للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قال (١) قائلٌ: فإنَّا قد علِمْنا معنى نَهْىِ النبيِّ فى العِنَبِ أن يقالَ له: كَرْمٌ. وفى العبدِ أن يقالَ له: عبدٌ. فما المعنى في قولِه: ﴿رَاعِنَا﴾. حينئذٍ الذى مِن أجلِه كان النهىُ مِن اللهِ جل ثناؤه المؤمنين عن أن يقولوه، حتى أمَرَهم أن يُؤْثِروا قولَهم (٢): ﴿انْظُرْنَا﴾ عليه (٣)؟

قيل: الذى فيه مِن ذلك نظيرُ الذى فى قولِ القائلِ: الكَرْمُ. للعنبِ، و: العبدُ. للمملوكِ. وذلك أن قولَ القائلِ: عبدٌ. [صفةُ جميعِ] (٤) عبادِ اللهِ، فكرِه النبىُّ أن يُضَافَ بعضُ عبادِ اللهِ -بمعنى المعبودِ (٥) - إلى غيرِ (٦) اللهِ، وأمَر أنَ يُضَافَ ذلك إلى غيرِه، بغيرِ المعنى الذى يُضافُ إلى اللهِ ﷿، فيقال: [فتى اللهِ] (٧). وكذلك وجهُ نهيِه في العنبِ أن يقالَ لها: كَرْمٌ. [لأن الكَرْمَ مصدرٌ من كرَم كرْمًا] (٨)، وإن كانت راؤُها (٣) مُسَكَّنةً، فإن العربَ قد تُسَكِّنُ بعضَ الحركاتِ إذا تتابَعت على [نوعٍ واحدٍ] (٩)، فَكرِه أن يُوصفَ (١٠) بذلك العنبُ. فكذلك نهَى اللهُ ﷿ المؤمنين أن يقولوا: راعِنا. لما كان قولُ القائل: راعِنا. محتمِلًا أن يكونَ بمعنى: احْفَظْنا ونَحْفَظَك، وارْقُبْنا ونَرْقُبَك. مِن قولِ العربِ بعضِهم لبعضٍ: رعاك


(١) بعده فى م: "لنا".
(٢) فى م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "قوله".
(٣) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٤) فى م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "لجميع".
(٥) فى م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "العبودية".
(٦) سقط من: ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٧) فى م: "فتاى".
(٨) سقط من: ت ١، ت ٢، ت ٣، وفى م: "خوفًا من توهم وصفه بالكرم".
(٩) فى الأصل ك "تنوع واحدة".
(١٠) فى م: "يتصف".