للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: "لم يَكُنْ جبلًا ولا أرضًا، ولكنه كان رجلًا من العربِ وُلِد له عشْرةُ قبائلَ". ثم ذكَر نحوَه، إلا أنه قال: "وأنمارٌ الذين يقولون، منهم بَجِيلَةُ وخَثْعَمٌ" (١).

فإذ (٢) كان الأمرُ كما رُوِى عن رسولِ اللهِ ، من أن سبأً رجلٌ، فإنَّ الإجراءَ فيه وغيرَ الإجراءِ معتدِلان؛ أما الإجراءُ، فعلى أنه اسمُ رجلٍ معروفٍ، وأما تركُ الإجراءِ فعلى أنه اسمُ قبيلةٍ أو أرضٍ. وقد قرأ بكلِّ واحدةٍ منهما علماءُ من أهلِ القراءةِ (٣).

واختلفَت القرَأةُ في قراءةِ قوله: (في مساكنِهم)؛ فقرَأته عامةُ قرأةِ المدينةِ والبصرةِ وبعضُ الكوفيِّين: (في مساكنهم) على الجِماعِ، بمعنى منازلِ آلِ سبأ. وقرَأ ذلك عامةُ قرَأةِ الكوفيِّين: ﴿فِي مَسْكَنِهِمْ﴾ على التوحيدِ وبكسرِ الكافِ، وهى لغةٌ لأهلِ اليمنِ فيما ذُكِر لى. وقرَأ حمزةُ: (مَسْكَنِهم) على التوحيدِ وفتحِ الكافِ (٤).

والصوابُ من القولِ في ذلك عندَنا أن كلَّ ذلك قراءاتٌ مشهوراتٌ (٥) متقارباتُ المعنى، فبأيِّ ذلك قرأ القارئُ فمصيبٌ.

وقولُه: ﴿آيَةٌ﴾: قد بيَّنا معناها قبلُ (٦).


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٦/ ٤٩٢ عن المصنف، وأخرجه البخارى في تاريخه ٧/ ١٢٦، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (١٧٠٠، ٢٤٦٩)، والطبرانى ١٨/ ٣٢٦ (٨٣٨)، والحاكم ٢/ ٤٢٤ من طريق سعيد عن فروة، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٣١ إلى ابن المنذر وابن مردويه.
(٢) في م، ت ١: "فإن"، وفى ت ٣: "فإذا".
(٣) قرأ أبو عمرو وابن كثير في رواية البزِّى "سبأَ" بفتح الهمزة من غير تنوين، وقرأ ابن كثير في رواية قنبل بإسكان الهمزة، وقرأ الباقون بالخفض والتنوين. النشر ٢/ ٢٥٣.
(٤) قراءة (مساكنهم) بالجمع هي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر. وقراءة (مسكِنِهم) على التوحيد وكسر الكاف هي قراءة الكسائي، وقراءة (مسكَنِهم) على التوحيد وفتح الكاف هي قراءة عاصم في رواية حفص وحمزة. ينظر السبعة ص ٥٢٨، والتيسير ص ١٤٦.
(٥) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت.
(٦) ينظر ما تقدم في ١/ ١٠٤ من المقدمة.