للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و"الحَسَنَ" هو الشئُ الحَسَنُ، فيكونُ ذلك حينَئذٍ كقولِك: إنما أنت أَكْلٌ وشُرْبٌ. كما (١) قال الشاعرُ (٢):

وَخَيْلٍ قَدْ دَلَفْتُ (٣) لَهَا بِخَيْلٍ … تَحِيَّةُ بينهم ضَرْبٌ وَجِيعُ

فجعَل التحيةَ ضربًا.

وقال آخَرُ: بل "الحُسْنُ" هو الاسمُ العامُّ الجامعُ جميعَ معانى الحُسْنِ، و"الحَسَنُ" هو البعضُ مِن معانى "الحُسْنِ". قال: وكذلك (٤) قال جلَّ ثناؤُه إذْ أوصَى بالوالدينِ: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا﴾ [العنكبوت: ٨]. يعنى بذلك أنه وصَّاه فيهما (٥) بجميعِ معانى "الحُسْنِ"، وأمَره في سائرِ الناسِ ببعضِ الذى أمَره به في والديْه، فقال: (وَقُولُوا للنَّاسِ حَسَنًا). يعنى بذلك بعضَ معانى الحُسْنِ.

والذى قاله هذا القائلُ في معنى "الحُسْنِ" -بضم الحاءِ وسكونِ السين- غيرُ بعيدٍ مِن الصوابِ، وأنه اسمٌ لنوعِه الذى سُمِّى به. وأَمَّا "الحَسَنُ" فهو صفةٌ [ونَعْتٌ] (٦) لما وُصِف به، وذلك يَقَعُ لخاصٍّ (٧). وإذا كان الأمرُ كذلك، فالصوابُ مِن القراءةِ في قولِه: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾: (حَسَنًا)؛ لأن القومَ إنما أُمِروا -في هذا العهدِ الذى قيل لهم: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ - باستعمالِ الحَسَنِ من القولِ دونَ سائرِ معانى الحُسْنِ، الذى يكونُ بغيرِ القولِ، وذلك نَعْتٌ


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "كما".
(٢) هو عمرو بن معديكرب، والبيت في ديوانه المجموع ص ١٣٠.
(٣) دلفت: مشيت.
(٤) في م، ت ١، ت ١، ت ٣: "لذلك".
(٥) في الأصل، ت ٢، ت ٣: "فيه".
(٦) في م: "وقعت".
(٧) في م، ت ٢، ت ٣: "بخاص".