للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عائشةُ: فأما زينبُ بنتُ جحشٍ، فعصَمها اللَّهُ بدينِها، فلم تقلْ إلا خيرًا، وأما أختُها حَمنَةُ، فهلَكت في من هلَك، وكان الذين تكلَّموا فيه؛ المنافقُ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبيٍّ ابن سلولَ، وكان يستوشِيه (١) ويجمعُه، وهو الذي تولَّى كِبْرَه، ومِسْطحٌ، وحسانُ بنُ ثابتٍ، فحلَف أبو بكرٍ ألّا ينفَعَ مِسْطَحًا بنافعةٍ، فأنزَلَ اللَّهُ: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ﴾. يعنى أبا بكرٍ، ﴿أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ﴾. يعنى مِسْطحًا، ﴿أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النور: ٢٢]. قال أبو بكرٍ: بلى واللَّهِ، إنا لنحبُّ أن يغفرَ اللَّهُ لنا. وعاد أبو بكرٍ لمِسْطَحٍ بما كان يصنعُ به (٢).

حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا محمدُ بنُ بشرٍ، قال: ثنا محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا يحيى بنُ عبدَ الرحمنِ بن حاطبٍ، عن علقمةَ بن وقَاصٍ وغيرِه أيضًا، قال: خرَجت عائشةُ تريدُ المَذْهبَ (٣)، ومعها أمُّ مسطحٍ، وكان مِسطحُ بن أثاثةَ ممن قال ما قال، وكان رسولُ اللَّهِ خطَب الناسَ قبلَ ذلك، فقال: "كيف ترَون في من يؤذيني في أهلي، ويجمعُ في بيتِه مَن يؤذيني؟ ". فقال سعدُ بنُ مُعاذٍ: أي رسولَ اللَّهِ، إن كان منا معشرَ الأوسِ جلَدْنا (٤) رأسَه، وإن كان من إخوانِنا من الخزرجِ، أمَرتَنا فأطَعناك. فقال سعدُ بنُ عبادةَ: يا بنَ معاذٍ، واللَّهِ ما بك نُصْرةُ رسولِ اللَّهِ، ولكنها قد كانت ضغائنُ (٥) في الجاهليةِ وإحَنٌ (٦) لم تُحْلَلْ لنا من صدورِكم بعدُ.


(١) يستوشيه: يستخرج الحديث بالبحث عنه. النهاية ٥/ ١٩٠.
(٢) أخرجه أحمد ٦/ ٥٩ (الميمنية)، ومسلم (٥٨/ ٢٧٧٠)، والترمذي (٣١٨٠)، والطبراني ٢٣/ ١٠٨ (١٥٠) من طريق أبي أسامة به، وعلقه البخاري (٤٧٥٧) عن أبي أسامة به، وأخرجه البخاري (٧٣٧٠)، وأبو داود (٥٢١٩)، والطبراني ٢٣/ ١٠٦ (١٤٩) من طريق هشام بن عروة به.
(٣) المذهب: الموضع الذي يتغوط فيه. النهاية ٢/ ١٧٣.
(٤) يقال: جلدته بالسيف، إذا ضربته به. النهاية ١/ ٢٨٥.
(٥) في ص، ف: "طعائن".
(٦) الإحنة: الحقد، وجمعها إحَن وإحَنَات. النهاية ١/ ٢٧.