحمد (١١٧٣١)، وابن ماجه (٤٠٧٩)، وأبو يعلى (١١٤٤، ١٣٥١)، والحاكم ٤/ ٤٨٩، ٤٩٠، من طريق محمد بن إسحاق به.
(٥) ليست في: الأصل.
(٦) في م: "رجل".
(٧) ذكر القرطبي في تفسيره ١١/ ٥٦ الجزء المرفوع. أما الموقوف فأخرجه نعيم بن حماد في الفتن (١٦٥١) من طريق آخر عن عبد الله بن مسعود.