للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من حكمتِك [يبصِرُ العُقابُ [الصيدَ البصرَ البعيدَ] (١) فأصبَح في أماكنِ القتلَى] (٢)؟ أين أنت منى يومَ خلَقتُ بهموتَ مكانَه في منقطعِ الترابِ؟ والوتيان (٣) يحملانِ الجبالَ والقرَى والعمرانَ، آذانُهما كأنها شجَرُ الصَّنَوْبَرِ الطوالِ، رُءوسُهما كأنها آكامُ (٤) الجبالِ، وعروقُ أفخاذِهما كأنها أوتادُ الحديدِ، وكأن جلودَهما فِلَقُ الصخورِ، وعظامُهما (٥) كأنها عُمُدُ النُّحاسِ، هما رأسا خلَقى الذين (٦) خلَقْتُ للقتالِ، أأنت ملأتَ جلودَهما لحمًا؟ أم أنت ملأتَ رءوسَهما دِماغًا؟ أم هل لك في خلقِهما من شِرْكٍ؟ أم لك بالقوَّةِ التي عمِلَتْهما (٧) يدانِ؟ أو هل يبلُغُ من قوَّتِك أن تَحْطِمَ على أُنوفِهما؟ أو تضَعَ يدَك على رُءوسِهما؟ أو تقعُدَ لهما على طريقٍ فتحبِسَهما، أو تصُدُّهما عن (٨) قوَّتِهما؟ أين أنتَ يومَ خلَقتُ التِّنِّينَ؟ رِزقُه في البحرِ ومسكَنُه في السحابِ، عيناهُ تَوَقَّدانِ نارًا، ومِنخراه يثورانِ دُخَانًا، أُذناه مثلُ قوسِ السحابِ، يثورُ منهما لهبٌ كأنه إعصارُ العجاجِ، جَوفُه يَحْتَرِقُ، ونَفَسُه يلتهِبُ، وزبدُه [جَمرٌ أمثالُ] (٩) الصخورِ، وكأن صريفَ أسنانِه أصواتُ الصواعقِ، وكأن نظرَ عينيهِ لهبُ البرْقِ، أسرارٌ (١٠) لا تدخُلُه الهمومُ، تمرُّ به الجيوشٌ وهو مُتَّكئٌ لا يُفْزِعُه شيءٌ، ليس فيه مفصَلٌ (١١)، الحديدُ عندَه مثلُ التبنِ، والنُّحاسُ عندَه مثلُ الخيوطِ، لا


(١) سقط من: م.
(٢) في عرائس المجالس: "يبصر العقاب الصيد البعيد واضحا في أماكن الفلا".
(٣) في م: "الوتينان"، وفى ت:٢: "الويتان"، وفى عرائس المجالس: "اللوتيا".
(٤) في ص، ت ١، ف: "كوم"، وفي ت ٢: "أكرم".
(٥) في ت ٢: "أفخاذهما".
(٦) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "الذي".
(٧) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "علمتها".
(٨) في ص، ت ١، ف: "من".
(٩) في م: "كأمثال".
(١٠) في م: "أسراره".
(١١) بعده في م بين معكوفين: "زبر".