للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَجنيها عليها مما فيه القصاصُ، ولا خلافَ بينَ الجميعِ أن توبتَه من ذلك لا تضعُ عنه الواجبَ لها من القصاصِ منه، فكذلك توبتُه من منه، فكذلك توبته من القذفِ لا تضعُ عنه الواجبَ لها من الحدِّ؛ لأن ذلك حقٌّ لها، إن شاءت عفَته، وإن شاءت طالبت (١) به. فتوبةُ العبدِ من ذنبِه [إنما تضعُ] (٢) [عن العبدِ] (٣) الأسماءَ الذميمةَ والصفاتِ القبيحةَ. فأما حقوقُ الآدميين التي أوجبها اللهُ لبعضِهم على بعضٍ في كلِّ الأحوالِ، فلا تزولُ بها ولا تبطُلُ.

واختلَف أهلُ العلمِ في صفةِ توبة القاذفِ التي تقبلُ معها شهادتُه؛ فقال بعضُهم: هي (٤) إكذابُه نفسَه فيه. وقد ذكَرنا بعضَ قائلى ذلك فيما مضى قبلُ، ونحن نذكُرُ بعضَ ما حضَرَنا ذكره مما لم نذكره قبلُ.

حدَّثني أبو السائبِ، قال: ثنا حفصٌ، عن ليثٍ، عن طاوسٍ، قال: توبةُ القاذفِ أن يُكذِبَ نفسَه (٥).

حدَّثني يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، قال: ثنا هشيمٌ، قال: أخبَرنا حصينٌ، قال: رأيتُ رجلًا ضُرِب حدًّا في قذفٍ بالمدينةِ، فلما فُرغ من ضربِه [تناول ثوبَه] (٦)، ثم قال: أستغفِرُ الله وأتوبُ إليه من قذفِ المحصناتِ. قال: فلقيتُ أبا الزنادِ، فذكرتُ


(١) في ت ٢: "طالبته".
(٢) سقط من: ت ١، ف.
(٣) في ت ٢: "عنه".
(٤) في م: "هو".
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة ٦/ ١٧٢ عن حفص به، وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه (١٣٥٦٢) من طريق ابن طاوس، عن أبيه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢١ إلى عبد بن حميد.
(٦) في ت ٢: "تأول توبة".