للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو جعفرٍ: وقد دلَّلنا قبلُ على أنَّ قولَ اللهِ تعالى ذكرُه: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ﴾ معنيٌّ به كلُّ ما كان من عملٍ أو مكانٍ جعلَه اللهُ علمًا لمناسكِ حجِّ خلقِه، إذ لم يخصُصْ من ذلك جلَّ ثناؤه شيئًا في خبر ولا عقلٍ. وإذ كان ذلك كذلك، فمعلومٌ أن معنى قولِه: ﴿لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾: لكم في هذه الشعائرِ منافعُ إلى أجلٍ مسمًّى، فما كان من هذه الشعائرِ بُدْنًا وهديًا فمنافعُها لكم، من حينِ تملِكون إلى أن أوجبتموها هَدايا وبُدنًا، وما كان منها أماكنَ يُنسَكُ للهِ عندَها، فمنافعُها التجارةُ للهِ عندَها، والعملُ لله (١) بما أمَر به إلى الشخوصِ عنها، وما كان منها أوقاتًا فأن (٢) يُطاعَ اللهُ فيها بعملِ أعمالِ الحجِّ وبطلبِ المعاشِ فيها بالتجارةِ، إلى أن يطافَ بالبيتِ في بعضٍ، أو يُوافَى الحرمُ فى بعضٍ، ويُخرجَ من (٣) الحرمِ في بعضٍ.

وقد اختلَف الذين ذكَرنا اختلافَهم في تأويلِ قولِه: ﴿لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾. في تأويلِ قولِه: ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾؛ فقال الذين قالوا: عَنى بالشعائرِ فى هذا الموضعِ البُدنَ: معنى ذلك: ثم محِلُّ البدنِ إلى أن تبلغَ مكةَ، وهي التي بها البيتُ العتيقُ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، قال: أخبَرنا هشيمٌ، قال: أخبَرنا حجاجٌ، عن عطاءٍ: ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾: إلى مكةَ (٤).


(١) ليست فى: م.
(٢) في م: "بأن".
(٣) في م: "عن".
(٤) تتمة الأثر المتقدم في ص ٥٤٤.