للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تُسَيِّر نجومَها، أو يختلِفَ بأمرِك ليلُها ونهارُها؟ أينَ كنتَ (١) منى يومَ سَجَّرتُ (٢) البحارَ وأنبَعتُ الأنهارَ؟ أقدرتُك حبَستْ أمواجَ البحارِ على حدودِها؟ أم قدرتُك فتَحَتِ الأرحامَ حينَ بلَغتْ مدتَها؟ أين أنتَ منى يومَ صبَبتُ الماءَ على الترابِ، ونصَبتُ شوامِخَ الجبالِ؟ هل لك من ذِراعٍ تُطيقُ حَمْلَها؟ أم هل تدرِى كم من مثقالٍ فيها؟ أم أينَ الماءُ الذي أُنزِلُ من السماءِ؟ هل تدرِى [أمٌّ تلِدُه أو أبٌ تَوَلَّدَه] (٣)؟ أَحِكمتُك أحصَتِ القَطْرَ، وقسَمتِ الأرزاقَ؟ أم قدرتُك تُثيرُ السحابَ، وتغشِيه الماءَ؟ هل تدرِى ما أصواتُ الرعودِ؟ أم من أيِّ شيءٍ لهبُ البروقِ؟ هل رأيتَ عُمقَ البحرِ (٤)؟ أم هل تدرِى ما بُعدُ الهواءِ؟ أم هل خزَنتَ أرواحَ الأمواتِ؟ أم هل تدرِى أينَ خزانةُ الثلجِ، أو أينَ خزائِنُ البَرَدِ؟ أم أين جبالُ البَرَدِ؟ أم هل تدرِى أينَ خِزانةُ الليلِ بالنهارِ، وأين خِزانةُ النهارِ بالليلِ؟ وأين طريقُ النورِ؟ وبأيِّ لغةٍ تتكلَّمُ الأشجارُ؟ وأين خزانةُ الريحِ؟ وكيف تحبِسُه الأغلاقُ؟ ومن جعَل العقولَ في أجوافِ الرجالِ؟ ومن شَقَّ الأسماعَ والأبصارَ؟ ومن ذلَّت الملائكةُ لملكِه؟ وقهرَ الجبارين بجبروتِه؟ وقسَم أرزاقَ الدوابِّ بحكمتِه؟ ومن قسَم للأُسدِ أرزاقَها؟ وعرَّف الطيرَ معايشَها؟ وعطَفها على أفراخِها؟ من أعتقَ الوحشَ من الخدمةِ، وجعَل مساكنَها البرِّيَّةَ، لا تستأنِسُ بالأصواتِ ولا تهابُ السلاطينَ (٥)؛ أمِن حكمتِك تفرَّعت أفراخُ الطير وأولادُ الدَّوابِّ لأمهاتِها؟ أم مِن حكمتِك عطَفت أمهاتُها عليها حتى أخرَجت لها الطعامَ من بطونِها، وآثرَتْها بالعيشِ على نفوسِها؟ أم


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "أنت".
(٢) في ت ١، ت ٢، ف: "سخرت"، وغير منقوطة في: ص، والمثبت موافق لما في عرائس المجالس.
(٣) في عرائس المجالس: "كم بلدة أهلكتها".
(٤) في م: "البحور".
(٥) في ص، م، ت ١، ف: "المسلطين".